أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صفوان قسام - في السّياسة الاجتماعية؛ الجزء الحادي عشر: مراجعة للتحليل الاجتماعي والسياسة الاجتماعية لدى جيمس كولمان.















المزيد.....

في السّياسة الاجتماعية؛ الجزء الحادي عشر: مراجعة للتحليل الاجتماعي والسياسة الاجتماعية لدى جيمس كولمان.


صفوان قسام
اختصاصي وباحث في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي

(Safwan Qassam)


الحوار المتمدن-العدد: 6941 - 2021 / 6 / 27 - 14:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تناول جيمس كولمان في هذا الطرح نوعين من التطورات:
الأول: تطور البحوث الاجتماعية العملية، التي تهدف إلى التأثير في أداء المجتمع. مثل تشكيل السياسات الاجتماعية المضبوطة والحراكات الاجتماعية بالمعنى الواسع.
الثاني: تطور البحوث الاجتماعية النظرية، حول دور علم الاجتماع في السياسة الاجتماعية. من خلال قبول دور المجتمع كطرف فاعل في العمل الاجتماعي العقلاني "ذو وعي وإرادة في العمل الاجتماعي".

انتبه علماء الاجتماع والمفكرين الاجتماعيين الأوائل، إلى قلة الأبحاث، في موضوع الدور الاجتماعي لعلم الاجتماع، في احداث التغيير الاجتماعي والتأثير في المجتمع، ولقد كرسوا القليل من الوقت لجعل البحوث الاجتماعية جزءا من عملية التغيير الاجتماعي. كان لدى "أوغست كونت" نظرية واضحة عن الدور الاجتماعي لعلم الاجتماع في التأثير على مسار المجتمع. وعلى عكس معظم أتباعه، فإن المعرفة الاجتماعية لها مكانة مهمة في فلسفة كونت؛ لكن تصميم كيفية حدوث هذه العملية كان بدائيا جدا، حيث اعتبر أن المعرفة المجتمعية ستشكل أساس التخطيط الاجتماعي تحت قيادة علماء الاجتماع. وفي المرحلة الاجتماعية الأخيرة من بناء كونت الاجتماعي كان علماء الاجتماع أعلى من رجال الدين. لكن أفكاره حول أثر هذه المعرفة في المجتمع كانت تستند إلى افتراضات بسيطة للغاية.
بينما تحدث "لو بلاي" عن دور المعتقدات والأفكار والجغرافية والتكنولوجية في التغيير الاجتماعي. وفي رأيه الأسرة هي المؤسسة الأساسية للمجتمع، سواء في مراقبة الواقع القائم أو في الهيكلة الاجتماعية المطلوبة في المستقبل. لكن "لو بلاي" لم يتناول دور البحث الاجتماعي والمعرفة الاجتماعية في عملية التغيير الاجتماعي. أما "ماركس" فتحدث عن دور البناء الاقتصادي التحتي في تكوين المعرفة والمعتقدات والقيم الاجتماعية، لكنه لم يقدم نظرية حول كيفية تأثير هذه المعتقدات والقيم على الظروف الاجتماعية أو دور المعرفة الاجتماعية في تغيير السياسة الاجتماعية. وكان لدى "ماكس فيبر" حجتان مختلفتان حول التغيير الاجتماعي وعلاقاته بالمعرفة؛ فالأفكار والمعتقدات والقيم الناشئة عن الدين، والتي أضعفت الروابط المجتمعية، ستعزز تطور حالة ذهنية فردية. واعتقد أن المجتمع سوف يصبح عقلاني بشكل متزايد. وأشار إلى التحول في المستقبل من السلطة التقليدية إلى السلطة العقلانية. إن مفهوم فيبير للتغيير الاجتماعي، يعتبر أن التحليل الاجتماعي قد يكون له مكان في التغيير الاجتماعي لأن المؤسسة العقلانية تحتاج إلى المعرفة من أجل إحداث الاستجابة المناسبة في المجتمع. ولم يكن هناك مجال للتحليل الاجتماعي في فهم التغيير الاجتماعي عند "إميل دوركهايم". بشكل عام لا يبدو أن علماء الاجتماع الأوائل عملوا كثيرا في هذه القضية.
بينما كان علماء الاجتماع الأمريكان الأوائل مثل "روس وارد" و "سمول" مصلحين وليسوا باحثين. أما "بارك" وطلابه كان لهم اهتمام أكثر بالمشكلات الاجتماعية، أما "تشارلز بوث" و"هنري مايليو" كانا يعتمدان على أساس تجريبي أكثر. ومع ذلك، فإن الافتراضات النظرية التي اعتمدوا عليها تعكس فهما بسيطا للغاية لكيفية تأثير التحليل الاجتماعي على السياسة الاجتماعية؛ فمثلا استندت نظرية "التحول الضمني" على أن كشف الظروف السيئة تدفع القوى إلى تصحيحها. وقد سعى علم الاجتماع الأمريكي إلى استيعاب التقاليد الأوروبية الغنية فكريا، لكنه رفض النهج المتبع في معالجة المشكلات الاجتماعية والإصلاح الاجتماعي في الفترة الانتقالية بين ماضيه المبكر والماضي الحديث (تقريبا بين 1930 و 1960). على يد "سوروكين" من جامعة "هارفارد" (1960) و"بارسونز" في نظريته "هيكل العمل الاجتماعي" (1937). ودلت الدراسات التي أجراها علماء الاجتماع الريفيون على أثر المعرفة في آلية صنع القرار الاجتماعي؛ لكن هذا النوع من الدراسة بقي بعيدا عن تقديم منهج نظري شامل لمسألة دور المعرفة المنهجية في السياسة الاجتماعية.
يعد "هاوورث" أحد المفكرين الاجتماعيين الذين وضعوا وجهات النظر الأكثر وضوحا حول هذا الموضوع، حيث طوروا مفهوما حول إنشاء السياسة الاجتماعية من خلال التجارب الاجتماعية المفتوحة وليس من خلال تفاعل المصالح المشتركة. أما "هابرماس" فيقول بأن المجتمع المستقبلي سوف يستخدم أبحاث العلوم الاجتماعية كردود فعل من أجل الوصول إلى عملية التوازن الذاتي. ويعتقد أن هذا التحول في عملية الإدارة الاجتماعية سيكون مصدر ظاهرة السيطرة المركزية التي ستقضي على المعارضة وسلطتها في إعادة التنظيم الاجتماعي. و"بول لازارسفيلد" يعمل على ما أسماه نظرية استخدام البحوث الاجتماعية! إن تصميم "مجتمع مسيطر عليه علميا" ليس هو التصميم الوحيد الممكن؛ فمن المناسب إعطاء فكرة عن تصميم بديل لتوضيح العيوب المحتملة.
لا شك أن المجتمع يتكون من جهات فاعلة ذات اهتمامات مميزة، والتي يسميها هابرماس الإطار المؤسساتي؛ وهي مؤسسات مثل الشركات والمنظمات المهنية ومنظمات المستهلكين والنظريات العرقية والاثنية والدينية. وقد يتم تحديد السياسات الاجتماعية من قبل صانعي القرار بمعزل تماما عن ضغوط جماعات المصالح، أو قد تكون مرتبطة ارتباطا مباشرً بتلك المصالح، أو قد يتم استخلاصها من الاستنتاجات الناشئة عن تصرفات الأطراف المعنية. بكل الأحوال فمن المهم معرفة الأسباب التي تدفع أصحاب المصلحة لاستخدام أو عدم استخدام أبحاث السياسة الاجتماعية.
في النتيجة هناك عالمين منفصلين تحكمهما معايير مختلفة ولهما خصائص مختلفة: عالم المعرفة وعالم العمل. عالم العمل يحتوي على قطبين، قطب أصحاب المصالح وقطب المستهدفون (المستفيدون)؛ بينما عالم المعرفة يحتوي الباحثون! هذا قد يدلنا على أن صانعي القرار يجب أن ينتبهوا إلى هذا النموذج للتعرف على العلاقة بينها، واتخاذ الخيار الأفضل بناء على الدراسات.

يرى "فيبر" أن مشكلة الأحكام القيمية تكمن في العلاقة بين العلوم الاجتماعية والسياسة الاجتماعية. حيث سعى إلى معالجة الخلط المفاهيمي حول العلاقة بين التحليل الاجتماعي وبين القيم؛ لأن دور عالم الاجتماع هو إجراء التحليلات الفنية، التي توفر المعلومات للسياسة الاجتماعية. ويميز بشكل قطعي بين الباحث العلمي والشخص الناشط الذي يقيّم، حتى لو اندمجت هاتان الخاصتان في شخص واحد! فإن العالِم الاجتماعي لا ينفصل عن واقعه! وعند استخلاص النتائج، يمكن للعالِم نفسه أن يلاحظ انعكاس قيمه واهتماماته في العمل. اليوم يتم استشارة علماء الاجتماع رسميا لسياسة صحة الطفل، والسياسة الصحية، ومكافحة الجريمة ومكافحة التمييز العنصري في المدارس. وتزداد أهمية مكانة القيم في علم الاجتماع في الخطاب الاجتماعي رغم أن هناك من يقول أن واجب علماء الاجتماع هو تقني فقط.
هناك اشكالية تظهر في نتائج الأبحاث عند وجود نظام سياسي استبدادي؛ حيث تستمد السياسة شرعيتها من أداة السلطة التي صنعتها كالانتخابات، كذلك شرعية البحث تنبع من الادعاء بالكشف عن الحقائق دون تقييد! وعند وجود تناقض بين نتائج الأبحاث والسياسة الاستبدادية السائدة في مجتمع ما، فإن أزمة قيمية تحدث بين الاثنين! قد تؤدي إلى تغيير في النتائج أو إلغاءها.

بدأت الفترة المعاصرة في تاريخ أبحاث السياسة الاجتماعية بتطوير طريقة البحث حتى أواخر الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي. وعمل "تشارلز دوثون" في لندن على انتاج معلومات في سياق سياسة البحث الاجتماعي؛ وانتقل هذا البحث إلى الولايات المتحدة في الثلاثينات والأربعينيات، ولم يُستخدم في أوروبا إلا بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت أول الأساليب المستخدمة في الولايات المتحدة هي المسوحات الميدانية وأبحاث السوق لشركات التصنيع، واستطلاعات الرأي العام حول الجيش في الحرب العالمية الثانية. وقد قدم "لازارسفيلد وستانتون" النماذج الأولى عن أبحاث تتعلق بالجمهور في مجال علم النفس الاجتماعي والاتجاهات الاجتماعية.
ثم بدأ الاهتمام بالبحوث الاجتماعية التطبيقية، وخاصة أبحاث العينات، والتي كانت أولى الدراسات الاستقصائية السوقية والعامة والممارسات التجارية، كأداة مهمة لحل المشكلات الاجتماعية ذات الطبيعة العامة منذ الخمسينيات فصاعدا. وقد بدأت فيها مجموعة مؤسسات. هذه المؤسسات لم تكن راضية عن موقعها، لأنه لم يسمح بوضع السياسات أو التنفيذ من خلال استغلال نتائج البحوث. وبدأت أبحاث السياسة الاجتماعية تأخذ شكلها الحالي في منتصف الستينيات، باتباع عدة نماذج أولية.
كان نموذج أداة "التغيير الأكثر أهمية" هو أول بحث من قبل المؤسسات العامة في وظائف تنفيذ السياسات؛ تحت قيادة "OEO" المؤسسة الأكثر ابتكارا في مجال البحوث السياسية الاجتماعية، وبدأت أنواع معينة من الأبحاث في الظهور: أ- مراجعة الأبحاث السابقة. ب- دراسة الحالة. ج- التقييم. د- التجارب الاجتماعية. ه- التحليل الثانوي.
وتحولت أبحاث السوق من المؤسسات الأكاديمية إلى المؤسسات التجارية. مثل "راند راند" في مجال تحليل سياسات طب الأسنان، ولديها مجموعة واسعة من نماذج التصميم والتحليل منذ أواخر الستينيات؛ ومنظمات أبحاث السياسات التابعة للجامعة "معهد الفقر بجامعة ويسكونسن - معهد أبحاث تريانيل في شمال كارولينا " وغيرها. وبلغت أبحاث تطوير السياسات سرعتها الحقيقية في المنظمات خارج الخط الأكاديمي.
مع نمو البحوث المتعلقة بالسياسات الاجتماعية وزيادة تأثيرها عليها، يمكن توقع تطور النظرية الاجتماعية، والتي يتم تجاهلها تقريبا في علم الاجتماع، بسبب علاقتها الوثيقة بنظرية السياسة! وسيكون لبحوث السياسة الاجتماعية تأثير كبير على عملية إضفاء الطابع المؤسسي في المجتمع.



#صفوان_قسام (هاشتاغ)       Safwan_Qassam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ينجح الدمج الاجتماعي للسوريين في تركيا؟
- في السّياسة الاجتماعية؛ الجزء العاشر: ذوي الإعاقة
- نزيهة محي الدين: النسوية المقصية
- الاتحاد العام النسائي السوري كأداة ذكورية.
- موجز كتاب: جوزفين دونوفان - النظرية النسوية.
- المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية.


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صفوان قسام - في السّياسة الاجتماعية؛ الجزء الحادي عشر: مراجعة للتحليل الاجتماعي والسياسة الاجتماعية لدى جيمس كولمان.