حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)
الحوار المتمدن-العدد: 6941 - 2021 / 6 / 27 - 17:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الخبر يقول أن الرجل الذي عاش منعزلا في غابات فيتنام مع والده لمدة 41 عاما لم يكن لديه أية فكرة عن وجود النساء!
وقصة (فان لانغ) غير العادية بدأت عندما فر طفلا من الحضارة في نهاية حرب فيتنام مع والده في أعماق الغابة، الأكثر إثارة للدهشة أنه عندما عاد اليوم ليعيش في قرية فيتنامية صغيرة بقي طفل في جسد رجل ، لا يفهم الكثير من المفاهيم الإجتماعية والأخطر أنه لا يعرف الفرق بين الخير والشر!! وإذا ما طلب منه أن يضرب شخصا ما سيفعل بكل قسوة وسرور وبلا تردد ..
هذا الرجل نموذج لإنسان لم تهذبه الحضارة وبقي على فطرته التي لا تميز على ما يبدو بين الخير والشر ، فهل هذا يعني أن الحس الأخلاقي اختراع بشري يتطور لدينا بالتعلم والممارسة ويتوارث كالعادات والتقاليد؟ وهل نحن أشرارا أو خيرين بالفطرة؟
بعيدا عن الجدل الذي احتدم بين الفلاسفة لأنهم اختلفوا كثيرا ، بين من يرى أن الإنسان مجبول على الخير وآخر يراه مجبولا على الشر .وبين فرويد الذي اختلف فقال أنه صفحة بيضاء ،فإن دراسة حديثة في علم النفس التطوري أكدت على وجود شىء من الخير الفطري لدى البشر وأثبتت أن الأطفال الرضع يظهرون سلوكيات تنم عن الإيثار وحب الخير..
لكن حادثة كحوادث الأشخاص الذين لسبب ما يعيشون على الفطرة وبعيدا عن الحضارة والمجتمع تكاد تثبت العكس!! فهم على فطرتهم إنما كبروا ونموا كأطفال أبرياء محبين للخير إلى أناس يميلون للشر،فما الذي حدث؟
إلا أن التكنولوجيا والعلم الحديث منحونا أخيرا القدرة على تصوير ما بداخل جسم الإنسان ، وهو ما فعله أحد الأطباء النفسيين البريطانيين الذي أتاه الشغف لمعرفة تشكيلة العقل الإجرامي، فقام بتصوير عقول مجموعة من القتلة المتسلسلين والنتيجة كانت صادمة، وهي أن جميع القتلة المتسلسلين الذين صورت أدمغتهم تبين أنها مختلفة فعلاً عن عقل الإنسان الطبيعي، الإختلاف يكمن في أن عقول المجرمين يوجد فيها ضعف هيكلي في اللوزة الدماغية، وهو الجزء المسؤول عن توليد وتقييم المشاعر والأحاسيس لدى الإنسان، ولكنه كان مشوهاً كلياً لأولئك السفاحين، أو نما بشكل ناقص ومختلف ،لذلك هم لا يعرفون أي من الرأفة والحنان ولم يستخدموا أي من العواطف الجميلة قط في حياتهم، ولا يعرفون أبداً الشعور بالذنب حين يقتلون، بل يعتبرونه متعة حقيقية، وكأنما هي تسليتهم الوحيدة!
هذا يعني أن ليس كل من تعرض للظلم أو القسوة هو مشروع مجرم بالضرورة،فردود أفعالنا تجاه الأحداث والظروف أيضا تختلف باختلافنا ..
وإلى أن يتم اكتشاف حقائق جديدة، فإنه من المرجح أن الإنسان كما كل شىء حي ينمو ويكبر يتحول من كائن برىء ومحب إلى كائن شرير وأناني، ولسبب مجهول ننمو باتجاه الشر أو الخير ونعبر من خلالهم عن حقيقتنا التي غلبتنا ليس إلا ..
#حنان_بديع (هاشتاغ)
Hanan_Badih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟