|
لا شريك لك لبيك
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 6964 - 2021 / 7 / 20 - 10:09
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
أنت و بس ، كلمتك هي الحقيقة الساطعة التي لا ينكرها الإ كل ابن حرام ، لا ينتقدك الإ متحذلقون و مفذلكون و لا يخالفك الإ من يأبى أن يرى الشمس في عز الظهر … أنت العدل و الحرية ، كلامك هو الحقيقة ، أنت المخلص و المرشد ، أنت الذي ستقودنا ، ستقود البشرية المعذبة إلى بر الأمان ، إلى الخلاص … لكن دعنا ممن سبقوك لهذا ، أنت الأول و الأخير ، من سبقوك كانوا مزيفين ، أنت الحقيقي ، هيا حررنا ، ثقفنا ، وعينا ، خذ بيدنا ، أنقذنا من ظلام عقولنا و أنفسنا ، من المخلصين المزيفين ، ممن لا يفقه ما تفقه ، دلنا على طريق الخلاص ، قدنا نحو الشمس ، دعنا ممن سبقوك ، لا أدري كم نحن و كل البشر ، نحن الذين نعيش اليوم ، كم نحن محظوظون لأننا نعيش في زمنك أنت ، لكن دعنا ممن سبقوك ، لا أدري كم كان الألمان ، أو البشرية بأسرها ، محظوظين بمخلص كهتلر ، كم كان الروس و الجورجيون ، العمال و الفلاحون ، محظوظين بمخلص كستالين أو لينين ، أو الخمير بمخلص كبول بوت ، أو الايطاليون بمخلص كموسوليني ، كم كانت لحظة شاذة ، بائسة بل شديدة البؤس ، تلك التي اعتقد فيها هؤلاء كما يفعل معظم الشباب الذين في عمرهم ، بأن عليهم مسؤولية "تغيير العالم الى الأفضل" ، أن على عاتقهم واجب "إنقاذ شعوبهم و المعذبين في الارض" من الظلم الواقع عليهم للدرجة التي دفعتهم لذبح الآلاف و الملايين بدم بارد و التي دفعت مريديهم للمشاركة في تلك المجازر أو التفرج و الاكتفاء بالتبرير و التصفيق "لتحرير" هؤلاء العبيد من نير عبوديتهم" … كلا ، لا معنى للثورة ، للتغيير ، للإنسانية ، للخير ، للعدل ، للحرية ، لأي شيء ، إن لم تكن أنت السيد القادم بلا نزاع و بلا أي نقاش ، إذا لم يذعن لك الجميع صاغرين … لا تلق بالًا لمن ينتقدك ، أنت الحق و الحق أنت ، أنت لم و لن تقتل الإ مستحقًا للقتل و لا تصمت عن قتل إنسان أو عن سحل إنسان أو عن تكميم فم أو اقتلاع حنجرة الإ و كان ذلك الصوت أو "الانسان" مستحقًا للذبح أو للصمت
أريد أن أعيش كمًا أريد ، لا كما تريد أنت و من يريدون ما تريد ، أريد أن أقول ما أفكر فيه لا ما تريدني أن أقوله …… أستغفر الله العظيم ، أنا الكافر ، الجاحد ، ناكر الجميل ، المنكر للحق ، المعاند ، الخائن التائب الشبيح الما بعد حداثي العنصري الاسلاموفوبي المتآمر الماسوني العميل الغبي المتفهمن الطائفي المتطيفن المتفهيق ، اغفر لي يا مولاي ، ابق على رأسي ، بلا دماغ و بلا لسان ، اغفر لي ذنبي الذي لا يغتفر و اقبل توبتي النصوح ، اقبلني حرا ثائرًا من ثوارك الأحرار ، واحدًا من أتباعك و مريديك ، خذني تحت شمسك التي لن تغيب ، مددك يا عظيم ، يا كامل ، يا شامل ، اعتقني من نارك التي لن تبقي و لن تذر ، حررني من ذاتي ، خلصني من أفكاري ، أنا المهرطق بالأوطان و الآلهة و الشعوب و الثورات ، أنا لست لي ، أنا لك ، أنا لست لي ، أنا عبدك المطيع ، الذي يسجد لصولجانك ، تبارك اسمك ، و جل جلالك ، لا إله الإ أنت ، اغفر لي إني كنت من الظالمين
بشار الأسد هو نموذج مرعب للطاغية ، كان شابًا و بقي و هو كهل كائنًا أقرب لأن يكون طفلًا ، يتلعثم في كلامه ، يتردد ، بل كان قبل 1994 أكثر ديمقراطية من بعض أو أكثر معارضي والده الطاغية الذين كان من بينهم من كانوا يتربعون على العرش نفسه الذي سلبهم إياه حافظ الأسد ليرسلهم إلى السجون و يتربع هو على عرشهم وحيدًا لثلاثين عامًا ، لم يكن بشار أمينًا عامًا و لم يكن يدعي امتلاك الحقيقة أو تمثيل الجماهير العريضة و لا الأوطان و لا وكالة الله الحصرية على الأرض ، لم يكن قد أخرس شخصًا لأنه انتقده ، لم يكن قد أمر بسجن أي شخص بعد ، لم يطرد أحدا من "حزبه" و لم يكن له مريدون يؤمنون إيمانًا غيبيًا مطلقًا بما يقول و يفعل ، لم يكن أحد يصفق بعد للقائد العظيم أو حتى مضطرًا لأن يخاطبه باحترام ، كان مجرد طفل تافه ، و مثل الآلاف المؤلفة من أمثاله كان سيعيش و يموت كذلك لولا أن الصدفة خلقته ابنًا لديكتاتور لا يرحم و بحاجة لوريث لمملكته … الفتى الذي ورث شعبًا من العبيد و جيوشًا من العسس الذين أصبحوا يأتمرون بأمره ، سيتغير مصيره ليصبح كمصير نيرون أو كاليجولا أو الحاكم بأمر الله ، بل سيبز أقرانه ليستحق أن يقارن بجنكيز خان أو ستالين أو بول بوت مع فارق مهم هو أن الفتى لم يسع وراء العرش ككل هؤلاء و لا كأبيه أو خصوم أبيه الذين نازعوه ملكه ، كان العرش هو الذي سعى وراءه ، والده الديكتاتور العجوز اختار له و لنا هذا المصير ، لكن الفتى الذي اعتلى عرش والده و صار سيدًا مطاعًا ، سلطانًا مطلقًا ، الفتى الذي لم يعرف من قبل سوى الضحك بتفاهة و الحياة على الهامش بل على هامش الهامش ، قد أصبح اليوم سلطانًا بكل ما تعنيه الكلمة ، صحيح أن الفتى اعتقد في فترات ما و ربما حتى 2011 أنه قادر على "إصلاح" النظام الذي ورثه و "طوره" دون أن ينتقص ذلك شيئًا من سلطانه ، تمامًا كما اعتقد ذلك خروتشوف و غورباتشوف و سلاطين بني عثمان و باشاواتهم الذين وضعوا لهم قوانين التنظيمات و دستورهم الذي اعتقدوا أنه منقذهم من الانهيار و الانقراض و ربما أيضًا عمر بن عبد العزيز ، لكن ما أن ثار عليه عبيده الذين كان يحاول "تحسين حياتهم" حتى تحول إلى جلاد و قاتل لا يقل دموية عمن سبقه ، انمسخ الفتى التافه جلادًا و جزارًا لا يمكن أن تمييز هوسه هذا في قهقهاته الغبية التي ما زال يطلقها ليس فقط بنفس العبث بل باستخفاف عتاة القتلة و الجلادين … خلافًا للأسد الأب فإن بشار ينتمي لجنس آخر : نيرون ، الحاكم بأمر الله ، كاليجولا ، يزيد ، هارون الرشيد ، أولاد و أحفاد صلاح الدين الذين أعادوا القدس للصليبيين و استعانوا بهم ضد بعضهم البعض ، أولاد خالد بن الوليد و سعد بن أبي وقاص و الزبير بن العوام الذين ولدوا سادة دون أن يخوضوا أيًا من معارك أجدادهم ، لم ينج من هذا المصير سوى قلة قليلة ، للغاية ، و مثالهم الأقرب و الفريد ربما في تاريخنا هو معاوية الثاني الذي اعتزل السلطان امتثالًا لأساتذته القدريين و المعتزلة ، أما من اعتقد أنه قادر على الحفاظ على العرش و إصلاح السلطان الذي ورثه و تخفيف مظالم شعبه كعمر بن عبد العزيز الذي خضع لإغراء العرش فقد أنقذه موته المفاجئ و المبكر قبل أن يواجه ثورة عبيده أو أن يقنعه أحد قادة جيشه بغزو البلاد المجاورة الضعيفة و لولا ذلك لكان اسم الرجل و سيرته لا تختلف عن عتاولة القتلة و الجلادين من أهله … ليس بشار وحده بل معارضوه أيضًا ، هؤلاء المعارضين كانوا ذات يوم قوميين أكثر من الأسد و ليسوا أقل ستالينية من بكداش قبل أن يكتشفوا الديمقراطية عرضًا في إطار مواجهتهم ضد الاثنين و أشباههم قبل أن يتخلوا عن قوميتهم و يساريتهم و يتحولوا إلى ليبراليين أو أشباه ليبراليين دون أن يعني ذلك نهاية عصر الزعيم الخالد أو الإمام المعصوم أو امتلاك الحقيقة المطلقة و تجريم الاختلاف ، كما "وحدنا" النظام و قوميته و ممانعته و يساريته و علمانيته و تدينه المعتدل ، نحن اليوم موحدين تحت راية الثورة و الهوية و الحرية ، إسلاميين و ليبراليين أو أنصاف ليبراليين ، موحدين كما لم نكن من قبل ، شعبًا واحدًا من البحر إلى الصحراء ، بكل طوائفه بعربه و كرده و اليوم أيضًا ، بتركمانه ، تحت راية واحدة لا تقبل القسمة على اثنين أو أي اختلاف أو تردد ، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى هكذا إلى ما شاء الله ، سيكتشف الإسلاميون و من يدافع اليوم عنهم من ليبراليين أو أنصاف ليبراليين ، سيكتشفون فجأة خيانة أصدقاء اليوم أعداء الغد ، سيكتشف كل قوم شمولية الآخرين و عدائهم للثورة و الحرية و االشعب و حتى الإسلام و الإنسانية بمجرد تخلص الطرفين من الأسد ، حتى ذلك الوقت سنبقى جميعًا موحدين تحت راية الثورة و الحرية و الهوية ضد عدونا المشترك ، إنه العرش يا سيدي ، بل قل يا مولاي ، العرش الذي حول ذلك التافه إلى جلاد و الذي في سبيله كنا قوميين بالأمس و اليوم ليبراليين و غدًا ربما ماركسيين من جديد أو حتى علمانيين متطرفين ، متصوفة بل ربما ما بعد حداثيين ، كل ذلك في سبيل العرش يا سيدي بل قل يا مولاي ، أنت أنت ، لا إله الإ أنت ، لا عارف الإ أنت ، وحدك لا شريك لك ، لك الملك وحدك ، لا شريك لك لبيك ، لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة لك و الملك ، لا شريك لك لبيك …
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أختي العزيزة غادة السمان ، الموت لميلا ، كرمال عيونك
-
الجماهير ، الثورات ، النخب العاجزة و الطامحة ، سقوط الشعارات
...
-
سوريا الحرة و سوريا الأسد و انا و انت
-
أخواتي في اليمين المتطرف الأوروبي
-
دفاعًا عن حرية التعبير و التفكير للجميع
-
ملابس الزعماء و المفكرين و الأنبياء الداخلية
-
لو أن هتلر انتصر في ستالينغراد و العلمين لكانت فلسطين حرة ال
...
-
ماذا لو انتصر الرجل العظيم في ستالينغراد ، لكنا أحرارًا اليو
...
-
غزة ، دمشق ، ادلب ، الله ، الوطن ، و ملايين الشهداء
-
أنا معادي للثورة ؟؟ لاميل أرماند
-
انتصار
-
ضرورة السخرية من كل -المقدسات-
-
نحو سوريا المدنية الديموقراطية
-
الخلاص القادم و الجنة الموعودة
-
عن غربتي
-
عندما كان الله نائمًا
-
الإرث الذي ورثناه عن آبائنا و الذي نورثه لأحفادنا : الدم
-
كورونا
-
رواية الحرب السورية ، الموت ليس عملا شاقًا ، الهروب ليس عملا
...
-
أشياء مؤلمة عن الثورات
المزيد.....
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|