|
أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 6966 - 2021 / 7 / 22 - 00:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فتاوى مقاطعة الدانمارك والنرويج أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟ ------------------------------------- لم أكن أعلم ، أن هناك منظمة اسمها ، " الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين " ، يرأسها يوسف القرضاوى ، ومقرها القاهرة. هل هو تقصير من شخصى المتواضع ؟ . أم أن هذا " الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين " ، مثل جمسع أو غالبية المنظمات ، والجمعيات ، والمراكز ، والمجالس ، والهيئات ، والتجمعات ، والرابطات ، التى انتشرت محلياً ، وعالمياً ، منذ سبعينيات القرن العشرين ، وألصقت لافتة الإسلام ، ليس لها أنشطة حقيقية ، تخدم أحوال المسلمين وتنتشلهم من الفقر ... و التعصب ... والمرض ... والفتاوى السلفية المتناقضة ... والموروثات التى تكره النساء ، وتمقت الحرية ، وتخاف من البهجة ، والاختلاط بين الجنسين ، ولا يشغلها التقدم الإنسانى ، والاكتشافات العلمية ... والإبداعات ، والفنون ، وبالتالى لا أكون مُلاماً فى عدم معرفتى ، بهذا " الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين " ؟ . طبعاً عندى تساؤلات عن هذا الاتحاد ... أين تم إشهاره ؟ . عند أى جهة صدرت رخصة تأسيسه ؟ . من أين التمويل ؟ . والعلماء ...علماء فى أى تخصصات ؟. لكن نؤجل هذا مؤقتاً. أخيراً شاء القدر ، ألا يطول جهلى ، وسمعت عن وجود " الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين ". فقد أفتى يوسف القرضاوى – المتحدث الرسمى والشرعى الوحيد لحاضر الإسلام ومستقبله ، هكذا يرى نفسه – " فتوى " قرضاوية ، تمثل رأى الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين ، وتصبح مُلزمة لجميع البلاد الإسلامية ... والفتوى هى " مقاطعة جميع البضائع الدانماركية والنرويجية ، وقطع الصلات والعلاقات بين كل أراضى المسلمين ، وبين هاتين الدولتين. بالمناسبة ، لقد شاركت مصر كل دول العالم ، الاحتفال بأديب النرويج العظيم " هنريك أبسن " ، فى ذكرى رحيله المئوية ( 1828 – 1906 ). وهدف الفتوى القرضاوية ، هو " معاقبة " الدانمارك ، لسماحها لصحيفة " جيلاندز بوستن " بنشر رسوم كاريكاتيرية ، من رأيه تُعتبر إساءة لنبى الإسلام ... وأيضاً وبالمنطق نفسه ، " معاقبة " النرويج ، لأن احدى صحفها " ماجازينت " فعلت الشئ نفسه . وما فعلته تلك الصحيفتان ، أثار غضب البلاد الإسلامية ، والمسلمين ، فى كل مكان. مثلاً حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية ، أعلنت ضرورة الرد الرادع. وفى بلاد عربية تظاهر المسلمين أمام القنصلية الدانماركية ، والنرويجية. وفى موريتانا، يطالبون باعتذار وقطع الصلات وتهديدات ضد الإساءة. وفى السعودية ، تم طرد السفير الدانماركى ، ووقف الواردات من الدانمارك ... وقالت السعودية إن المقاطعة الاقتصادية سوف تتسبب فى خسارة الدانمارك 2 مليار و 200 مليون ريال ... وبذلك تصيبها فى مقتل. وقد حاول سفير الدانمارك فى السعودية ، إقناع الناس أن الحكومة الدانماركية ، تحترم الإسلام ، والمسلمين وكل العقائد والأديان ، ولكن الحكومة لا تتدخل فى الصحف. ففى الدانمارك مثل كل الدول الأوروبية التى تقدمت ، الحكومة لا تستطيع انتهاك سياسة أى صحيفة ، أو توجيهها إلى أى مسار. وهذا لسبب بسيط ، هو أن الصحف عندهم لا تتبع الحكومة. ولذلك فالحكومة ليس من حقها الاعتذار. والمختص فى هذه الحالة هو القضاء الدانماركى المستقل ، وليس الحكومة. لكن كل هذا التوضيح ذهب عبثاً ، لأن بلاد المسلمين لا تعرف أنظمة فيها مثل هذه الحريات. المسلمون مصرون على تغيير أنظمة الدول غير الإسلامية ، لماذا ؟ . لماذا لا يغيرون أنفسهم ؟ . وكأن المسلمون يقولون : " لابد أن تعلم دول العالم العلمانية ، أن هناك من يراقبها ، حتى يشكمها عند اللزوم". وهكذا عرفت ، أنه يوجد شىء اسمه ، " الاتحاد الدولى لعلماء المسلمين " يرأسه القرضاوى ، ومقره القاهرة. وهكذا تأكدت من القضايا التى " يتحمق " فيها المسلمون. إن آخر ما انتهت إليه ، هذه القضية ، هو ما قرأناه فى الصحف . فقد أجرى استطلاع بين الشعب الدانماركى ( حيث أن الدانمارك من البلاد التى تحترم أراء مواطنيها وتضعها أولوية ) بخصوص ضرورة الاعتذار عن سلوك الصحيفة، أو عدم ضرورة الاعتذار وجاءت النتيجة أن 97% ترى أنه ، لا توجد ضرورة للاعتذار ، حيث أن الاعتذار سواء جاء على لسان المسئول عن صحيفة " جيلاندز بوستن " أو جاء على لسان رئيس الوزراء أنديرس فوج راسموسين ، فهو يُعتبر انتهاكاً سافراً لحرية الصحافة الراسخة فى الدانمارك ، وأيضاً يُعتبر تدخلاً فى سياسة الصحيفة ، وانتقاصاً من استقلالها ، وحقها المكفول دستورياً فى حرية التعبير، كما تشاء ، وكما يكفل توضيح رأيها فى أى قضية تتناولها ، أو جهة نظرها عن أى من البشر الأموات منهم ، والأحياء ... فالدنمارك مثل كل الدول المتقدمة ، لا تعرف شيئاً اسمه " مقدس" ، إلا الحرية ، ولذلك تقدمت. لقد كسرت كل المحرمات والحدود ، لإعلاء حرية البشر. لقد جاءت فتوى مقاطعة البضائع الدانماركية ، قبل إجراء الاستطلاع وظهور نتيجته. والآن بعد أن اتضح عدم ضرورة الاعتذار من جانب أغلبية الشعب الدانماركى (97%) لأسباب تتعلق بالمسيرة الحضارية لهذا الشعب ، ومعاييره وفهمه لحرية الصحافة ، تكون الفتوى مضادة لإرادة شعب اختار نظاماً محدداً يتبعه ، وليس لأحد تحت أى لافتة ، أو بأى اسم ، أو صفة ، إجباره على فعل ما يفسد اختياره ... وتقاليده. إ ننى أتساءل ، كل يوم يشتم المسلمون الدول الغربية بانعدام الفضيلة ، والانحلال ، وفسق النساء ، ويتهمونها بأفظع الاتهامات ، مثل التأمر ضد الإسلام ، وإباحة الشذوذ الجنسى ، والمخدرات ، وانتهاك كل الفضائل ، والغرق فى كل أنواع الرذائل ، وأنهم السبب فى تخلف المسلمين. رغم كل هذه الاتهامات الباطلة فى رأيى ، لم يصرخ أحد من الغرب ، يطالب المسلمون وحكوماتهم بالاعتذار ، أو يهدد بقطع العلاقات. هم يعملون ... ويكتشفون... ويبدعون ، ويتقدمون ... ويتركون المسلمين يشتمون ويهددون. إن جميع المراكز ، والمنظمات ، والملتقيات الإسلامية ، التى تتلقى تمويلاً لا ندرى مصادره ، لكنها لا تفعل شيئاً لتحويل المسلمين من شعوب وبلاد فى أخر قائمة الدول المتقدمة فى أى مجال حضارى ، إلى شعوب وبلاد تأخذ بالعلم ، وإقامة الحريات ، وإحداث الديمقراطية ، وتحقيق عدالة المواطنة ، والاعتراف أن الدين لله، والوطن للجميع ، ولا إكراه فى الدين ، ونبذ تسيس الأديان للحكم. الشىء الوحيد الذى تتخصص فيه ، تلك الآلاف المؤلفة من التجمعات الإسلامية ، من أمريكا حتى استراليا ، والذى كان الدافع الحقيقى لإنشائها ، هو إشاعة المزيد من مناخ عدم التسامح ، والتعصب الدينى ضد الأفراد وضد الدول العلمانية ، وإشعال نار التفرقة الدينية " بالتربص " ، بأى لمحة ، أو قول ، أو سلوك ، لا يُرضى مزاج وثقافة ، ومصالح مؤسسى وأعضاء تلك الجماعات ، وبث مناخاً إرهابياً يقرر عقاب ومحاكمة ، ومقاطعة كل مَنْ له ، رؤية مختلفة ، تعرقل الهدف الحقيقى ، وتخفى سلبية المسلمين ، إلا فى القشور والتوافه. كل حين وأخر ، نسمع عن منظمة إسلامية هنا ، أو هناك ، تصرخ ... وتدعو إلى انعقاد طارىء لإقرار عقاب لازدراء الدين أو ازدراء المسلمين ، صدر من فرد ، أو جماعة ، أو دولة. لم نسمع أن أى منظمة إسلامية ، فعلت شيئاً له قيمة ، لفضح التجارة بالدين ، أو كيف تقل أو تزيد االفوارق بين الطبقات ، أو موّلت مشروعات لتدعيم البحث العلمى ، أو تمويل القرى الإسلامية – وما أكثرها – التى تفتقد كل أشكال الحياة الكريمة ، أو صرف فلوس لتحسين العشوائيات ، وإنقاذ آلاف البشر الساكنين فى المقابر بجانب الأموات ، أو دفعت أتعاب محامين ، للتحقيق فى إهمال الأطباء وتعويض الضحايا ، أو أقامت حملات مكثفة مستمرة لجمع أطفال الشوارع المسلمين ، المشردين ، لإعادة تأهيلهم وتقديم كل الرعاية والتعليم لهم ، أو أعلنت صرخة دولية إسلامية لحظر الضوضاء المنبعثة من ميكرفونات الجوامع. لم نسمع عن مركزإسلامى ، يصدر بيانات محلية ، أو دولية للاحتجاج على المعاملات المتدنية التى تلقاها النساء المسلمات على أيدى الرجال المسلمين ، أو كتب منشوراً يوزع على جميع وسائل الإعلام فى البلاد الإسلامية ، للهجوم على رجل يغتصب أو يقتل أو يضرب أو يذبح امرأة ، أو يتحرش بها جنسياً ، أو زوج يمارس الخيانة الزوجية ، أو زوج يُجبر زوجته على إشباع غريزته ( حقه الشرعى) ، أو زوج طرد زوجته بعد عشرين سنة ، تحملت " قرفه " ، وتزوج واحدة فى عمر أحفاده. لا نسمع إلا تكفير الكُتّاب ،والمخرجين والشعراء ، وفتاوى بمصادرة كتب وروايات ، وأفلام ، وأشرطة ، مؤامرات الغرب الكافر المنحل للنيل من الإسلام والمسلمين. ولا يفور دم أصحاب التجمعات الإسلامية ، إلا إذا ظهرت خصلة من شَعْر امرأة. لكن كل الكوارث والجرائم بفعل المسلمين ، والمصائب ، وأسباب التخلف المتوطنة فى بلاد الإسلام والمسلمين ، يلتزمون الصمت ، أو يختفون تماماً ، أو يقولون " هذه ثقافتنا ". رأيى الشخصى ، أن كل المراكز أو التجمعات الإسلامية ، فى الداخل أو الخارج إنما تنمى مشاعر التفرقة على أساس الدين ، وتفسد العلاقات بين الدول ، وتسبب الحزازيات بين الشعوب ، وترسخ الإعلام كشكل متعصب ، وطقوس وعنترية حنجرية ، وتقوى شوكة الإرهاب الدينى ، وترسخ من آليات شغل التيارات السلفية التى تفتى وتشجب وتحرض ، وتكفر ، ثم تقتل ، وتمهد لقيام دول دينية. وهذا هو بيت القصيد. وليس صدفة انتشار التجمعات الإسلامية بشكل مريب فى كل العالم. تلك التجمعات ، وكل التيارات الإسلامية التى ترفع راية الجهاد بكل أشكاله ودرجاته ، تتهم أمريكا بإقرار نظام " العولمة " ويقولون أمريكا تريد " أمركة " "العالم " ، ولعب دور " الشرطى العالمى " ... وينسون أو يضحكون علينا ... لأنهم يريدون لعب دور " الشرطى العالمى " أيضا ... ويريدون عولمة دينية ... أى " أسلمة العالم " ... مثلهم مثل أمريكا بالضبط ، وإن اختلفت التسمية. وما بين " الأمركة " و " الأسلمة " ، يقع ملايين الضحايا كل يوم . من كتاب أمركة العالم ... أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟؟ 2007
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجمع الفقه الإسلامى و - زواج الفريند -
-
عقول ذكورية فى أثواب نسائية
-
- مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم
...
-
تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-
المزيد.....
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|