أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالاله سباهي - الحقيبة والعراقي














المزيد.....


الحقيبة والعراقي


عبدالاله سباهي

الحوار المتمدن-العدد: 1644 - 2006 / 8 / 16 - 07:16
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الجنطة ( الحقيبة ) والعراقي
ما كان لأجدادنا ميل أو عشق للسفر ولا لحقائب السفر (الجنط ).
و إذا عزموا على سفر وإن ندر ، استعانوا ب( البقجة ) لنقل بعض متاعهم . وحتى هذه البقجة لم يتفننوا بزركشتها أو الاهتمام بها

الجدبد في حياة العراقيين اليوم هو تهافتهم على السفر والهجرة .
لا أعرف متى حلّت لعنة حب السفر على العراقيين . وحل معها عشقهم وتمسكهم بالحقائب.
كانت الحقائب في الخمسينيات من القرن الماضي بضاعة كاسدة ، حتى أن صناعها حاروا بأمرها فراحوا يجملوها بأقفال نحاسية أو فضية ووضعوا لها أحزمة من الجلد السميك تحيط بها فكانت رمزا لمتانتها.
أخذت هذه الصناعة تنتعش عندما بدأت الضربات الأولى لازميل الزمن وراحت تنحت الصنم في بداية الستينيات .وكلما برزت ملامح الصنم أخذت صناعة الحقائب تزدهر ويزدهر معها سوق السراي.

أجبر صدام ونظامه الشمولي العراقيين على الهجرة والتشرد في بقاع العالم . وأصبحت الحقائب رفيقهم في تلك المعاناة . فراح كل عراقي يسعى للحصول على حقيبة متينة تتحمل معه معاناة الرحلة إلى المجهول.
تعدد استخدام العراقي للحقائب ، فمنهم من فكر بحفظ أسرار وزارته فيها. ومن هنا ربما جاءت التسمية ( حقيبة وزارية ) والتي عادت مودتها اليوم .
ثم تتابعت مودة الحقائب بعد خطة النظام الانفجارية في السبعينيات فأصبحت صرخة السمسنايت هي الطاغية ، فتبارى المقاولون في اقتناء أحدث الأنواع منها والتي أنتجتها مصانع لندن. فكانت رمزا لهم تميزهم عن غيرهم في وزارة التخطيط والبنوك وفي شوارع بغداد وغيرها.

وما أن حلت الثمانينيات حتى عاد الإقبال الشديد على حقائب السفر الكبيرة على الرغم من أن السفر منع وقفلت أبواب السجن العراقي على العراقيين .
في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات وإلى يومنا هذا راح العراقي يصنع من تلك الحقائب أرائك في هجرته القسرية .ويظل جالسا عليها في عمان وسورية وهو ينتظر فرج الهجرة والتهريب ولم الشمل .
وحتى بعد أن خرج من مراكز الهجرة ( الكامب ) وحصل على إقامة في البلد الذي وصل إليه بشق الأنفس وربما تجنس في ذلك البلد ولكنه لم يترك الحقيبة فكان ملازما لها ، متمسكا بها تمسكه بحلم العراق وحلم العودة إليه .
سقط الصنم . ولكن العراقي ظل جالسا على تلك الحقيبة بأمل العودة أو حالما بها . حتى أصبحت علامة مميزة له أي ( تريدمارك . ) يعني وين ما اتشوف واحد يمه جنطة ، لو جالس على جنطة قول هذا عراقي .
كبر أولادنا في غربتنا . ورحنا نبحث لهم عن من يعلمهم الأبجدية العربية .ولم نتخلى عن تلك الحقائب. لا بل نحاول صنع مناضد منها لأبنائنا ، ليخطوا عليها (دار دور) لأول مرة . وهكذا قمنا نجبرهم على أن يعيشوا معنا حلم العودة إلى الجنة المفقودة .
لا جديد هنا ، فجدنا آدم رحمه الله ظل يحلم بالجنة متمسكا بورقة تين جلبها معه من هناك وإلى هذا اليوم.
سيطول حلمنا كما طال الحديث وأنا أحاول أن أدخل معكم بصلب الموضوع وعلى شفتي سؤال لا أجرأ على البوح به .
من نحن هنا في المهجر ؟.
هل نحن ضيوف على شعوبه المضيافة. أم أصبحنا جزأ من تلك الشعوب ؟
وإلى متى نظل جالسين على حقيبة سفرنا ؟ وكما يقول المثل ( لا إحنه للجنة ولا إحنه للنار ).
بعد أن سقط الصنم عاد البعض منا ومعه حقيبته بأمل أن يملأها ثم يعود بها . وآخرين فاتتهم الفرصة فراح الفضول ينهش مخيلتهم .
ترى ماذا صنع صاحبنا بحقيبته ؟ و ماذا في تلك الحقيبة الآن ؟ أهي أوراق وزارية ،
أم عقود إعادة إعمار ،
أو عقود لبيع سكراب الجيش ،
أم بقايا فرهود الكويت ؟
وهل فاتت الفرصة حقا على من لم يأخذ حقيبته وينضم لحزب أو مليشيا ؟.
والنتيجة ، راحت على من لم يركب موجة العودة في حينها فظل هنا يتحسر على ما فاته .
لا أعرف إن كانت تلك المقدمة الطويلة تصلح للموضوع الجاد الذي أنا بصدد مناقشتهم معكم ؟
ولا أجزم بأنني سأناقشه هنا وربما تركته كسؤال قد تجيبون أنتم عليه .
كانت هموم الغربة تشغلنا عن بعضنا . وكانت كل أحاديثنا إذا التقينا يخيم عليها ظل الصنم الثقيل . فأختار أكثرنا العزلة . وظل العراقي هنا لا يعرف من هذا العالم الجديد الذي يعيش فيه غير ( الكمونة ) البلدية التي يسكن فيها وبعض أنفاس من نركيلة صدأت. وإذا التقى بعراقي آخر سلم عليه سلام المارة .
سقط الصنم وانزاح ظله . وكأننا صحونا بعد غفوة صغيرة على إحدى مساطب محطة كوبنهاكن .
فقمنا نبحث عن الجنطة وعن الرصيف الذي سنجد فيه قطار العودة .
إنها صحوة كما قلت . وما دامت صحوة فيجب أن نكون قد صحونا فعلا وتفكرنا بما نحن فيه .
هل نأخذ الجنطة ونرحل وهي المعدّة سلفا .أم نظل ضيوفا هنا .أم نبني مستقبل أولادنا هنا ؟
لم اصادف أحدا من العراقيين لا يزايد على العودة . ولكنه عند الجد يتحجج بأعذار شتى متشرطا كذا وكذا ولا لوم عليه .
فإذا كان النظام الشمولي السابق عمل على ( أدلجة ) المجتمع العراقي قسرا .
راحت القوى المسيطرة على مقاليد الحكم في عراق اليوم وأحزابها الدينية تعمل وبطريقة أكثر دموية ووحشية في ( أسلمة ) المجتمع .
أما الديمقراطية وحقوق الإنسان فقد غدت فقط شعارات . يرفعها كل طامح للحكم وكل من له مصلحة ذاتية أما في التطبيق فكل له طريقته في الالتفاف على الحق والتخريجات لا حصر لها .
فما الذي يغري العراقي اليوم بالعودة إلى جنته المفقودة ؟
هل يكفيه حنين غمس بالدم والمعاناة أو وطنية غدر بها من قاد ويقود هذا الوطن .
الحقيقة أن البلد الذي نسكنه الآن ( أي بلد ) شئنا أم أبينا أصبح دارا لنا ولأولادنا وعليه يجب أن نرتب هذا البيت ليكون مريح وآمن ونجعل العيش فيه سهلا سعيدا ناجحا .
ولكن كيف نبدأ نحن وحسرة أبونا آدم لا تزال تعشعش في عقولنا ومخيلتنا وحلمنا بالعودة لا يفارق أسرتنا ؟




#عبدالاله_سباهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالاله سباهي - الحقيبة والعراقي