أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الرازق أحمد الشاعر - الهروب إلى السجن














المزيد.....

الهروب إلى السجن


عبد الرازق أحمد الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 6974 - 2021 / 7 / 30 - 00:25
المحور: حقوق الانسان
    


في بلادنا، يُقتل الرجل دون أن يدري فيم قتل، وتقضي المرأة عمرها خلف القضبان دون أن ترتكب جرما يستدعي البقاء في ظلمة القهر ليلة واحدة .. ويلقي المواطن الهوان على أيدي الدرك والحرس الذين ينتمون إلى لون البشرة وصفحات التاريخ نفسها، أو على أيدي العسكر أو الجندرمة القادمين من وراء المحيط ليشهدوا منافع لهم. الموت إذن هو القدر الذي لا مناص منه لمن يحمل هوية عربية باتت مسبة
في بطاقة لا يفخر بحملها أحد.
وليس من حقك في بلاد العرب أن تختار طريقة مصرعك أو لون الحاشية التي ستضعها تحت جنبك وأنت تنطق بالشهادة فوق سرير الموت. وقد لا تجد من يبكي عند قبرك أو يتمتم ببعض آيات القرآن وهو مغمض العينين ليستحضر ملامحك قبل أن تواريها الأحداث المتسارعة تحت ركام الذاكرة. فبعض الأسر تموت معا لأنها لم تستطع أن تحيا معا. فضل من الله أن تموت كالإبل فوق فراش دافئ لأنك ترفض أن تكون قابيل الأخير، لكن الغصة تبقى في حلقك لأنك قررت أن تدير ظهرك للعدو يوم زحف لم تستعد له.
في سوريا، وتحديدا في إدلب، يرفض القابعون في سجون الوطن أن يغادروا زنازينهم لأنهم لا يشعرون بالأمان خارجها. ويزهدون ضوء الشمس ورائحة القرنفل الدمشقي مفضلين رائحة الروث الآدمي والعرق والعفن. فما الفائدة من حرية لا تفضي إلا إلى الموت؟ وما جدوى هواء ملوث برائحة البارود والغازات السامة في وطن ليس له حرفة إلا القتل والحرق والخسف؟
في سوريا، يمارس الجيش الوطني الغواية، فيقصف بطائرات روسية أبواب الزنازين ليغري الخارجين على حرم السلطان بالخروج أفواجا إلى الموت. لكن المواطنين الذين أصبحوا أكثر دراسة من المخابرات التركية لما وراء الأكمات الروسية، يرفضون الانزلاق خلف وهم الحرية لأنهم يعرفون أن ثمن الحرية في بلاد القصف هو الموت المبكر أو العجز المقيم. وحتى يصل السيد الروسي إلى هدنة دائمة مع حليفه التركي المتمرد تحقن دماء المغلوبين على القصف، سيظل السوريون يبحثون في سجون الوطن عن مكان آمن وإن كان مساحة ضيقة لا تتسع لأجسام الرضع أو أقدام العجائز.
لا مرحبا بالتعليم أو المدارس في بلاد حرفة أهلها الاختباء وغاية أحلامهم الحفاظ على أطرافهم سليمة حتى الموت.
في إدلب، التي أعلنت التمرد على الخوذات الوطنية والقاذفات الروسية، وألقت بما تبقى فيها من أنقاض في أحضان الأتراك ومن ورائهم الأمريكان، لا يغادر السوريون سجونهم حتى لا تحطمهم الأحذية الباردة أو براميل البارود، ويفضلون الأمن على الحرية، ويقدمون النجاة على نسمات الهواء الباردة تحت أشجار اللوز والزيزفون.
في وقت يطالب الغربيون بحقوق الحيوانات والشواذ، لا يجد العربي من يطالب بحقه في الحياة دون خوف. وفي وقت تسعى فيه الدول الكبري والإثنيات الصغرى إلى التكتل في قوميات كبرى، ينهار سقف العروبة على رؤوس الحالمين بغد مختلف، وتتآكل الدول الكبري وتتشظى تحت معاول الأطماع والخيانات والعمالة. وفي وقت يسعى فيه الناس جميعا إلى الحرية، يهرب الإدلبيون إلى السجون. ويستمر النزف دون أدنى بشارة في أي أفق، وكأننا حطب الموت فوق كرة لا
تستدفئ إلا بعظامنا.
هل كان من حكمة حكامنا الأشاوس الإفراط في بناء السجون؟ وهل ينبغي على الثورات العربية القادمة أن تكف عن المطالبة بالعيش والحرية وأن تطالب ببناء المزيد من المعتقلات؟ أم أن الغد قد يحمل رؤيا لا يؤولها إلا سجين كيوسف يكون على خزائن الأرض ليحول سنواتنا السبعين العجاف إلى أعوام فيها يغاث الناس وفيها يعصرون؟

[email protected]



#عبد_الرازق_أحمد_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا عاصم
- ضمير بين فردتي حذاء
- عزيزي القارئ، هل أنت عنصري؟
- سلام دي جانيرو
- وداعا بتول .. قصة لم تكتمل
- أطفال الرب
- صفارات الإنذار


المزيد.....




- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الرازق أحمد الشاعر - الهروب إلى السجن