|
حول الحزب المدني
عطا عباس خضير
الحوار المتمدن-العدد: 6942 - 2021 / 6 / 28 - 09:51
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
وجهات في النظر عن " الحزب المدني " وقيادته ومنصات التواصل الأجتماعي :
الحزب المدني ، هو تنظيم حر لمجموعة بشرية تؤمن بأفكار سياسية محددة وتشترك بهدف عام وبآليات عمل واضحة من أجل تحقيق ما تصبو اليه . وهو قرين للحياة الديمقراطية ، ولو بحدها الأدنى " الچادرچي وحزبه مثالا " ، ويشكل بدوره رافعة حيوية لترسيخ وتطوير قيم الديمقراطية وأسسها التاريخية . وبديهي أن آليات عمله يجب أن تتوائم مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية الحاضنة له . وكي يكون منتجا ، يتوجب عليه أن يكون متاحا لمن يؤمن ببرنامجه السياسي ، وليس حكرا على أعضاءه فقط . ففي الختام هو " منصة " أجتماعية عامة يؤسسها ويديرها مجموع أعضاءه ، ويقدمونها لشرائح متباينة من المجتمع . ويستلزم ذلك أن تكون كافة لقاءات واجتماعات الحزب في متناول الجميع ، باستثناء " الانتخابات الداخلية" . فوجود وضمان حد أدنى من المشاركين من خارج أعضاء الحزب ، سيساعده في أغناء حواراته المختلفة ومعرفة ما يدور خارج الآطر التنظيمية المحكومة غالب الأحيان بتراتبية ثقيلة قد تعيق تلمس الجديد والحيوي ، كما أثبتت التجربة في أكثر من مكان . أما " النبذ والاقصاء " كممارستان شائعتان في الحياة الحزبية في العراق ، كنتيجة لطرح " وجهات نظر " أخرى قد لا تتسق مع الخط الرسمي لهذا الحزب أو ذاك ، فيجب تجنبهما والأبتعاد عنهما تماما . فممارسة كهذه عقيمة أولا ، ناهيك عن كونها بعيدة تماما عن جوهر وفلسفة الحزب المدني القائلة بأنه من الناس ولهم. ومن المناسب هنا الأشارة الى خطاب الحزب المدني . فعليه أن لا يكون مسرفا ومملا ، كما هو شائع اليوم . بل يكفيه أن يتضمن تصورات محددة للعمل السياسي وأهدافه ، ومفاهيم جلية للحياة المعاصرة كي تبقى صورة الحزب واضحة ، كفاعل هام في حركة المجتمع ومتطلبات التغير المنشود . وهذا يقتضي : * أولا ، تجنب الأطناب في الجمل والكليشيهات المنمقة المعهودة ، والتخلي عن فرض الرؤى الفكرية المحددة التي تقود الى الاحكام القطعية المؤدلجة مسبقا . * ثانيا ، وهذا هام جدا ، أن لا تكون مهمة قيادة الحزب المدني وإدارته محصورة بالضبط والعقوبات ، كما هو شائع اليوم لدى الجميع . بل للتفعيل وأثارة الأسئلة الحيوية والملحة ، إن في صحافته أو في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ، للتوصل الى أجابات مشتركة مع كل المعنيين ، أعضاءا ومريدين . وبذلك يكون الحزب قد تخلص من وهم سائد في الحياة السياسية في العراق . وكأن " القادة " المؤبدين أبدا في مركز صنع القرار السياسي ، ومهما كانت نوعيتهم أو بؤسهم الفكري ، هم من يملكون وحدهم سحر تقديم الأجوبة القاطعة ! . وبالمحصلة ، فأن أداء مهمة كهذه ، سيقود الى تفعيل القدرات العامة للحزب وتمكين أعضاءه من العمل الواعي الخلاق . فلا جدوى من وجود الحزب إذا توقفت أو أضمحلت أنشطته . والحجة المعهودة هنا للنكوص والتراجع ، هي أن الأمر يتطلب زمنا لأعادة ترتيب وضع الحزب الداخلي . وهي حجة تشبه من ينتظر موت شخصا ما حتى يتمكن من تأهيله . ناسين أن التطورات الأجتماعية المتسارعة في عالم اليوم لا تنتظر أحدا . فالحزب الحيوي يجب أن يتطور كأستجابة لحاجة آنية أحيانا ، أو كضرورة لأنجاز مهام تاريخية ملحة باتت على جدول عمل الحياة . وهذا يتطلب أعضاءًا حيويين ، لا مجموعة من المنتمين وفاقدي القدرة على التفكير المستقل في تنظيم أدمن حالة السكون ! … * ثالثا ، أن أحدى المهام الأساسية للقيادة ، هو ضمان توفير شروط النجاح لنشاطات الحزب وتوجهاته ، وتحفيز الأعضاء حتى يقدموا ما يلزم للأرتقاء بفعله السياسي وفاعليته المجتمعية . وبالتالي فأن الفشل تتحمل مسؤوليته الهيئات القيادية وتقديراتها المعلنة الى حد كبير ، وليس الأعضاء الذين التزموا بقواعد ووجهة وآليات العمل الموصى بها أساسا من قمة الهرم التنظيمي . وبناءا على ما سبق ، تبرز جليا ضرورة الحفاظ على تفاعل شبه يومي مع شبكة أعضاء الحزب. وهذا ممكنا ، من بين أمور أخرى ، من خلال مجموعات تواصل مختلفة ، وعدم الأقتصار والألزام بمنصة تواصل " داخلية مركزية واحدة " . فهذه على اهمية تواجدها ، لا تشكل بديلاً ناجحا عن شبكات التواصل المتنوعة التي يمكن أنشائها في فضاء الأنترنيت ، من قبل الأعضاء والمؤيدين ، وإدامة حيويتها لتسهيل الحوار وحشد الطاقات اللازمة لضمان نجاح الأنشطة المختلفة ( تبرز اهميتها اليوم مثلا في التحشد للتظاهر والأحتجاج أو في الحملات الأنتخابية أو في خلق رأي عام ضاغط لأدانة حملات القمع والمطاردة والتغيب ) . وهذه المجموعات مطلوب منها العمل أيضا على مناقشة مبادرات الحزب بحرية تامة ، بل وتوجهاته ومقترحاته أيضا لتعديل وتصويب إستراتيجيته وتكتيكاته ، وحتى الآليات الناظمة لعمل حياته الداخلية . وفي الوقت ذاته ، من الضروري التأكيد على ان مجموعات التواصل هذه مفتوحة لمن يرغب من المواطنين بالمشاركة " الا ما ندر " ، بالرغم من صعوبة صياغة قواعد حوار واضحة لمجموعات متباينة في فضاء معولم وغير مرئي ، الى حد كبير . وهنا لابد من التأكيد على نقطتين أساسيتين : * الاولى ، الألتزام بالقواعد العامة للحوار واحترام تعدد الآراء وتباينها ، وعدم التجريح الشخصي . مع الأنتباه الى أن نجاح منصات الحوار هذه يتوقف على قدراتها على تقديم وأثارة أسىئلة بمضامين جادة ، لا شكلية ، كي تحافظ على حيوية هذه المجموعات وتماسكها وتطورها اللاحق . * الثانية ، من حق إدارة مجموعات الحوار هذه تقديم مادة ما ، ليس بالضرورة تخص عمل الحزب أو وثائقه ، لكنها تتصف بالحيوية والراهنية الأجتماعية . ختاما أقول ، هي مجموعة أفكار واجتهادات ملموسة في مجرى البحث عن ضرورة أيجاد أطار ما ، ناظم لحركة الأحتجاج التي تطورت الى انتفاضة واسعة في تشرين من العام 2019 . ومن الضروري القول أنها قد تجانب الصواب أو تحتمله . لكن أغفال تأثير التطورات الأجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة في عالم اليوم على بنى الأحزاب التقليدية ، والدور المتنامي لفئات واسعة من الشبيبة في الحياة السياسية العراقية مقرونا بقدرتهم الكبيرة على التواصل والتحشيد الجماهيري والتبشير بمفاهيم جديدة عبر فضاء تكنولوجي لا محدود ، أن اغفال كل ذلك لم يعد مسموحا به الا لحركات وقوى وأحزاب تريد مغادرة التاريخ .
#عطا_عباس_خضير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على أعتاب أنعقاد المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي
-
وجهات في النظر : حول الأحتجاج والانتفاض مرة اخرى
-
وجهات في النظر : مآلات أنتفاضة تشرين في العراق
-
وجهات في النظر
المزيد.....
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
-
سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
-
-الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
-
الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا
...
-
خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص
...
-
الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق
...
-
دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
-
جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|