|
سلطة شبه الدولة و سلطة الدولة الوطنية
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 6964 - 2021 / 7 / 20 - 23:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس من حاجة إلى إطالة في موضوع السلطة القابضة على الأوضاع في معظم البلدان العربية فمتتاليات الأحداث تـٌظهِّر طبيعتها و تكشف حقيقتها .وبالتالي يحق للمرء أن يتوقف عندها ليتفحص المكان و الزمان و يقيِّم العلاقة التي تربطه بهذه السلطة على ضوء نتائج ومدى فعالية السياسات التي تتبعها .
من البديهي أني لست بصدد تقديم خلاصة مراجعات إدارية و حسابية تناولت أداء السلطة العربية بوجه عام أو إحداها خصوصا ، و لكن أعتقد أن معطيات كثيرة تراكمت خلال العقود الأخيرة ، بدءا من سنوات 1970 إلى الآن ، تفي بغرض تحديد الموقف منها ، استنادا إلى معايير ملموسة مثل تراجع مستوى العيش بالنسبة لفئات شعبية إضافية او ازدياد أعداد الذين صاروا تحت خط الفقر والذين هاجروا من البلاد بمختلف الطرائق المجازة و الممنوعة .ما يهم أيضأ من هذا كله ، هو أن الخط البياني لهذه المتغيرات المعيشية يعكس انحدارا متسارعا و مقلقا بحسب هذه المعايير .
تحسن الإشارة في هذا السياق إلى أن فراغ المناصب الحكومية أو الرئاسية و تعطُّلها طوال أشهر ، تصل أحيانا لأكثر من عام ، لم ينعكس سلبا في حياة الناس ، كون الطغمة الحاكمة تتقاسم في ظاهر الأمر ، هذه المناصب مباشرة فيما بينها أو تتولى إسنادها إلى زبانيتها . بكلام آخر سواء اتفق أعضاء هذه الطغمة على الجلوس معا حول طاولة واحدة أم لم يتفقوا فإن الأمرين سيان . ينبني عليه أن ممارسة السلطة ، بصرف النظر عن نوعها و أهدافها ، تستمر عندما تكون مناصب القيادة معبّأة و عندما تكون مفرّغة أيضا . هذا يعني أن القيادة الحقيقة لا تظهر دائما في المناصب و أنها تتدبر شؤون البلاد من وراء الستار دون أن يعرفها الناس ، فعلى الأرجح في السياق نفسه ، أن لهذه القيادة الخفيه كلمتها في مسألة ملء وشغور المناصب في شبه الدولة كما في اختيار المرشحين لتسلمها وفي استبدالهم أيضا . من المعلوم أن هذا يخضع لعوامل كثيرة منها درجة الإهتمام التي تستحقها البلاد بحسب موقعها ومخزونها من الثروات البشرية و المنجمية .
إن التسليم بأن السلطة في شبه الدولة العربية ذات و جهين أحدهما يظهر أحيانا و يغيب أحيانا أخرى ، ووجه ثان لا يُرى ، لا يُعفي المراقب من تحميلها مسؤولية النتائج المترتبة عن سياساتها ، كون هذه الأخيرة ليست غالبا حصيلة الظروف و الصدفات و أنما تبدو كما لو أنها مبرمجة تمهيدا لبلوغ أهداف معينة . خذ مثلا عن ذلك أغراق السوق الإستهلاكية بالمواد المستوردة الرخيصة من أجل ضرب الإنتاج المحلي ، و ضرب الزراعة بواسطة تشجيع انتاج محصول واحد ، ناهيك من اساليب ووسائل إغراق السوق بالأموال و القروض ( من صناديق الائتمان الأجنبية و المصارف الدولية ) على حساب الإقتصاد الإنتاجي الحقيقى . تحسن الإشارة في هذا السياق أيضا إلى صفات سلطة الحكم غير الحميدة ، التي تتولى تنفيذ هذه البرامج الهادفة عمليا إلى رهن الدولة لدائنين كانوا يعرفون مسبقا أنها لا تستطيع تسديد دينها . علما أن رهن الدول يعني استعمارها أي استغلال إفلاسها لإملاء سياساتها و كتابة دساتيرها .من نافلة القول أن دولا مثل الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية الكبرى التي تمتلك قوة مالية ضاربة على الصعيد العالمي ، تستمدها من قدراتها العسكرية غيرالمحدودة التي تمكنها من القيام بمعاقبة شبه الدول المتمردة بتجويعها و تخريبها بواسطة الحصارو المقاطعة و المتعاونين ، و من تقدمها العلمي و التقني و الصناعي الكبير ، بالإضافة إلى تحكمها بالسوق العالمية و بقيمة الدولار الأميركي وشبكة توزيعه كعملة مرجعية .
لا بد في الختام من الإعتراف بناء على محصلة هذا البحث بأهمية دور السلطة الوطنية في الإنتقال بشبه الدولة إلى الدولة المستقلة . من البديهي ان المطلوب من هده السلطة ، ليس الإنتصار على الولايات المتحدة عسكريا و لكن تطوير القدرة على ردعها عن العدوان بالإضافة إلى التحلي بالنزاهة و الإستقامة و البصيرة و الإخلاص للمسألة الوطنية إلى حد التفاني في خدمة الناس و التضحية بالمصالح الخاصة . و لكن ماهي الأساليب والوسائل التي تفتح الطريق أمام القيادة الحكيمة ؟
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءات في زمان الوباء 2 الحلرب الصحية .
-
قراءات في زمان الوباء 1
-
فن التعجيل في انقراض شعب مستعمَر
-
الحروب العبثية
-
يا أهلا بالمعارك
-
الدولة الموظَّفَة
-
عسكر السلطة
-
سلطة الدين و الثروة
-
مفارقات المشهد اللبناني من خلال تفليسية 2020
-
الإحتلالات المشروعة و الإحتلالات المرفوضة
-
خرابيش في مقهى هافانا الدمشقي
-
الوطن مثل الطائرة إذا امتلكه الأفراد سقط و تحطم
-
مفكرة فلسطينية (2) : اليهود العرب
-
الإنتخابات في زمن الحرب
-
مفكرة فلسطينية
-
الفيروس و السياسة (222)
-
الفيروس و السياسة (22)
-
الفيروس و السياسة (2)
-
المهاجر و البلاد الاصلية ( 3 )
-
المهاجر و البلاد الأصلية (2)
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|