اسكندر أمبروز
الحوار المتمدن-العدد: 6952 - 2021 / 7 / 8 - 15:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقد تطرقت سابقاً لموضوع تحريف القرآن في مقال سابق وبشكل مفصّل , واستعرضنا فيها الأدلّة والبراهين التي توضح وجود العديد من نسخ القرآن المختلفة في العالم اليوم , والتي تم اعتماد 10 منها حول العالم , والتي تختلف فيما بينها في العديد والعديد من المواضع من حيث المعنى والرسم وترتيب الآيات والكلمات وغيرها , من الاختلافات التي تبين أن الخرآن ليس بمحفوظ ولا هم يحزنون , وأنه الكتاب تعرّض للتبديل والتحريف المقصود والغير مقصود عبر مئات السنين منذ بدئ الطاعون الإسلامي.
ولكن سابقاً قمت بترك العديد من الأمور المهمة التي لم يسعني ذكرها لعدم جعل المنشورات السابقة طويلة جداً , وفضّلت عرض الأمور المهمة والرئيسية ألا وهي الاختلافات , وترك الروايات والأحاديث وغيرها من الأمور التي تصب في ذات الإناء وتوضح الأمر ذاته ألا وهو تحريف القرآن.
واليوم سنتطرّق لهذه الأمور في هذا المقال , ودعونا نبدأ بالروايات والأحاديث المتناقلة التي تفيد بتحريف هذا الكتاب...
⦿" وأنبأ أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو بكر بن إسحاق أنبأ بشر بن موسى ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن بـهدلة أنـهما سمعا زر بن حبيش يقول : سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت : يا أبا المنذر أن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف ! قال : إني سألت رسول الله ، قال : فقيل لي ، فقلت . فنحن نقول كما قال رسول الله"
سنن البيهقي الكبرى ج 2ص 394 حديث 3851 .
وهو صحيح طبعاً , ولكنه ورد في البخاري على هذا الشكل...
" عن زر قال : سألت أبي بن كعب قلت : يا أبا المنذر ! إن أخاك ابن مسعود يقول : كذا وكذا ، فقال أبي : سألت رسول الله ، فقال لي : قيل لي ، فقلت . قال : فنحن نقول كما قال رسول الله"
صحيح البخاري ج 4 ص 1904 حديث 4693 و4692 .
ونرى وبكل وضوح تحريف البخاري للأمور التي تطعن في صحة القرآن ألا وهي مسألة حك ومسح ابن مسعود للمعوذتين من المصحف , الذي قال في روايات أخرى أنها أدعية وليست كلاماً الهياً كما هي معروفة وموجودة اليوم في المصاحف.
⦿ عن ابن عمر قال :" لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه! قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر ".
الدر المنثور 2/298.
ونرى هنا وبكل وضوح ضياع الكثير من آيات القرآن وسوره وباعتراف ابن عمر , وهذا طبعاً لا ينطبق فقط على الآيات المنسوخة كما يدعي المرقعون لهذا الحديث فهو يقول وبكل وضوح "وما يدريه ما كلّه" أي أن الآيات الضائعة غير معلومة المصير إن كانت قد نسخت أم لم تنسخ.
ولو كانت الآيات المنسوخة غير مهمة لدرجة ضياعها وعدم الإكتراث لأمرها , فلماذا يبقون على ما هو منسوخ منها اليوم في القرآن , ولماذا لا يزيلوها منه ولماذا يصلّون بآيات منسوخة , أوليست مثلها كمثل الآيات الضائعة.
وفي هذه المسألة حديث آخر يفنّد أكذوبة أن المنسوخ فقط هو الذي ضاع , وهو.
⦿ كان ابنُ العاصِ، وزيدُ بنُ ثابتٍ، يكتُبانِ المصاحفَ، فمرَّا على هذه الآيةِ، فقال زيدٌ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: الشَّيْخُ وَالشَّيخَةُ، فارجُمُوهُما الْبَتَّةَ. فقال عمرُ: لما أُنزلتْ، أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ: أَكْتِبْنيها، فكأنه كره ذلك. قال: فقال عمرُ: ألا ترى أنَّ الشيخ َإذا زنى وقد أحصنَ جُلِدَ ورجِمَ، وإذا لم يُحصَنْ جُلِدَ، وأنَّ الشابَّ إذا زنى وقد أحصَنَ رُجِمَ.
الراوي: عمر بن الخطاب. المحدث: ابن جرير الطبري.
المصدر: مسند عمر.
الجزء أو الصفحة:2/870.
حكم المحدث: إسناده صحيح.
وورد أيضاً...
(إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ)
صحيح البخاري (6829) و(6830) في كتاب الحدود.
ومن خلال هذه الروايات الصحيحة نرى وبشكل قاطع أن آية الرجم لم يتم نسخها ولا يزال حكمها فاعلاً الى اليوم , ولكنها ومع هذا ضاعت من الخرآن , وبهذا نرى أن الضياع لا ينطبق على الآيات المنسوخة فقط كما يدعي بهائم الصحراء.
⦿ " عن أبي الأسود ظالم بن عمرو قال : بَعثَ أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة ، فدخل عليه ثلاثمائة رجلٍ قد قرءوا القرآن . فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم . فأتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ، وإنـّـا كنّـا نقرأ سورةً كنّـا نشبِّهـها في الطّول والشّدة ببراءة ، فأنْسيتُها ، غير أنّي قد حفظت منها : ( لو كان لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ) وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبـّـهها بإحدى المسبِّحات فأنسيتها غير إنّي حفظت منها ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادةٌ في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة )".
صحبح مسلم
ونلاحظ هنا وجود سورة كاملة بحجم سورة التوبة ضائعة تماماً !! فالأمر لم يعد مجرّد تحريف , بل ضياع سُوَر بأكملها !
وللمزيد فيما يتعلّق بسورة التوبة...
⦿ " ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة قال : التي تسمّونـها سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها "
المستدرك على الصحيحين 3/208
"عن حذيفة قال : تسمون سورة التوبة وهي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها ".
مجمع الزوائد 7/2.
والكلام هنا واضح لا لبس فيه أيضاً , فسورة التوبة كانت أطول بثلاث مرّات مما هي عليه اليوم , وثلاثة أرباعها ضاعت ! قال محفوظ قال.
وما سبق هو من اعترافات السنّة بتحريف وضياع القرآن وسوره وآياته , واختلافه اختلافاً كثيرا , أما عن الشيعة فإليكم بعض الروايات فيما يلي...
⦿ فقد روى الصفار عن ابي جعفر الصادق انه قال : " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما انزل الله إلا كذاب ، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن ابي طالب والائمة من بعده"
الصفار (بصائر الدرجات ) ص 213
⦿" ان الامام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن ، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حرف وبدل "
" ارشاد العوام" ص 221 جـ3 , نقلا عن كتاب الشيعة والسنه للشيخ احسان الهى ظهير صـ115
⦿ عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ، قال : « سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان ، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ، ولكن نقصّوها وحرّفوها » .
ثواب الأعمال : 100.
وبعد هذا السرد المتواضع لبعض الروايات من كتب المسلمين سنّة وشيعة , لنستعرض الآن وبشكل سريع مسألة ال7 أحرف التي نزل عليها الخرآن , وكيف أنها توضح تحريفه بشكل قطعي ومبطّن في آن واحد , حيث جائ في هذا الحديث...
أقرأني جبريل على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف " . رواه البخاري ( 3047 ) ومسلم ( 819 ) .
ولكن المشكلة هنا هي أن صعلوك الصحراء لم يوضح ما هي هذه الأحرف , حيث اختلف أتباعه البهائم بتفسيرها لدرجة وصولهم لأكثر من 30 تفسير لها , وجميع هذه التفسيرات مختلفة ومتضاربة بشكل مضحك.
فمنهم من قال أنها سبع لغات أو لهجات من لغات العرب , أو أنها الحلال والحرام والمحكم والمتشابه والإنشاء والأخبار والأمثال , أو الأمر والنهي والطلب والدعاء والخبر...الخ. من تفسيرات ساذجة وسخيفة لا تستند على أي شيء سوى خيالات مؤلفيها , وهلوسة ال7 أحرف هذه هي فعليّا لا تقدم ولا تؤخر ولا تفنّد تحريف القرآن لا بل تزيد الطين بلّة.
فهي تدفع المؤمنين بها الى معضلة منطقية صعبة , فالإسلام يدعي أن القرآن كتاب واحد , واضح المعنى , ثابت لا تبديل فيه , ولم يتغير فيه شيء , ولكنه أيضاً كتاب ذو 7 أوجه مختلفة عن بعضها البعض , وهذه ال7 أوجه هي القرآن الواحد !! في مهزلة منطقية تذكرني بهلاوس المسيحية التي تقول أن الإله 3 بواحد وواحد ب3 !!
ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً كما نعلم وكما رأينا في منشورات سابقة وفي هذا المنشور , فالكتاب هذا محرّف وباعتراف المسلمين أنفسهم وإليكم الدليل ومن مهزلة الأحرف ال7 نفسها...
فالتحريف بعرف المسلمين هو , تحريف المعنى وتبديله إلى ما يخالف ظاهر لفظه، وهذا يشمل التفسير بالرأي وكل من فسر القران بخلاف حقيقته وحمله على غير معناه فهو تحريف.
وأيضاً التحريف بالزيادة : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل .
1- الزيادة في الآية بحرف آو اكثر .
2- الزيادة في الآية بكلمة آو اكثر.
3- الزيادة في السورة الواحدة .
4- الزيادة في مجموع السور .
التحريف بالنقص : بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل على كلب الصحراء , بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً , أو نسياناً , وقد يكون هذا البعض حرف أو كلمةً أو آية أو سورة .
1- النقص في الآية بحرف آو اكثر.
2- النقص في الآية بكلمة آو اكثر.
3- النقيصة في السورة الواحدة .
4- النقيصة في مجموع السور.
والتحريف في تبديل كلمة بدل أخرى .
1-التحريف في تبديل حرف بآخر.
2-التحريف في تبديل حركة بأخرى.
هذا معنى التحريف وأقسامه كما عرفها وبينها علماء بهائم الصحراء , والآن لننتقل الى التفسير الأكثر شهرة للحروف ال7 والتي بيّنها ابن الجزري في الأحرف السبعة.
والتي رتّبها كما يلي...
1- الاختلاف في الحركات دون التغيير في الصورة والمعنى.
2- تغير في المعنى فقط دون التغيير في الصورة.
3- تغير الحرف مع التغيير في المعنى دون الصورة.
4- أن يكون التغيير في الحرف مع التغيير في الصورة لا المعنى.
5- التغيير في الحرف والصورة مع تغيير المعنى.
6- التقديم والتأخير بين الكلمات والآيات.
7- الزيادة والنقصان.
ويتضح لنا من كلامه هذا مع مقارنته بما سبق تعريفه عن التحريف من قبل علماء البهائم , أن القرآن محرّف ومتغيّر ولم ولن يحفظ والادعاء عكس ذلك بحفظه من التحريف هو ادعاء باااااااااااااااطل لا يقبله عاقل. وإن لم تكن الإختلافات التي ذكرها ابن الجزري تحريفاً , فما هو التحريف ؟؟ وما هو أساس رفض الدواعش لكتب المسيحيين واليهود اذاً ؟
فإذا رفض الدعدوش الكتب اليهودية والمسيحية بسبب اختلافها فيما بينها , وقوله أنها محرفة بسبب ذلك , اذاً عليه رفض قرآنه أيضاً لذات السبب.
وأعتذر لكم عن طول المقال.
#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟