أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - رسالة الراحل خالد الجامعي الى محمد الساسي ، عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد ، يفضح فيها كولسته مع صديق الملك فؤاد عالي الهمة المكلف بالشؤون السياسية والامنية ، وصديق الملك الاقتصادي عزيز أخنوش ..















المزيد.....



رسالة الراحل خالد الجامعي الى محمد الساسي ، عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد ، يفضح فيها كولسته مع صديق الملك فؤاد عالي الهمة المكلف بالشؤون السياسية والامنية ، وصديق الملك الاقتصادي عزيز أخنوش ..


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6957 - 2021 / 7 / 13 - 19:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الفقيد خالد الجامعي كتب رسالة مطولة إلى محمد الساسي الذي دعاه فؤاد عالي الهمة صحبة زميله محمد حفيظ بشكل سري للقاء أول عُقد سنة 2006 ، سنة فقط على اندماج جمعية الساسي وحفيظ مع حزب اليسار الاشتراكي الموحد !!! بمنزل رجل الأعمال عزيز أخنوش . وفي لقاء ثان عقد بمنزل الهمة حضره محمد مجاهد الذي كان وقتها أمينا عاما للاشتراكي الموحد ، كما حضره من الجانب الآخر مصطفى التراب المدير العام لOCP " المكتب الشريف للفوسفاط " ، ومصطفى الباكوري المدير العام ل CDG " صندوق الإيداع والتدبير "، ومحمد معتصم مستشار الملك .
بعد انصرام حوالي خمس عشرة سنة على هذا الحدث ، يتصدر اليوم ذلك الثلاثي نفسه (الساسي ، ومجاهد ، وحفيظ) حركة انشقاقية عن الحزب الاشتراكي الموحد ، الذي تقوده الأمينة العامة نبيلة منيب. (بعض نوازع الحاضر، نجد لها بعض البصمات في الماضي).
--- المخزن آلة تُكيِّف ولا تُكيَّف، تُروِّض ولا تُروَّض :
زميلي ورفيقي في النضال . لقد كنت على علم باللقاءات التي تمت بينك وبين مخاطبك فؤاد الهمة، ولقد انتظرت كثيرا للقيام بمكاتبتك تحريا للحقيقة واليقين ، وتجنبا للقيل والقال ، وكثرة السؤال ، حتى جاء الاعتراف من طرفك من خلال الاستجواب مع الصحيفة " مديرها محمد حفيظ " . وإن من قرأ ليس كمن سمع، والإقرار سيد الأدلة، ولم أر في عيب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام .
من هنا عقدت العزم على مكاتبتك من خلال هذه الرسالة ، لمناقشتك ومجادلتك بمناسبة اللقاءات / الحدث الذي أزعج الكثيرين ، وبات أكثر موضعا للتساؤل ، والمناقشة ، والحوار ، والسجال ليس إلاّ . المــخاطـبون : أولا وقبل كل شيء أتساءل : من هم مخاطبوك ؟
لقد قلت إنك التقيت بالسيد فؤاد عالي الهمة الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية ، وحضر هذا اللقاء السيد عزيز أخنوش ، وقد تم هذا بعد أن أخبرت قيادة حزبك ..
إن هذا اللقاء في نظري يطرح أكثر من تساؤل ، لكونه تم في مكان خاص ، وخارج دواليب الدولة ومع َمنْ ؟؟ مع السيد الهمة الذي هو وزير منتدب في الداخلية ، والذي من بين المهام الموكلة إليه حسب القانون : الإشراف على الأجهزة الأمنية ، ومنها الإدارة العامة للأمن الوطني " DGSN " ، جهاز مراقبة التراب الوطني " DGST " و والقوات المساعدة " FA " …إلخ . فالسيد عالي الهمة ليس مستشارا للملك ، ولا ناطقا باسمه ، ولا ممثلا له . كما انه ليس ناطقا باسم الحكومة. وما يدعو الى الغرابة أنك تحاورت معه ، وكأنه ناطق باسم الملك ، أو مكلف منه لمخاطبتك.
ومهما يكن من أمر، فقد شمل حوارك معه مواضيع عدة ، تهم الاقتصاد ، والسياسة ، والإعلام ، إلى أن قُلت ( وقد شمل بالأساس عرضا ضافيا عن الحصيلة السياسية لمغرب محمد السادس ، والأسس التي بنى عليها منظوره الإصلاحي ، ودور ومكانة الإعلام في الانتقال ، والمسلسل العادي لإعداد القوانين الانتخابية ، وغياب نية إقصائية لدى الدولة) . يذكرني هذا اللقاء ، باللقاءات التي كانت تتم بين إدريس البصري ، والفاعلين السياسيين . وهنا أتساءل : هل تغير شيء ؟ . إن وزارة الداخلية لا تزال هي أم الوزارات ..
لقد تحاورت مع هذا الرجل ، وكأني بهذا البلد ليست فيه حكومة ، ولا وزير أول ، ولا وزير للمالية ، ولا وزير للشؤون الاجتماعية ، ولا ، ولا ، ولا …. مما يدعوني إلى الاعتقاد بأن الهمة هو الكل في الكل .. فعندما قبلت محاورته بالكيفية التي أشرت إليها . أي في منزل خاص ، وبحضور فلان وفلان…، هل نسيت أو تناسيت أنك بفعلك هذا ، قد أعطيته شرعية للتحدث في إطار ، لا علاقة له بدولة القانون والمؤسسات . وبعبارة أخرى . فقد قبلت التحدث حسب قواعد النظام المخزني ، وحاورته كأنه الصدر الأعظم ، كما كان يطلق على إدريس البصري . و بهذا ، فقد خرجت عن القواعد الأساسية التي تبنى عليها دولة المؤسسات ، والتي تحدد لكل مسؤول اختصاصاته التي يجوز له الخوض فيها .
أمّا فيما يخص السيد عزيز أخنوش، فإنني أتساءل : ما هو موقعه في هذه النازلة ؟ . وما هي علاقته باللقاء الذي تم بينك بين الهمة ؟ . إن السيد أخنوش هو رجل أعمال ، وله علاقات وطيدة بالمخزن ، وهو نموذج لما يسمى بالمخزن الاقتصادي . وللتذكير فإن هذا الرجل كان من أقرب المقربين للبصري ، وأحد المشمولين برعايته وعطفه . فالصدر الأعظم السابق ، هو من أوحى لأخنوش ، من بين ما أوحى إليه شراء أسبوعية لفي إكونوميك " La vie économique " ، التي كان يديرها " شرايبيبر "، والتي كانت تزعج الحكم بصراحتها واستقلاليتها.
وأذكرك كذلك . أنه ما أن أخذ بزمام الأمور في هذه الأسبوعية ، حتى أعفى الأقلام التي كان يعتبرها المخزن مشاغبة .
أذكرك أيضا أن هذه الأسبوعية ، هي التي قامت بهجوم عنيف ، وتجريح لاذع ضد أسبوعية لوجورنال " Le journal " ، متهمة إيّاها بكونها في خدمة ، وتحت إمرة الأمير " مولاي هشام " ، الذي حسب زعمها كان يمولها . وهذا كما تعلم لا أساس له من الصحة.
وللتذكير كذلك . فإن السيد أخنوش ، رافق وزير الداخلية السابق إدريس البصري في جولاته ، لتبرير ودعم حملة التطهير ، التي كانت بمثابة مأساة على الاقتصاد المغربي ، والتي حوكم فيها عشرات من رجال الأعمال المغاربة ، بتهم ملفقة ، وفي محاكمات غير عادلة.
ولا أريد هنا أن أتحدث عن الكيفية التي لجأ إليها ، ولا عن الوسائط التي استعملها ، حتى أصبح من المقربين من جديد ، وأضحى مشمولا بالعطف الملكي .
وأتساءل من جديد . بأية صفة يحضر هذا الرجل هذا اللقاء ، ولماذا قبلت مجالسته ؟ . فهو لا يمثل حزبا ، ولا نقابة ، وليس بفاعل سياسي . وكل ما في الأمر أنه صديق لفؤاد الهمة. وأمّا الوسائط التي رتبت هذا الاجتماع ، فإنني لا أريد ذكر أسمائها الآن . أيُّ تواصـــل عندما سئلت عن الانطباع الذي تولد لدي ، عند لقائك مع علي الهمة أجبت : ( لم أكن أتصور أن مخاطبنا سيكون على تلك الدرجة من الخبرة التواصلية ، والقدرة على الشرح والتفسير ، بشكل منهجي ودقيق ) .
أتساءل معك . لماذا حرَم إذن عالي الهمة أعضاء البرلمان ، وأعضاء الغرفة الثانية من هذه الخبرة التواصلية ، وهذه القدرة على الشرح والتفسير، علما بأنه لم يحضر، حسب علمي، يوما في جلسات هاتين الغرفتين ، ولم يثبت ذات يوم أنه نطق ببنت شفة أمامهما . فعن أية خبرة تتحدث ؟؟ .. ألا يعد عدم حضوره أمام هذه المؤسسات المنتخبة ، احتقارا لهما ، ولمفهوم الديمقراطية الذي يفرض على الوزير ، أن يكون حاضرا ، ومفسرا ، ومجيبا ، وبصورة علنية أمام المجالس المنتخبة على تساؤلات المنتخبين ..
فأين هذه القدرة التواصلية ؟ وأين تكمن هذه القوة ؟؟.
إن الرجل وطيلة ست سنوات ، لم يدل إلا باستجواب واحد " للأحداث المغربية " ، والذي هاجم فيه من بين من هاجم ، الصحافة المستقلة والكابتان مصطفى أديب ، وهشام المنضري ، ومن سماهم بالعدميين .. كما لم يسمع المغاربة قط صوته ، لا في الإذاعة ، ولا في التلفاز، وكأني به شبح من الأشباح التي تُكوّن النظام المخزني، والتي لا تتقن التواصل ، إلاّ من خلال الهواتف ، وفي الغرف المقفلة ..
نعم . إذا كنت تقصد بالقدرة التواصلية تلك الاجتماعات المغلقة ، التي كان ينظمها مع بعض الصحفيين ، من أجل مهاجمة الصحافة المستقلة ، واتهام صحافييها بالتآمر على الدولة .. إذا كنت تقصد هذا ، فأنا متفق معك .. إن التواصل الحقيقي ، هو ذلك التواصل الذي يكون معلنا ، وعلى مرأى ومسمع من الجميع . عندئذ يحترمه المواطن ، لأنه يصبح على علم بما يفكر فيه المسؤولون.
--- المحيط الملكي والرؤيا :
أما فيما يخص الاستنتاجات التي خرجت بها من اللقاء ، فسأناقشها معك تباعا :
---- أولا ) المحيط الملكي : صرّحت : (إن محيط الملك ، يتوفر على قدر مهم من الوضوح في الرؤيا ، ولا يمارس تجربة عشوائية . هناك مشروع عام يحكم الممارسة ، وليس هناك فقط مبادرات متفرقة . بل هناك تحليل يؤطر الرؤيا ) .
إذا كان الوضوح في الرؤيا موجودا ، فأنا أقول ، بأنه لم يسمع به المغاربة يوما قط ، وأن كل ما يعرفونه بالملموس ، هي تجارب عشوائية ، لا تندرج في رؤية متكاملة . وفي هذا النطاق . كيف تفسر مثلا ، وجود برنامج حكومي قدمه الوزير الأول أمام البرلمان ، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؟.
أيهما يمثل مشروع الدولة ؟
أليس هناك تضارب وازدواجية في الرؤيا ؟
ألا يوجد كذلك تعدد مواقع القرار ؟.
تتحدث عن رؤيا واضحة ، والحقيقة أنه منذ تولي الملك محمد السادس العرش ، عرف المغرب ولادة مجالس استشارية ، ومؤسسات اجتماعية ، واقتصادية ، وهيئات متعددة أخرى .. وكلها لا تخضع لمراقبة منتخبي الشعب ، ولا للحكومة . فهي تؤسس بمقتضى ظهائر ملكية ، تحدد اختصاصاتها ، ويسمي الملك أغلبية أعضائها ، ولا يسألون إلاّ من طرفه ..
فهي إذن مؤسسات تعمل خارج دواليب الدولة ، وقد أصبحت تتكلف بحقوق الإنسان ، والمظالم ، والإنصاف والمصالحة ، والشؤون الصحراوية .. وكل هذه المؤسسات الاستشارية يُطلب منها رفع توصيات إلى الملك ، من أجل البث فيها ، واتخاذ ما يظهر له من قرارات. وهكذا أسندت إلى هيئة الإنصاف والمصالحة مثلا …. تقديم اقتراحات للتعديل الدستوري . ألا نجد أنفسنا اليوم أمام دولة داخل الدولة ؟ .
هل يبقى في هذه الحالة دوْرً للوزير الأول ، وللحكومة ، وللمؤسسات التشريعية وللأحزاب ؟؟.
وكيف يمكن لك أن تتكلم عن رؤيا واضحة ، وفي الحكومة ما لا يقل عن ثمان وزراء السيادة لا يخضعون لسلطة الوزير الأول ، وكل واحد منهم يناجي ليلاه …
هل تتذكر مثلا كيف عولجت مشكلة جزيرة ليلى ، حيث اتخذ القرار بإنزال وحدات عسكرية فيها ، ولم يكن الوزير الأول السيد عبد الرحمان اليوسفي على علم بذلك ؟؟
أهكذا تسير دولة ديمقراطية ، ودولة حداثية ، ودولة عصرية ، ودولة لها مؤسساتها المنتخبة ؟؟ .. لا وألف لا... إن هذا النوع من ممارسة الحكم ، وهذه الكيفية في اتخاذ القرار السياسي والعسكري ، هي من مميزات الدولة المخزنية البعيدة عن الحكامة الجيدة .
فإذا كان لهذا المحيط رؤيا واضحة كما تقول ، والتي تعد القضايا الاجتماعية من مكوناتها واهتماماتها . فكيف تفسر الانتفاضات التي عمت جميع أطراف البلاد ، والتي عرفها العهد الجديد ، وما لم يعرفه مغرب الحسن الثاني بكل من الحسيمة ، والناضور ، وطانطان ، وبني ملال ، وآيت باعمران…ناهيك عن " بوعرفة " حيث خرج المتظاهرون يطالبون بالالتجاء إلى الجزائر ….؟.
إن هذه الانتفاضات ، كلها كانت تلقائية ، قام بها مواطنون ومستضعفون في الأرض ، يطالبون بحياة كريمة ، وعيش أفضل ، حيث أنهم لا يتوفرون على أدنى شروط العيش الكريم . وهنا تبدو لك الرؤيا المتذبذبة بكل آثارها الوخيمة .
--- ثانيا ) المحيط الاقتصادي :
إن المحيط الملكي ، هو الذي أصبح يقرر ، ويتحكم في الاختيارات الاستراتيجية ، في الميدان الاقتصادي والمالي ، جاعلا من الأونا ONA قاطرة ومحركا للاقتصاد المغربي .. نظرا للتخوف المزعوم للقطاع الخاص .
أليس هذا المحيط ، هو الذي دفع الملك ، لأن يصبح الفاعل الاقتصادي ، والمالي الأول في المغرب ؟ .
أليس هذا المحيط ، هو الذي ناور من أجل مخزنة إدارة " الكونفدرالية العامة للمقاولات " الذي صرح رئيسها الجديد ، أنه ليس خطرا أن نأخذ بعض الحرية مع الديمقراطية ، وأن نتساهل في إبرام العقود من دون أن نتشبث فقط بطلب العروض المفتوحة ؟ .
ولنضرب مثلا عن هذا المحيط الاقتصادي ، في شخص محمد منير المجدي ، رئيس شركة " إف سي كوم " . هذا الرجل نجد من جملة "" إنجازاته "" ، تماطله عن تأدية الواجبات القانونية : ( راجع النقاش الدائر بين عمدة الدار البيضاء ، ومنير المجيدي حول اللوحات الإشهارية ، ورفضه تلبية الاستدعاء من محكمة أكدير كشاهد ، ضاربا عرض الحائط مقتضيات القانون) .
كما أذكرك . أنه عندما كلفه الملك بالاتصال بالسيد عبد الله إبراهيم ، لما كان طريح الفراش ، تساءل صاحبنا باندهاش، من هو هذا المسمى عبد الله إبراهيم ؟؟.. وأعتقد أن تساؤله يدل على عمق ثقافة الرجل ، بتاريخ وطنه ، ورجالاته ، ومن صنعوا أمجاده ؟؟
أليس هذا المحيط الاقتصادي هو الذي أوحى إلى الملك ، أن " تلسينت " تزخر بالنفط ؟
أليس هذا المحيط هو الذي أوحى إلى الملك ، بإلقاء خطاب ليزف لشعبه هذه ( البشرى ) / تم تبين أن لا وجود لهذا النفط .. وهكذا أحرجوا الملك أمام شعبه . وكأني بالحسن اليوسي في رسالته التاريخية إلى المولى إسماعيل ، وكأنه يقصد المحيط الاقتصادي للملك الآن عندما قال ( لقد جرّوا ذيول الظلم على الرعية ، فأكلوا اللحم ، وشربوا الدم ، وامتصوا العظام ، وامتصوا المخ ، ولم يتركوا للناس دينا ولا دنيا ) . ثم يضيف مخاطبا الملك بأن (لا يغتر بكل من يزين له الوقت ، فإن كثيرا من الدائرين به طلاب الدنيا ، لا يتقوا الله تعالى ، ولا يتحفظون من المداهنة ، والنفاق ، والكذب ) .
هل نسيت أن معظم أعضاء هذا المحيط ، والذين يمارسون السلطة الفعلية اليوم ، والذين يسمون برجال العهد الجديد ، كفؤاد الهمة ، وياسين المنصوري ، والشرايبي، وآخرون…هم أصدقاء الملك في الدراسة ، تكوّن أغلبيتهم في دهاليز وزارة الداخلية ، وتحت الإشراف المباشر للصدر الأعظم إدريس البصري آنذاك .
--- ثالثا ) تقول : "" أن مخاطبك كان يتحدث بشكل شمولي ، ولم يحصر كلامه في قطاع محدد هو قطاعه الرسمي . بل استعرض فعل الدولة بمختلف مرافقها واهتماماتها "" ..
أليس هكذا كان يتكلم ادريس البصري ؟
أتساءل كيف يبيح الهمة التكلم باسم الدولة ؟ .
فمن أين يا ترى تأتي مشروعيته ؟
ومن كلفه بالكلام باسم الدولة ؟
وهنا أتوجه إليك باعتبارك أستاذ في القانون ، وأقول لك . هل تناسيت أن الدولة تعرف بثلاثة ركائز هي : الشعب ، والأرض ، والسلطة السياسية . وتعني هذه الأخيرة ، حكومة ومصالح عمومية ؟ .
فعندما يتكلم على الهمة ، بشكل شمولي ، فإنه ينصب نفسه كما أشرنا إليه سلفا ، ناطقا باسم الدولة ، وبذلك ينتحل صفة الوزير الأول ، ويصبح فعلا صدرا أعظما ، وهذه هي ثقافة وتقاليد الجهاز المخزني ، الذي آمل أن تبقى كما كنت من مناهضيه….
لماذا لم يطالب حزبك بمحاورة الملك ، أو محاورة الوزير الأول ، و أضعف الأيمان أحد مستشاري الملك ؟؟
لماذا قبلتم محاورة الهمة بالضبط ؟ .
هل لقربه من الملك ؟
هل لنفوذه القوي على مستويات متعددة داخل الدولة ؟؟
هل أنت واثق من أنّ ما يقوله مخاطبك الهمة ، وما يبلغه إليك باسم الملك هو عين الحقيقة ؟
وهل أنت واثق بأن كلامك سيصل إلى الملك كاملا ؟
أقول هذا عن تجربة ، لأنني تذاكرت مع السيد الهمة ساعات طوال ، وكان ذلك في بداية العهد الجديد . ولقد كان حديثه معي يشبه في مضمونه ما قاله لك . أي حرص الدولة على إقرار الديمقراطية ، وإقامة دولة الحق والقانون و.. و.. متعهدا أنه سيجعل حدا لانتهاك الحريات العامة ، ويضمن حرية الصحافة ، وينهي الاختطافات والتعذيب ، ويضمن انتخابات شفافة …
وها نحن وبعد مرور ست سنوات ، لا نرى شيئا تحقق مما قاله ، ولا شيئا تبدل في هذا البلد .. فالاختطافات مستمرة ، والاعتقالات التعسفية منهج قائم لحد الساعة ، بالإضافة إلى التعذيب ، وتفشي الرشوة ، وأصبح الإفلات من العقاب ممارسة ثابتة . وأذكرك في هذا الصدد بما وقع " للشريعي " في آسفي ، وما وقع لمستخدمي القصر الملكي بمراكش ، ولمستخدمي الخطوط الجوية الملكية ، وما حصل لرجال ونساء العرائش ، حيث مورست على كل هؤلاء أشد أنواع التعذيب ، بما في ذلك الجلوس على القنينات . أضف إلى هذا ما عانته مناضلة من " جماعة العدل والإحسان " " حياة بوعبدة " من آسفي ، حسب الشهادات التي أدلت بها لجريدة الأيام واللائحة تطول .
كما أذكرك بالمواطنين الذين لاقوا حتفهم بمخافر الشرطة ، بكل من سلا ، والدار البيضاء ، والعيون ، ومدن أخرى، وما وقع للكابتان مصطفى أديب ، والضابطين " الزعيم " و" الجلطي " ، اللذين اعتقلوا وحوكموا ، وكان ذنبهم الوحيد أنهم فضحوا الرشوة التي تنخر المؤسسة العسكرية حسب معطيات الملف . أضف إلى ذلك المحاولات الانتحارية الجماعية التي قام بها الدكاترة المعطلون ، والمكفوفون ، والتي أدت إلى إصابات خطيرة متعددة ، ناهيك عن فضيحة " النجاة " الذي ذهب ضحيتها ما لا يقل عن ستين ألف شاب انتحر أربعة منهم .
ومن باب التذكير ليس إلاّ مما عرفه المغرب منذ بداية العهد الجديد من محاكمات ، كمحاكمة القرض الفلاحي ، والقرض العقاري والسياحي ، والبنك الوطني لإنماء الاقتصادي ، والضمان الاجتماعي و..و.. وما صاحب ذلك من ضجة إعلامية خفتت الأن ، وجمدت المتابعات إنْ لم نقل دخلت في خبر كان . على أن المحاكمات الوحيدة التي توجت بحكم ، هي محاكمة الصحفيين (المرابط ، مصطفى العلوي ، بوبكر الجامعي ، أحمد بنشمسي ، و عدد من صحافيي الصحافة الجهوية) ، وذلك بسرعة ليس لها مثيل ولم تكن أية من هاته المحاكمات محاكمات عادلة، حيث امتنعت من استدعاء الشهود ، وخرقت أبسط المساطير ، مما أدى في غالب الأحيان إلى انسحاب هيئة الدفاع .
وسيتذكر التاريخ بنوع من السخرية ، المحاكمات التي عرفت بمحاكمات "الحجر المقدس" ، و"العمارية المقدسة" ، والحكم الفريد من نوعه والذي لم يعرف التاريخ مثلا له ، ألا وهو حرمان المرابط من الكتابة لمدة عشر سنوات ، والمغنيين (عبدة الشيطان) .
--- رابعا ) تقول : (إن الخطاب المدلى به ، يربط بشكل وثيق ، بين شخص الملك / وحركية الدولة بمختلف مستوياتها . فما يجري في البلاد ، هو إنتاج مهندس مركزي ، وثمرة تخطيط مسبق ، وضع الملك شخصيا مقوماته ، وقاعدته الصلبة ، بعد متابعة شخصية للواقع ، وجرد للمتطلبات ، ورسم للأولويات) .
فبقولك هذا تقر أننا أمام ملكية تنفيذية ، حيث الملك هو صانع القرار ، والمهندس المركزي ، والمخطط الوحيد ، والمتابع الشخصي للوقائع . فإذا كان الأمر كذلك . لماذا نثقل كاهل الدولة وميزانيتها ، بحكومة ، وبرلمان ، ومجلس للمستشارين.. وغيرها من المؤسسات التي تصبح في أحسن الأحوال ، هيئات فارغة جوفاء ، مهمتها التسجيل والمصادقة ؟ .
أليست هذه مقومات الحكم الفردي؟ .
إذا كان كذلك ، فإني لا أرى مانعا في هذا ، لكن شريطة قبول الملك للمساءلة والمحاسبة ، ما دام يقرر في مستقبل الوطن ، ومستقبل المواطنات والمواطنين ؟ .
لا يمكن ولا يقبل أن يمارس فردا الحكم ، دون أن يكون مسؤولا عن تبعات قراراته واختياراته. وهنا وجب التذكير بمقولة " أبي بكر الصديق " لما تولى الخلافة ، لأن الملك في بلادنا هو أمير المؤمنين : " إني وليت عليكم ولست بخيركم ، إن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ، ألا إن الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له ، ألا وإن القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم" .
كما أذكرك بقولة " عمر بن الخطاب " عند توليه الخلافة كذلك . " الحمد لله الذي جعل لي أصحابا يقومونني إذا اعوججت " . ولطالما كان يقول للناس كذلك . " لا تقولوا الرأي الذي تظنونه يوافق هواي ، وقولوا الرأي الذي تحسبونه يوافق الحق ". إنهم عندما يجعلون من الملك هو الدولة ، والدولة هي الملك ، فإنهم ينسفون مقومات الدولة الديمقراطية ، مُتخلين عن الملكية البرلمانية التي كنت تنادي بها ، ناهيك على أنهم يضربون عرض الحائط مبدأ فصل السلط . وهكذا يوحوا وكأن البلد أصيب بالعقم ، وابتلي بالقحط ، فلا فكر ، ولا ثقافة غير الفكر والثقافة المخزنية السائدة .
وهكذا كذلك يحملون الملك ما لا طاقة له به ، ويجعلونه في المواجهة ، فيغدوا مسؤولا وحيدا على كل شاذة ، وفادة ، وفي خط المواجهة دون درإ ، وفي نفس الوقت يبرئون أنفسهم .
--- أي حــــــداث :
في فقرة أخرى تصرح ، أن (مشروع الدولة في جوهره ، يحمل شحنة حداثية ، وأنّ المطلوب الاقتناع بوجود هذه الشحنة ، ومداها . وهذا يعني بالتبعية طلب إدراك المجال المشترك بين مشروع الدولة ، كما يقدمه مخاطبنا ، ومشروع تيار سياسي معروف بأفكاره التقدمية ، كالحزب الاشتراكي الموحد . ومن تم تنبع ربما دعوة موجهة إلينا للتفكير في توابع الاقتناع بحيوية المجال المشترك) .
لقد كان عليك أن تفسر : ما هي حداثة الدولة التي تتحدث عنها ، وما هي شحنتها ؟
أهي التي يتضمنها الفصلين 19 و 24 من الدستور ؟
أتتحدث عن حداثة تقبيل الأيادي ؟
أهي الحداثة التي يقصدها أمين الحزب الاشتراكي الموحد السيد محمد مجاهد ، عندما صرح لجريدة "أوجوردوي لوماروك" " Aujourd’hui le Maroc " في عددها 1215 : " أما فيما يخص سلطة الملك ، فإننا ناضلنا دائما بأن تكون يد الملك هي اليد العليا ، على جميع الملفات الكبرى للبلاد : إمارة المؤمنين، تقنين الحقل الديني ، الخارجية موازاة مع الحكومة ، حالة الاستثناء ، الجيش الملكي ، علما أن الملك هو ضامن حماية التراب الوطني ، ووحدة البلاد " .
فأين خطابك حول ملكية يسود فيها الملك ولا يحكم ؟
أين مسودة حزبك حول التعديلات الدستورية ؟
أين هي الدولة التي تريد أن يكون فيها الفرق بين الدين والدولة ؟
ألست أنت القائل "أن الاتحاد الاشتراكي أصبح لا يجادل في نوع من ممارسة الحكم التقليدي ، مما يطرح مشكلة الحداثة السياسية " (تيل كيل) .
ألست أنت الذي ناديت على صفحات الاحداث المغربية ، بإقامة ملكية برلمانية على النمط الاسباني ؟
ألست أنت القائل " أنه لن تكون هناك ديمقراطية في البلاد ، دون إصلاح دستوري حقيقي " ؟
ألم تكن من الذين يقولون أنه ليست لدينا ملكية دستورية ، بل لدينا دستور ملكي ؟
فعلى أية حداثة تتكلم اليوم ؟
وبالرجوع إلى خطاب السيد مجاهد ، يمكننا أن نجزم أن هذا الخطاب ، يمكن أن يَرِد على لسان عباس الفاسي ، أو العثماني ، او أحرضان ، أو اسماعيل العلوي . وما كنت أتصور يوما أنه سيصبح خطاب حزب يساري تقدمي . ومما سبق ، يبقى مفهوم الحداثة عند المخزن غامضا يحتاج إلى تفسير وتدقيق .
إن الحداثة والمخزن نقيضان ، وأضدادا لا يمكن أن يجتمعا أو يتعايشان . إن الملكية التي نعيشها اليوم ، هي ملكية تقترب كثيرا من ملكيات العصور الوسطى ، حيث يحكم فيها الملك ويسود ، وحيث نُطْقه يصبح قانونا ، كما يزعم ذلك عبثا عدد من الحقوقيين، والساسة ، والبرلمانيين .. فعلى أية حداثة تتكلم ؟
--- أي شرعيـــــة ؟
في جوابك لإحدى الأسئلة تقول : (لنا ثقة في أنفسنا ، ومن واجبنا أن نسمع الرأي الرسمي المعبر عنه ، بشكل مباشر على لسان ممثلين للدولة) .
إن السيد الهمة إذن في منظورك يمثل الرأي الرسمي .
فمن أعطاه يا ترى هذه الصلاحية ؟
الدستور؟
القانون ؟ ..
أهو مكلف من قبل الوزير الأول ؟
وما ذا تعني بممثلي الدولة ، كان عليك أن تبين من هم ؟
وما موقعهم؟
وما شرعيتهم؟
وجب عليّ تذكيرك أن السيد الهمة ، ليس بمنتخب ، ولا ينتمي لحزب، والشرعية الوحيدة التي يمكنه أن يحتمي بها ، هي شرعية التسمية والوظيفة . فكيف يمكن له أن يتحدث باسم الدولة ، اللهم إذا كانت الدولة من النمط المخزني ، إذ ذاك يصدق كلامك ، وعندئذ تكون أمام صدر أعظم " كبّا احماد " يخاطبك باسم المنظومة المخزنية .
--- أي إعــــــلام ؟
لقد تجاذبت مع السيد الهمة الحديث ، (عن دور ومكانة الإعلام في الانتقال ، والمسلسل العادي لإعداد القوانين الانتخابية) . والكل يعرف هذه المكانة التي أشرنا إليها أعلاه ، والتي جسدتها المحاكمات التي طالت الصحافة ، والتي ألمحت إليها سابقا ، ورغم ذلك أذكرك أن اللقاء الذي جمعك مع الهمة كان يوم 21 يوليو ، وفي يوم 24 من نفس الشهر أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ، حكما بغرامة قدرها مائة ألف درهم خلافا ، لما يقتضيه القانون الذي يحدد هذه الغرامة في خمسين ألف درهم فقط ، في حق " لوجورنال " في ملف الشكاية التي رفعتها مديرة الأخبار في القناة الثانية ضد أبو بكر الجامعي .
كما أذكرك أنه سبق لمحكمة الاستئناف بالرباط ، أن حكمت للمسمى " كلود مونيكي " ضد جريدة " لوجورنال " بملغ يفوق الخيال ، وهو ثلاثة ملايين درهم في محاكمة غير عادية ولا عادلة . وأذكرك أن " مونيكي " هذا صهيوني معروف ، احتضنته وسائل الإعلام الرسمي ، وخاصة القناة الثانية ، وهو الذي سبق أن نشر مقالا أكد فيه ، أن أسعد يوم في حياته هو اليوم الذي تم فيه اغتيال " الشيخ ياسين " على يد الجيش الإسرائيلية ، وأنت تعرف ذلك حق المعرفة ، ولقد استضيف هذا الرجل قبل أيام ، والحرب ضد لبنان على أشدها ، من قبل رئيس المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء خلي هنا ولد الرشيد ، ولعلمك فقد نشر " مونيكي " عبر الانترنيت مقالا ، يتهم فيه حزب الله بمجموعة من الإرهابيين القتلة ، شأنه في ذلك شأن اتهامات العدو الصهيوني، وذلك في وقت كما تعلم ، تخاذلت وسائل الإعلام المرئية الرسمية في متابعة الحرب الهمجية الإسرائيلية على لبنان وفلسطين.
وأخيرا لابد أن تعرف أن المجلس الأعلى السمعي البصري ، والذي لا يمكن أن يقال أنه مجلس مستقل ، وتعلم مكوناته وقدراتهم ، قد أصدر في شكاية " لوجورنال بتاريخ 26 يوليوز" ، قرارا برفض التظلم الذي قدم أمامه ضد القناتين الأولى والثانية ، وأكد بذلك ما كان منتظرا منه ، وهو الابتعاد عن الموضوعية وعن الحياد ، خصوصا وأن من بين من شارك في إصدار القرار ، من سبق أن تهجم على لوجورنال ، وأبان اتجاهه الخصومة والحقد .
--- عن القانون الانتخابي :
وبخصوص النقاش حول القانون الانتخابي ، أعتقد أن ما يسمى بالاستحقاقات سنة 2007 ، ستكون من أكبر المهازل التي ستقع . ذلك أنه إذا ما فرضنا جدلا أن المخزن قبل تعديلاتكم ، وكانت الانتخابات نزيهة وشفافة ، فذلك لن يغير في الأمر شيئا . إنك تعلم أنه لو حصل أي حزب أو تحالف على أغلبية مطلقة بالبرلمان المقبل بغرفتيه ، فإن الحكومة التي ستتكون ، ستكون كسابقاتها . أي مجموعة من موظفين كبار ، وبداخلها وزراء سيادة ، لا ينتمون إلى أي حزب . لنفرض جدلا كذلك عدم وجود وزارات السيادة ، فإن هذه الحكومة لن تمارس الحكم لسبب بسيط أنت تعرفه ، وهو أنه ما لم يتم تعديل دستوري ، وخاصة المواد 2 و19 و23 و24 و39 و56 و60 ، فستبقى دار لقمان على حالها ، وسيبقى القرار الأول والأخير في يد الملك ، ومحيطه . أي سنبقى في النسق المخزني . وهكذا فإن النقاش حول القانون الانتخابي هراء وكلام فارغ .
--- الاجتماع الثاني :
وفيما يتعلق بالاجتماع الثاني ، والذي تم في منزل السيد الهمة (وهكذا انتقلنا من فضاء محايد إلى فضاء مخزني وهذا التحول له دلالته) ، والذي حضره كل من السيد مصطفى التراب مدير المكتب الشريف للفوسفاط ، ومصطفى الباكوري مدير الصندوق الإيداع والتدبير ، ومحمد معتصم مستشار الملك ، وفؤاد علي الهمة طبعا ، فإني أخبرك أن بعضا ممن حضروا هذا اللقاء ، لم يشعروا إلا ساعات قليلة قبل هذا اللقاء ، ولم يكن في علمهم أن له أبعاد سياسية .
إني أتساءل ، وأستعير عبارة استعملتها سابقا ، ألا وهي ما محلهم من الإعراب في هذا الاجتماع ؟
فالتراب والباكوري هما تقنوقرطيان، وليسا بسياسيين. فماذا يعني الجلوس معهما في لقاء تقول عنه ، أنه لقاء مع مسؤول للدولة . لقد كنتم وفدا سياسيا ، فكان من الضروري واللازم ، أن يكون في مقابلكم مسؤولين مفوضين ، كما كنتم أنتم مفوضين . إن هذا السلوك هو الذي يجسم بما لا يدع مجالا للشك ، النظام المخزني ، حيث يختار من يشاء من مُجالسيه ، وفي الوقت والمكان الذي يشاء ، والمواضيع التي يريد التطرق إليها .
قلت في مستهل حوارك ، أنك توجهت للاجتماع الأول والثاني ، دون أن تكون لك فكرة عن المحاور التي سيتناولها النقاش ، وأنه لم يكن هناك جدول أعمال محدد .
أهكذا تكون اللقاءات السياسية ؟
أهكذا تحضر الاجتماعات ؟
ألم يكن حريا بك أن تستشير وتأخذ الحيطة والحذر ؟.
ألا تعلم أن من الحزم سوء النية . " أنا يا صاحي لطول مراسي علمتني الأيام أبلغ درس"
-- المسكوت عليه :
إن ما أثارني كذلك في هذا الحوار ، هو المسكوت عليه . إنني لم أفهم كيف جالست وزير منتدب للداخلية ، ولم تثر في مقدمة النقاش وضع حقوق الإنسان ، والخروقات التي يعرفها المغرب ، وكذا التعذيب الذي يمارس على المواطنين ، والاختطافات التي ترتكب في قارعة الطريق ، وفي واضحة النهار ، وعلى ما وقع من تعدي بعد أحداث 16 ماي على 2000 معتقل بتهمة الإرهاب ، والانتماء لما سمي بالسلفية الجهادية ، والذين عذبوا أشد عذاب ، وحوكموا في محاكمات غير عادلة . كيف لم تُثِر مراكز الاعتقال السري ، المراكز التي وضعت رهن إشارة المخابرات الأمريكية، CIA كما تداولتها الصحف الأمريكية والفرنسية ، وأخرها، LE MONDE DIPLOMATIQUE والبرلمان الأوربي ؟.
كان ينبغي عليك قبل أي حوار مع فؤاد الهمة ، أن تطلب منه أن يجعل حدا للاختطافات ، والتعذيب ، وخرق القانون ، واحترام حقوق الإنسان ، والكف عن قمع حاملي الشهادات المعطلين بجميع فئاتهم ، من دكاترة ، ومجازين ، ومعوقين، من لذن أجهزته الأمنية .
ألم يكن حريا بك ، وأنت من ورثة فكر ونضال المهدي بنبركة ، أن تطلب منه . لماذا أعاقت أجهزة الدولة البحث في هذا الموضوع ، وعرقلت التحريات التي يقوم بها القضاء الفرنسي ؟
كان عليك ان تستفسره عن من حرّض ، وأطر المظاهرات ضد لوجورنال ، وما دور رجال السلطة الذين كانوا في موقع المظاهرة يعطون الأوامر .
كان عليك أن تطلب منه . لماذا لم يقم بتحريات في هذا الموضوع ، كما كان عليك ان تسأله . لماذا منع ضحايا سنوات الرصاص من ذكر أسماء جلاد يهم ، ولما لم يتابعوا الجلادين في هذا البلد كاليوسفي قدور، جلادون يصولون ويجولون في ربوع هذا البلد ، آمنين مطمئنين
. كان عليك أن تسأله . لماذا مورس العنف ضد النخبة التي أرادت الاحتجاج ، على اتفاق التبادل الحر بين الحكومة المغربية ، والولايات المتحدة ، والتي طالت نخبة من الفنانين ، والأطباء ، والحقوقيين ، .. والسينمائيين ، كعيوش ، وحكيمة حيميش ، وأمين عبد الحميد ، وغيرهم .. حيث انهالت عليهم هراوات رجال الأمن ، الذين هم تحت إمرة فؤاد الهمة.
هذه هي الحداثة المخزنية وإلاّ فلا . هذه هي الأسئلة التي كان على عالي الهمة أن يجيب عليها .
ألا تعتقد أن سكوتك عن هذه الأسئلة ، يمكن أن يفسر بأن هاذين اللقاءين قد جبا ما قبلهما . أي الخروقات التي ارتكبتها الأجهزة التي تحت إمرة مخاطبكم . فإن لم تطرح أنت هذه الأسئلة فمن سيطرحها يا ترى ، عباس الفاسي، أحرضان ، أو اليازغي ، أو إسماعيل العلوي. من ؟
كان عليك أن تطرح في اللقاء الأول هذه الأسئلة ، وتشترط لإجراء حوارات أخرى أن يجيب عنها ، وأن يتخذ القرارات اللازمة لوقف الخروقات ، وغير ذلك من أنواع التعسفات حتى يبرهن على مصداقيته . ألم يكن في تلك اللحظة ، التي كنت تخاطب فيها فؤاد الهمة ، يدوي في مسمعك أنين وصراخ المعذبين ؟
ألم يخطر ببالك أنك وقعت في مصيدة ؟
ألم تتساءل لماذا استدعي فردان من الوفاء الديمقراطي ؟
أتعتقد أن هذا الاختيار كان عفويا ؟
ألم يكن ذلك لحاجة في نفس يعقوب ؟
ألم يكن الهدف هو خلق شرخ داخل مناضلي الوفاء للديموقراطية ، وشرخ أخر داخل حزب اليسار الموحد ؟.
ألا تعتقد أن الهدف كان هو استعمالك أنت وحزبك كورقة ضغط ، يمكن أن يوظفها المخزن عند الحاجة ، ضد أحزاب الكتلة ، والعدالة والتنمية ؟.
إن المخزن ولا شك يعرف أن حزبكم فتي ونخبوي ، ليست له قواعد جماهيرية واسعة ، ولا تنظيمات محكمة .
إنك تعلم أنه لو خضتم الانتخابات المقبلة ، لن تحصلوا على عدد أصابع اليد من المقاعد . ألم يكن من الأجدى أن تتهيؤوا لانتخابات 2012 ، وأن تقتصروا في 2007 على خوض الانتخابات ، القروية والبلدية ، في نطاق تحالف مع جمعيات الدكاترة ، والمجازين المعطلين التي تضم ما يناهز عشرات الآلف من المنخرطين ، وكلهم واعون سياسيا . جمعيات لها مكاتب في كل قرية ، ومدينة في المغرب.
ويمكن أن يضاف إلى هذا التحالف ضحايا النجاة (ستون ألف) . إن قوتك كانت تكمن في إشعاعك السياسي والفكري ، ورمزيتك ، وعدم رضوخك للمخزن ، ورفض تعاملك بالسرية ، وبين معارج أصحاب القرار .
ما كان يريده المخزن ، هو أن يجالسك وتجالسه بعيدا عن الأضواء ، لتصبح كسابقيك من اليساريين الذي أصبحوا روادا ، في مؤسسات المخزن ، وأنت تعرف كيف استغلهم المخزن ، ثم تركهم جانبا .
أنسيت أن المخزن يبدأ دائما بمغازلة الأفراد ، قبل أن يخاطب المنظمات الذين ينتمون إليها . وأذكرك في هذا الصدد بما كتبه محسن عيوش "عندما يريد المخزن أن يحاور ، فإنه لا يخاطب المؤسسة ، ولا يطلب منها أن تعيين ممثلا عنها . إنه يتوجه رأسا إلى ممثلي هذه المنظمات فرادى . لأنه عندما تكون وحيدا ، تكون سهل المنال ، وتكون كدافيد ضد گولياط." .
إن المخزن لا يتجه إلا إلى الذي يعتقد أنه قادر على إقناعه . وأحيلك على المقال الذي نشر في جريدة لوجورنال بتاريخ 7 فبرلير 2004 ، والذي يصرح فيه المفكر " ريمي لوفو " ، "أن الكلمة المفضلة عند المخزن هي التوافق". كلمة سحرية تعطي الانطباع بأن كل طرف قدم تنازلا، وهكذا يتم تحييد كل صوت مخالف للرأي المهيمن (NEUTRALISER LA DISSIDENCE) .
ألا يعد جلوسك مع المخزن في شخص فؤاد الهمة ، إعطاء الشرعية لهذا النظام المخزني ؟
لقد كانت فئة من الأجيال الصاعدة ، ترى فيك المناضل الشريف الذي لم يتمكن المخزن من استقطابه . كيف ستواجهها ؟ ألم تخيب أمالها ؟ أتعتقد أن الحزب الاشتراكي الموحد له القوة الكافية الآن في المشهد السياسي ، حتى يكون قادرا على التأثير فيه ولو قليلا ؟
هل تعتقد أنه بإمكان اليسار الموحد أن يغير المخزن من الداخل ؟
إن تجربة الاتحاد الاشتراكي خير دليل على عدم فعل ذلك . إن المخزن آلة تُكيِّف ولا تكيَّف، تروّ ض ولا تروَّض .
لماذا لم تعقد ندوة صحافية فور انتهاء اللقاءين ، لتخبر المواطنين بما دار في هاذين الاجتماعين ؟ .. هذا واعلم أن المخزن هو من سرب اللقاء الأول والثاني ، وذلك بروايته الخاصة .
ألا تعتقد أن من بين الأهداف الأساسية والحقيقية ، والتي سعى إليها فؤاد علي الهمة ، قد وصل إليها ، حيث يمكنه أن يقول لقد جالسْنا محمد الساسي . وهكذا جند جرائده لإبراز هذا اللقاء فكتب أحدهم : "إن الملكية أخذت المبادرة لاحتواء هذا اليسار المتطرف ، كما فعل مع المعتقلين السياسيين السابقين ، كبنزكري وأصدقاؤه". أما أخر فعنون مقاله: _TONNANT RETOUR EN GRCE DU PETIT PSU .
إن التحالف الاستراتيجي لن يكون أبدا مع اليسار الاشتراكي الموحد ، وإنما مع حزب الاستقلال ، والاتحاد الاشتراكي ، والتقدم والاشتراكية ، والحركات ، وغالبا مع العدالة والتنمية .
وأخيرا أيها الرفيق . إنك لن تحسب رسالتي هاته أنها دعوة مني إلى السلبية ، والجمود السياسي أو الفكري. وبمعنى أخر . ليست رسالتي دعوة إليك ، وإلى حزبك ، أن تتسلحوا فوق الجبال ، أو تضعوا المتاريس في الشوارع . بل إنني بقدر ما أقدر المسؤولية بخصوص الحوار والصراع السياسي مع الخصوم السياسيين ، والتعاون والالتقاء مع الحلفاء ، بقدر ما أقدر المنهجية الواضحة ، والتعامل الشفاف على قواعد ومبادئ متفق عليها ، لفرض اختيارات حزبكم الكبرى على الدولة ، وأجهزتها ، وبالتالي فإن موقفي واضح بكل معنى الوضوح . أي أن اتصالكم بممثلي المخزن ، لا يجب أن يُغيّب الدفاع بصلابة ، عن الثوابت التي بني عليها حزبكم ، من دون تغيير لغة الخطاب ، ليصبح خطابا للمجاملة والمداهنة .
لست من دعاة التيئيس . بل أنا من مناصري الوضوح ، وهو ما يدفعني إلى مطالبتك أنت ورفقائك في الحزب ، أن تحددوا نطاق حواركم , وأسلوبه ، وأهدافه حتى لا يختلط علينا وعلى الرأي العام ، الأهداف من قراراتكم للتواصل مع دولة المخزن .
كما أنني أومن بأنك مناضل نقي تحب الخير لهذا البلد ، ومؤمن بالأفكار التي كافحنا من أجلها سويا . فما يقع بيننا اليوم هو اختلاف في الرؤيا ، واختلاف في الاجتهاد ، ولا يمس التقدير بيننا في شيء .
إنني أردت من رسالتي هذه ، فتح حوار صريح ، لا مجاملة فيه ، ولا تكلف ، راجيا أن يشارك في هذا الحوار ، وهذا الجدل عدد من رفاقنا ، وإخواننا ، وأخواتنا ، كي يغنوه بأفكارهم ، وحتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .
فمعذرة إن كنت فضا قاسيا في الكتابة . فهذه الفضاضة هي عنوان على ما أكنه لك من احترام.. وأخيرا اختم كلامي ببيت للمتنبي تعرف كم أني أردده كثيرا:
.."إذا نظرت أنياب الليث لامعة فلا تظنن أن الليث يبتسم"



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( القضاء ) في دولة أمير المؤمنين
- التعديل الوزاري الاسباني
- الحزب الاشتراكي الموحد
- فدرالية اليسار الديمقراطي
- قصيدة شعرية .. دولة البوليس ، دولة مرعوبة ، تخشى ظلها .. لان ...
- الجمهورية الصحراوية الوهمية ، وجبهة البوليساريو الارهابية
- العلاقة الجدلية بين العزلة الداخلية ، والعزلة الخارجية للنظا ...
- صفعة لمحمد السادس ، ومزيدا في إمعان عزلة النظام
- البوليس السياسي وتزوير المحاضر البوليسية
- ( رئيس الوزراء ) الوزير الاول القادم
- من يقرع طبول الحرب بالمنطقة ؟ الصحراء تسببت في إدانة البرلما ...
- الدولة القمعية ، القهرية ، الجبرية ، والمفترسة
- الخيانة الكبرى . خيانة الوطن
- الدولة القهرية ، الجبرية ، الاستبدادية والطاغية
- تجسيد الدولة النيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، والنيورعوي ...
- اللقاء الصحافي للرئيس الجزائري مع الملجة الفرنسية ( لوبْوانْ ...
- هل من قاسم مشترك بين اقليم كتالونية ، وبين الصحراء الغربية
- معركة قضائية بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو بمحك ...
- أحسن عنوان لما سمّوه ب ( النموذج التنموي الجديد ) هو - هل فه ...
- النظام السياسي .. تحليل وتفكيك بنية الدولة المخزنية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - رسالة الراحل خالد الجامعي الى محمد الساسي ، عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد ، يفضح فيها كولسته مع صديق الملك فؤاد عالي الهمة المكلف بالشؤون السياسية والامنية ، وصديق الملك الاقتصادي عزيز أخنوش ..