أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - محمد سبيلا.. متابعة لمساره الحياتي والفكري من المهد إلى اللحد















المزيد.....

محمد سبيلا.. متابعة لمساره الحياتي والفكري من المهد إلى اللحد


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 02:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعرفت على الراحل محمد سبيلا، أول ما تعرفت عليه، أستاذا للفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط عندما كنت طالبا في نفس الشعبة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي. لا زلت اذكر تلك الحصص التي كنت اجلس أثناءها أمام هذا الأستاذ المبجل المتحدر أصله وفصله من مدينة فلاحية صغيرة اسمها الكارة لأستمع إليه وهو يحدثنا عن مفهوم الإديولوجيا وكيف نشأ وتطور وذاع صيته رغم أحابيله وتناقضاته.
وفي هذا المقال الذي فيه شيء من النعي والمناحة نظرا لألم الفراق وحسرة الفقدان، أقترح البدء بإدراج شهادة عبد الرحيم العطري، الباحث في السوسيولوجيا، في حق أستاذه الذي غيبه فيروس كورونا الشرير صباح يومناالإثنين الماضي.
يقول عبد الرحيم العطري في آخر تدوينة نشرها بعيد انتشار خبر وفاة مفكرنا المرموق فوق أحد أسرة مستشفى الشيخ زايد بالرباط:
"هو الموت الفيزيقي لا غير، الذي يغيب الجسد وحسب، أما الفكر/الأثر فحي لا يموت. تلك هي حكمة البقاء للأثر. أي نعم الفراق صعب وقاس، خصوصا عندما تكون للأستاذ أياد بيضاء على الكثير من طلبته ومحبيه، وأنا واحد منهم. فما كنت سأدلف إلى عالم الكتابة لولا الفيلسوف محمد سبيلا الذي قدم لي كتابي البكر "دفاعا عن السوسيولوجيا"، لقد فتح لي باب بيته، وأشركني في كثير من المشاريع العلمية آخرها "موسوعة المفاهيم الأساسية" الصادرة عن دار المتوسط بإيطاليا."
في تقديم لحوار أجراه مع سبيلا كتب العطري يقول عن أستاذ الأجيال أن الأخير منارة بارزة في المشهد الثقافي المغربي؛ إذ ارتبط اسمه بالبحث العميق في سؤال الحداثة والحاجة إلى الفلسفة، ناهيك عن كونه “عاشقا للشغب الفكري، راغبا أبدا في النقد والمساءلة، لا يركن إلى الجاهز من الأفكار والطروحات، ويدعو دائما إلى خلخلة ومداعبة المفكر واللامفكر فيه”.
كان المرحوم محمد سبيلا محاضرا دؤوبا ديدنه تفكيك مغهومي الحداثة وما بعد الحداثة، ودعوة تلامذته إلى التسلح بالسؤال والاستعانة بزاد المطالعة لاستكمال مشوار البحث والتنقيب. يشهد على ما اقول محمد الشيخ، محمد الشيكر، عبد اللطيف بوجملة، محمد الغيلاني، نوح الهرموزي، وغيرهم ممن وقفوا عن قرب على فكره وطريقته في الحياة.
يشهد له تاريخ المغرب الحديث أنه كان مؤطرا ومكونا لجمهرة من الباحثين، الذين شاركهم أحلامه ووضع أمامهم على طبق من ذهب ثمار مشروعه الفكري الباذخ، التي تجلت في أعمال كرسته مفكرا عميقا ومبدعا ألمعيا.
كان محمد سبيلا، قيد حياته، مثقفا فاعلا، آل على نفسه، من خلال دروسه وكتاباته، الرفع من شأن الفلسفة في بلد انطوى تاريخه على عداء راسخ حيالها بفعل طغيان السياسة المقدسة وجبروت خدامها من الفقهاء المتزمتين.
لم يدخر جهدا ولا فوت مناسبة دون أن يؤكد على الأهمية القصوى للفلسفة كحاضنة للقيم الإنسانية الرفيعة وكآلية لتحرير الإنسان من الخرافات والأحكام المسبقة المشوشة على قراءة الواقع في حقيقته الجوهرية ومظهريته الزائفة، كما قال عنه وزير الخارجية الأسبق، محمد بن عيسى، في شهادة أدلى بها بمناسبة تكريمه في منتدى أصيلة الثقافي.
لا أحد من نخبتنا المثقفة يغامر بإنكار كون فقيدنا من القلائل النادرين الذين ناصبوا العداء للأفكار المحنطة والجاهزة لتضليل العقول لغرض في نفس يعقوب د، ومارسوا دون خوف أو تردد شغبهم الفكري.
ويعد سبيلا بحق واحدا من رجالات الفكر في المغرب، الذين عملوا باستماتة طوال حياتهم على تحقيق مشاريع فكرية تنطوي على تصورات بديلة عن المجتمع المؤهل في نظرهم لاحتلال مكان لائق تحت الشمس.
نقرأ في بطاقة سبيلا التقنية المنشورة في موسوعة ويكيبيديا
أنه رأى النور سنة 1942م بالدار البيضاء، وتابع دراسته بكل من جامعة محمد الخامس/كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ثم انتقل إلى جامعة السوربون بباريس، فحصل سنة 1967م على الإجازة في الفلسفة وفي نفس السنة التحق محمد سبيلا باتحاد كتاب المغرب. وفي سنة 1974م حصل على دبلوم الدراسات العليا، ونال دكتوراه الدولة سنة 1992م بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
مارس سبيلا تدريس الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وشغل بين عامي 1972 و1980 منصب رئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس في كلية الآداب بفاس.
سيتولى سبيلا بين عامي 1994 و2006 مهمة رئاسة الجمعية المغربية للفلسفة، كما سيدير مجلة “مدارات فلسفية” في أعدادها الثمانية عشرة الأولى.
بموازة ذلك، كانت وتيرة منشوراته سريعة ودينامية نشاطه عجيبة، حيث عرف عنه إسهامه يمقالات ودراسات في صحف ومجلات مغربية وعربية، نذكر منها “الاتحاد الاشتراكي” و”أقلام” و”الفكر العربي المعاصر” و”المستقبل العربي”.
أما في مجال البحث الفلسفي الصرف، فقد نشرت له تباعا وبفارق زمني زهيد كتب توزعت ما بين البحث الفكري والفلسفي والترجمة، مع ملاحظة مفادها أنه اولى عناية قصوى لسؤالي الحداثة وما بعد الحداثة.
ضمن هذا الزخم، أفرز لنا حصاد المطابع عدة كتب، أهمها “مدارات الحداثة”، و”الحداثة وما بعد الحداثة”، و”الأصولية والحداثة”، و”للسياسة بالسياسة”، و”في الشرط الفلسفي المعاصر”، و”في تحولات المجتمع المغربي”.
أما في مجال الترجمة، فقد اشتغل على كتاب “التقنية-الحقيقة-الوجود” لمارتن هايدغر، وكتاب ”نظام الخطاب” لميشيل فوكو، وكتاب ”الفلسفة بين العلم والإيديولوجيا” لألتوسير، وغيرها من المراجع.
كان سبيلا عضوا في اتحاد كتاب المغرب منذ عام 1967.
كما ألمحت سابقا، أكثر ما اهتم به سبيلا، البحث في سؤال الحداثة وما بعد الحداثة وعلاقته بالواقع المغربي، إضافة إلى مسألتي الدولة المدنية وعقلنة الخطاب الديني.
في المحور الخاص بالحداثة، اعتقد سبيلا أننا في العالم العربي استعرنا منها فقط ذاك المتن المرتبط بالحداثة السياسية، خاصة ما تعلق منه بالانتقال الديمقراطي، في حين أن الانتقال إلى ثقافة الحداثة يظهر صعب المنال؛ والسبب في ذلك من وجهة نظره أن وتيرة الزمن الثقافي بطيئة جدا إذا ما قورنت بوتيىة الزمن التاريخي.
كما حاول فقيدنا التنظير للمجتمعات التي عاشت مخاض ثورات الربيع لتخرج من "إطار التقليد المتزمت ومن الإسلام الحركي العنيف، إلى آفاق إسلام حركي ديمقراطي أو ديمقراطية إسلامية، وهذه خطوة من خطوات التاريخ إذ أننا لا ننتظر قفزات”.
مما لا شك فيه ان القيمة المضافة لابحاث سبيلا واجتهاداته تتمثل في إقامة علاقة متيتة بين التحديث والعقلانية. وعلى حد تعبير المفكر المغربي عبد السلام بن عبد العالي، في أن “التحديث بالنسبة له تحديث للشرط الإنساني، وتحديث لوعينا بالتاريخ، وهو ما جعل جهوده تتعرض لأنواع من الحصار والتهميش من قبل حشود القدامى والتيارات الأصولية الجارفة”.
والمؤسف حقا أن سبيلا حمل مشعل الفلسفة، تزامنا مع اندلاع اوار الحرب عليها مع فتح الباب على مصراعيه للتيار الإسلاموي، بداية من ثمانينيات القرن الماضي.
لكنّ أستاذ الفلسفة نور الدين أفاية، ألمح في ندوة سابقة أقيمت احتفاء بمؤلف "الأصولية والحداثة" إلى أنه تمكن من التصدي لهذا التيار من خلال دعوته إلى بناء “ذاتية مغربية مبدعة".
وفي رأي أفاية، راهن سبيلا على “تأكيد الانتماء إلى زمن العالم، إلى الحداثة، عبر تشجيع الإبداع في مجالات الفلسفة والعلوم الإنسانية، والتفكير في مهام الفكر وأدوار المثقف في مواجهة حشود الفكر الغيبي، وتثمين الفكر الدنيوي في مباحث الجسد والمرأة والروابط الاجتماعية والوطنية وكيفيات نبذ العنف، والتفكير في القضايا المتصلة بالوجود المشترك والقانون والديمقراطية”.
إلى حدود وفاته يوم 20 يوليوز 2021 الناجمة عن إصابته بفيروس كوفيد-19، بقي حريصا على الإسهام من خلال المقالات المنشورة والمقابلات التي خص بها منابر إعلامية في تحليل عثرات الانتقال إلى الحداثة في المغرب، موقعا على مسرى متفرد وغير مسبوق، كله تطلع إلى التغيير، ما أهله لاحتلال منزلة رفيعة ضمن جهابدة الفكر المغربي.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر تصاب بالدهشة من الموقف الروسي حيال قضية سد النهضة مع شعو ...
- بناء الذات من وجهة نظر الفيلسوف فريديريك نيتشه
- مهرجان كان السينمائي: سبايك لي ولجنة التحكيم ضد -العصابات ال ...
- هايتي في حالة صدمة بعد اغتيال رئيسها ومقتل أربعة -مرتزقة
- الجزائر.. سيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات ال ...
- فيروس كورونا: سبب القلق الذي يثيره متحور دلتا
- السينما المغربية: بصيص من الأمل في التغيير
- علاقة الفلسفة بالعلم عند ابن رشد كما حددها الدكتور عزيز الحد ...
- ما الجدوى وما الغاية من الفلسفة؟
- موقف ديكارت ومالبرانش من مسألة خلق الحقائق الأبدية
- محمد الكنودي يوجه رسالة إلى محمد حفيظ ويدعوه فيها إلى الاستق ...
- أرجوحة مالبرانش بين ديكارت وأوغسطين
- هيومن رايتس ووتش: السياسات الإسرائيلية التعسفية جرائم ميز عن ...
- المغرب بعيون ماركسية
- الفلسفة والتاريخ: جدلية العام والخاص
- اقتصاد المخدرات وشبكات الفساد في المغرب (2/1)
- هل ما زال الفقر ظاهرة اجتماعية ذات راهنية سوسيولوجية؟
- الحقيقة عند نيتشه غير قابلة للتفسير والتعريف
- ألبرت إنشتاين والصهيونية، أية علاقة؟
- كوفيد-19: مناظرة فلسفية بين سلافوي جيجيك وجورجيا أغامبين


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - محمد سبيلا.. متابعة لمساره الحياتي والفكري من المهد إلى اللحد