أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عزالدين علي غازي - أنثروبولوجيا الأمراض والأوبئة : ضرورة معرفية في الثقافة الصحية














المزيد.....

أنثروبولوجيا الأمراض والأوبئة : ضرورة معرفية في الثقافة الصحية


عزالدين علي غازي

الحوار المتمدن-العدد: 1642 - 2006 / 8 / 14 - 10:18
المحور: الطب , والعلوم
    


إن الاطلاع الواسع للعامل في الصحة البشرية وللمتخصصين ، ممرضين وأطباء.. ، ومعرفتهم بالظروف الاجتماعية والتاريخية والثقافية للأوبئة الفتاكة وللأمراض التي تتعرض العنصر البشري يجعل المرء بمنأى عن الأخطاء البسيطة التي يقع فيها أحيانا هؤلاء وقد يرجع هذا إلى أسباب عديدة منها رداءة تكوين الأطباء والممرضين ومختلف المتدخلين في مجال التواصل المهني وأنثروبولوجيا الاوبئة وتاريخها وسوسيولوجيا المعرفة وعلوم النفس المختلفة التي لها علاقة وطيدة بالصحة البشرية وبالعلوم الانسانية .

يرجع الافتقار الى المعرفة بانواع الامراض والاوبئة الفتاكة التي تحصد العديد من الارواح البشرية عبر التاريخ الاجتماعي للمجموعات الاثنية الى عدم اطلاع الفرق الطبية والصحية عن كثب عن البنى الثقافية والاجتماعية التي تحكم المواقف المربكة احيانا لنظريات الصحة السائدة بين السكان المعنيين. فالاكتفاء بالمعرفة " العلمية " للطب الصناعي وحده لا تكفي للاحاطة بهذه الاسباب
ان مجرد اختلال في الانظمة الايكولوجية والديموغرافية والثقافية والاقتصادية سيعرض السكان الى اختلال صحي لا محالة ، وبالتالي ستنبعث امراض عديدة التي ستجد البيئة المناسة للظهور او اعادة الظهور. فلم يعد النظام الصحي السائد كافيا لرصد الامراض وتشخيصها والتعرف على اسبابها ومسبباتها ، فمثلا لم يعد معتمدا في العديد من المناطق ذات بيئة مختلة او ذات عادة ثقافية متوارثة في انظمة التغذية ، لم يعد العلاج –حسب منظمة الصحة العالمية – علاجا فرديا بل للاصتئصال وجب تغيير نظام ايكولوجيا المنطقة المصابة او حتى تغيير عادة التغذية شيئا فشيئا حتى يتم التغلب على المرض..
ونظرا لطرق الاستقصاء الوبائي السريعة المعروفة بالمنهجية الاحصائية التي تتخذ عينات من المرضى في المجموعة السكانية المتضررة ، فانها غالبا ما تلتجأ الى علاج سهل وفعال عن طريق عقاقير فعالة لكنها باهضة الثمن ، واذا ما تم التصدي لذلك من قبل المنظمات المختصة في مكافحة المرض فانه سرعان مايعاود الظهور نظرا لغياب استراتيجية عامة في الاستئصال الكلي له.
واعتماد منهجية الاستقصاء الوبائي السائدة بدون ربطها بالظروف الاقتصادية والديموغرافية والثقافية والاجتماعية ، سيكون مجرد صورة جزئية لتشخيص المرض وبالتالي بات البحث عن اقتراح مقاربات في اشراك الناس والمجتمع باهمية الصحة من جانب الوضع الاجتماعي والتاريخ الثقافي لهم. وهذا هو ما يسمى بالمنهجية الانثروبولوجية في تشخيص الاوبئة والامراض الفتاكة. بمعنى آخر ، التوفيق بين تصورات الخبراء والمجتمع المعني .
لهذا أعدت دراسات لمعرفة كيفية و مستويات وعي الناس بصحتهم اليومية وممارستهم لها، انطلاقا من استخراج المعلومات المتعلقة بنظام الرموز المستخدمة لوصف المفاهيم والقيم في مجموعة بشرية معينة . الهدف من هذا هو إعداد رسائل لتوعية المرضى وذويهم ومدى تأثير ذلك على فهم القرويين .
فإذا اردنا مثلا فهم حالة من حالات الاوبئة المنتشرة في بلدان افريقية مثل البلهارسيا سنجد ان الطابع الاقتصادي وتعدد المجموعات البشرية المختلفة العرق والثقافات وبنية السكان والسكنى والملاجىء وطبيعة انشطتهم السوسو-اقتصادية واختلاف لغاتهم وانماط تواصلهم يجعل بعضهم في وضع مضطرب نفسيا واجتماعيا .وعند استقصاء المفاهيم حول المرض لدى هؤلاء السكان نجد مفاهيم من نوع ان البلهارسيا تتنقل بواسطة التبول في البحيرة المائية التي تتعفن ويضطر السكان من الشرب منها ، كما ان للاتصال الجنسي –في اعتقادهم – سبب في انتشار المرض الى جانب الامراض المعوية .
والحالة أن القذارة والنتن ورمي الازبال والاوساخ والتبول والتغوط نظرا لغياب المراحيض ، اسباب رئيسية في انتشار هذا الوباء الفتاك. وعلى الرغم من التشخيصات الحديثة للطب التي تعتمد الفحوصات المتنوعة ومنها موقع الالم ، فان تلك المجموعات الاثنية تستند الى معرفة تقليدية وتعتبر ان البلهارسيا ليس مرضا قاتلا ، واستعمال بعض الابخرة والترانيم كافية للشفاء.
وعند القيام مثلا بهذه الدراسة الثقافية للمرض ان صح التعبير يتمكن العامل بالصحة البشرية من فهم ادق لعمليات التواصل في اقناع الناس وتوعيتهم حسب اوضاعهم الاجتماعية والنفسية والثقافية ، ويستطيع اشراك الناس في استشفاء مرضاهم بداية من القضاء على الاختلال البيئي والاجتماعي وتحيد الرؤية الثقافية للمرض الفتاك فيما بين المجموعات الاثنية.
نفس الشيئ يمكن تطبيقه في مجال تنظيم الاسرة التي غالبا ما ترتكن للسائد الثقافي في المجتمعات البشرية .. كأن يعتبر الجنس طابو لا يمكن الحديث عنه (المجتمعات الاسلامية مثلا) وفي ثقافات اخرى قد يحصل العكس.. ان العادات والثقافات لها دور كبير في انتشار او عدم انتشار امراض معينة ، فقد بحصل ان تكثر امراض القلب بمنطقة اكثر سخونة او يتناول اهلها اطعمة بها الكثير من الكلريسطرول و التعرض للضغط ... وقد يحصل ان لسبب ثقافي محض ان تنمو امراض سرطانية لدى مجموعات دون اخرى او لدى فئات دون اخرى علاوة على الظروف السوسو-اقتصادية والمهنية والوراثية –الجينية كذلك.
خلاصة القول في هذه الورقة ، هو ان الطب الصناعي يبقى عاجزا في علاج العديد من الامراض التي تعصف بالعديد من الارواح التي قد يكون سببها فقط عدم فهم، بعمق شديد، للبنى الاجتماعية والنفسية للمرضى ، وقد يحصل أن يتوفى شخص ما على سرير المشفى سببه فقط قصور معرفة الاطباء للتواصل البديل والتكميلي مع المرضى .. . فلابد لحضور العلوم الانسانية بشتى فروعها المذكورة بداية من الانثروبولوجيا الطبية الى علوم النفس والاجتماع والطب البديل (طب الحمية والطب الغذائي والبيولوجي –النباتي) ، ضرورة ووجوب الطب المعاصر ان يحتوي هذه العلوم ويجعلها مناهج لتشخيص اغلبية الامراض المستعصية لحد الان رغم اسطورة التكنولوجية الطبيةالمتسارعة .



#عزالدين_علي_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرنامج الدولي لاستغلال وتطوير البحث في الأعشاب الطبية والع ...


المزيد.....




- لو عندك مشكلات فى الهضم.. معلومات لازم تعرفها قبل إضافة السم ...
- أطعمة غنية بالفيتامين B12 من الضروري إضافتها لنظامك الغذائي ...
- -في مغامرة بالون جديدة-.. ريتشارد برانسون يستعد لرحلة تاريخي ...
- خدعة الماء لإنقاص الوزن.. كيف تساعدك في التخلص من الكيلوجرام ...
- افتتاح أول متحف للتكنولوجيات الحيوية الحديثة في الشرق الأقصى ...
- رئيس جنوب إفريقيا يحث -بريكس- على تعزيز التعاون في مجال التك ...
- الإمارات.. مشروعات جديدة بأمن البيانات والتكنولوجيا والتنقل ...
- الولايات المتحدة تواجه إنفلونزا الطيور: تحديات جديدة تزامناً ...
- ارتفاع حالات السعال الديكي في أمريكا.. اعرف أعراضه وطرق العل ...
- -لوحة ربانية ساحرة-.. سماء السعودية تتزين بـ-القمر الصياد- و ...


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عزالدين علي غازي - أنثروبولوجيا الأمراض والأوبئة : ضرورة معرفية في الثقافة الصحية