أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي الحاج حسين - الاستبداد يستدعي احتلال سوريا















المزيد.....


الاستبداد يستدعي احتلال سوريا


علي الحاج حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الاستبداد والقمع ومصادرة إنسانية الإنسان كلها تصب في خانة العداء للحرية أو الحريات سمها ما شئت. إذن حينما نتحدث عن سيادة الاستبداد لابد من التطرق لنقيضه أي الحرية المسلوبة. تتمثل الحرية كعقيدة إجتماعية في حرية الناس في إختيارهم لنوع الحياة التي يحبونها متنافية تماما مع الديكتاتورية والتسلط وبالضرورة عن أحادية الفكر والإنصراف عن التعدد واختلاف الرأي.
لا حاجة لسلطة تتشبث بإدارة شعب تمعن بتجهيله وإفقاره غير تسهيل قيادته واستغلاله، أما خيارات المجتمع فلا أحد في السلطة يلقي لها بالا، ودائما يتم السير عنوة بركب خيار الحاكم وليس المحكوم..
خيار الحرية هو خيار الشعب والاستبداد هو خيار السلطة.. إذن لماذا الحرية يا ترى؟ وما هي حاجتنا لها، وما يمكننا أن نفعل بها وهل سنحسن التصرف بحريتنا لو أعيدت لنا..!؟

حاجتنا للحوار الجاد والحقيقي
اعتقادا منا أن أدوات تشي غيفارا صارت في ذمة التاريخ، واليوم يعود عصر المهاتما غاندي بكل ثقله. لأن العنف أيا كان فاعله وأدواته وهدفه لن يفضي سوى لمآسي وجداول إحصاء الضحايا. وإن كانت حاجتنا ماسة للنضال السلمي والحوار الحقيقي وصولا لحريتنا، فما هي آليات الحوار وطرقه؟ وما هي ثقافة الحوار؟ متى وكيف ومن يحاور من...!
إن أهم شروط الحوار الصحيح هو الثقة المتبادلة بين المتحاورين، وبعودة هذه الثقة يمكن فتح باب الحوار الوطني العام بحرية ودون إملاءات وحدود لدوائر وخطوط حمراء مسبقة الصنع... أما أن تضع القيود بيدي وتجلسني على طاولة للإستجواب وتسميه حوارا فهذا العمل لا اسم له في قواميس العصر المدنية سوى القمع. لأن الحوار السليم يحتاج لأسس سليمة لقيامه. وبالتالي ضمان وصوله لنتائج سليمة ومرضية ومفيدة لأطراف الحوار والمعنيين به حصرا.
ونحن في ذلك لا ندعو لمدينة فاضلة تديرها الملائكة، بل أن يكون الحوار مستمرا بين مختلف قطاعات الشعب والمؤسسات وإشراك الناس باتخاذ القرار فيما يمسهم عبر شكل مؤسسي كما في كل دول العالم وليس عبر الأجهزة الأمنية والمخابرات والقمع والسجن وزرع الرعب والتخوين، لأن السلطة اليوم تحاور الشعب عبر البوابة الأمنية بلغة أوامرية فوقية، وتوحي للمواطن ان بقائه على قيد الحياة منّة ومكرمة من السلطة وهذا وحده يستوجب السمع والطاعة...!

مصونية الحريات العامة:
ليس سرا أن سوريا ومنذ عقود تعيش في ظل مصادرة الحريات العامة والفردية ومصادرة الحقوق الطبيعية للمجتمع والأفراد، بينما كل النواميس والشرائع السماوية والوضعية تقر بأن الحرية مزية طبيعية تعبر عن حالة المجتمع من حاكم ومحكوم وسلبها أو تقييدها يؤدي قطعا لسلبيات تنعكس على مجمل مناح الحياة فيعم الفساد وتغيب العدالة ويهمش القانون ثم يستشري التخلف والضعف والعجز والفقر ويختل التوازن الإجتماعي والإقتصادي وبالتالي تصبح الدولة عاجزة عن القيام بمهامها ككيان يعول عليه، ويخاف الحاكم المستبد من شعبه ويصير سجينا في قصره، بينما يتربص المحكوم بحاكمه ويسود نظام الاستبداد كافة مفاصل الحياة وينتشر الفساد والبنهب وينتشر الخوف والرعب بين المواطنين من تسلط أجهزة القمع.
الشعب في سوريا مهزوم بفعل قوة السلطة، والشعب المهزوم أنى كان لا يمكن أن يحقق انتصارات أو أي شكل من أشكال التقدم. فهل يعقل أن يكون المجتمع مهزوما والسلطان منتصرا على غير شعبه؟
كما أن السجين لا يمكن أن يدافع عن سجنه ولا يمكن أن يضحي من أجل سجانه.
هل يعقل أن تتوجه لشعبك فقط حينما تحوم الشواهين على كرسي حكمك وهل يعقل أن تلجأ إلى الشعب فقط حين تشعر بالخطر وأنت تهمشه في كل الأوقات الأخرى؟
الحريات العامة مصونة في كافة القوانين والشرائع السماوية والوضعية، ولا جدال على ذلك. وبالتالي الحرية الشخصية باعتقادنا هي نقطة الانطلاق نحو الفضاء الأوسع والأرحب للحريات العامة. ولا يمكن أن يكون المجتمع حرا وأعضائه مسلوبي الحرية والإرادة.
كيف يكون المجتمع حرا ولا يتمتع الأفراد الذين يتكون منهم المجتمع أحرارا؟
كيف يكون الوطن حرا وكافة شرائحه وأحزابه وإعلامه وصحافته ومؤسساته مغيبة ولا تتمتع بالحريات الأولية الأساسية؟
لا يمكن لأي نظام حكم أن يعتد ويركن لشعب سلبه حريته. وما مظاهر العنجهية والتكلف سوى مضيعة للوقت وكلنا نعلم مصير المسيرات المليونية القسرية التي كانت تجوب الساحة الحمراء في موسكو وبراغ وصوفيا وبوخارست وغيرها في المناسبات العمالية، وما آل إليه واقعها بعد شهور من بدء التغيير.. فلماذا إذن يتم إخراج الطلبة والعمال والناس من بيوتهم في مسيرات وهمية لا يقتنع بجدواها الحاكم ولا المحكوم، والعالم الخارجي يسخر من هكذا جمهرة ..
لماذا ومتى يلجأ الحاكم المتحكم إلى عامة الناس؟
الحاكم المستبد مزج بين شخصه الكريم والوطن لدرجة أنه يخيل للمرء أن الوطن يعني الحاكم والحاكم يعني الوطن، وبالتالي حينما يكون الكرسي مهددا ويهتز بفعل فاعل تجد الحاكم ينادي على الناس للذود عن الوطن حينما يحاصر من كل مكان. وما يجري في سوريا اليوم ليس إلا تعبيرا عن هذه الحالة، لأن النظام بحاجة لمساندة الأغلبية الشعبية الصامتة المتضررة من الحكم. لكن ورغم أن العالم كله تغير والشعب يراقب ما يجري من حوله، إلا أن الحاكم المستبد لا يريد أن يظهر سوى بمظهر المتخلف عن شعبه ولا يسمع لمطلب الحرية..

إن العيش في أحلام أو اللعب بأوراق لم نعد نملكها وإدراة البلد بشكل عبثي يقودنا إلى التخوف من نتائج مر بها غيرنا. لنتمعن قليلا في التاريخ الذي يحمل عبرا ومواعظا للجميع، فمثلا حينما تفكك حلف وارسو بدأت كل دولة من المعسكر الشرقي ترسم مسارا خاصا بها، ولم يقبل بهذه المستجدات الراحل نيكولاي شاوشسيسكو، فجاءت أحداث تيمشوارا المؤلمة، التي لم تنه حكمه فحسب، بل أضرت بالبلد وأخذت ضحايا من الأبرياء. نقرأ أيضا في تاريخ جزيرة البلقان ومن أمسها القريب، حيث استمرار الاستبداد وكذلك تعنت سلابودان ميلوشيفيتش وقمعه للألبان من سكان مقاطعة كوسوفو تجيش العالم ضده وأطاح بنظامه وجر لبلده الخراب والدمار، وأنتهت به خلف القضبان، ولسنا هنا بصدد ما له وما عليه، ولنحاول تخشيص حالة العوم عكس التيار والسعي خلف المصالح الضيقة أو الأيديولوجيات والنظريات على حساب التطبيق العملي وفقا للمتاح والممكن. وما كان الاستبداد الذي مارسه نظام صدام حسين وقمعه لشعب العراق سوى مقدمة موضوعية لجلب الاحتلال.. وهنا أيضا لسنا بصدد مقارنة الاحتلال بالاستبداد، باعتبارهما وجهان قبيحان لعملة واحدة، وأسوأ مظاهره حينما يكون الاستبداد مقدمة لاستجلاب الاحتلال.
لم يتمكن نظام الاستبداد في سوريا من قراءة المستجدات، ظل ومازال يتعامل معها بأدوات وأساليب قديمة لم تعد صالحة مطلقا.. مارس سياسة خارجية لا تضبطها ضوابط ولم يستفد من عبر ومواعظ التاريخ، وتمكن وبقدرة عجيبة من تحييد الأصدقاء ومخاصمة المحايدين واستثار الخصوم وزاد من الأعداء وقلل من الأصدقاء.. هذا كله جعله في عزلة دولية خانقة، انعكست سلبا على الساحة الداخلية، وواجه أي تذمر على الصعيد الداخلي باستشراع قوانين وإجراءات استثنائية وتوسعت حالة القمع والسجن والملاحقة..
إن السياسة الشمولية الخرقاء لنظام الاستبداد في دمشق تقطف حصرما اليوم لأن الشعب السوري الذي أبى ويأبى أن ينسخ تجربة شاوشيسكو أو ميلوشيفيتش فما بالك بنتيجة ما آل إليه واقع النظام العراقي السابق.. وبالتالي ورغم القمع والسجن والملاحقة والترهيب، نلاحظ أن الشارع السوري مستعد للانتقال للمرحلة التالية أي التغيير، والدليل أنه كلما أزداد قمع الاستبداد للرأي المسالم ترتفع الأصوات المعارضة أكثر وأكثر.. وهذه النتيجة اليوم على النظام أن يقرأها بشكل صحيح، وهي ليست طلاسم، ولم يعد هناك خيارات كثيرة، وعلى النظام أن يعلم أن اسكات كل الأصوات المنادية بالتغيير ليس ممكنا وإلا فعليه أن يضع سياجا حول البلد ويسميها السجن السوري الكبير.. كل الناس تنادي بالتغيير، والنظام يغدق بالوعود ولم ينفذ منها شيئا.. لأنه أصلا غير قادر على تنفيذها.. صار بينا أنه لا يمكن لهذا النظام بهذه الشاكلة من المنتفعين من الاستمرار بوضع اللاحل أن يقدم حلا.. ولابد من البحث عن مخرج آخر غير الوصفات البالية التي لا يفتأ يكررها على الناس، لأن الحل الحقيقي سيودي بمصالحهم الشخصية والتي لا يريدون التخلي عنها حتى تقع الواقعة.. وهذا يجعلنا نقرأ الواقع الشعبي الرافض للاستبداد والذي يتعاظم كل يوم وفي كل المحافظات ويزداد الاحتقان.. عجبا... إن هذا النظام لا يسمع ولا يرى ولا يقرأ ولا يحلل ما يدور حوله.. ومصر على أن من بعدي الطوفان..!



#علي_الحاج_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من أمي
- رسالة إلى أمي
- O, TEMPORA..! O, MORES..!!!
- رسالة ولاء ومحبة للسيد الوالي
- قراءة مقتضبة في لقاءات ربيع باريس السوري المعارض
- ما أفلحت أمة صار سفهاؤها سادة لها
- دمشق عودت حليمة على عادتها القديمة
- من تعريب كردستان إلى تكريد شبعاستان
- الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان
- لماذا الأكراد خنجرا سامة في خاصرة الأمة العربية...!
- رسالتي إلى الله
- قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!
- أضرار الشراكة السورية-الأوربية
- الأنظمة الشمولية تنعش الأصولية لتعتاش بظلها
- مملكة سوريا وابن فضلان
- نداء لحظر حزب البعث دوليا كمنظمة إرهابية
- من الخروج من لبنان إلى السقوط في دمشق
- لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
- السجن السوري الكبير للجميع


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي الحاج حسين - الاستبداد يستدعي احتلال سوريا