|
المفاوضات مع البوليساريو الجزء الثاني
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 01:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
"المفاوضات مع البوليساريو" هل يصبح محمد عبد العزيز الرجل الأول في الصحراء بتطبيق الحكم الذاتي الموسع؟ الجزة الثاني 2 من 4
الوضع القائم بالمخيمات من العوامل التي من شأنها دفع محمد عبد العزيز ورفاقه نحو البحث عن مخرج عبر المفاوضات السرية الوضع القائم بالمخيمات الذي أضحى يدعو إلى القلق أكثر من السابق. إن استمرار تردي الوضع المعيشي وتفاقم الأزمة الحادة في مختلف مجالات الحياة جعلت الأغلبية الساحقة لسكان المخيمات يفقدون الأمل في قيادة البوليساريو معتبرين أن أملهم الوحيد هو إيجاد مخرج نهائي لنزاع الصحراء، لاسيما وأنهم ظلوا يعاينون استشراء كل أشكال الفساد والانحراف في صفوف القائمين على أمورهم، الشيء الذي أكد لهم أن كل الشعارات المرفوعة أضحت مجرد سراب. وزاد الطين بلة بعد تحويل المخيمات إلى سوق سوداء للتهريب والمتاجرة في المساعدات الإنسانية والذي اغتنى بواسطته بعض القادة. وكانت النتيجة هي التسليم بالأمر الواقع بعد انسداد الأفق. وفي ظل هذه الأوضاع فضلت أغلب الكفاءات مغادرة المخيمات للتوجه إما إلى المغرب أو إلى أوروبا بهدف تحصيل كسب مادي لتحسين ظروفهم المعيشية. وبذلك يكون الوضع المزري القائم بالمخيمات من العوامل التي ستدفع محمد عبد العزيز إلى البحث عن مخرج للإفلات من المسائلة وتحمل عواقب استمرار المزيد من تردي الأوضاع. كيف الخروج من النزاع؟ حسب أغلب محللي العلاقات الدولية هناك نوعين من العوامل ذات طبيعة مختلفة لازالت تفعل فعلها في قضية النزاع بخصوص الصحراء: العوامل المعيقة من جهة وبروز وقائع جديدة من جهة أخرى. بخصوص العوامل التي تعيق الخروج من النزاع، هي متعلقة بالأساس بمواقف الأطراف المعنية، حكم ذاتي موسع بالنسبة للمغرب و حق تقرير المصير بالنسبة لجبهة البوليساريو والجزائر، علما أن موقف المغرب عرف تطورات عملاقة، في حين أن موقف كل من البوليساريو والجزائر جامدا، رغم أن هذه الأخيرة ظلت تلوح بأن لا مصلحة مباشرة لها في الصحراء، وأن موقفها إزاءها محكوم بمواقفها المبدئية لا غير، وهذا مجانب للصواب باعتبار المصالح الآنية والإستراتيجية والجيوسياسية التي ظلت تحركها حتى قبل افتعال مشكل الصحراء. المغرب يرى أن اعتماد حكم ذاتي واسع يشكل الحل الأنسب الذي لا يحرج أي طرف من أطراف النزاع. ويؤكد أحد محللي العلاقات الدولية أن المغرب ربط اختياره للحل بطبيعة النظام السياسي وضمان مخرج لا يمكن أن يعتبره أحد بمثابة هزيمة أو تخل عن موقف مبدئي حكم مسار السياسة الداخلية والخارجية المغربية على امتداد أكثر من 30 سنة، ومع ذلك فإن اعتماد هذا الحل يستوجب تعديلات دستورية ومؤسساتية وهذا ما يخيف السلطات المغربية. ولحد الآن ما زالت السلطات المغربية لم تحدد بعد فحوى ومضمون الحكم الذاتي الموسع المقترح كحل لطي ملف الصحراء نهائيا. والإشكالية قائمة الآن بين اعتبارات السيادة المغربية على الصحراء وضرورة تكريس حق الاستقلالية للصحراويين في تدبير شؤونهم المحلية. لكن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد باعتبار أن مناطق أخرى من المغرب ستطلب السير في هذا المسار. وفي واقع الأمر قضية الحكم الذاتي تستوجب الإجابة على جملة من الأسئلة المصيرية... من له الحق في التشريع؟ هل الرباط (المركز) ستستمر في التحكم في مداخيل الثروات البحرية والفوسفاط مثلا أم أن الجهة هي التي ستتكلف بذلك؟... فالحكم الذاتي في الحقيقة مازال مجرد ورش لم تنطلق الأعمال فيه بعد. فهل هذا يعني أن كل من الموقفين، الموقف المغربي (الحكم الذاتي الموسع) وموقف البوليساريو والجزائر (الاستفتاء، تقرير المصير) كلاهما من الصعب تطبيقهما حاليا؟ هذا بخصوص العوامل المعيقة، أما فيما يرتبط ببروز وقائع جديدة، فإن بعض الفاعلين السياسيين بدءوا يهتمون بالقضية بطريقة مغايرة لما كان سائدا في السابق. ففي المغرب نلاحظ أن الأحزاب السياسية تسعى إلى التموقع. فحزب الاستقلال انتقد فكرة الحكم الذاتي، في حين اختار حزب العدالة والتنمية اعتماد المزايدات بخصوص ملف الصحراء ويفضل فتح حوار وطني حوله. وترى بعض الأحزاب والتنظيمات اليسارية أن اعتماد الحكم الذاتي بخصوص الصحراء يشكل فرصة تاريخية ثمينة، وذلك باعتبار أنه يستوجب تعديل دستوري ومؤسساتي، وستكون ضربة حظ لإحداث تغييرات سياسية وتوسيع مجالات تكريس الديمقراطية الحقة، وعموما يرى الكثيرون أنه يجب إشراك الجميع في ملف الصحراء الذي ظل تدبيره حكرا على القصر وبعض أقرب المقربين إليه. أما في الجزائر، فإن الأمر لا يهم الأحزاب بقدر ما يهم أشخاص. ورغم أن الموقف بخصوص الصحراء لم يطرأ عليه تغيير، فإن الجزائر عرفت بعض التغييرات على صعيد تموقعها إقليميا وإفريقيا وعالميا، فعلى المستوى الداخلي حدث تقارب بين الرئيس بوتفليقة والجيش بخصوص قضية الصحراء والعلاقات مع المغرب. كما أن علاقاتها، الاقتصادية والعسكرية في نطاق مكافحة الإرهاب، مع أمريكا قد توطدت أكثر من أي وقت مضى. وإذا كانت الجارة الشرقية بلد غني فإنها لازالت تشكو من عدم الاستقرار السياسي. وهذه الوضعية تجعلها تحافظ على نفس الموقف بخصوص قضية الصحراء وتستمر في مساندة جبهة البوليساريو. وهذا في وقت أضحت فيه الوضعية بالساحل تقلق واشنطن. وهناك من يعتقد بالمغرب العربي أن الولايات المتحدة تتوفر على الإدارة والقوة اللازمتين لفض النزاع الصحراوي، لكن مازال من غير الواضح في أي اتجاه سوف توظف هذه القوة. فكرة الالتحاق بالمغرب ظلت تسكن محمد عبد العزيز لقد سبق لمحمد عبد العزيز، الأمين العام لجبهة البوليساريو ورئيس "الجمهورية الصحراوية"، أن صرح لأحد المغاربة، المكلفين من طرف وزير الداخلية إدريس البصري بربط الاتصال به، بأنه على استعداد للالتحاق بالمغرب إن توفرت جملة من الشروط، وقد حدث هذا في فجر التسعينيات. وبدأت القصة بتكليف امحمد سرحان، رئيس مكتب وكالة المغرب العربي لأنباء بروما (إيطاليا) من طرف وزير الداخلية آنذاك، إدريس البصري، بجمع معلومات عن الانفصاليين وعن مخيمات تيندوف. وللإشارة إن الصور الأولى التي بثتها التلفزة المغربية والخاصة بتلك المخيمات أنجزت بفضله، حيث قام بتكليف أحد الصحفيين الإيطاليين بانجاز تحقيق مصور عن المخيمات بدعوى بثه على إحدى القنوات الإيطالية. وبعد ذلك سعى امحمد سرحان إلى محاولة الاتصال ببعض قادة البوليساريو وتمكن بعد جهد جهيد من لقاء محمد عبد العزيز بأروبا مرتين وتحادث معه حول إمكانية التحاقه بالمغرب بعد أن أذن له إدريس البصري شخصيا بذلك. وأكد امحمد سرحان أن محمد عبد العزيز لم يرفض الفكرة وإنما قرنها بتوفير جملة من الشروط. وبعد أن أعد رئيس مكتب وكالة المغرب العربي بروما تقريرا مفصلا مرفوقا ببعض المستندات اتجه إلى المغرب بأمل لقاء إدريس البصري، لكن هذا الأخير تماطل كثيرا، وتأكد امحمد سرحان أنه لا يرغب في لقائه وإنما ما يهمه هو وضع يده على ملف المهمة. أقام امحمد سرحان بفندق حسان بالرباط أكثر من أسبوع في انتظار لقاء الوزير، لكنه فوجئ بزيارة أحد المبعوثين من طرف الوزير لأخذ ملف المهمة، ورغم رفض امحمد سرحان لتسليم الملف تكررت العملية أكثر من مرة، لكنه ظل يطالب باللقاء مباشرة مع الوزير لتسليمه شخصيا الملف. ويضيف امحمد سرحان، بعد مدة غادر الفندق وانتقل إلى منزله الكائن بحي الليمون بالرباط، وبعد أيام فوجئ بحضور عناصر من الديسطي أخذوه إلى مقرها الكائن (سابقا) بحي السويسي حيث احتجز هناك 15 يوما خضع فيها للمساءلة والاستنطاق بخصوص أمور لا تمت بصلة بالمهمة التي سبق وأن كلفه بها وزير الداخلية، إدريس البصري، أخلي سبيله بعد سحب جواز سفره منه، وبعد أيام تم اعتقاله من طرف الشرطة القضائية وتقديمه لمحكمة العدل الخاصة بالرباط بتهمة اختلاس مبلغ مالي يهم أجر إحدى الإيطاليات العاملة بمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بروما وأدين بأربع سنوات سجنا نافذة قضاها كلها بالمركب السجين بسلا. وللإشارة فقد سبق لجريدة "أخبار الأسبوع" أن أشارت إلى هذه النازلة مدة قليلة قبل توقفها عن الصدور.
تابع
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-المفاوضات مع البوليساريو-
-
مراسلة الكونغريس الأمازيغي للملك لمطالبته بدسترة الأمازيغية
-
مرحبا بكم ... ولكن
-
جحيم المغربيات بالخليج
-
مجموعة أونا هل تنمي مصالح الملك أم الاقتصاد الوطني؟
-
المغرب على فوهة بركان
-
مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل
-
الأجهزة الأمنية في ظل ملكين بالمغرب
-
عدالة المغرب تغتال الصحافة المستقلة مرة أخرى
-
هيئة الإنصاف و المصالحة و الحقيقة المعوقة
-
محنة مطرودي و مطرودات شركة لامونيكاسك – المهدية التابعة لمجم
...
-
المغرب: تقرير حقوقي
-
البروفسور المهدي المنجرة... رجل أغاراس
-
الاختلالات المالية بالمغرب
-
المغرب و اليهود و الموساد3
-
القضاء و جادبية الاستثمار بالمغرب
-
الملكية المغربية
-
الملك محمد السادس البرغماتية العقلانية
-
الملك و التاريخ
-
نساء مدينة القنيطرة بالمهجر
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|