|
إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 6976 - 2021 / 8 / 2 - 00:39
المحور:
القضية الكردية
مقدمة توضيحية : حراك " بزاف " مشروع فكري ، ثقافي ، سياسي ، مدني ، حواري ، ظهر بعد عام من اندلاع الثورة السورية ( ٢٠١٢ ) في الداخل ، وفي أوساط التواجد الكردي السوري في الشتات ، هدفه إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، وتوحيدها ، وصياغة مشروعها القومي والوطني للسلام ، وإقامة هياكلها التنظيمية على أسس جديدة من الانفتاح ، واللامركزية ، وتعايش التيارات السياسية المتباينة ، واستعادة شرعيتها ، وترسيخ استقلاليتها ، وتعزيز دورها البناء ، والخلاق ، والمشارك الإيجابي على الصعيد السوري من اجل التغيير الديموقراطي وبناء سوريا الجديدة التعددية التشاركية ، وتفعيل مهامها القومية على قاعدة التضامن ، والتنسيق ، والحفاظ على الشخصية الكردية السورية المميزة ، وانتخاب هيئاتها ومؤسساتها ، وذلك عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع ، بعد توفير شروط ومستلزمات عقده من ثلثين من ممثلي الوطنيين المستقلين ، ومنظمات المجتمع المدني ، وثلث من أنصار الأحزاب الكردية السورية التي تتعهد الالتزام بنتائج المؤتمر . حراك " بزاف " لايسعى ( بعكس انطباعات البعض الخاطئة ) الى إضافة جسم حزبي جديد يضاف الى عشرات الأحزاب المعلنة ، وليس بصدد إقامة تشكيلة عددية يطلق عليها اسما حزبيا ، ويحدد له شعارا يميل الى أحد طرفي الاستقطاب الحزبي ( ب ي د أو ب د ك – س ) ليعتاش ، وينال البركة والمكافأة ، وان كان ناويا على ذلك لتم منذ اليوم الأول لقيامه قبل نحو تسعة أعوام ، حيث رفض كل الاغراءات ، والعروض المقدمة اليه لاستيعابه ، ولو قبل على نفسه ذلك لكان قد نال الحظوة أكثر بكثير من الآخرين ، ومن ثم اصبح جزء من الاصطفافات ضمن احد طرفي الاستقطاب الراهن ، وهو العنوان السلبي الأبرز الآن في مأسات شعبنا ، ومحنة حركتنا . بحسب رؤية " بزاف " فان البنية الأساسية للحركة الوطنية الكردية السورية لم تتهالك بالكامل ، اذا اعتبرنا ان تلك الحركة لاتقتصر على المؤسسة الحزبية فقط ، بل تشمل الجمهور الواسع من مستقلين ، ووطنيين ، من كل الطبقات الاجتماعية ، من عاملين في المدن والارياف ، ، ومبدعين من أطباء ، ومهندسين ، ونساء ، ومحامين ، والجيل الشاب الذي شارك قسم منه في الاحتجاجات السلمية ، والتظاهرات ، بداية الانتفاضة السورية وسجن بعضهم وعذبوا وخبروا الحياة السياسية ، عندما نقول إعادة البناء نقصد تجاوز العقلية الحزبية وتنظيم الطاقات الخلاقة المعطلة قسرا وإعادة تنظيم الكتلة التاريخية ، من جديد وعمودها الفقري الشباب ، والوطنييون المستقلون ، وببرامج جديدة ، وقيادات شابة جديدة ، وخطاب جديد . مناقشة قراءت خاطئة ( " لن ينجح مشروع – بزاف – الا بدعم دولي " ، " لن يتحقق مشروع – بزاف – الا باحتضان ورعاية اقليميين " ، " لن يرى مشروع بزاف – النور الا بتوفير دعم مالي خارجي " ، " لن يتقدم مشروع – بزاف – الا بمباركة اما – قنديل – أو – أربيل " ) ، وكم كنت أتمنى ولو قراءة صحيحة واحدة مثل : " لن ينجح مشروع – بزاف – الا باحتضان ، وقبول شعبي ، جماهيري ، نخبوي كردي سوري ، وقد صدرت تلك القراءات من فئتين : واحدة من ذوي النوايا الطيبة ، الحريصة على نجاح المشروع البزافي ، وأخرى من المترددين ، الرماديين ، الذرائعيين ، وجلهم للأسف من الوسط الثقافي أو المتعلم . أولا - في مسألة الدعم الدولي في حقبة الحرب الباردة التي انتهت بداية تسعينات القرن الماضي ، والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي ، كان هناك حد أدنى من " التضامن الاممي بين قوى الثورة العالمية الثلاث – دول المعسكر الاشتراكي سابقا ، والحركات العمالية والتقدمية ، والديموقراطية في الغرب ، وحركات التحرر الوطني لدى شعوب آسيا ، وافريقيا ، وامريكا اللاتينية ، ذلك التضامن النظري الذي تحقق منه القليل على أي حال ، لانجده اليوم في العلاقات الدولية بعد حلول مبدأ " توازن المصالح " مكانه ، وفي الحالة السورية وعقب الثورة أعلنت اكثر من ستين دولة وبينها دول عظمى وكبرى عن الالتزام بالصداقة مع الشعب السوري ، وضد نظامه المستبد ولكن ماذا قدمت تلك الدول للثورة ؟ هل ناصرتها لتحقيق أهدافها ؟ الجواب قطعا لا فقد تعاملت مع السوريين من منطلق مصالحها وليس من اجل تحقيق أهدافهم ، والنتيجة الان خمسة دول محتلة ، وعشرات مناط نفوذ ، وسلطات الامر الواقع تأتمر بأوامرها ، وتخدم نفوذها الى درجة التضحية بالبشر ، والامر يسري بصورة اكثر وضوحا في الحالة الكردية السورية وتحديدا بين أمريكا ومنظومات – ب ك ك و قسد ، والمسميات الأخرى ، حيث وضع الكرد باسوأ احواله ، أما حركته ففي حالة تشرذم ، وانقسام ، وعداء المحاور . ثانيا - في مسألة الرعاية الإقليمية توزعت الرعاية الإقليمية السياسية ، والمعنوية ، والحماية العسكرية ، بين كيانات المعارضة الرسمية ( المجلس ، الائتلاف ، لجنة التفاوض والمؤسسات الأخرى ) ، والفصائل المسلحة ، والكتل والمجموعات السياسية ، ونالت مجموعات حزبية كردية جزء منها ، ولكن وبعد مضي نحو عشرة أعوام ماذا حصل ؟ هل تم حل القضية السورية ؟ هل ساد السلام والوئام ؟ هل عاد المهجرون والنازحون ، وهل اعيد الاعمار ، وتحرر السجناء والمخطوفون ؟ هل زال الاستبداد ؟ وهل تم حل القضية الكردية ؟ . ثالثا – مسألة الدعم المالي الخارجي كلنا نعلم أن كيانات المعارضة السورية ( المجلس الوطني السوري والائتلاف ومؤسساتها ) تلقت منذ عشرة أعوام مليارات الدولارات ( ليس هناك سجلات ووثائق بين أيدينا لان المانح والمستلم لم يتركا أوراقا رسمية معلنة ومنشورة ، بالتسليم والاستلام ) ، كل مايعلمه السورييون أن دول الخليج كانت تتبارى في بدايات الثورة في صرف المبالغ الطائلة ليس من اجل انتصار الثورة بل لشراء الذمم ، وتامين الولاءات ، وانعكس ذلك علنا في صراع الفصائل المسلحة ، والتيارات السياسية ، والعسكريين والمدنيين ، والإسلام السياسي ، والعلمانيين ، وكانت النتيجة المزيد من التفكك ، وتراجع الثورة ، وتقدم النظام ، وانقسام المعارضة . على صعيد المناطق الكردية والمختلطة ، فقد نالت منظومة – ب ك ك – ومسمياتها حصة الأسد من الأموال المنقولة وغير المنقولة والاليات العسكرية ، والهبات الامريكية ، وهي تقدر بالمليارات في غضون تسعة اعوام ، من عائدات النفط ، والغاز ، والحبوب ، والمعابر ، ونتج عن ذلك تقديم الدعم المالي لمركز – قنديل – الذي وسع بدوره مجال اعتدائاته على مواطني إقليم كردستان ، وتشديد القبضة الأمنية الحزبية المستبدة ورفض وقمع الاخر المختلف ، والتنازل عن مبدأ تقرير مصير الشعوب ، وتشويه جوهر القضية الكردية السورية ،وتحويلها من مسألة شعب الى أمور مناطقية ، وصفقات مشبوهة مع نظام الاستبداد ، اما ( المجلس الكردي ) الذي يعتاش على مساعدات الاشقاء في إقليم كردستان العراق ، ويعيش قسم من قيادته حياة البذخ والترف ، فلم يخطو خطوة واحدة نحو الامام منذ عشرة أعوام ، ومازال ينتظر بمذلة ( حصته ) من مغانم سلطة الامر الواقع التي يعتبرها هو نفسه غير شرعية ، بل دخيلة حسب بياناته واعلامه ؟! . على ضوء هذه الحقائق والوقائع ، فان حراك " بزاف " لم ينشأ من اجل اتباع منهج هذه الأحزاب والمجموعات السالفة ذكرها ، وإعادة تجربتها الفاشلة ، وممارسة نفس أعمالها ، وانتهاج طرقها وأساليبها المعتمدة على الخارج ( فكرا ، ومالا ، وشرعية مستوردة ) ، ولن يضلل حراك " بزاف " شعبه يوما بالوعود ،استقواء بالخارج ، بل بالاعتماد على شعبه والاحتماء بدفئ احتضانه ، ولم يظهر من أجل الانخراط في نفس معادلة ( إدارة الازمة ) بل في سبيل التصدي لها وحلها ليس كاضافة رقم حزبي ، بل عبر عملية مدروسة ، متقنة ، تبدأ من البنية التحتية للحركة ، وليس بترتيبات فوقية ، شكلية ، وبمعالجة جذرية بإعادة البناء من جديد اعتمادا على تعزيز العوامل الذاتية أولا في ( البرنامج ، والبناء التنظيمي ، واستعادة الشرعية القومية ، والوطنية ) وهي السلاح المجرب في نضال الشعوب ، هذا هو السبيل الصحيح مهما كان طويلا وشاقا ، ويستحق التضحية وبذل الجهود من اجله . الدور الكردي السوري معطل ولاوزن له قوميا ، ووطنيا ، وإقليميا ، ولن يكون بالافق المنظور والمتوسط أي انجاز يذكر في تحرير المناطق وانتزاع الحقوق ، وحل قضيته كمسألة شعب مؤجل ، مادامت أداته النضالية خارج الفعل أي أن حركته القومية الوطنية السياسية مشتتة ، منقسمة ، وحراك " بزاف " اختار الطريق الواقعي الاسلم ، والاضمن ، ولكن قد يكون الأطول ، والأكثر جهدا واعتمادا على النفس .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- سلطات الامر الواقع - صناعة - أسدية -
-
تعقيبا على - هاشتاك - مظلوم عبدي من يعتر
...
-
الامازيغ في صراع نظامي المغرب والجزائر
-
خيارات الكرد السوريين بعد مؤتمر روما
-
الأردن والكرد على ضوء زيارة رئيس الإقليم لعمان
-
نقاش هادئ في مسألة ساخنة
-
من شروط الحوار المثمر داخل الحركة الكردية السورية
-
مناقشة الخيار الديموقراطي البديل في اعادة بناء الحركة الكردي
...
-
معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل
-
الكرد السورييون الى أين
-
قضية للنقاش ( 192 ) في تعريف : - أطراف الحوار -، -حرية العمل
...
-
الساعون الى تشويه الذاكرة التاريخية لكرد سوريا
-
الكرد في الذاكرة السورية
-
مراجعة نقدية في تشخيص أسباب امتداد مرا
...
-
قراءة لشهادة رياض حجاب حول – ب ك ك –
-
خمسة قضايا استراتيجية في لقاء رئيس إقليم كردستان
-
في أسباب الحرص على سلامة إقليم كردستان
-
في استشراف آفاق النهوض في الحالة الكردية السورية
-
في تسييس نسب آل الأسد
-
القطار السوري المتوقف
المزيد.....
-
مكتب إعلام الأسرى يعلن عن أسماء الفلسطينيين المقرر خروجهم في
...
-
البيت الأبيض: في ظل ترامب لن يكون للمهاجرين غير الشرعيين أي
...
-
بريطانيا تغيّر قواعد التأشيرات للاجئين الأوكرانيين
-
محللون: الأونروا تواجه تحديات وستعمل بكامل طاقتها بمجرد فتح
...
-
رغم محاولة طمس الحقائق... محققو الأمم المتحدة يؤكدون وجود -أ
...
-
قلق أممي من تدهور الوضع الإنساني في جنين نتيجة العدوان الإسر
...
-
مكتب إعلام الأسرى: الاحتلال يفرج غدا في إطار الدفعة الرابعة
...
-
الأمن السوري: اعتقال رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ع
...
-
نائب أوكراني سابق يتهم جهاز الأمن الأوكراني بإنشاء معسكر اعت
...
-
-بينهم محكومون بالمؤبد-..مكتب إعلام الأسرى يكشف أسماء الفلسط
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|