|
لنقرأ ماركس وانجلز معا 14
ثامر الصفار
(Thamer Alsafar)
الحوار المتمدن-العدد: 6978 - 2021 / 8 / 4 - 23:04
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أطروحات عن فيورباخ في ربيع عام 1845 كتب ماركس لنفسه، خلال إقامته في بروكسل، ثلاث صفحات ضمت أحد عشر أطروحة تتعلق بفيورباخ. ولم تر هذه الأطروحات النور إلا بعد 43 عاما عندما وجدها انجلز ونشرها كملحق لمجموعة من الكتابات التي حررها بعد وفاة ماركس. حقيقة الأمر إننا لا نعرف الكثير عن غاية ماركس في كتابة هذه الأطروحات. هل كانت جزءً من عادته لوضع تكثيف فكري أو خطوط عامة لأفكار ينوي إعادة صياغتها أو الغوص في أعماقها؟ هل قام بلصقها على الحائط لتكون أمامه دائما؟ أم كانت طريقة جديدة في التفكير في المشكلة التي حملتها كتاباتهما السابقة، وأعني ما ذكرته سابقا في مقال حالة الطبقة العاملة في إنكلترا في اعتبارهما الطبقة العاملة «قلب» الثورة أما «رأس» الثورة فهو خاص بالفلاسفة أو بالنخبة. بعد سنوات عديدة كتب إنجلز ما يلي: «عندما التقينا، في ربيع عام 1845، مرة أخرى في بروكسل، كان ماركس قد طور بالفعل مفهومه المادي عن التاريخ ... ان هذا الاكتشاف، الذي أحدث ثورة في علم التاريخ، هو في الأساس، عمل ماركس - ويعود جزء صغير جدا منه لي - ... ذا أهمية فورية للحركة العمالية ...». سأسعى هنا الى تفسير ما كتبه انجلز، لكنني سأخوض مغامرة ربما سيرفضها البعض، وهي إعادة ترتيب هذه الأطروحات، ودمجها في أربع مجموعات. بالطبع كل منا حر في قراءتها حسب الترتيب المنشور، ولكن ما الضرر من إعادة ترتيبها لتسهيل فهمها؟ ولكن أولا، دعونا نثبت ما يلي: في أطروحات عن فيورباخ يكشف ماركس النقص الجذري الذي يشوب على السواء مادية فيورباخ وكل المادية السابقة لها، أي طابعها التأملي الجامد، وعدم فهم أهمية النشاط الثوري الذي يقوم به الإنسان. كما انه يشير الى دور الممارسة الثورية الحاسم في معرفة العالم وتحويله. بيد ان ذلك لا يعني إطلاقا التفسير الساذج الذي نسمعه أحيانا والداعي الى الكف عن التنظير ولنبدأ العمل. ان النشاط الثوري لا يمكن ان يثمر شيئا بدون أساس نظري له، وبالمقابل فأن النظرية تغدو أكثر اتقانا بالممارسة. كما ذكرت آنفا سأقسم الأطروحات الى أربع مجموعات. تضم الأولى الأطروحات 4، 6، 7. وتضم الثانية الأطروحات 1، 3، 5. والثالثة الأطروحتان 2 و8. أما الرابعة فتضم الأطروحات 9، 10، 11. وأود التنبيه أيضا الى اضطراري، أحيانا، الى تصحيح الترجمة العربية للأطروحات بعد مطابقتها مع الألمانية والإنجليزية. المجموعة الأولى: يشرح ماركس منهج فيورباخ وينتقد نزعته الإنسانية اللاتاريخية الأطروحة الرابعة: «ان فيورباخ ينطلق من واقع ان الدين يبعد الإنسان عن نفسه، ويشطر العالم الى عالم ديني موهوم وعالم واقعي. وينحصر عمله في جر العالم الديني الى قاعدته الأرضية. وهو لا يرى انه متى انتهى هذا العمل، يبقى الشيء الرئيسي غير منجز. الواقع ان القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها وتنقل نفسها الى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا لا يمكن تفسيره إلا بالنزاعات والتناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية. يجب إذن، أولا، فهم هذه [القاعدة الأرضية] في تناقضها، وبعد ذلك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض. وعليه، يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا وتحويلها ثوريا بشكل عملي». الأطروحة السادسة: «ان فيورباخ يذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني. لكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل. فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة. ان فيورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن الى: 1- ان يتجرد عن سير التاريخ وان يعتبر الشعور الديني بمثابة عقل في ذاته، مفترضا وجود فرد إنساني مجرد، منعزل؛ 2- ان يعتبر، بالتالي، الجوهر الإنساني فقط بوصفه "جنسا"، تعميما داخليا غبيا، يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة». الأطروحة السابعة: «ونتيجة لذلك لا يرى فيورباخ أن "الشعور الديني" هو في حد ذاته نتاج اجتماعي، وأن الفرد المجرد الذي يحلله ينتمي، في الحقيقة، إلى شكل معين من المجتمع». في الأطروحة الرابعة نجد ان ماركس يقول ان فيورباخ حتى لو كان محقا في اعتباره أن الدين هو "اغتراب عن النفس" للإنسانية، فهو يستحق النقد لأنه رأى وظيفته على أنها مجرد إيقاظ الناس على فكرة أن الله قد أُخترع من قبل الناس، وليس العكس. يرى ماركس أن هذا غير كافٍ ويجادل بأن ظروفا تاريخية محددة (الأشكال المتغيرة للعائلات، على سبيل المثال) التي أدت إلى ظهور الأفكار الدينية هي التي يتوجب دراستها «نظريا»، ومن ثم «تحويلها ثوريا بشكل عملي» أي، بالممارسة. وفي الأطروحة السادسة، يتفق ماركس مع فيورباخ حول إذابة «الجوهر الديني في الجوهر الإنساني»، لكنه يتساءل بعد ذلك، ما هو هذا «الجوهر الإنساني؟» هل هو شيء يربط «بعرى طبيعة بحتة» كل «الأفراد» في العالم بنقطة واحدة هلامية، غير متبلورة؟ يجيب ماركس على هذا التساؤل: كلا، «إنه في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة». إليكم بعض الأمثلة على هذا «المجموع»: السيد والعبد، العامل والرئيس، المُستعمِر والمُستعمَر، وغيرها الكثير على أساس العرق، والجنس، والنشاط الجنسي، والهوية القومية، وما إلى ذلك. ولا ننسى أن كلها عرضة للتغير مع الزمن. بمعنى ان فيورباخ يأخذ الأمر ببساطة، دون أي إشارة الى وضع الأفراد الاجتماعي المحدد، لينسب إليهم «الجوهر» الذي من المفترض أن يوحدهم، وهو الحب. يختلف ماركس بشدة مع هذا الطرح لدرجة أنه يكرر رأيه في الأطروحة السابعة. أي ان الأطروحة السابعة ليست سوى تكرار للأطروحة السادسة وجاءت فقط لتأكيد خلاف ماركس مع فيورباخ حول هذه النقطة. أليس كذلك؟
#ثامر_الصفار (هاشتاغ)
Thamer_Alsafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 13
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 12
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 11
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 10
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 9
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 8
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 7
-
لنقرأ ماركس وانجلز 6
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 5
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 4
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 3
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 2
-
لنقرأ ماركس وانجلز معا 1
-
بالعربية لأول مرة مراسلات ماركس – فيرا زاسوليج
-
الدين، الدولة المدنية، والديمقراطية
-
مفهوم - الانسان الكامل- لدى ماركس
-
ماركس - انجلز المؤلفات الكاملة البدايات والمصير
-
ثامر الصفار - باحث ايكولوجي ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئ
...
-
في ضوء نتائج مؤتمر باريس حول المناخ
-
المفهوم المادي عن التاريخ - قراءة ايكولوجية 1
المزيد.....
-
وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة
...
-
تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في
...
-
مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين
...
-
إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا
...
-
حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا
...
-
افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة
...
-
الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان
...
-
-ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني
...
-
كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
-
جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
-
نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل
...
/ بندر نوري
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
المزيد.....
|