ترك العراق مهاجرا وهو في الثلاثين من العمر متوجها الى ارض الله الواسعة حاملا حلمه او لنقل باحثا عن وطن لتحقيق الحلم مستندا في ذلك الى حكايات مشابهة لحكايات الف ليلة وليلة رواها له صديق قديم من اهل العراق من خلال الرسائل والصور، حدثه فيها عن عالم غريب وعجيب سيجده امامه متجسدا عند الخطوة الاولى التي يخطوها خارجا من حدود العراق باتجاه الدولة س او ص وقال له كلما تحث الخطى باتجاه الشمال ستكون اقرب الى تحقيق الحلم، ساقه قدره الى السويد فماذا وجد، لم يجد شي يذكر سوى شيء بسيط للغاية ولاداعي هنا لذكره وهو ان احلامه قد تبخرت وانه فقد عائلته التي رافقته في رحلته، لكن الامر لايخلو من الفائدة فهو يتذكر حكايته الاولى مع مدرسة اللغة السويدية التي طلبت يوما ما من الطلبة ان يخرجوا خارج الصالة المخصصة للدرس ويدخل عليها طالب تلو الاخر وعندما دخل صاحبنا وكان الاول، حكت له حكاية مكتوبة و طلبت منه ان يحكيها للطالب الثاني والثاني للثالث وهكذا الى ان جلس امام الطلبة الطالب الاخير وهو يروي الحكاية التي سمعها من الذي سبقه سئلت المدرسة صاحبنا اهي نفس الحكاية التي سمعتها مني؟ قال كلا بل هي مختلفة كل الاختلال. يحكى ان اماما جليلا يتصف بالشجاعة والحكمة والعفة والزهد جاء الى العراق محمولا على اكتاف اهلها ليبايعوه على امر قد زهد فيه وهو ان يكون اميرا للمؤمنين استجاب الرجل لما ارادوه وهو يرى مايحملونه له من مشاعر فياضة تفوق الوصف لكنهم وبعد مدة قصيرة في حساب الزمن المعاصر قتلوه وهو في المحراب يصلي ، يقال والعهدة على القائل ان الذي تطوع في حمل السيف لقتله كان خادمه
الامين او مريد من المريدين والاتباع كما تقول روية اخرى. كما هو العرف عند القبائل العربية في العراق نادى الناس بالولاية للابن الاكبر اميرا للمؤمنيين بعد ابيه وكان حامل لصفات ابيه وجده، عارضهم في ذلك طامح في الولاية، جيشوا الجيوش واستعدوا للقتال وقبل القتال بايام خرج الجليل ابن الجليل برفقة قائد من قادته بجولة تفقدية للاطلاع على الاستعدادت التي
يتمتع بها المحاربون ، سمع الرجل جنديا يقول لصاحبه كم يعطينا ذاك الطامح في الولاية من المال ان سلمناه راس صاحبنا هذا ، التفت الجليل الى قائد جنده وقال ابهذا الجيش نقاتل؟ ارى ان نعقد الصلح مع عدونا وتم له ذلك، بعدها بايام طعن الرجل بخنجر مسموم والغريب ان الذي طعنه هو من مريده ايضا والسبب هو وببساطة لانه لم يقاتل. انهالت الرسائل على جليل اخر من اهل مكة والمدينة تحملها الرسل من ابناء العراق متحملة عناء السفر على ظهور الدواب ومشيا على الاقدام تدعوه الى المجيء الى مدينة الكوفة في العراق ليكون اميرا للمؤمنيين خلفا لعدوهم الذي مات
ولانه احق من غيره ، تحت ضغط الجماهير ولانه يعرف ماينتظره هناك قرر تلبية رغبتهم، فكرالرجل بالامرمليا لكنه تريث لمعرفه حقيقه الامر ولانه يختزن في ذاكرته ماجرى لابيه واخيه او لعله يجد في الناس خيرا ، ارسل ابن عمه ليستطلع الامر، جاء الرسول الى الكوفة ليلتقي الناس في مسجدها هاله ماشاهد الاف الرجال يتوافدون عليه مرحبين ومهللين يبايعون ، اقتنع بصدقهم وارسل رسولا لابن عمه لينقل مشاهداته ويستعجله الحضور لكن الصورة تغيرت فبعد ايام انخفض عدد المصليين في المسجد الى ان اقتصر الامر على رجل اعمى ، قتل الرجل والاعمى بين ليلة
وضحاها، وعندما حضر الجليل الذي بايعوه واستنادا الى مشاهدات ابن عمه، قتلوه ومن معه وهم يقولون قلوبنا معك وسيوفنا عليك.
كان شابا وسيما في الثلاثين من عمره عندما شاهده ابناء العراق على شاشة التلفاز لاول مرة وهو يقف حاملا بندقية، شاهدوه وهو يجلس بين قادة الفكر من اهل اليسار واليميين يتحدث وهم يصغون اليه موافقين على كل مايقول، بنى المدارس والمعامل والمستشفيات وفق احدث الطراز ، ارسل الشباب من ابناء العراق الى الخارج ليعودوا باعلى الشهادات، احبه الفقراء و الايتام لرعايته لهم احبته النساء لوسامته لقبه البعض من اقطاب اليسار بكاستروا العرب لقوته وثقافته وعداءه للغرب الامبريالي ، تحالف معه ابناء العراق بكل مللهم ونحلهم وبالشروط
التي اردها وبدون نقاش، هتفوا باعلى اصواتهم بالروح بالدم نفديك يا ص، تغير الحال من حال الى حال واذا بهم يحلمون بقتله واذا سئل احدهم لماذا تحلم بقتل الرجل تكون الاجابه وببساطه بانه عدو البشر ، اليس هذا الرجل هو نفس الرجل ، نعم لكنه تغير ومن الذي دفعه ليتغير اليست هتافاتكم ودعواتكم وخياناتكم وجبنكم. قصة هذا الرجل لم تنتهي بعد او انتهت او سوف تنتهي بنفس النهايات التراجيدية التي انتهت اليها حكايات السلف الصالح وانا اكتب هذا الحكايات واذا بي ارى على شاشة التلفاز حكاية جديدة بدات فصولها اليوم ، الحكاية هذه لم تبداء في الكوفة
اوفي بغداد بل من البصرة ومن حي التنومه حيث وصل رجل ورع ترتسم على وجهه الطيبة والسماحة يحلم بتحقيق شيء ما كما حلم غيره ، حمل الرجل حلمه وجاء الى العراق
كما حملت حلمي وجئت به الى السويد، تبخر حلمي واعتقد جازما ان حلمه سيتبخر بل سيقتل ولان حلم اهل العراق بقتله بداء مع دخوله وهم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا ح كما هتفوا لغيره ولان الرجل جاء في زمن رديء تحكمه اقذر امبراطورية عرفها وسيعرفها التاريخ وهي امريكا ولان الرجل صادق وصريح فيما يريد وهذا انطباعي الاول عنه من خلال مشاهدته بالتلفاز. سئل احد مطربي العراق الذي تناقضت روايات اهل العراق عن اسباب ذياع صيته بين البلدان عن الحزن الذي يتميز به الغناء العراقي فكان جوابه انها طبيعة متاصلة في ابناء العراق فهم يطلبون الغناء الحزين حتى في اعراسهم وافراحهم ولم يعرف الرجل السبب فيما يبدو لكن الكاتب جبرا ابراهيم جبرا نسب هذا الحزن الى التقلبات الجوية التي تحملها الطبيعية في العراق والى فيضان دجلة والفرات الغير متوقع وقارن ذلك بمعرفة اهل مصر بفيضان النيل ولانه ياتي بموعد محدد ومعروف وقد يكون عالم الاجتماع العراقي المرحوم على الوردي قد نسب ذلك الى البداوة
ايضا اما انا وبتواضع شديد وقد اكون مصيبا ولي حسنة فيما ساذهب اليه ان السبب وكما اعتقد واستنادا الى الديمقراطية الامريكية المعاصرة وعودة وقوف الفلسفة على راسها كما كانت في زمن هيغل بعدما ناضل ماركس بايقافها على رجليها واقول وبشكل ربما عبثي ان الشعور بالذنب بعد حالة من الاندفاع والتهور في اتخاذ موقف ما والندم فيما بعد هو السبب من وراء ذلك والغريب فينا هو جلد الذات والجسد كتعبير عن الحزن ، ان هناك دولا واحزابا تساعدنا في الاستمرار بهذا السلوك باساليب مختلفة منها على سبيل المثال السلاسل التي ظهرت بقدرة قادر وبهذه الكمية في كربلاء والنجف بين ايدي الشباب لضرب انفسم في موقف هستيري دامي لاينتمي الى التحضر الذي تدعونا امريكا اليه او النهب المنظم وتحطيم تمثال ساحة الفردوس الذي تم باخراج هوليودي وكمبارس من من دول الجوار دفعت اجورهم بالدولار او الدينار او الدرهم او التومان لايهم فهم كمبارس اما الادوار الرئيسية فسيلعبها الامريكان حتى وان كانت من وراء الكواليس.
فالح حسن شمخي
مسرحي
مالمو ـ السويد
11/5/2003