|
الديمقراطية
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 1641 - 2006 / 8 / 13 - 08:15
المحور:
المجتمع المدني
أُريدَ للتيارين القومي والطائفي أن يغزوا عقول العراقيين ، ولم تكن هذه الحالة شيئاً مستبعداً إذ أنّ منطق المخطط المرسوم للسيطرة على المنطقة يفترض زرع التفرقة بين أبناء الشعب الواحد . وهكذا تمّ زرع البذرة الطائفية من جهة وتأجيج النعرة العنصرية من جهة ثانية مباشرة مع بدء غزو العراق من قبل قوات الإحتلال . وكنتيجة لردّ الفعل والفعل المعاكس بدأ التأزم بين طوائف الشعب الواحد فأخذت الخلافات تستفحل وتأخذ طابع العنف مما أدّى إلى ضحايا وخسائر مادية كان العراق والعراقيون في غنىً عنها لو كانت قيادات التيارات السياسية في مستوىً منطقي من العقلانية . وبهذا تحوّلَ روّاد كل طائفة إلى نجارين ينجُرون بإتجاه طائفتهم بإنعزالية مقيتة . فالقومي العربي يتباكى على القومية العربية ويتخوّف من تقسيم العراق ، والقومي الكردي يتنازع من أجل حقوق القومية الكردية وضرورة أن تكون كركوك من ضمن إقليم كردستان ، والتركماني يتقوقع مخافة ضياعه وإذابته في كيان قومية أخرى ، والكلدو آشوري يطالب بحقوق قومية ودينية بإعتباره هو صاحب الدار وغيره الضيوف ، والصابئي المندائي يطالب بحق مساواته كمواطن في خضم إعتداءات من جهات عديدة لتذويبه وشطبه من خارطة العراق وكذا الأرمن والأزدية والشبك والفيليّون ، حتى أصبح الحديث على هذا المنوال هو السائد وطغى على كتابات المثقفين ، وانجرَّ على التيارات السياسية عموماً بحيث إتّخذت منحىً إنعزالياً في الإنتخابات وخسرت مواقع كان من الممكن أن تحصل عليها لو أنها كانت قد تكاتفت وإتفقت على خطابات سياسية مشتركة .
أنا شخصيّاً أؤمن بالديمقراطية ، وفخورٌ بإنتمائي لهذا الشعب الذي يتميّز بألوانه وطوائفه المتآخية ، وهذا يجعلني مدافعاً صلباً عن العروبة أكثر من أي قومي عربي ، ومناضل من أجل حقوق الشعب الكردي متحدّياً كل من يدعي أنه مناضلٌ من أجلها ، وكذا الحال بالنسبة عن القومية التركمانية والكلدو آشورية والأرمنية وعن جميع الأديان بدءاً بالإسلام بجميع مذاهبه والصابئة المندائيين والمسيحية والأزدية والشبك واليهودية وذلك بإعتبارهذه قيم إجتماعية عليا لهذا الشعب الذي أنا منه ، ولن يحيدني عن إيماني ونضالي وتفانيّ كوني قد ولدت من أبوين ينتميان إلى هذه الطائفة أو تلك .
إتخذ كثيرٌ من الناس موقفاً سلبياً من الديمقراطية ، دون بذل أي جهد للتعمّق في معانيها أو تطبيقاتها وما يمكن أن توفره من إيجابيات لأبناء الشعب ، سواء على المستوى الفردي أو الطاثفي والعرقي أو أي إنتماء آخر .
الديمقراطية كنظام للحكم يعتمد مبدأ كون السلطات فيه للشعب ، وبما أن الشعب لا يمكنه ممارسة تلك السلطات على المستوى الواسع لعدد سكان البلاد ، ولذلك فإنّ الشعب يختار من بين صفوفه ممثلين يخوّلهم صلاحية ممارسة تلك السلطات ، وعند إنتخاب ممثلي الشعب فإن الحائزين على أكثرية أصوات الشعب هم الأجدر لتمثيله ، ومن هنا جاء وصف النظام الديمقراطي بنظام الأكثرية ، ونود أن نؤكد على أن أفضل أسلوب لإيصال ممثلي الشعب إلى المجلس الوطني هو بجعل البلد دائرة إنتخابية واحدة حيث تتوفر الفرصة العادلة لكل الشرائح لتجميع أصواتها لدعم مرشح معيّن .
لا يسعنا في هذه المقالة البحث عن الديمقراطية بصورة عامة بل سوف يقتصر حديثنا عن الديمقراطية التطبيقية في الإدارة الحكومية والتي تعتبر الأداة الفعلية لتطبيق المبادئ .
في النظام الديمقراطي وعلى الأخص الفدرالي يتم توزيع البلد إلى وحدات إدارية على المستويين العمودي والأفقي ، فقد تتطلب الحاجة إلى تقسيم البلاد إلى عدة مناطق ( أقاليم ) ومحافظات تتميّز بخصوصية معينة ، وفي نفس الوقت تقسّم الأقاليم والمحافظات إلى وحدات إدارية أدنى إبتداءً من رئيس الإقليم ثم المحافظين والقائمقامين ومدراء النواحي ومختاري المحلات في المدن والقرى . وتتوازى مع هذا التقسيم كافة الإدارات الأمنية والمساعدة والخدمية من قمّة تقسيم البلاد إلى أقاليم إلى مستوى القرى والمحلات داخل المدن . إنّ هذا التقسيم الفدرالي للبلاد وإعتماد مبدأ السلطات للشعب وكون جميع تلك المناصب لا تكون بالتعيين بل بالإنتخابات ، يؤدّي في التطبيق العملي إلى أنّ أية أكثرية سكانية في أي مرفق من البلاد يمكن أن تنتخب الممثلين الحقيقيين لها وبالتالي تضمن حقوقها . وكمثال فرضي لذلك يمكن أن نتصوّر أن يكون مختارو محلات مدينة كبيرة متنوّعين من حيث الإنتماء الطائفي والعرقي والفكري وذلك بالإستناد إلى الإستحقاقات التي يفرضها الواقع العملي للتوزيع السكاني لشرائح الشعب . وكذا الحال في إنتخابات مدراء النواحي والقائمقامين والمحافظين ورؤساء الأقاليم .
إنّ الديمقراطية والفدرالية ترتبان الظرف الأمثل لتوحيد أفراد الشعب وخلق التآلف والتآزر وتفجير الطاقات لبناء العراق الجديد ، فلتتوحّد جهودنا في النضال من أجل الديمقراطية والمساواة في المواطنة .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية والفدرالية
-
عارٌ جهلُكُم أيها السادة
-
الديمقراطية في التربية والتعليم والثقافة العامة
-
الطبقة العاملة في الصّراع
-
النظرية وأورول
-
الحرص على العرض
-
في الظلام تلمعُ عيون القط
-
المصالحة و المصالحة الوطنية
-
فتقٌ جديد
-
الصراع
-
تقليعات آخر زمان
-
الوطن للجميع
-
وا حكومتاه
-
وأخيراً حكومة
-
بين نوري ونوري
-
التاسع من نيسان
-
نداء إلى المراجع الدينية
-
العودة إلى السّراب
-
الﮕمر مَسلول
-
الحادي عشر من آذار
المزيد.....
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|