|
مَشاهِدَ نضالية موثقة في --رواية التوأمة -- ..
عصام محمد جميل مروة
الحوار المتمدن-العدد: 6989 - 2021 / 8 / 15 - 17:40
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
بداية البحث في الروايات والقصص اللبنانية التي سادت منذ ما يقارب القرن تقريباً بعد بداية افول وتصدع وإنهزام الإمبراطورية العصملية العثمانية الخبيثة . التي لا تمتُ الى الإسلام بأية صلة او روابط انسانية سوى ضخامة وعجرفة وهول كل زبانيتها الدينية والخسيسة والدنيئة ، بإسم السلطان والحاكم والجائر والظالم . الذي فسح المجال والأفق لَهُ طارحاً نفسهُ و جحافلهِ لكي تضرب بأيادي من حديد ومن فولاذ وصولاً ، الى كرابيج واسلاك محلية التصنيع في جدارة وحياكة لفها بعضاً على بغضٌ لكى تكون لاسعة ، عندما يستخدمها ضعاف النفوس من المجندين المجبرين والمخيرين ، لكي ينالوا رِضىّ الزعماء المحليين للزواريب والساحات العامة والميادين في كل البقاع والاصقاع ، التي وصلت اليها سمعة المصطلح المستخدم "" للسخرة "" او لرجال (( الجندرمة )) ، الذين يلاحقون كل انسان تبدو عليه العافية البدنية والصحة التي يحتاجها دائماً الأزلام لكي تحتمي بكل قساوتها في إنزال الفرمانات المهولة في التشليح والسلب والإغتصاب والمصادرة تحت مسميات كبيرة يرتجف عندها من يتمنع عن تقديم الفدية او الحصة من زرعهِ وعرقهِ ورزقهِ المجبول والمبلول من دم وعرق معاً . طبعاً الرواية التي صدرت مؤخراً قبل شهور عديدة للدكتور "" احمد مراد ابن بلدة عيترون الجنوبية "" ، المتاخمة والمرتبطة مع "" توأمة "" اراضيها شكلاً وهندسة ومضموناً في كل شيئ ، في المياه والطبيعة والنباتات والأعشاب والمحاصيل كافة والتي تتميز في تعاريفها وتعاريجها مع ارض فلسطين التي تزامنت منذ آماد طويلةً في تكوينها البديهي المُنزل والمعروف في مرور الحضارات على تلك البقة بالذات من جنوب لبنان وشمال فلسطين . وذلك من كثرة وتعدد الكهوف والمغائر المحفورة في اكتاف الجبال والوهاد والسهول ونهاية اوديتها مع تزايد ينابيعها التي تدلُ عن ان الإنسان القديم كان لَهُ في تلك التلال والجبال المصقولة عندما وُجدت الحياة هناك كأنها سرمد حقيقياً سوف ينتقل من زمن الى اخر ، حتى الى ما وصلنا اليه اليوم او حسب ما اوردهُ في حكايا وقصص الرواية الدكتور احمد مراد . السيرة الحقيقية والسرد البديع والجميل والذي ينقلنا من قراء ومتابعين الى اعضاء حقيقين مارسوا النضال والجهاد والقتال ضد الآلة العسكرية التي فضحها صاحب الرواية !؟. وكأنهُ يتحدث بلسان اهل جبل عاملة كلهم حسب التراتب للحقبات الزمنية منذ الأمبراطورية العثمانية وصولاً الى التناتش الجغرافي للمنطقة بعد بداية نشوء الأمم . لكن جبروت العثمانية والصهيونية الجديدة يكتشفها الدكتور احمد مراد في صيغ مختلفة ومع اسماء شباب وشابات من المنطقة الحدودية في توأمتها المثالية قبل بداية زرع الصهاينة في فلسطين ، وتغافل من لهم تأثير كبير حول ازاحة امة وإحتلال ارضها ، وطرد شعبها خارج مكان الولادة ، و كانت ايام تلك الأحاديث والاقاويل الروائية في متن الفصول الخمسة التي إكتنزها الكاتب وكان دائماً يجعل لكل فصل او مبضع من الرواية لكى ينتسب الى سابقاتها من اقسام المراحل . كانت الاسماء للبلدات والقرى والضيع اللبنانية والفلسطينية والسورية ، في تلك الحقبة بعد تخلصها من نير العبودية العثمانية مباشرة حتى بدأت التقسيمات الجغرافية الجديدة " البلفورية والسيكسبوكية العفنة " ،وكانت ظالمة في تفريق وإبعاد اهل البيت الواحد، والعائلة الواحدة ، الى اكثر من دولة ، حتى غدت في إستحالة الجمع مجدداً إلا من خلال تاريخ عريق وطويل في النضال والكفاح الدؤوب من اجل تحرير الارض مِنَ الذين دنسوها وقسموها ، وربما ما زالوا يسعون الى اعادة اللحمة في جمع لم الشمل والعيش تحت سقف الامن والامان ونبذ الطغيان وطرد الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان ومن ارض فلسطين المحتلة.!؟. طبعا الرواية جديدة ومهمة ويربطها الكاتب مع احداث عاشها شخصيا ، ورعاها وكان صادقاً وبكل شفافية عندما كان يقرب ما بين سكان ذلك الشطر المنسي من قِبل الدولة اللبنانية ، والحرمان والنسيان المعمد ، لاحقاً عندما فعلاً تبدىّ بداية إمتداد سلسلة الاحتلال الصهيوني للمنطقة بعد"" نكبة ال 48 -ونكسة ال 67 - وحرب ال 73 - وصولاً الى الاجتياح الصهيوني الى جزءاً كبيراً من ارض الجنوب اللبناني وصولاً الى مشارف نهر الليطاني في ربيع 1978 - "" . ومن ثم بداية تسمية جديدة للمنطقة التي تحدث عنها في الرواية الدكتور احمد مراد حيث اصبحت قوات وعصابات "" دويلة سعد حداد - وانطوان لحد "" ، لاحقاً ، اذناباً للصهاينة وشكلوا حزاماً امنياً من ابناء تلك القري المواجهة والامامية التي تتكامل في التوأمة . الى حصول الأحتلال الكبير والضخم للبنان وصولاً الى العاصمة بيروت ومحاصرتها وطرد منظمة التحرير الفلسطينية من اراضي لبنان عام "1982" !؟. في البداية كانت كلمات الإهداء مميزة وما لفت نظري ابعاد السرد الجميل والمهني في صياغة وتركيب الاحرف والجمل لكي تتآلف وتتوالد في ابداع خارق للغة العربية البديعة في مناراتها على مدى تمادى الأزمان . يقول في السطر الاخير للإهداء ما يثلج القلب نصاً وروحاً عندما يستذكر كبار وعظماء من كانوا لهم الفضل في شغف التعلق في اللغة والارض سواءً كان ذلك في الصفوف ام تحت شجرات الزيتون والسنديان في العراء .يقول حرفياً "" أن ذُكرت عيترون فأنت عَلَمُها، وإن عُدّت الفضائل ُ فأنت بانيها.."" ، هكذا مبدع ومنتج للأجيال اللاحقة ومنهم صاحب التوأمة كان جديراً في كيفية التواصل مع كافة المراحل وصعوباتها ومؤكداً في إصرار الدكتور احمد مراد بعد تاريخ طويل في خدمة الإنسانية فها هو يُعاود ربط ما إنقطع سواء في الواقع ام في الرواية فنراه عندما يستضيف زائرا.رافضاً الهدايا التي مكتوبة باللغة العبرية على اغلفة عدة الحلاقة والتزيين ، ولكنهُ تقبل هدية معنوية لها ابعاد لكى يدرجها في صقل نصوص الرواية لاحقاً عبارة عن قلم متواضع . من فلسطين بعد ثلاثة ارباع من القرن الماضي وكان شاهداً على ايام بداية النضال الاحمر والرابط الأسري ما بين ابناء ما بين حيفا وجوارها ، وما بين قرى بنت جبيل ونواحيها عند النهر الخالد الليطاني ، حيث كانت حكايات البطولات لأبناء الجنوب في تقديم الغالي والنفيس من الدماء التي تحمل افكارا نجيعية في الوانها القانية الحمراء كأصرار على التكامل والتكافؤ والتعاضد دون العودة الى الأسماء وما تعنيها في إعتناقها المذهبي . المقاومة وجدت لتنتصر وسوف تنتصر وإن كانت لوائح الشهيدات والشهداء طويلةً وحزينة لفراق اهالي الرفاق من الصبايا والشباب في (( الجبهة جمول )) وفي المعتقلات في انصار وعتليت وعسقلان وسجون محلية في قرية " الخيام - وسهل -الدردارة " . فمثلاً كانت المقاومة اللبنانية حسب سرد " ابو عرب " ينتظم فيها " جورج ،وحسين ،ويسار ،ولولا، وسناء، واحمد ،ومعروف " . وان دل ذلك على تعلق اهل الارض الحقيقين في ملاحقة الاحتلال مهما طال الزمن ومهما كانت الفوارق ما بين آلة الصهاينة العسكرية الضخمة ، مقابل "" القنبلة ، والصاعق ،والفتيل ،والأخمص الحديدي ،والأر بي جي ،"" ، وليس هذا فحسب بل في عمليات نقلها من العاصمة الى الحدود مباشرة في اشارة علنية وإصرار على ضرب العدو في عقر دارهِ حتى بعد وصولهِ الى مشارف بيروت ومحاصرتها !؟. يبدو للأسماء الواردة في إعلان "" الرفيق ابو رفيق- علي العبد ""، على مواصلة فتح الحدود مع التوأم الفلسطيني المستمر في رفع السبابة والبندقية واستمرار فعاليتها مهما كانت تكلفة التضحيات . الرواية مهمة وسرد احداثها لمن يعرف او لمن يقرأ فسوف يتأكد ان المكان والزمان والرفاق والرجال والنساء كلها تدل على تفتح مخيلة الدكتور احمد مراد في إختزانها وتجميعها لكى تكون دائرة ضوء وأمل يتحدد ، وينقله من عايش الازمات الى من يُرِيدُ ان يُدرِك ان البقاء الأزليّ لأصحاب الارض مهما كانت الجهات التي تعمل على تضييع ملكيتها الحالية . في نهاية الرواية لفت نظري نصاً جميلاً ورائعاً في كمال الحقيقة الجذرية بعد الأحتفال الرائع عل ضِفاف نهر الأردن الفاصل ما بين فلسطين وتوأمتها . كان المشهد جميل وخلاب عندما كانت الوفود السياحية ترقب حفلة الصراخ والعناق والهتاف بكل حرارة للعائلتين الفلسطينية واللبنانية وكان الإندهاش مهماً الى درجة خطاب " الحكيم " في اللغة الروسية وكان جديراً بها كونهُ متخرجاً من جامعاتها في الطب. قال بالحرف لمن يسمعهُ للسياح، "" إننا عرب وشعب واحد ، مسلمون ومسيحيّون ويهود .تجمعنا عقيدة واحدة من اجل السلام بين البشر ، فرّقتنا بندقّية و حدود وهميّة "" !؟.
عصام محمد جميل مروة .. اوسلو في -15- آب- 2021- ..
#عصام_محمد_جميل_مروة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحريض الإرهابي -- يُنتِجُ دماراً في عقول الشباب --
-
إنفجار المرفأ صيغة دائمة يستخدمها -- الخارجي والداخلي لدواعى
...
-
الفانتوم والميغ -- وأصداء إختراق لصوت حرب قادمة يدفع ثمنها ل
...
-
العالم العربي وقع في قبضة الصهاينة -- بمباركة امريكا وزبانيت
...
-
الإنسحاب الأمريكي من سوريا -- تغريدة ترامبية الى حين --
-
عُنصرية أم إرهاب بعد عشرة اعوام على -- مجزرة أوسلو وقلب الجز
...
-
خَلط وتحّدي كبيرين عدائيّين على -- إيران أن تتعظ من تدخلاتها
...
-
إعتِذَار مُرغَم
-
محافظة إدلب تحت المجهر الدولى .. ربما تغدو نيويورك ثانية في
...
-
مراسلات -- كريم مروة -- .. 1985 - 2020 ..
-
مُناورات الرمح الثُلاثيُ الشِعّبْ .. الناتو والحرب القادمة .
...
-
التطبيع المُر جواز سفر صهيوني
-
خَوارِجَ العرب الجدد من طينة النفط وارصِدَة الذهب
-
إيران في قبضة المُرشِد
-
إزدراء الدين والمجتمع سبباً اساسياً للتحريض والإرهاب والعنصر
...
-
تَوتُر قَبلْ واثناءَ وبعدَ لِقاءَ جنيف
-
مأزق النظام السوري --يتهاوى نحوىّ العنف -- ضد الشعب الآمن
-
الصقور في القِمَمْ .. والحمائِمَ التائهة ..
-
لا بُدَ مِما ليس مِنْهُ بُدَ .. حرب طاحنة تحوم في الأفق .. ع
...
-
تَدخُل الفاتيكان دائِماً حَذِراً
المزيد.....
-
الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة
...
-
عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير
...
-
كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق
...
-
لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟
...
-
مام شليمون رابما (قائد المئة)
-
مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
-
مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة
...
-
إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا
...
-
نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن
...
-
وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|