|
في ضرورة حوكمة المؤسسات الإعلامية السورية
مالك الحافظ
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 6965 - 2021 / 7 / 21 - 13:26
المحور:
الصحافة والاعلام
تُعرف الحوكمة اصطلاحاً، بأنها أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة في المؤسسات على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها. ويستند مفهوم الحوكمة في المؤسسات على مبادئ أساسية لا بد أن يرتكز عليها عمل الإدارات في التخطيط والتنظيم والقيادة، لعل أبرزها يتمثل في المساءلة الفاعلة العادلة، والشفافيّة الحقيقية والرقابة، والمشاركة الكاملة، وقدرة الموظفين باختلاف مستوياتهم على التعبير عن آرائهم ومواقفهم، مع ضمان وجود قوانين ناظمة تحدد العلاقة بين الأفراد، وتمنع تغول الإدارة على مصالح الموظفين وحرياتهم، بما يسهم بتحقيق مصلحة المؤسسة ضمن نظام إداري عادل، بالتوازي مع تحقيق الصالح العام والمجتمع الذي تقدم له خدمات المؤسسة. تنبري بعض مؤسسات المجتمع المدني الناشئة، أو المؤسسات المهنية الخاصة خارج سوريا خلال العشر سنوات الماضية، وكذلك الإعلام ضمن ما يعرف بالإعلام البديل أو الجديد، و في أحيان شبه الاحترافي، تنبري للتصدي من أجل القيام بالتزاماتها تجاه العمل بحوكمة إداراتها وأقسامها. هنا لا نقول أن جميعها لا تهتم أو لا تستطيع المضي بالحوكمة، لكن نسبة كبيرة منها يغيب عنها مفهوم الحوكمة بمقابل حضور أنظمة داخلية قاصرة وعاجزة عن خلق سلوك مهني يحقق الإنتاجية من ناحية وتلتزم بأخلاقيات العمل التي يجب أن تحافظ على حدود العلاقات البينية داخل المؤسسات، وتقديم الخدمة والفائدة للجمهور المستهدف. إذا ما أشرنا في السطور التالية إلى مؤسسات الإعلام البديل، فلا بد من التوضيح بمكان القول أن هذه المؤسسات يؤثر في بعضها غياب الحوكمة عنها هو شكل التمويل وجهته، فحضور التمويل الشخصي عبر رجل أعمال يغدق بأمواله على وسيلة ما نرى تأثيره الكبير على تركيز سلطة التوجيه و الإدارة بيد سلطة الفرد الداعم/الأفراد الداعمين، وهنا مؤسسة إعلامية بإدارة ديكتاتورية أو توجه من قبل جهات/أفراد بأسلوب ديكتاتوري تحكمه الأهواء الشخصية لا يستند على أية قواعد مهنية وقوانين ناظمة. كذلك نجد هناك الوسائل التي تعتمد على تمويل دول أو جهات سياسية/دينية، تؤثر بشكل واضح على قرارات وتعيينات الإدارة، ما يُغيّب عنها تماما أية إمكانية للعمل بالحوكمة. وبحسب المتابعة الدقيقة، تبدو جهات التمويل الأوروبية غير الحكومية الأقل تأثيرا على السياسات الإدارية على المؤسسات الإعلامية، وإن كان يسجل على بعض منها ملاحظات عديدة تصل إلى حد المطالبة بصياغة قواعد تنظيمية وإدارية جديدة تحضر فيها المساءلة الدقيقة والديمقراطية العادلة والمتوازنة في مسارات عملها. لعل حوكمة المؤسسات الناشئة والقائمة على تمويل المنظمات غير الحكومية، هو أساس مهم من أجل تحقيق استدامة لكيان المؤسسة والمحافظة على وجودها، وتكوين صورة ناصعة عن استقلالية كيانها وحرفية إدارتها وشفافيتها العالية التي تتيح مساءلة ومحاسبة أعضاء مجلس الإدارة وباقي الموظفين على حد سواء وبنفس المهنية والموضوعية وبذات الضمير المهني والحس الواعي الذي يسعى لتغليب مصلحة الجميع قبل مصلحة أي فرد بشكل خاص. بينما تعتبر الجهات السياسية أو الأفراد من أصحاب الأعمال أن حوكمة مؤسساتهم تعني الخروج عن سلطتهم المباشرة، لكن الأمر في حقيقته يختلف تماما عما تعتقده تلك الجهات المتنفذة بوسائل دعمها المادي، فاعتماد الحوكمة نهجا وممارسة يوفر الكثير على الأجهزة الإدارية ويساهم في تعزيز صورة المؤسسة وتقوية حضورها لدى القاعدة الشعبية أو شرائح الزبائن. إن أسوأ ما يمكن أن يمر على المؤسسات الإعلامية هو إدارتها بطريقة خارجة عن الاحترافية التنظيمية والتخطيطية لتحقيق نجاحات مرحلية، ما تلبث أن تتدهور أوضاعها وتصبح على حافة الانهيار عند مواجهة أي تحد حقيقي. تطبيق الحوكمة يعزز كفاءة الأداء ويدعم القدرة على مواجهة التحديات، فضلاً عن الدور الأبرز في تعزيز الرقابة، وتفعيل مبدأ المساءلة، كذلك لا بد من أجل ذلك وجود عنصر التوافق داخل المؤسسة الإعلامية، لتخفيف أية نزاعات قد تحصل داخل أقسامها، فالتباين في وجهات النظر يؤثر على عملها، ما ينعكس سلباً عليها، لذلك فإنه من الضروري التوافق بين موظفي الأقسام والإدارة. إن حوكمة أية مؤسسة إعلامية، تتطلب النظر إلى ثقافة العمل داخل المؤسسة ذاتها، فما هي الكيفية التي تنظر فيها الإدارة إلى دورها في المجتمع، أيضاً ما هي آليات اتخاذ القرارات بها، وكيف هي علاقاتها بالمتلقي، وأيضا نظرة العاملين بها لدورهم ومكانتهم في المنظومة الثقافية والاجتماعية للجمهور المستهدف. تتطلب الحوكمة وجود هيكلية تنظيمية فاعلة تقوم على الشفافية، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات بين مختلف الأطراف داخل المؤسسة بما يتوافق مع الأهداف المرجوة والكفاءات الأكاديمية المتخصصة الموجودة، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة في المؤسسة الإعلامية ورسالتها والتفاعل معها، وتعميق الدور الاجتماعي لها. ولعل من أهم من متطلبات الحوكمة التركيز على الإفصاح والشفافية والمساءلة والرقابة في إدارة المؤسسة الإعلامية، وتعزيز استقلال المؤسسة الإعلامية في الجانبين السياسي والمالي. توجب الحوكمة، الالتزام بالخطة الاستراتيجية للمؤسسة والمعايير والقوانين والأنظمة. وكذلك إقامة خطوط متوازنة من العلاقات الصحية والفاعلة بين كل المستويات في العمل على قاعدة التكامل والشراكة. وكذلك توزيع الأدوار بشكل واضح ومحدد وفق وصف وظيفي واضح لكل المهام في المؤسسة، وتحديد طبيعة وأشكال الاتصالات الداخلية والتفويض. فضلا عن وضوح آليات التقييم والمكافآت والإنذارات داخل المؤسسة ومقاييس الجودة وتحسين الأداء، وطرق التأكد من تحقيق الأهداف المحددة، وطبيعة العلاقات الداخلية بين الأقسام وكيفية إدارة المخاطر، والتحديات والتعامل مع الأزمات.
#مالك_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توظيف الدين في السياسة… رامي مخلوف نموذجاً
-
أسس ومبادئ وطنية في الدستور السوري الجديد
-
الجيش السوري بين العقائدية و الفيدرالية
-
التوظيف السياسي لفيروس -كورونا المستجد- في سوريا
-
عن روسيا والصراع في سوريا
-
أن تكون سوريّاً
-
نحو صفر مشاكل تركية؟
-
اشكال الهوية ما بعد الاستعمارية
-
نحو جنيف2 والمعارضة الوطنية السورية
المزيد.....
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|