|
تونس : البرلمانية ليست هي الديمقراطية
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6970 - 2021 / 7 / 26 - 20:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد باقالة الحكومة وغلق البرلمان ورفع الحصانة عن اعضائه : وقف راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي امام محيط البرلمان لساعات اذ منعه الجيش من الدخول ، وبدلاً من ان تهب جماهير تونس لإنقاذ شرعيته كما كان يعتقد ، رجمته بالحجارة فولى هارباً ...
حارب الاخوان المسلمون لقرن كامل منذ تأسيسهم عام 1928 الديمقراطية النيابية وما يتبعها من مفاهيم : الوطنية وحقوق الانسان والشفافية ، اذ ادعوا بأنها افكار غربية وغير أصيلة : الأصالة عند الاحزاب الاسلامية : سنيةوشيعية تعني الإمامة او الخلافة التي يقف على رأسها حاكماًمستبداً ظالماً مدى الحياة ، كما جسدتها تجربة حكم الفاطميين والعباسيين والعثمانيين في الماضي ، وكما تجسدها في الأوان الذي نعيش : تجربة حكم العقيدة الوهابية في مملكة آل سعود وحكم ولاية الفقيه في ايران ...
والمفارقة تنبع من هنا : من احتماء الاخوان بشرعية حكم لا يؤمنون بها ...
هل سقطت شرعية الاخوان المسلمين تاريخياً ؟ لقد تكررت عملية خلعهم في اكثر من دولة شرق اوسطية ، سحقت مصر تجمعهم في رابعة العدوية ، ثم أرسل القضاء المصري الرئيس الاخواني محمد مرسي : الى المقصلة ، ولم تخرج الجماهير لمناصرتهم كما كانوا ينتظرون...
لم يتنازل الاستبداد عن استبداده حباً بعيون الديمقراطية ، بل تم خلعه بالقوة كما تقول وقائع التاريخ بداية من الثورة الفرنسية 1789 وحتى الثورة التونسية نفسها 2011 ، ولم يتنازل فقهاء الدين وقساوسته وحاخاماته عن خرافاتهم وأساطيرهم ومحاربتهم للعلم والعلمانية الا بالقوة ، وأشهر مثال على ذلك ثورة كمال اتاتورك التي ارتضى الشعب التركي منهجها العلماني لتنظيم علاقاته الداخلية بين أديانه وطوائفه المتعددة وببن الدولة التي يحاول اردوغان : منذ عقدين من الزمان إرجاعها الى الوراء ، الى دولة الخلافة الدينية التي وحدها تحقق احلامه الامبراطورية .. لكن دون جدوى ...
سوء الإدارة ، الفساد المالي ، المحسوبية ، رواتب جهادية : هذه علامات ساعة خروج الاحزاب الاسلامية الى الحكم بمساعدة الأمريكان كما في العراق ، وبمساعدة التخلف وشيوع الخرافة كما في ايران ودول الخليج وتونس . نجح مقترح الرواتب الجهادية في العراق بإسناد من حزب الدعوة والفضيلة والتيار الصدري وحزب المجلس الأعلى وكل التنظيمات الموالية لإيران في العراق ، ومزقه التونسيون ، وهو آخر اقتراح تقدم به الغنوشي لرشوة اعضاء حزبه ، تيمناً بما فعله المالكي في العراق الذي حصل على اعلى الاصوات في بغداد في انتخابات عام 2014 ، ولكنه طرد من تسنم منصب رئاسة مجلس الوزراء لهزيمة الجيش العراقي المرة ، امام 400 داعشي احتلوا الموصل والأنبار وصلاح الدين في ساعات ...
حامي الدستور في تونس ، تجاوز على الدستور في عرف اخونچية تونس ومناصريهم من بقايا وجهاء مرحلة زين العابدين بن علي الذي فر الى مملكة آل سعود . ومع اني مع ما اتخذه الرئيس قيس سعيد من إجراءات ، الا أنني ارى انه سيعود الى ممارسة ما ثار عليه : لان الفساد - وحسب مراقبتي المستمرة للحالة العراقية : ناتج طبيعي من نتائج عمل اشتغال آليات النظام البرلماني وليس العكس : أي ان النظام البرلماني ينتج الفساد حيثما عمل ، وما زال الناس يتصورون ان تغيير الوجوه سيحل مشكلة ...
قوام امم العالم الثالث - ومنها تونس والعراق - وتقدمها ، كامن في انظمتها السياسية ، ولا يمكن لها ان تسد حاجات شعوبها الاساسية الا بايجاد نظام سياسي آخر غير نيابي . في العراق فشل النظام البرلماني مرتين : في المرة الاولى ( 1921 - 1958 ) فشل في بناء أمة مستقرة يخلو نظامها السياسي من الرشوة والفساد ، بسبب من تطوعه في تمرير اكبر صفقة فساد تشريعي في تاريخ العراق ، تلك التي منحت الشرعية الحقوقية لولادة نظام اقطاعي ، وتسببت بممارسة عنف طبقي لاحق : اذ اكتشفت حركة الضباط الأحرار بأنه لإيمكنها القضاء على بقايا الاستعمار والنفوذ البريطاني ، الا بأزالة قاعدته الاجتماعية الممثلة بالاقطاع ، وتوزيع الارض على الفلاحين ...
وها هو النظام البرلماني الحالي يفشل للمرة الثانية في بناء أمة مستقرة يخلو نظامها السياسي من الفساد والفرهود : بسبب من تمريره لاكبر صفقة فاسدة في تاريخ العراق الجمهوري : صفقة الطائفية ...
وانظروا الى كل بلدان العالم الثالث التي اختارت البرلمانية النيابية نظاماً سياسياً لها : كيف فتحت ابوابها عريضة للترحيب بالفساد مع اول دوراتها الانتخابية ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول الاتفاقية العراقية اللبنانية
-
التفجيرات ثقافة اسلامية أصيلة وغير مجلوبة
-
حكومة الكاظمي : صفر حقيقة
-
عن حلم مقتدى الصدر
-
الجزء الرابع من مقال : موقفي ككوزموبوليتيني من حرب حماس والل
...
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب اليمين الفلسطيني والاسرائيلي / الج
...
-
الجزء الثاني من مقال : موقفي ككوزموبوليتي من حرب الليكود وحم
...
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب : الليكود وحماس ( 1 )
-
6 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
5 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
مع من سأعيد ، مع السنة أم مع الشيعة
-
السياسة والحب : 3 و 4 من 7
-
السياسة والحب 1 و 2 من 7
-
شهيد أم قتيل
-
بعد ان تجاوزت الإصابات الملايين
-
الأمن والتفجيرات
-
لماذا تفضلون العيش في عالم التخلف ؟
-
السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة
...
-
رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
-
كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف
...
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|