أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - باتر محمد علي وردم - ساحة حرية في الأردن: هل نضحك على أنفسنا؟














المزيد.....

ساحة حرية في الأردن: هل نضحك على أنفسنا؟


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 09:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بالرغم من الحماس الذي تبديه الحكومة ممثلة بوزير التنمية السياسية حول فكرة "ساحة الحرية" التي وردت في البيان الوزاري لحكومة البخيت، فإن رد فعل القوى السياسية والإعلامية كان اقل حماسة. ولو كان هناك كائن فضائي لديه بعض الثقافة في علوم السياسة يتابع هذا الموقف لأحس بالكثير من الدهشة، فلماذا تدعو الحكومة بحماسة إلى "ساحة للحرية" ويستنكف السياسيون والإعلاميون عن دعم هذه المبادرة، أليس العكس هو الذي يجب أن يحدث؟

على الكائن الفضائي أن يثقف نفسه أولا في السياسة المحلية الأردنية، وأنماط تغير السقف الديمقراطي لحرية التعبير، وربما يكون بحاجة إلى الخوض في تفاصيل التشريعات السياسية والإعلامية الأردنية، ولكن الأهم من ذلك أن يدرس بعض الحالات السابقة لمشاريع وأفكار تبنتها الحكومة ورفعت من خلالها سقوف التوقعات ثم سقطت هذه السقوف فجأة، والسبب أن "الصبة الديمقراطية" لم تكن مناسبة، وانهارت عند أول مؤثر سلبي. والمؤثرات السلبية تكون مرتبطة عادة بتغير الشخصيات وخاصة الوزراء المهتمين بالموضوع وكذلك تغير الظروف السياسية المحلية.

أنا مثل الكائن الفضائي لا أستطيع شخصيا أن أتخيل وجودا فعال لساحة للحرية في عمان على غرار ما يحدث في لندن، لأن ذلك يتطلب بناء ديمقراطيا متينا من الثقافة الديمقراطية الاجتماعية يتضمن الإحساس بتوازن الحقوق والمسؤوليات وكذلك عدم الخوف من التعبير عن الرأي.

لنأخذ الأمور من الخطوة الأولى. هناك نسبة لا تقل عن 74% من المواطنين الأردنيين تخشى انتقاد الحكومة علنا وبالتالي لا يمكن أن تعبر عن وجهة نظر حول تسرب المياه العادمة إلى سد الملك طلال ناهيك عن مناقشة مضامين القرارات السياسية، فهل يمكن أن يزول هذا الخوف فجأة في حال بناء ساحة للحرية؟

الجواب هو لا بطبيعة الحال، لأن الخوف سيبقى موجودا من الحكومة والأجهزة الأمنية وما يمكن أن يؤدي إليه انتقاد الحكومة علنا من مضايقات وفقدان لفرص العمل وبعض الحقوق الأخرى، فكيف يمكن لمواطن خائف أن يستخدم ساحة الحرية، والتي تجعله مكشوفا بالصوت والصورة وهو يخشى من التحدث مع عائلته وأصدقائه ولا يجرؤ على الكتابة في الصحف أو حتى شبكة الإنترنت. وإذا ما قام مواطنون بتنظيم مظاهرة سلمية فإن جواب الحكومة سيكون أن تنهال الشرطة بالقناوي على رؤوس المتظاهرين.

وإذا كان 74% من المواطنين يخشون انتقاد الحكومة حسب الاستطلاعات المعلنة، فإن 99% يخشون من التعبير عن رأي مخالف للقناعات الدينية والاجتماعية السائدة، فماذا سيحدث لو فكر بعض المثقفين أو الفلاسفة بالتحدث علنا عن الدين والجنس في ساحة الحرية بما يخالف الرأي العام؟ ستكون النتيجة التعرض للضرب في نفس المكان ومن ثم الاستدعاء والتحقيق الأمني وبعد ذلك التشهير الاجتماعي والإعلامي. وماذا يحدث لو قررت مجموعة من السيدات والفتيات تنظيم حدث عام حول "حقوق المرأة ومساواتها" في ساحة الحرية؟ سيكون ذلك مدعاة لحضور شرس من المعارضين لهذه الأفكار من حملة الأيديولوجيات وكذلك الحضور الساخر والمتحرش لمن يبحثون عن تسلية لقضاء الوقت. وماذا لو اقترف شخص ما الخطيئة الكبرى وهي انتقاد حزب الله وتقديم رأي مغاير للرأي السائد في الشارع العربي، سيتم قتل هذا الشخص رجما بالحجارة تحت صيحات "الله أكبر وليخسأ الخاسئون"!

إن معظم مثقفينا، وسياسيينا وإعلاميينا الذين يفترض أن يكونوا في طليعة المتنورين لا يحتملون سماع الرأي الآخر فما بالك قبوله، فالأحزاب والنقابات والنواب والصحافيين والمنظمات المدنية يتبادلون تهم العمالة والخيانة والرجعية وإختراق الخصوصية الثقافية للأمة والارتهان للمشروع الصهيوني يوميا عبر الصحف والبيانات والمؤتمرات، والحكومة تتهم المعارضة بتشويه الإنجازات الوطنية، والحكومة والمعارضة تتهمان منظمات حقوق الإنسان بتنفيذ "أجندات خاصة"، وهذا كله يحدث في منابر سياسية وإعلامية يفترض أن تكون ناضجة، فكيف الحال لو التقوا شخصيا في ساحة الحرية؟ بالتأكيد ستحل المشاكل "بالقنوات" غير الديمقراطية!

ساحة الحرية في ظل عدم وجود ثقافة ديمقراطية وايمان بتعدية الآراء يعتبر قفزة في الفراغ في أفضل الحالات، وفكرة رومانسية حالمة ومضيعة للوقت والجهد في أسوأ الأحوال. وإذا كانت الحكومة جادة فعلا في بناء ساحة الحرية فإن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن القيام بها لعل أهمها توسعة مجال حرية التعبير في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة وتغيير القوانين الرجعية المقيدة للحريات مثل قانون الانتخابات والمطبوعات والاجتماعات وتطوير قوانين ديمقراطية حقيقية والمضي قدما في عملية الإصلاح السياسي نحو غاياتها النهائية.

ساحة الحرية لا يمكن أن تنجح إلا في وجود تشريعات تعزز حرية الرأي وتحمي أصحاب الرأي المخالف من الملاحقات الأمنية والسياسية، ولن تنجح إلا في وجود عقلية وذهنية اجتماعية منفتحة تتقبل الرأي المخالف ولا تكفره ولا تخونه ولا تعمل على إسكاته بالقوة. وإذا كانت فرص تحقيق النجاح في الشرط الأول ممكنة على المدى المنظور فإن تعزيز الثقافة الديمقراطية الاجتماعية تحد أكثر صعوبة ويحتاج إلى سنوات طويلة من البناء المتواصل للشخصية الديمقراطية في المجتمع الأردني.

فلتركز الحكومة جهودها على تعزيز الحرية عبر التشريعات، وتعمل على نشر بذرة الثقافة الديمقراطية في المناهج المدرسية وأدوات التثقيف المختلفة، وفي حال تحقيق نجاح حقيقي في ذلك فإنها تكون قد أنجزت ما هو أهم بكثير من ساحة الحرية الموعودة.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادئ وأفكار حول -الجهاد المدني- ضد إسرائيل والإدارة الأميرك ...
- بعد قانا: نهاية الإنسان العربي المعتدل!
- أنا في حالة حرب مع إسرائيل
- لماذا لا يتعلم حزب الله والشارع العربي الحكمة من سوريا؟
- بروتوكولات حكماء الأخوان المسلمين
- حكايتان من -التجربة الدنمركية-!
- عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة
- أسلحة العولمة في المواجهة الإسلامية- الدنمركية
- السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!
- ما هي السيناريوهات الأردنية بعد فوز حماس؟
- التصويت لعجائب الدنيا السبع الجديدة: ثقافة أم تجارة؟
- الكل يعرف من قتل الحريري، ولا أحد يقدم الأدلة!
- مع الشعب السوري: بيان لمثقفين وصحافيين أردنيين
- تقارير المنظمات الدولية عن الأردن: وجهات نظر وليست اعتداء عل ...
- أزمة حركات مناهضة العولمة في الأردن
- المرحلة القادمة في الخطاب -القومي الثوري-: إيجاد مبرر لاغتيا ...
- قانون مكافحة الطبقة الوسطى في الأردن قبل قانون مكافحة الإرها ...
- مراقبة الإنترنت في الأردن: بين حقوق التعبير وتهديد الإرهاب
- بعد بيان الزرقاوي...سقوط نظرية -إبحث عن المستفيد-!
- مواجهة ثقافة الإرهاب تتطلب مناخا من الحريات والمشاركة العامة


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - باتر محمد علي وردم - ساحة حرية في الأردن: هل نضحك على أنفسنا؟