عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 17:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الإختلاف والتناقض سمة أساسية من سمات الوجود العضوي، أي الوجود الحي، شرط أَن يكون تناقضا وإختلافا تفاعليا، لأن الخلاف والتناقض الإقصائي الإلغائي يلعب دور الفيروس الذي يقتصر على تعطيل تفاعل أعضاء الجسم الحي مع بعضها لإدامة الحياة. بعبارة أخرى الخلاف الإلغائي يستهدف تعطيل سمة الوجود الأساسية وهي تفاعل التناقضات.
المخيف حقا أن مجتمعاتنا تنجرف سريعا نحو وضع تتقلص فيه التناقضات التفاعلية، وتسوده الخلافات الإقصائية الإلغائية، ويجد هذا الوضع تعبيراته على المستويين السياسي والثقافي – الآيديولوجي.
سياسياً ترفض الأنظمة في مجتمعاتنا أي خلاف حول توجهاتها، وتترجم هذا الرفض قمعا متعدد المستويات والوتائر والشمول. أما ثقافيا، وهذا ما يثير أكبر القلق، فأن الغالبية العظمى في مجتمعاتنا قد تبنت ثقافة الإلغاء على الصعيدين العقائدي والقيمي. فالمختلف عقائديا في نظر الأغلبية أما كافر أو خائن أو عدو متخف وهو في كل الحالات شرير، يتعين أما إعادته الى جادة الصواب، أو إزالته بالنفي أو التصفية.
أما المختلف قيميا فهو شاذ، فاسق فاجر عاهر أو ديوث، مجرد تبنيه لقيم غير قيم الأجيال السالفة الموغلة في القدم، خطر يهدد وجود الأمة، ليس له اي حق في الوجود.
الوجه الآخر للمشكلة أن الهوة الحضارية بين مجتمعاتنا والمجتمعات المعاصرة بلغت حدا صار فيه عصيا على عقل مواطننا البسيط أستيعاب الأفكار والقيم الأنسانية العامة كالحقوق والحريات، والكرامة، والشرف والإخلاق، وغيرها، فذهن مواطننا صار مشبعاً بمعان أخرى لهذه المفاهيم، معانٍ فوق بشرية، معان مقدسة، يصعب مراجعتها ناهيك عن نقدها ورفضها.
نحن نتجه إذن نحو موت مجتمعاتنا، من خلال ثقافة البعد الواحد، والعقيدة الواحدة، والقيم الموروثة الموحدة. فهل حسم الأمر وانتهت فرص إنعاش منهج التفاعل بين عناصر الإختلاف في مجتمعاتنا بما يعني موتا تاما لمقومات تطورها؟
هل فات أوان العلاج؟
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟