احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6969 - 2021 / 7 / 25 - 02:12
المحور:
الصناعة والزراعة
# عندما نسمع كلمة (ملح ..ملح) ونحن الصغار نخرج من بيوتنا لنواجه حيواناً ضخماً أليفاً إنه البعير- الجمل، يقوده إعرابي نحيف بزيه البدوي المتواضع، وعباءته الصوفية،وعلى ظهره خرجان من مادة الملح، ،ثم يبركه عندما يجد النساء خرجن من بيوتهن لشراء الملح الأبيض النقي ،و يحمل معه ميزانا صغيراً من الخوص و عيارات ,,فكان البيع بالكيلو و لا أتذكر السعر..كان هذا البائع الوديع يجلب فرحتين و نحن نسميه (خوا فرووش) وهما:
التمتع برؤية الجمل من الرأس و أذناه القصيرتان ثم العيون الواسعة و الشفاه المشقوقة ,,الى الرقبة الطويلة و الوبر ترابي ثم كيفية البروك ..بل كنا في الصيف ننتظر هذا المشهد ,و الفرحة الثانية سنشرب حليب الإبل حسب طريقتنا الطفولية ،لعبة ظريفة وعند الإنتهاء من عملية الشراء ،ينتقل البائع الى دربونة أخرى من محلتنا قلعة بالي – مندلي ،ينهض البعير بإشارة من صاحبه لنصرف ،ثم يأتي دورنا نحن الصغار و لعبة مص الأصبع بطريقة هندسية جميلة، بممارسة طقسنا الفولكلوري الغذائي الوهمي، فنتعقب أثر خفّ البعير (قدمه) راكعين عليه وواضعين اليد اليسرى فوق اليد اليمنى بشكل مبسوط متباعد الأصابع فنضع إصبع الخنصر على أثر قدم البعير الذي خلّفه، ثم نبدأ بمص الإبهام من اليد اليمنى الموصولة بالأرض لاعتقادنا إننا نشرب من حليب الناقة التي مرّت من هنا وبمحض إيماننا المكتسب أنها تترك شيئأ من حليبها عند آثار سيرها .
ورغم اننا كنا ندرك سذاجة هذا المعتقد وعدمه ألا أن ادعاءنا بالشبع من الحليب كان يلازمه بعدها مسح الشفتين من بقايا حليب الأماني المفقودة، تفاخرا وفوزا بالغنيمة المجانية .
و كنا نجهل قدوم هذا البائع فيخبرنا أهلونا إنهم من الترساق المنطقة الغنية بالملح الخالص. - 51/2021م – موسوعة مندلي الحضارية
#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟