http://home.chello.no/~hnidalm
- خاص بالحوار المتمدن
قال شارون في مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية بمناسبة اغتصاب فلسطين وقيام كيان إسرائيل،حيث تحتفل دولة الصهاينة بقيام وطن قومي لليهود في فلسطين،كما كان قد وعدهم في الزمان الاستعماري والانتدابي آرثر بلفور سيئ الذكر والسيرة،وزير خارجية المملكة المتحدة،مملكة البريطانيين التي لازالت تناصر إسرائيل وتتجاهل معاناة الفلسطينيين مع أنها السبب المباشر والأول في حدوث النكبة الفلسطينية. ولا يوجد فرق كبير هذه الأيام بين بلفور المقبور وسيترو المغرور.لأن السياسة البريطانية لازالت سياسة استعمارية وإن لم تعد بشكلها المباشر أو بقوتها الأمبريطورية بل عبر التبعية المطلقة والذيلية والغيبية للسياسة الأمريكية. وكما هو معروف فأن السياسة الأمريكية سياسة عدوانية وتمارس دورا هاما في قمع الإرادة العربية وإجبار الحكومات في بلادنا العربية على السير في المسار الأمريكي المعد إسرائيليا والمبرمج حسب المصلحة والنظرة والرؤية الصهيونية. ومعروف للجميع أن الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليو بوش كان لدى استقباله شارون في البيت الأبيض وصف الأخير برجل السلام. وهذا وصف كبير يطلقه رئيس أكبر دولة في العالم على شخص متهم بارتكاب جرائم حرب،كما أن قضيته تناقش في المحاكم حيث يمكن أن يصبح مطلوبا للمحكمة الدولية.وهناك دعاوى قانونية ضده وبحقه في بلجيكا وغيرها من الدول تؤكد قيادته لمجازر ومذابح ضد السكان المدنيين إثناء الحرب. لكن بوش المعجب والمعتز بصداقته لرجل السلام الإسرائيلي شارون كان عندما وصف الأخير برجل السلام يوجه إهانة لآلاف الضحايا وعائلاتهم من الذين قتلهم هذا الجنرال أو كان السبب في قتلهم أو موتهم. لكن ومهما كان الموقف الأمريكي الغير حضاري معاديا للشعب الفلسطيني ومؤيدا ومنحازا ومناصرا لإسرائيل وشارون،إلا أن الشعب الفلسطيني سيفرض حقوقه المشروعة على بوش وعلى غيره من الخفافيش التي تصطاد في الليل وتمص الدماء الفلسطينية بالعتمات والظلمات، وتواصل العمل بما بدأته علنا وفي عز النهار ضد هذه الحقوق الفلسطينية المشروعة. ظنا منها بأن الشعب الفلسطيني سوف يستسلم ويركع للضغط الأمريكي الهائل. لكن شتان ما بين القاتل والضحية وما بين أصدقاءه وأصدقاء الضحية. وشتان أيضا ما بين العودة والتعويض فالعودة أساس الحل وهي حق لكل فلسطيني أقرته الشرائع والقوانين والقرارات الدولية،والتعويض مكمل للعودة وجزء منها وليس بديلا عنها. لذا فأن عودة الشعب الفلسطيني إلى دياره ليست منحة من شارون أو كرم أخلاق من بوش ولا هبة من احد،لأنها حق قانوني وشرعي.وما مطالبة شارون الفلسطينيين التخلي عن حق العودة كشرط أساسي لاعتراف إسرائيل بالدولة الفلسطينية المرتقبة. وأي دولة ،دولة على مقاسات شارون ومزاج إسرائيل وحسب رؤيتها لتلك الدولة. فقد قال شارون في المقابلة المذكورة التي أجرتها معه الإذاعة العبرية يوم السادس من أيار الحالي " إن تنازل الفلسطينيين عن حق العودة هو شرط أساسي سيسبق أي اعتراف إسرائيلي بالدولة الفلسطينية،مضيفا أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح تماما ولا تملك جيشا".هل يعني شارون بذلك أنه لا يعترف بحق عودة لأي لاجئ فلسطيني وأن على السلطة الفلسطينية الإعلان عن قبولها بالمقايضة الشارونية،دولة مسخ مقابل تنازل كامل عن حق العودة. نعم هو يعني ذلك بالضبط! ويعي ما يقول ويعرف بأنه يوجه رسالة ويجب على الطرف الآخر قبولها،مما يعني انتحاره السياسي. أما مناقشتها أو رفضها من قبل الفلسطينيين يعني تهرب شارون من واجبات السلام ومن التنازلات المؤلمة التي يتحدث عنها ولا أحد يعرف ما هي،وما هي بالذات بالنسبة لشارون. كلنا نعرف أن التنازلات المؤلمة تعني تفكيك المستوطنات وهذا لن يقبل به شارون ومن يخالفنا الرأي فليقرأ مذكرات الجنرال بلدوزر حتى يعرف بنفسه كيف يفكر هذا الرجل وما هو موقفه من الاستيطان والمستوطنات.شارون لن يقبل أبدا بالعودة لخطوط الرابع من حزيران،لأنه لا يؤمن بالسلام ولا بالأرض مقابل السلام ولا بالأمن مقابل السلام. هو يؤمن بالأمن والأرض والسلام لإسرائيل مقابل التبعية والارتهان والخدمات الصحية والحياة على الهامش للعرب والفلسطينيين. وشارون ينطق من مركز الذي يعرف ماذا يريد ولماذا يريد ذلك،أما الذين يتحدثون معه ويفاوضونه على الجانب الآخر فهم لا يعرفون ولا يدرون ماذا يريدون ولماذا يفاوضون وعلى ماذا. فالذي يتنازل مرة وعشرة يتنازل مئة وألف ومليون مرة،مادام يتصرف بلا العودة للمؤسسات وللشعب الذي أنجب تلك المؤسسات. لكن من الواضح هنا أنه لم يعد هناك من دور للمؤسسات ولا للقوانين التي تحمي وتسأل وتحاسب وتراقب..
في نفس المقابلة التي جاءت على هامش احتفال إسرائيل بذكرى استقلالها ،أي يوم نكبة الشعب الفلسطيني وضياع أرضه واستباحة وطنه وسلبه حريته،هم يخلدون الذين ماتوا في سبيل إسرائيل يهودية ونقية من أي عرق آخر، ونحن نحيي يوم مأساتنا ومصرع الآلاف من آباءنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا. فتحيي حوالي 450 قرية ومدينة فلسطينية يوم إحراقها ودمارها واجتثاها أو تحويلها رغما عنها بالقوة من مدينة لنا ألى مدينة لهم،أو من قرية لنا ألى قرية لهم ولنا.وفي أجواء احتفالية قال شارون "أن تحقيق السلام سيتطلب القيام بأمور صعبة،لكنني لن أقدم أي تنازل يشكل خطرا على أمن الإسرائيليين،فلليهود دولة واحدة ووحيدة في العالم تملك حق وقوة الدفاع عن مواطنيها".إذا كان شارون يريد تقديم تنازلات مؤلمة وبنفس الوقت لا يريد تقديم تنازل بالنسبة له يشكل خطرا على أمن إسرائيل، فما هو الشيء الذي يريد تقديمه للفلسطينيين ؟ هل يعتقد شارون أن الفلسطينيون هم الذين عليهم تقديم التنازلات بلا ألم وبدون تفكير بمستقبلهم ومصالحهم وعبر التنازل عن حقوقهم التاريخية والشرعية والقانونية،إذا كان شارون يعتقد أن الفلسطينيين سوف يقومون بتنفيذ أفكاره بالقوة السياسية أو بالإرهاب اليومي أو عبر شخصيات منهم تتحدث باسمهم فهو مخطئ ولا نرى أي بصيص أمل لنجاح أفكاره أو إمكانية تطبيقها.وبالمناسبة فأن تصريحات شارون هذه تتناقض ومساعي السلام الحثيثة المبذولة وكذلك مع المبادرة السلمية المطروحة والتي تعرف بخارطة الطرق. وهذا بحد ذاته يشكل استباق فعلي لزيارة باول يؤكد من خلاله شارون بأن لغة البلدوزر والدبابة هي لغته التي ستجبر الفلسطينيين على التنازل عن حقوقهم. وقد قال شارون في معرض حديثه للإذاعة العبرية " أن أبو مازن توصل إلى قناعة بأنه لا يمكن هزم إسرائيل بالإرهاب ويجب محاولة إجراء حوار معه رغم صعوبة الأمر". شارون يقول أن أبو مازن توصل لتلك القناعة لكنه هو نفسه لازال متمسكا بقناعاته السابقة،بأساليبه الهمجية والدموية،بالرفض السياسي والتمسك بما يعتبره ثوابت إسرائيلية لا يمكن التنازل عنها،ويعمل هو وكل الذين معه من أجل التمسك بها. يعني أبو مازن جيد لأنه بنظر شارون سوف يقوم بفعل ما عجز هو نفسه عن فعله، أي بوقف الانتفاضة وقمع المقاومة.لكن على شارون ان يعرف أن أبو مازن جزء من الشعب الفلسطيني وقرارات حكومته سوف تخضع لمراقبة الشعب الفلسطيني. ثم هل يعتبر شارون نفسه ناطقا رسميا يتحدث باسم الفلسطينيين أو باسم أبو مازن وحكومته؟ نحن والعالم أجمع نعلم أن هذه الحكومة جاءت بعد عناء ومشاكل كبيرة لكنها نالت شرعية وجودها من المجلس التشريعي الفلسطيني الذي يمثل السلطة الفلسطينية ويتحدث باسم سكان قطاع غزة والضفة الغربية ، بينما الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين داخل وخارج فلسطين لهم ممثلهم السياسي منظمة التحرير الفلسطينية ولهم جمعياتهم ومنظماتهم وهيئاتهم التي تمثلهم وتدافع عن حقوقهم وأهمها حق العودة. لدى نقول للجنرال شارون ومن خلفه للأمريكان والرئيس بوش بان أي حل لقضية اللاجئين لا يؤمن حقهم بالعودة والتعويض سوف لن يرى النور أبدا. ومن الناحية القانونية لا يحق لأي كان ولا لأي هيئة أو سلطة أو مؤسسة التنازل عن حق العودة والذي هو حق شخصي وفردي لكل لاجئ فلسطيني وذريته.