|
قضاء ياليته يفصح أنه ليس قضاء
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 6964 - 2021 / 7 / 20 - 20:36
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
لو قلت بان الصحفي سليمان الريسوني أسقط المحكمة في فخ غياب نزاهتها بعدم حضوره لقيل بأن المحكمة هي التي لم توافق على حضوره كما نشر في بعض المواقع، لكن لنتأمل الامر قليل: لماذا ترفض المحكمة حضور الظنين؟ جل المواقع الإعلامية تكتب: "المحكمة للمرة (...كذا) ترفض حضور الصحفي (كذا...) ليس هناك توضيح من جانب المحكمة والحال أن الجميع يعرف لماذا ترفض المحكمة حضوره، لأنه ببساطة تحول إلى هيكل عظمي شبيه بضحايا النازية من اليهود والغجرفي المحميات السرية النازية ب بولونيا وغيرها من البلدان الشرقية التي احتلتها النازية، لكن وهنا تغيب نزاهة العدالة نجد أن إدارة السجون تنفي ان يكون الصحفي عبارة عن أشلاء جسد برغم مرور مائة يوم من الإضراب عن الطعام ، والسؤال هنا هل تخاف محكمة الجنائيات بالدار البيضاء أن تفضح تصريحات إدارة السجون فيما يخص حالة السجين؟ ليس هناك رد ايضا على هذا، لكن هناك فخ مذوي سقطت فيه المحكمة هو انها وبدون رد مقنع على عدم حضور الصحفي في جلساتها تفصح ببساطة انها غير مستقلة وغير نزيهة، فما دام السجين في وضع صحي جيد كما تقول إدارة السجون فما عليها إلا أن تقبل بحضوره للجلسات..، وإذا حضر وهو ليس في وضع صحي جيد عليها أيضا ان تسحب مسؤوليتها عن وضعه في السجن وعليها على الأقل الأخذ بمطالب الدفاع هل يخجل وزير العدل من هذه المهزلة القضائية أم أنه هو الآخر سيقول ذلك الكلام الممضوغ: "ما فيديش، الملف في يد دوائر عليا " حيث اخطبوط النيابة العامة يبرز من جديد كانها الماسكة بوزارة العدل والدليل هو ان وكيلها العام بدأ يظهر في وسائل الإعلام كما كان يظهر فيها إدريس البصري زمن توغل وزارة الداخلية من وقع إذن في فخ من؟ يبدو الصحفي سليمان الريسوني واثق من نفسه، فهو دخل في إضراب لا محدود متمسكا ببطلان التهمة، وهو بإضرابه يقول لنا : لن أكرر مهزلة إعطاء مصداقية لقضاء لا نزاهة له كما حدث مع معتقلي حراك الريف أو مع زميله في الموقع الصحفي بوعشرين وكأنه يقول: "دعهم يحكمون بما شاؤوا فلن أترك جثتي يمر عليها سجن لا تحتمله، بعد أيام سأودع روحي لباريها وطز على هيأة المحكمة ونيابتها " وطز من جهتي على المجتمع المدني المغربي العياش الذي يقبل بمثل هذه المحاكمات السوريالية ولن ندخل في مناقشة طعونات الدفاع التي ربما من وجهة نظر الريسوني تكريس مسرحي لمحاكمات هجينة في القرن الواحد والعشرين حيث لا بحث جيني، لا إشراف قضائي على مكان الجريمة ولا شهود ولا قرائن ولا إثبات بل فقط سفسطائية وكيل النيابة. هذا هو مغزى الإضراب اللامحدود عند الصحفي الريسوني، يشهد على أن هيأة المحكمة قتلته وليس سجنته كما تعتقد والدليل على ذلك هو سخافة الحكم الذي امضى بسرعة "كوكوت مينوت" في الطبخ وليلا: كانت هياة المحكمة عقدت جلستها ليلا، وأغلب اعضائها لم يتعشوا بعد فاختارت إيناء الطبخ السريع "كوكوت" لتسريع طهي الحكم (عفوا طهي العشاء)، ثم ارسلوا للريسوني حقه : "و قررت المحكمة، بعد الانتهاء من مرافعة النيابة العامة والاستماع إلى الشاهد في هذه القضية، انتقال كاتب الضبط إلى سجن عكاشة لإخبار الريسوني بما جرى داخل هذه الجلسة، وكذا لمعرفة ما إن كان سيواصل أطوار المحاكمة.." بالمناسبة الشاهد الوحيد هذا لا تنطبق عليه حتى مزحة الكوميدي المصري عادل إمام: "شاف ما شافشي حاجة" فالشاهد في الإثبات السفسطائي للنيابة العامة أو ممثلها في تلك المسرحية، شهد بانه لم يرى شيئا ولا يعرف بوجود علاقة بين المتهم والظنين ولا يرتبط بهما إلا في واقعة تسجيل فيديو تشاركوا في إخراجه حول موضوع صحفي عام. هل تخدم مثل هذه المحاكمات مغرب يتطلع أن يكون له نفوذ دولي في المستقبل، مغرب فيه وزير العدل يشتغل وظيفة شبح ، وزارة معنية بمصداقية دولة وهيبتها القضائية يمثل لسانها الوكيل العام للدولة (يعني إطار تقنوقراطي مريض بالتسلط)؟؟ لكن وجوابا على الطرح في بداية هذا المقال، سليمان الريسوني هو من اسقط المحكمة في الفخ وازاح اللثام عن قضاء لا يمكن الثقة به سواء كنت مطلوما او ظالما لأن ما يحدد توجهه ليس العدالة بل التسلط، تسلط الدولة وتسلط القائمين عليها .. الواقع هو أن الريسوني هو من فرض فخه في توريط المحكمة بإضرابه.. في محاكمة عمرالراضي في أواخر التسعينات من القرن الماضي حدثت لي قصة ظريفة مع عامل بمناجم جبل عوام، كان لي جار هو في نفس الوقت قريب، وكنا معا نعمل بنفس المنجم مع الفرق طبعا في وظيفة كل منا لكن في اواخر التسعينات وبعد عودة بعض العمال إلى العمل بعد التصفية القضائية الفارغة حيث حينها خرجت بقناعة تامة هي ان الوطن والمواطنة لها مفهوم غريب في المغرب : الوطن هو من تداس فيه حقوق المواطنة لينتعش الغريب من خلال وكلائه.. للصدفة جمعني الطريق مع جاري قريبي هذا صعودا إلى الحي الذي نسكنه في موازاة للطريق التي يمر بها أطر مناجم جبل عوام إلى القرية المنجمية تيغزا، كان جاري مضطربا في مشيته، كنا نمشي كبغلين متنافرين في عملية الدرس (درس الزرع وليس درس المدرسة)، كان يحاول ان يغطيني من واجهة الطريق حتى لا يراه اهل الشركة في صحبتي ، لا أستطيع وصف ذلك السلوك ولو حتى بالمعادلات الفيزيائية: كان عندما تقبل أي سيارة تحمل علامة الشركة يسبقني حتى لايراني ركابها، وحين تفوت يتاخر حتى لا تغطي عيونهم مؤخراتنا (نعم كانت كوادر الشركة تعرف العمال حتى من مؤخراتهم وليس فقط تحفظ ارقامهم في العمل)، فجاة توقفت لاسأله: "مولود! ماذا حصل أنت مضطرب حتى في مشيتك؟" كان السؤال فرصة لتفجير اضطرابه، رد علي بأنه سيقول لي الحقيقة، ثم بدأ حقيقته بتوجيه سؤال لي: " إذا كنت مشبوها هل يحق لي أن أصاحبك؟ ــ في العموم لا، لا بد من الإحتياط، لكن انا لست مشبوها في شيء ــ لكن المخزن لا يرى ذلك! ــ جئت الآن من لقاء جمع بين جمعية المعطلين وقائد المخزن ولو كان هناك شبهة لاعتقلني ــ أقصد الشركة المنجمية وليس المخزن ــ أوف! نسيت ذلك، بالفعل عقلية الشركة كعقلية المخزن في مغرب يخدم شركات الإستثمار الأجنبية التي تحول المواطنين إلى أقنان في الإنتاج، ثم أردف ولا زال لسانه متخلبط بين الشركة والمخزن وقال: إذا قال المخزن بأن هذا الشخص خائن هل تكذبه؟ قلت له: لا، الحقيقة هي حقيقة المخزن (كانت مشكلتي الشخصية مع الشركة هي كوني مناضل عنيد مسجل عندها في اللائحة السوداء) هذه القصة تختزل محاكمة عمر الراضي: المخزن المغربي يصنع بشكل جيد التهم ويوجهها لمواطنيه العصاة تصور رفيقة تعسلت بالجنس معك وغدا تتهمك بأنك اغتصبتها وحين تواجهها بالحقائق وبالشهود تتمرد! تتهم الشهود بالمشاركة في الإغتصاب ويصدقها وكيل الأحذية المغربي ومعه كل مخابرات الدولة (الإحالة هنا إلى احد نواب وكيل النيابة أمر ميكانيكيا مغربيا بتقبيل حذائه لأنه ترك سيارته إلى أن ياتي دورها في معالجتها، بمعنى إذا جاءك وكيل وكيل النيابة في خدمة خاصة يجب ان تتعامل معه بخصوصية خاصة، الميكانيكي المسكين لم يكن يعرف حتى أن الزبون نائب نائب وكيل نيابة، لو عرف الميكانيكي انه من الخزن لتصرف كما تصرف جاري ميلود) . هكذا يتكرس ميجاز الوطن في عقل المغربي ، المواطنة فيه هي إرضاء ميجازية المخزن، إذا قالت سيدة بأنها اغتصبت فالنيابة العامة لا حياد لها: لا تشك في النساء لكن لها الحق أن تشك في شهادة الشهود معتمدة على قوة النيابة العامة بالمغرب المساندة لها التي عمليا ومن خلال محاكمة الريسوني وعمر وبوعشرين وخديجة الريسوني تقع تحت عنوان عريض: الصحافة المستقلة المغربية عاهرة لأنها لا ترى كما يرى ميلود جاري وصديقي وقريبي: "إذا اتهمك المخزن بشيء، أردت او لم ترد، تلك هي الحقيقة. الحقيقة هي ما قاله ميلود جاري الأمي. ولا غرابة أن الوزير الأول المسكين (بما تعنيه الكلمة في الإسبانية وليس ما تعنيه في العربية برغم أنها نقلت من العربية) الوزير الذي ترك كمامته وراءه وهو يهرول وراء هنية الفلسطيني الذي لا يصله الفيروس كما لا تصله قنابل إسرائيل، هذا الوزير رد على كل وكالات الإخبار العالمية ينفي التقارير التي دول عالمية لم تنفي تورطها في التجسس من خلال برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي . كم هو محزن ان تكون مظلوما في وطن لا قضاء فيه! محزن كثيرا أن يكون القضاء في الوطن هو المشكلة! في المغرب القضاء هو المخزن نفسه ارحموا عقولنا ! الخزي! النيابة العامة المغربية لم تقل شيئا حول البحث النزيه، تتكلم فقط عن مرور المحاكمات شكليا بظهائر خرافية مرغمة على تقبل أن المحاكمات مرت بشكل نزيه . من الخزي أن يحكمنا اناس لا ضمير قضائي لديهم: موظفون يضربون قناعاتهم القانونية في الصفر . الحسن الثاني كان يبرر قمعه على خلفية الإنقلابات الثلاث الفاشلة: الإنقلابات كانت تقصده جسديا ورده كان جسديا أيضا، أيضا كان يقصدهم برد الصاع صاعين وهو في الأدب السياسي مقبول ، مالذي يبرر هذه المحاكمات في ظل ما يسمونه بالعهد الجديد غير هؤلاء الذين من اطناب البرجوازية الكولونيالية، مراهقين درسوا مع الملك يحكمون المغرب بأصابع الملك نفسه: يصنعون له الأمجاد، يغرقون مواطنين في ظلمات السجن ليخرج هو يعفوا عليهم في اعياد ومانسبات وطنية ليتذكر الناس العفو الملائكي الملكي وينسوا أن المحاكمة أصلا كانت غير نزيهة.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو المائة و-تامديازت-
-
قي الثورة الجديدة
-
نزوح جماعي
-
أفينيدا دي امريكا (من يوميات البحث عن سيجارة)
-
فاجعة!
-
لماذا تقتل سماحة الله بسيف الكهنة من الفقهاء؟
-
حوار مع مهاجر سري
-
لروحك السلام الأبدي نوال
-
كازا بلانكا
-
لوسيور كريسطال في المحك الإجتماعي المغربي
-
ثرثرة على الخاص
-
تجربتي في العمل النقابي بالأندلس
-
أخجل والخجل ليس عيب
-
من وحي الهجرة السرية
-
اليسار بين الهوية المخزنية والهوية المجالية
-
الموت لأحمد عصيد!؟
-
سنة سعيدة أيها الامازيغ!
-
لقد نسوا كتابات الاطفال على الحائط
-
جديد ملف مناجم جبل عوام
-
ياعمال مناجم جبل عوام اتحدوا
المزيد.....
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر
...
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|