|
السياسة الزرقاوية :هل من خدمة أفضل للإحتلال ؟
طالب عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 09:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا بد لي أن أعترف بأنني ، وإلى قبل إعلان موت الزرقاوي بثوان ، كنت أردد دائما بأن الزرقاوي شخص لا وجود له ، وأنه من ألفه إلى يائه من اختلاق الموساد الإسرائيلي ، وليست تسجيلاته الصوتية إلا توليفات صوتية مفبركة ، وهي تكنولوجيا موجودة منذ أكثر من أربعين سنة . والذي دفعني إلى الاقتناع بأن الزرقاوي بضاعة إسرائيلية أطروحاته التي تتركز على شق بنية المجتمع العراقي على أساس طائفي ، والتصريح ، هو أو جماعته ، وبكل وقاحة وصفاقة ، بأنه يريد تصفية الشيعة في العراق . لأن الشيعة ، بالنسبة لنا نحن أهل السنة ، إخواننا في الدين ، والمواطنة ، ولا يوجد بيننا إلا التعايش ، والتزاوج ، وحتى النضال المشترك ضد الدكتاتورية . ولعل خير دليل على ذلك عدم قيام السنة ، وعلى مدى قرون ، بمحاولة تصفية الشيعة . ولا توجد عندنا ثقافة خدش الشيعي ، ، ناهيك عن قتله . فالشيعي بالنسبة لنا ليس كائنا أتى من كوكب آخر ، بدين آخر . أقول هذه البديهيات لأننا وجدنا على الساحة العراقية قوما يحملون أفكارا ، قد تجد استيعابها وهضمها أصعب بكثير من استيعاب وهضم معادلات السحرة . ومع أنني عراقي ، عربي ، مسلم ، فإنني أعترف للقارئ بأن منطق الزرقاوي لا أستطيع أن أفهمه . فكيف يجرؤ إنسان على التفكير بتصفية الشيعة؟ أي نوع من البشر هؤلاء ؟ فإذا افترضنا أن عدد الشيعة في العراق يبلغ عشرة ملايين ، فإن إبادتهم تعني أن الزرقاوي يحتاج إلى مئة قنبلة من قنابل هيروشيما لإبادتهم ! فهل هذه هي الخطة ؟ وهل ستقتصر عملية التطهير الطائفي على شيعة العراق ، أم سينال شيعة إيران شرف الموت بقنابل إضافية ؟ وما الموقف من دول عربية أخرى فيها شيعة ، علاوة على دول إسلامية أخرى ؟ وهل سيغير الخطة ليبدأ بغير المسلمين من عبدة البقر وأتباع بوذا أم أن الشيعة أشد ضلالاً من أولئك ؟ هذا طبعا غير المنحرفين من أهل السنة الذين يحتاجون إلى بعض من قنابله ليهتدوا إلى جادة الصواب! هذه أسئلة أشك في وجود من يمتلك الجرأة على الإجابة عنها . ومن الغريب حقا أن يتصرف هؤلاء ضمن منطق أرعن : فهم يقتلون متوقعين من القتيل أن يتقبل ذبحه بكل هدوء وسكينة ، أليس الشيعة كفرة، فلماذا يعترضون إذا واجهوا منيتهم؟ وهذا المنطق الأهوج لا يعترف بحقيقة يعرفها طالب الإبتدائية وهي أن الشخص يتصرف بقناعته هو ، لا بقناعة الآخرين عنه . فقتلك للشيعي بذريعة أنه كافر لا يعني أنه مقتنع بأنه كافر كما تدعي أنت . فالإنسان لا يتشكَّل حسب معنقداتك ورغبتك أنت وحساباتك أنت . فلو كان الشيعي نفسه مقتنعا بأنه كافر لما بقي شيعيا ، ولترك مذهبه كما يحدث عندما نجد غربيا يتحول إلى الإسلام . فلو كان مقتنعا بدينه لما تحول إلى دين غيره . وبالتالي ، إذا كنت تعتبر الشيعي كافرا وتقتله بناء على هذا الرأي ، فإنك تشرِّع القتل أسلوبا في التعامل ، وهي ، بالضرورة ، دعوة للشيعي لقتلك أيضا ولاعتبارك أيضا كافرا في نظره . ومن يبدأ بالقتل يدعو الآخر للرد ، ومن هنا يبزغ المبدأ القائل : البادئ أظلم ، واقتل لئلا تقتل . إن قتل الشيعي يعني بالضرورة دفع حتى الشيعي المتسامح إلى التزمت والتشدد ، وتحويل الشيعي الذي لا يشتري الطائفية بدانق إلى بذل الأموال من أجلها . وهذه سنة الحياة . ومن ثم فالسياسة الزرقاوية هي شراء المزيد والمزيد من الأعداء الجدد . فالشيعة يتعرضون للذبح بسبب هذه السياسة ، والسنة يستنكرون هذا القتل المجاني للشيعة ، ويدفعون الثمن . وأود أن أسأل سؤالا ، وأتمنى – مخلصا – أن يجيبني عنه مصممو السياسة الزرقاوية : إذا كنتم بعملكم هذا تضربون الوحدة الوطنية العراقية في الصميم ،فليت شعري :ماذا تركتم لإسرائيل وأمريكا ؟ وإنني أتحدى أيا منكم أن يجيب عن سؤال يتردد على الألسن : إلى أين تقودون السفينة ؟ كم بحرا من الدماء تروي غليلكم؟ كم يتيما تحتاجون لتقتنعوا بأنكم تدخلون في مسابقة الحصول على جائزة أكبر جماعة دينية إرهابية، تتنافسون فيها مع العصابات الصهيونية التي أسست إسرائيل ؟ كيف ينام الشخص منكم ليله وقد فجر مسجدا أو سوقا أو موقفا للسيارات أو أو أو – وهل هناك ما يكفي لتعداد جرائمكم؟ أشك أن يكون لأي منكم طفل . وأشك أن يكون لأي منكم قلب . معاذ الله ، فأنتم لستم بشرا يأكل وينام ويشرب ، بل أنتم مصاصو دماء يعتم بعمامة تغطي أنيابه الملطخة بالدماء . لقد حولتم شعار تطهير العراق من المحتلين إلى تطهير العراق من الشيعة ، وتركتم الأمريكان يسرحون ويمرحون . وشوهتم صورة المقاومة وعرقلتم عملها ، وشتتم الجهود ، وبدأتم سابقة التصفية الطائفية التي لا يعلم إلا الله إلى أين ستصل نار هشيمها . طوبى لهذا الفكر الأهوج الذي تسمونه ، كذبا وافتراء ، فكرا إسلامياً . وقد يستغرب القارئ أنني لم اتحدث عن تقبل الآخر ، أو حرية الاعتقاد ، أو ضرورة التسامح الديني ...الخ ، والسبب واضح : فهؤلاء لا يفهمون منطقا من هذا النمط ، لأنهم جاءوا من كهف من كهوف عصر ما قبل اكتشاف النار. جاءوا بكل تخلفهم ووحشيتهم ، واقتطعوا آية من هنا ، وحديثا من هناك ، ليخرجوا علينا بهذا الفكر الظلامي الذي لايعرف أبسط الحقائق عن الإسلام . ألم يحاور الله عزوجل الشيطان وهو الشر الخالص ؟ وهل قتل الله الشيطان ؟ أم أنكم تضربون عرض الحائط بعدم الإكراه في الدين ؟ أم أنكم لا علاقة لكم بهذا الدين أصلا ؟ إن كل قطرة دم عراقية سقطت، سنية أو شيعية ، مسلمة أو مسيحية ، لهي أشرف يا هؤلاء من لحاكم العفنة ، وعقولكم الأكثر عفنا . إن وجوهكم صفر اليوم ، سود غدا ، جزاء ما اقترفتموه بحق هذا البلد . عودوا إلى جحوركم النتنة ، فنحن لا نريدكم في بلدنا وعلى أرضنا . اتركونا فعندنا ما يكفي من المشاكل . ألا لعنة الله عليكم إلى يوم الدين .
#طالب_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد اكتشاف أنه ضابط بنظام الأسد وتخفى على أنه سجين بتقرير شب
...
-
إسقاط طائرة عسكرية أمريكية -بنيران صديقة- فوق البحر الأحمر
-
-لن ندفع شيئا-.. لواء مصري يكشف تفاصيل صفقة الأسلحة الأمريكي
...
-
-دا شغل مخابرات-.. رسائل من السيسي للمصريين وتحذير من -مخطط
...
-
عدد مستخدمي منصة -بلوسكاي- يصل إلى 25 مليونا
-
اليانصيب الإسباني يعلن عن جوائز تزيد قيمتها عن 2.8 مليار دول
...
-
محمد علي الحوثي: الهجمات الأمريكية على اليمن إرهابية مدانة و
...
-
الولايات المتحدة.. رجل يرتكب جريمة وحشية بحق ابنه الرضيع
-
مجموعات استطلاع روسية تأسر جنودا أوكرانيين في دونيتسك
-
الموقف الصيني من فلسطين وإسرائيل بعد 14 شهر على حرب غزة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|