|
لنغير سلوكنا... لنصلح تصرفاتنا
حسن سمر
باحث في الفلسفة السياسية
(Hassan Soumer)
الحوار المتمدن-العدد: 6990 - 2021 / 8 / 16 - 03:39
المحور:
المجتمع المدني
من المؤسف أن تجد نفسك تعيش في القرن الواحد والعشرين مع بعض الأشخاص الذين لا يمكن إلا أن نقول عنهم أشباه إنسان لا غير. في حوالي الساعة السادسة والنصف مساءا استعملت وسيلة ترامواي للتنقل من أجل قضاء بعض الأغراض. أول ما ولجت القاطرة تبين لي أنها لا تتوفر على جهاز المكيف وبدأ على الكثيرين العرق والعياء الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة بالإضافة إلى الازدحام والهلع من انتقال الفيروس في ظل انعدام شروط التباعد بين ركاب القاطرة. إلى هنا الأمور قد تبدو عادية لأننا تعودنا في وسائل النقل على مثل هذه الأمور التي لا يستحيل فهم منطق أصحابها . لكن الغريب بالنسبة لي عندما اعترض بعض الركاب على السائق وطلبوا منه تشغيل المكيف ظنا منهم أن له يد في ذلك. وبكل لباقة واحترام اعتذر السائق وقال بأنه غير مسؤول عن تشغيل أو إيقاف المكيف، وليس هذا دوري أنا مجرد سائق أنفذ الأوامر التي تطلبها الإدارة. وأضاف إن كان هناك من مشكل فعليكم بوضع الشكاية لدى الجهاز المسؤول بالمركز الإداري. وكرر التأكيد على أنه لا يد له في ذلك وأنه مجرد سائق. واسترسل قائلا بأنه رفض الانطلاق بهذه القاطرة منذ البداية لأنه دائما يعاني من اعتراض الزبناء عليه لكن فرضوا عليه ذلك وما عليه إلا التنفيذ وإلا لا يخفى عليكم مصيري. كلام معقول وجهه السائق بكل احترافية واحترام للجميع. وقد استغرق زمن توقف القاطرة حولي أربع دقائق حيث سيتفجأ السائق بأحد الرؤساء يهاتفه بكلام صاخب وبصوت عالي ينم عن غضب صاحبه. قائلا لصاحبنا بأنه تأخر وعليه الانطلاق وما كان عليه أن يتوقف للحديث مع الناس. ورد عليه السائق بأن الركاب اوقفو جهاز الإنذار ويستحيل الانطلاق في ظل تزايد غضبهم من عدم وجود مكيفات مشتغلة. لكن هذا الرد لم يشفي غليل الرئيس الذي يبدو عليه متأثرا بسلطوية أواخر القرن الماضي. وأغلق الهاتف في وجه السائق. فتابع صاحبنا السير، استمر الركاب في ترديد بعض الجمل مثل "هو مسكين معليه والو غي شيفور.. " "جهنم كحلا هادي.." طبنا... حمام هذا ماشي ترام... نطق الآخر بمجرد دخوله في المحطة الموالية "البراز هذا…. كل هذه التعابير تعبر عن غضب الركاب وقد نتفهم الأمر. لكن ما أثارني لماذا نفتقد الإنسانية في بعض المواقف التي يجب أن نكون انسانيين أكثر. لماذا لا نحاول فهم بعضنا البعض. وأكثر شيء أكد لي أننا لسنا مؤهلين لنكون من أهل زماننا هذا شخص يبدو في الأربعينيات من عمره عندما وصل إلى حيث أراد، بدون ذرة خجل خرج ووقف في أمامية القاطرة من جهة السائق وقال"وترااااااام وترااااام ثفو عليك.." بصقة في اتجاه السائق. وذهب في حال سبيله بدون أن يشعر بتأنيب ضميره. لماذا البصق في اتجاه السائق رغم أنه حاول أن يقنع الجميع بأنه ليس مسؤولا عن تشغيل المكيفات وايقافها وغامر بمنصب وظيفته. لماذا نحن عنصرين نأكل بعضنا البعض. لا نعرف أن نتعامل مع بعضنا ونحقق نوع من الانسانية بيننا لماذا الحقد والبغضاء بيننا.من أين لنا هذه الوقاحة هل من التربية أم المدرسة أم المسجد أم الشارع... صراحة عندما نفتقد للأخلاق لا يمكن أن تستمر الحياة على شاكلتها خصوصا مع بعض التصرفات التي تصدر من البعض منا، عندما نفتقد للضمير الأخلاقي ضمير بلا قلب لا يعرف الرحمة وتقبل المعذرة، يريد كل شيء على منواله وان تسير دائما الأمور كما شاء. غبي هذا المسكين لا يعرف حال الدنيا. إن كنه الإنسان يظهر مع كل موقف وموقف وفي الصعاب يتبين الحديد والالماس والذهب. فما عليك إلا أن تختار ما يناسبك. عادي جدا أن تصادف أحيانا بعض التصرفات التي قد لا ترضيك وهذا وارد جدا. لكن عليك أن تحسن التصرف وأن تعي أن تصرفك وفعلك ما هو إلا نتيجة أخلاقك وتربيتك وان تتعلم كيف تضع نفسك في موقع ومواقف الآخرين . لست بعاجز أن تصحح أي عطب يبدو لك غير مناسب في التربية التي تلقيتها. لقد أصبحت راشدا عاقلا قادرا على التمييز بين الخير والشر والظلم والحق. والأجدر بك أن تضع نفسك في مكان كل إنسان لكي تتعلم معنى الصبر وتفهم دواعي كل فعل. وأن تحترم من يحترمك رغم عدم استحقاقك لذلك الاحترام. اخيرا اتقوا الله في أنفسكم وفي بعضكم البعض. في نهاية الأمر الكل في طريق الفناء فما الإنسان إلا ذاك الكائن المقذوف به هناك بتعبير هايدجر.أو كما جاء في خاتمة كتاب الهوامل والشوامل لأبي حيان التوحيد "إن الإنسان قد أشكل عليه الإنسان.".
#حسن_سمر (هاشتاغ)
Hassan_Soumer#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية الفكر العربي المعاصر عند محمد عابد الجابري.
-
الانتخابات... ماذا نريد منها؟
-
الدّعارة ...ظاهرة عشوائية مستفحلة لا قانون ينظمها
-
كورونا... العيد... ارتفاع الحصيلة.. أين المنطق؟
-
نقد كارل ماركس للدولة الرأسمالية
-
مفهوم المجال العمومي في الفكر المعاصر. نموذج يورغن هابرماس
المزيد.....
-
اجتماع عربي بالقاهرة لبحث اتفاق غزة واستهداف الأونروا
-
رسائل -اليوم التالي-.. القسام تحشد وحداتها العسكرية في عملية
...
-
تزامنا مع خروج الأسرى.. الاحتلال يطلق قنابل الصوت صوب الفلسط
...
-
وصول حافلات تقل معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية إلى
...
-
حماس تفرج عن ثلاث رهائن في رابع عملية لتبادل الأسرى مع إسرائ
...
-
الأسرى الفلسطينيون.. الحرية مهما تأخرت تظل حقا لا يسلب + فيد
...
-
ضمن الدفعة الرابعة لصفقة التبادل ..الاحتلال يفرج عن الأسرى ا
...
-
الاحتلال يفرج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إ
...
-
بدء الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين (فيديو)
-
عاجل | القناة 13 الإسرائيلية عن بيان لعائلات الأسرى: عودة ال
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|