5 غشت 1979 ، اعتراف موريتانية بالجمهورية الصحراوية

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6983 - 2021 / 8 / 9 - 23:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بحلول الخامس من غشت 2021 ، يكون قد مر على اعتراف الجمهورية الموريتانية ، بالجمهورية الصحراوية اثنتا وأربعين سنة .. بعد انْ انسحبت من إقليم وادي الذهب " تيرس الغربية " ، الذي سيطرت عليه بمقتضى اتفاقية مدريد الثلاثية ، الموقعة بين النظام الموريتاني الذي سيطر على وادي الذهب ، والنظام المغربي الذي سيطر على الساقية الحمراء ، واسبانية التي احتفظت تستغل فوسفاط بكراعْ ، واحتفظت ببعض القواعد العسكرية المقابلة لجزر الكناري ..
فاتفاقية مدريد الثلاثية ، قسمت الإقليم كغنيمة بين ثلاثة دول ، سرعان ما انسحبت موريتانية من الجزء الذي آل اليها ، وباعت اسبانية للنظام المغربي حصتها من فوسفاط بوكراع الذي تستغله .. ويجب الإشارة هنا الى ان اتفاقية مدريد هذه ، تعتبر غريبة الاطوار في تاريخ ابرام الاتفاقيات ، وليس المعاهدات التي تبقى فوق الاتفاقيات . لان لا احد من برلمان موريتانية ، وبرلمان المغرب اعترف بها ، ولا اسبانية اعترفت بها عندما لم تنشرها في جريدتها الرسمية .. ومع ذلك تم توزيع وتقسيم ارض الصحراء ، بين ثلاثة دول بمقتضى اتفاقية ميتة منذ ساعة توقيعها . لأنها تضم تناقضا عرّى على الصّفقة امام الأمم المتحدة ، التي لم تبارك الاتفاقية الميتة ، التي على أساسها تم خرق القانون الدولي ..
فإذا كان النظام الموريتاني يعتبر وادي الذهب موريتانيا ، فكيف لا يعتبر الساقية الحمراء موريتانية كذلك .. وكيف يمكنه تبرير الانسحاب من الإقليم ، الذي جاء بعد أربعة سنوات من السيطرة عليه ..
واذا كان النظام المغربي يعتبر الساقية الحمراء مغربية ، فلماذا لم يعتبر وادي الذهب مغربيا كالساقية الحمراء ، وتنازل عنه لموريتانية .. واذا كان النظام المغربي يعتبر الصحراء مغربية ، لماذا تقاسمها مع موريتانية قسمة الغول ..
وبعد ان تمكن النظام من إعادة السيطرة على وادي الذهب، بعد انسحاب موريتانية منه ، والذي من المفروض ان الإقليم اصبح مغربيا ، كيف يفسر خرجة حل الحكم الذاتي الذي تقدم به في سنة 2007 ، ولم يلق استجابة من قبل المعنيين بالحل ، الذين هم البوليساريو والجزائر ، ولم يحظ بتأييد المجتمع الدولي ، وعلى رأسه الأمم المتحدة التي ظلت من خلال الجمعية العامة ومجلس الامن ، تصدر قراراتها منذ 1960 ( الجمعية العامة ) ، ومنذ 1975 ( مجلس الامن ) ، دون الإشارة ولو بشكل خجول ، لاقتراح حل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي من جانب واحد ..
والخطورة هنا لا تكمن فقط في حل الحكم الذاتي الذي شكك من جهة في مغربية الصحراء ، ومن جهة شكك في مغربية الصحراويين . بل تكمن في اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ونشر اعترافه هذا في الجريدة الرسمية للدولة المغربية عدد 6539 ..
ان اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، اعطى حجة للمنتظم الدولي في ان يسير على منوال النظام المغربي ، الذي انكر مغربية الصحراء عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ، لكي لا يعترف بدوره بها ، سيرا على عدم اعتراف النظام بمغربية الصحراء ، عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ..
فهل يمكن تصور ان يعترف نظام بجمهورية ، ليست لها ارض ، وليس لها شعب .. انّ هذا من خطل العقل ، وقصور التفكير .. فالنظام عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ، فهو اقر من جهة بعدم مغربيتها ، ومن جهة اقر بوجود شيء يسمى الشعب الصحراوي ، المنتمي للصحراء التي اعترف النظام بجمهوريتها ..
ان اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، هو إقرار بعدم اعترافه بمغربيتها . وهنا نفهم لماذا قام المنتظم الدولي وعلى رأسه الاتحاد الأوربي ، وعلى رأس الاتحاد اسبانية وفرنسا التي فتحت دكان حزب ميت ( الى الامام ) بمدينة الداخلة المتنازع عليها ، وروسيا ، وكندا ، واسترالية ، والولايات المتحدة الامريكية التي سحب الرئيس John Biden اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ، وركز الجميع على الحل الاممي طبقا للمشروعية الدولية ، التي تعكسها قرارات الأمم المتحدة في النزاع المطروح عليها ..
ثم ماذا حين تدعو الإدارة الامريكية ، ودول الفيتو بمجلس الامن ، وألمانيا ، والاتحاد الأوربي ، بضرورة التعجيل بتعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة بشان الصحراء ..
وكيف للمنتظم الدولي الذي اقنعه موقف النظام المغربي من نزاع الصحراء ، عندما اعترف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، ان يتفهم ويفسر الموقف الموريتاني الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية في 5 غشت 1979 ، واكد هذا الاعتراف الذي اعتبره استراتيجيا رئيس موريتانية محمد ولد الغزواني...
وكيف تحلل لنفسك ما تحرمه على الاخرين .. ان تعترف رسميا بالجمهورية الصحراوية ، وترفض ان يعترف المجتمع الدولي بها .. فأي منطق هذا ، واية سياسة هذه ، اللهم فقدان البوصلة ، والتيه ، والخبط خبط عشواء كالناقة التي لا تبصر شيئا ليلا .. فالنظام في ورطة كبيرة وخطيرة تسبب بها لنفسه ، ولم يسببها له احد .. على نفسها جنت براقيش ..
ان النظام المغربي المعزول دوليا لخسارته حجية الدفاع عن الصحراء ، اصبح اليوم في وضع اقل ما يقال عنه ، انه وضع مرتبك ، بسبب المواقف المتضاربة والمتناقضة التي اتخذها عند معالجته قضية الصحراء .. وهو وضع خطير يهدد وجود النظام الذي اصبح غير مرغوب فيه دوليا .. حيث هناك ما يفيد التحضير للتغيير الذي سيكون بابه الصحراء ..
فعند انعقاد دورة الخريف المقبلة لمجلس الامن في شهر أكتوبر القادم ، على النظام المغربي ان يتوقع الأسوأ الذي لن يخرج عن قرارات ، ستكون صادمة للنظام ، ومهددة له في وجوده عند ذهاب الصحراء ، وهي في طريق الذهاب بإرادة غربية ، وعلى رإسها الولايات المتحدة الامريكية ..
ان موقف الاتحاد الأوربي ، وعلى رأسه اسبانية وفرنسا الرافض لمغربية الصحراء ، وللاعتراف الترامبي Trump ، وكل دول الفيتو بمجلس الامن ، سينعكس على القرار المقبل للمجلس ، الذي قد يذهب بعيدا ، سواء عند اتخاذ قرار بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الانسان ، وقد يذهب المجلس بعيدا في خطواته ،عندما سيقدم على اتخاد قرار يحث على اللجوء الى الفصل السابع ، لفض النزاع بالاستفتاء والذي نتيجته ستكون واضحة ب 99 في المائة لصالح الانفصال / الاستقلال ..
فعند اجتماع المنتظم الدولي كرجل واحد في زاوية ، وينعزل النظام لوحده في زاوية .. فهنا الإشارة السياسية يجب ان تكون مفهومة ، انّ ملف الصحراء سيكون الباب الكبير لإحداث انقلاب جغرافي ، يتبعه مباشرة انقلاب في النظام السياسي لمحمد السادس ..
فهل يستطيع الملك المريض شفاه الله ، ان يجابه ، ويتجابه مع المنتظم الدولي ، بدءا بالأمم المتحدة التي تتحكم فيها الدول القوية والكبيرة ، مرورا الى الاتحادات الوازنة كالاتحاد الأوربي الذي اتخذ موقفا ضد مغربية الصحراء ، ويعمل على عزلها عن المغرب ، والاتحاد الافريقي الذي تعتبر الجمهورية الصحراوية احدى المكونات التي اسسته ، عند ما شاركت في وضع قانون الأساسي .. وخاصة وهي التي صوتت لصالح انضمام النظام المغربي للاتحاد الافريقي ..
والخطورة هي انّ النظام المغربي الذي رمى بكل بيضه في السلة الفرنسية . ففرنسا كانت اول الدول التي عارضت اعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وهي كعضو يتمتع بالفيتو بمجلس الامن ، كانت تصوت على جميع قرارات مجلس الامن التي تنصص على الاستفتاء ، وكصديق مفترض للنظام المغربي ، وهي صديقة مصالحها ، كانت تعطل تطبيق قرارات مجلس الامن التي كانت تصوت عليها ، لاعتبارات خاصة ليس هنا مجال ذكرها ..
وامعانا في اهانتها للنظام المغربي الغبي ، وللملك محمد السادس شخصيا ، اعطى الرئيس Emanuel Macron امر فتح دكان لحزبه بمدينة الداخلة ، حتى يتفادى تكرار اعتراف Trump بمغربية الصحراء .. فما معنى فتح دكان لحزب الرئيس " الى الامام " ، وليس فتح قنصلية ....
ولنا ان نتساءل . اذا كانت فرنسا تصوت لصالح قرارات مجلس الامن ، وكعضو بالأمم المتحدة تصوت لصالح القرارات التي دأبت الجمعية العامة تتخذها منذ سنة 1960 والى اليوم ، وخدماتها للنظام المغربي لا يتعدى دور التعطيل .. فكيف سيكون موقفها ، وهي التي عارضت وبالمكشوف مغربية الصحراء ، في دورة الخريف المقبلة لمجلس الامن في أكتوبر القادم ، والمدير العام للبوليس السياسي المغربي عبداللطيف الحموشي ، وبإشراف رئيسه الإداري المباشر صديق الملك ومستشاره فؤاد الهمة ، كان يتجسس على سياسيين ، وصحافيين فرنسيين لم يسلم منهم حتى الرئيس Emanuel Macron ...
والقول بالمدير العام للبوليس السياسي ، وصديق الملك ومستشاره ، يعني الملك .. لان السؤال . هل يستطع المدير العام للبوليس السياسي ، وصديق ومستشار الملك التجسس على الشخصيات السياسية الفرنسية ، وعلى الرئيس Emanuel Macron ، دون علم رئيسهم المباشر الذي هو الملك محمد السادس .. وهل يستطع المدير العام للبوليس السياسي ، وصديق الملك ومستشاره ، شراء برنامج التجسس الصهيوني Pegasus دون اخبار وموافقة الملك ...
الوضع جد خطير ، وما يُنتظر هو انّ القرار المقبل لمجلس الامن في دورة الخريف المقبل ، سيكون صادما على جميع الأصعدة ...
فالمطلوب من كل ما يختمر من مؤامرات ، هو رأس النظام الذي لم يعد مرغوبا فيه ، والنظام الذي اضحى عالة على الغرب اكثر من الشعب المفقر ، بطقوسه وتقاليده المرعية الغير موجودة في العالم ، اصبح يحبس انفاسه ، لانه احس بالخطر.. وبابه ستكون الصحراء التي ستستعمل لتغيير الخريطة ، والجغرافية ، وتغيير الأنظمة .. وهذا ما تضمنه مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا .. ويجري تطبيقه بهدوء وبكل ثقة في النفس ..
وانّ من يجهل بهذا المخطط الذي يحضر له على نار هادئة ، خاصة بعد انتهاء ثنائية القطبية لصالح القطب الوحيد ، هو شخص بليد لا يفقه مقالب الغرب ، والامبريالية ، والصهيونية ..
والسؤال . مقابل ماذا اخرج النظام المغربي علاقاته مع الدولة الصهيونية الى الوجود ، بعد ان كانت تحت الطاولة ...
النظام اعطى كل شيء ، وخسر كل شيء .. وإسرائيل ربحت كل شيء ولم تخسر أي شيء ..
إسرائيل لا تعترف بمغربية الصحراء .. لا تعتبر جبهة البوليساريو منظمة إرهابية كما حاول البوليس السياسي المغربي وفشل .. كما انها مع الحل الاممي لنزاع الصحراء الذي يعني تقرير المصير ..
كما ان إسرائيل مع اسبانية سبتة ، ومليلية ، والجزر الجعفرية . وكدولة محسوبة على الدول الغربية ، ناصرت اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي ، ولم يصدر منها أي تعقيب عن رمي John Biden اعتراف Trump المقلب بمغربية الصحراء ...
واذا كان الملك يعتقد ان إخراجه لعلاقاته المباشرة مع الدولة الصهيونية الى العلن ، سيجعل الغرب وخاصة اسبانية وفرنسا يدعن له ، فمن افتى عليه هذا الاقتراح الذي وصلت نرجسيته بترديد خوف اسبانية من النظام المغربي ، وتخوفها من حرب ستخسرها معه ، هو دجال ومشعوذ ، استغل ثقة الملك الذي سلمهم مصير المغرب والمغاربة لأسباب خاصة ، للنفخ فيه بتزيين الواقع المكهرب المنذر بالخطر الكبير ...
ولا ننسى بالأمس وزير الخارجية الفرنسي Jean Yve Le Drian ، ومن اسبانية ، وبحضور Arancha Gonzalez Laya وزيرة الخارجية الاسبانية ، عندما صرح ان فرنسا تؤيد اسبانية في ازمتها مع النظام المغربي ، لأنها عضو بالاتحاد الأوربي ..
وبما انها عضو كذلك بحلف الناتو ، فأيّ حرب معها ستكون حربا ضد الناتو ، وضد الاتحاد الأوربي .. فهل النظام المغربي قادر ان يتحارب مع الناتو القوة العسكرية الضاربة ، ومع الاتحاد الأوربي القوة الاقتصادية الأكثر من ضاربة ...
بل . هل يستطيع النظام المغربي ان يدخل في حرب مع اسبانية كدولة ، دون الاخذ بعين الاعتبار الاتحاد الأوربي ، وحلف الناتو ...
ان هذا التساؤل ، هو على سبيل الافتراض فقط .. ولتعرية الحقيقة بالنسبة للأبواق التي تنفخ في القوة العسكرية للنظام المغربي ، التي تستطيع تحرير سبتة ومليلية في أربعة وعشرين ساعة ..
ان أي حرب هذا انْ حصلت ، تعني نهاية الملك السريعة ، والقضاء على نظامه الذي تلاعبت ، وتتلاعب به الايدي المجرمة ...
القادم أسوء ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات