أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي














المزيد.....


العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6985 - 2021 / 8 / 11 - 08:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Twitter: @FatimaNaoot


اليومَ  غُرة شهر محرم 1443، رأس السنة الهجرية، كلّ عامٍ ومصرُ والعالمُ بخير. ويصوم أشقاؤنا المسيحيون هذه الأيام انتظارًا لعيد السيدة العذراء عليها وعلى ابنها السلام بعد أيام، فكلّ عام ومصرُ والعالمُ بخير. ولهاتين المناسبتين الطيبتين أقدمُ لكم هذا المقطع من كتاب" قواعدُ العشق الأربعون" للكاتبة "إيليف شافاك".
مرَّ شهرُ رمضان بسرعة. وحلّ عيدُ الفطر يوم الأحد، وبعد أربعة أيام، عقدنا قران "كيميا" على "شمس الدين التبريزي”، الدرويش الإسلامي المتصوف. ولكن، في الليلة التي سبقت الزفاف، حدث شيء غيّر مزاجي كله. كنتُ وحدي في المطبخ، أجلس أمام لوح من الخشب مكسوّ بالطحين، لأعد للضيوف خبزًا مرقوقًا. وفجأة، ومن دون أن أفكر بما أفعله، بدأتُ أشكلُ من كُرة العجين صورةً لأمنا "مريم" العذراء. أمي مريم. ورحتُ أخطُّ بالسكين حوافّ عباءتها الطويلة، وملامح وجهها الهاديء الرحيم. ولما كنتُ مستغرقة في ذلك، لم ألحظ أن شخصًا يقفُ خلفي ويرقب.
"ما الذي تفعلينه يا كيرا؟"
قفز قلبي داخل صدري. وعندما التفتُّ رأيتُ "شمس الدين" يقفُ جوار الباب، ينظر إليَّ بعينين يملأهما الفضول والشغف. خطر لي أن أخفي قطعة العجين، لكن الأوان كان قد فات. اقترب شمس الدين من الصينية، ونظر إلى الشكل الذي صنعته. وسألني:
"هل هذه العذراءُ مريم؟" وعندما لم أجب، التفت نحوي بوجه مشرق باسم، وقال: – “إنها جميلة. هل تشتاقين إلى مريم؟” لكن شمس الدين تابع كلامه كأنما لم يسمعني، قائلا: – "لعلك تتساءلين لماذا لا يوجد في الإسلام رمزٌ أنثوي مثل مريم؟ بالتأكيد توجد لدينا عائشة، وبالتأكيد هناك فاطمة، لكنك ربما تظنين أن الأمر مختلف.”
شعرتُ بالارتباك، ولم أعرف ما أقول.
"هل لي أن أحكي لك قصة ؟" سألني شمس؟ وهذا ماحكاه لي:
"ذات يوم، كان هناك أربعة مسافرين: يوناني وعربي وفارسي وتركي. وعندما وصلوا إلى بلدة صغيرة، قرروا التوقف لتناول بعض الطعام. ولما لم يكن لديهم الكثير من النقود، كان أمام كلّ منهم خيار واحد من الأطعمة. وراح كل منهم يزعمُ أن طعام بلاده هو الأشهى في العالم، ولهذا سوف يطلبه. وعندما سُئلوا عن أطعمتهم الوطنية، أجاب الفارسي: أنغور. وقال اليوناني: ستافاليون. وقال العربي: عنب. وقال التركي: أوزوم. ولم يستطع أحدهم فهم لغة الآخر، فأخذوا يتجادلون. وبدأوا في الشجار. وكان شعورهم بالاستياء والمرارة يتزايد مع مرور كل دقيقة، حتى مرَّ بهم رجلٌ صوفيٌّ وقاطعهم. عرف القصة ووجد الحل.
جمعوا مبلغًا، اشترى الصوفيُّ به عنقودًا من العنب، ثم وضع حبات العنب في وعاء وعصره. ثم طلب منهم أن يشربوا العصير ويلقوا القشر جانباً. ثم أخبرهم أن اهتمامهم يجب أن ينصبَّ على لبِّ الثمرة وجوهرها، لا على قشرتها الخارجية.
وأكمل شمس الدين التبريزي الحكاية قائلا: "هكذا، فإن المسيحيين واليهود والمسلمين، يشبهون أولئك المسافرين. فبينما يتشاجرون حول الشكل الخارجي، كان الحكيمُ المتصوّفُ يبحث عن الجوهر.” ختم شمس الدين القصة، ثم ابتسم ابتسامة تشي بالحماس، وقال:
"ما أريد قوله هو أنه لا يوجد سببٌ يجعلك تشتاقين إلى الأم مريم العذراء. لأنكِ يا "كيرا" يجب ألا تتخلي عنها أبدًا في المقام الأول. أنت امرأةٌ مسلمة؛ ومع هذا فبإمكانك أن تظلي على ارتباطك الجميل مع السيدة العذراء.“
"لا، لا أظن أن هذا الأمر لائق،" تلعثمتُ "كيرا" قائلة.
"لمَ لا؟ الأديانُ كالأنهار؛ تصبُّ جميعُها في البحر نفسه. وإذ ترمز الأمُّ مريم إلى الشفقة والرحمة والحب غير المشروط؛ فإنها رمزٌ للجميع. وكامرأة مسلمة، عليك الاستمرارُ في حبها، وعلّك تسمين ابنتك مريم.”
قلتُ: "لا توجد لديّ ابنة.”
"ستكون لديك ابنة.”
"أتظن ذلك؟"
"بل أنا أعرفُ ذلك.”
شعرتُ بالإثارة عندما سمعت هذه الكلمات، ولكن سرعان ما تلاشت الإثارةُ وحلَّ محلها شعورٌ آخر: التضامن. فقد عشنا معاً لحظة غير عادية من الصفاء والانسجام، ونظرنا معاً إلى هيئة الأم مريم العذراء. رقَّ قلبي لشمس الدين التبريزي، وللمرة الأولى منذ قدومه من بغداد إلى بيتنا في قونية، رأيتُ ما يراه فيه زوجي "جلال الدين الرومي”. رأيتُ رجلا ذا قلبٍ كبير وعقل ناضج.
***
“الدينُ لله والوطنُ لمن يجمعُ شتاتَ الوطن"

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيّل بيجي … من رزقنا!
- صحوةُ الضمير الإنساني
- فنُّ التعليم … عبقريةُ مُعلّمة
- في الوحدةِ يصنعُ الإنسانُ كُرةً … أو يُطلقُ رصاصة
- درس علا غبور… في مناهج التعليم المصري
- نستحقُّ حياة كريمة… ولا يليقُ بنا أن نقلق!
- أنا سوّدت عيشة أهلي ... يا عمو حسين يعقوب!
- نفرتيتي تقولُ: -مِن مصرَ دعوتُ حابي-!
- هكذا كلّمنا الرئيسُ ... قبل سبع سنوات
- 30 يونيو حياةٌ … والقراءةُ حياة
- مدينة نور … مستقبلُ مصرَ الأخضر
- هديةُ الِله للمصريين بعد 30 يونيو
- ثورةُ فستان
- الطيّبُ … الذي يُنسى!
- العقلُ والمادة … وعقابُ المرايا
- التقليدُ والابتكار … القطارُ والطيارةُ الورق
- سبعُ سنواتٍ من تحقيق الأحلام العصيّة
- شارعٌ: شهيدُ الكلمة فرج فودة
- شجرةٌ … وأربعُ عيون
- الرئيسُ السيسي … داعمًا الرحلةَ المقدسة


المزيد.....




- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد “هنـــــــــــا” .. ...
- “من هنــــــــــا” .. رابط التسجيل في الاعتكاف بالمسجد الحرا ...
- ممنوع لهؤلاء .. شروط الاعتكاف في المسجد الحرام وخطوات التسجي ...
- الفاتيكان يكشف تطورات الحالة الصحية للبابا فرنسيس
- الان.. بدء تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 2025 رابط رسمي شغ ...
- المسجد الأقصى يحتضن أكثر من 80 ألف مصل في صلاة التراويح
- شاهد..وفاة أردني وهو يقرأ القرآن في المسجد برمضان
- الظلم الذكوري باسم الطاعة وبلبوس الشريعة
- حصري - مالي: اجتماع مفصلي بين --جبهة تحرير أزواد- و-جماعة نص ...
- تفعـيل موقع التسجيل في الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 alhara ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراءُ المُطوّبة … وشمس الدين التبريزي