حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 6948 - 2021 / 7 / 4 - 15:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
«تعبنا من الخوف.. نحن منهكون من تملّك الخوف فينا».. هكذا تقول فاطمة المرنيسي، ولكن عن أي خوف هي تتحدث، أو بشكل أبسط: الخوف من ماذا؟
القول ورد في كتابها المهم «الخوف من الحداثة»، وما من كتاب للمرنيسي غير مهم، إن من حيث الموضوعات التي تناولتها، أو من حيث عمق تناولها لها، أو من حيث راهنيتها.
والراهنية التي نعنيها ليست آنية الحدث، الذي سرعان ما ينسى أمام الوقائع المستجدة، وإنما تلك الراهنية المتصلة بالمعضلات الجسام التي تعاني منها أمّة مثل أمّة العرب، الحائرة، وهي في القرن الحادي والعشرين، إلى أي وجهة تذهب، والتائهة في عالم لا يأبه بالتائهين، أي تلك القضايا الإشكالية الماثلة أمام مجتمعاتنا في الاقتصاد والسياسة والثقافة، التي ما زالت عصيّة على الحل.
مخطئ من يحصر اهتمامات فاطمة المرنيسي في حقل النسوية وحدها. صحيح أنه ما من باحث عربي، رجلاً كان أو امرأة، تناول قضايا المرأة بالعمق والشمولية التي تناولتها بهما المرنيسي، لكنها وهي تفعل ذلك كانت تنظر إلى قضية المرأة بارتباطها الوثيق بقضايا المجتمع. ما من قضية منفصلة للمرأة عن المجتمع، حتى لو كانت لهذه القضية درجة من الخصوصية.
«الخوف من الحداثة» الذي تحدثت عنه المرنيسي يتبدى في عدة أوجه تفصيلية من الخوف، بل إنها خصصت بعض فصول كتابها لتناول هذه الأوجه، واحداً تلو الآخر، وبينها الخوف من الغريب، الخوف من الإمام الذي يجب أن يُسمع ويُطاع، الخوف من الديمقراطية، الخوف من حرية التفكير، الخوف من الماضي.
وقد تبدو مفارقة للوهلة الأولى أن المرنيسي وضعت الخوف من الماضي في خانة «الفوبيات» التي تسكن العربي الذي يبدو في العمق مشدوداً الى الماضي، ويعتبره زمنه المفضل، لكنها سرعان ما توضح هذه المفارقة حين تتحدث عن الماضي المحجوب، بكل ما فيه من آلام وأوجاع وقسوة. تسألنا المرنيسي، كمثال فقط: من يريد التذكّر بأن الحلاج أحرق حياً، وأن دعوته إلى الكرامة أخمدت بالدم؟
أخيراً تتحدث المرنيسي عن الخوف من الحاضر. سيكون تبسيطاً من جانبنا لو سحبنا هذه الملاحظة إلى اليومي المعاش عربياً اليوم، لكنه تبسيط لا بدّ منه، حين نسأل: أبوسع المواطن البسيط، المغلوب على أمره، في بلدان تطحنها الحروب والفتن والتدخلات الخارجية والفساد، وتنقطع فيها الكهرباء وربما المياه أغلب ساعات اليوم ألا يكون خائفاً؟
لكن خوف الحاضر الذي عنته الباحثة هو العجز عن اجتراح الأجوبة على أسئلته المرّة، الصعبة. عن أي مستقبلٍ نتحدث إذا كنا عاجزين عن فهم الحاضر.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟