|
موقفي ككوزموبوليتي من حرب اليمين الفلسطيني والاسرائيلي / الجزء الثالث
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 12:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزء الثالث : موقفي ككوزموبوليتي من حرب : الليكود وحماس
لم يعش اليهود بالرغم من التاريخ بل بفضله كارل ماركس : ( المسألة اليهودية )
ايقظت مرحلة الاستعمار العالمي : اليهود من غفوتهم السياسية الطويلة في التاريخ ، ونبهتهم الى ان بإمكانهم العمل على ايجاد حل لمأساتهم في الشتات : حيث تتعرض غيتواتهم باستمرار الى الهجوم عليها من المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها ، وأكبر هجوم تعرضوا له حدث عام 1880 - 1881 في اوربا الشرقية ، لكن اليهود لم يختاروا الهجرة الى فلسطين ، وطنهم القومي ، كما ستصبح بأقلام مفكريهم الصهيونيين من اليهود وغير اليهود - بل هاجر معظمهم الى شمال اوربا . وهذا الموقف يدل بوضوح على ان فلسطين لم تتحول بعد في وعي اليهود الى الوطن القومي المنشود . ان عدم لجوء اليهود الى فلسطين اثر احداث 1880 - 1881 الدموية : يؤكد صحة الرأي الذي يقول بأن : القومية فكرة كانت اوربا قد بدأت صياغتها في نهاية القرن الثامن عشر ومفتتح القرن التاسع ، وهي لم تصبح بعد الفكرة المسيطرة على وعي اليهود السياسي . ستصبح الفكرة القومية ذات حضور لدى بعض اليهود - بعد ان تكون ملامحها الاساسية قد تمت صياغتها من صهيونيين غير يهود سبقوا بلفور في وزارة الخارجية البريطانية - وسيعقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الاول عام 1897 في بازل تحت سلطان الفكرة القومية . لقد اقتنع البعض من ناشطي اليهود السياسيين : ان بإمكانهم العمل على طريقة القوميين الاوربيين ، الذين أخذوا بمفهوم " البعث " الذي يقوم على الاعتقاد بان الامم تولد بجوهر خالد عصي على التغيير ، وانه يمكن بعث هذا الجوهر كما كان في لحظة ولادته ، بأزالة ما لحقه من صدأ ، وما غطاه من ركام احداث معادية . وكما نشطت حركات التوحيد القومي في المانيا وفي إيطاليا ببعث الكثير من الحكايات والأوهام والحقائق التي تشير الى أصالة وخلود جوهر الامة ( يجب ان لا ننسى ما للحركة الرومانسية من تأثير على الحركات القومية الاوربية خاصة في نظرة الرومانسيين الى الماضي ) يمكن لليهود كذلك ان يحققوا بعث امتهم من جديد : وذلك ببعث الحياة في أسطورة : شعب الله المختار ، التي تتحدث عن علاقة خاصة تربط بين اليهود وبين الاله "يهوه " الذي : اصطفاهم ، أي اختارهم . تشير كلمة الاختيار الى التقاط شيء من بين أشياء عديدة لأفضلية يتمتع بها . لكن اليهود لم يشيروا الى الأفضلية التي جعلت " يهوه " يقع في غرامهم ، ويمنحهم وطناً ، ويأمرهم بقتل وتهجير سكنته الأصليين . وهذه سابقة لم يدعيها شعب آخر من شعوب المنطقة . اذ لا احد من هذه الشعوب ذكر بأنه يعيش على ارض كان قد اغتصبها . لم يقل بذلك الكنعانيون ، سكنة فلسطين الأصليين ، ولم يقل بذلك المصريون والسومريون وهما اشهر شعبين حضاريين في المنطقة . وحتى حين تم لليهود الاستيلاء على فلسطين بقوة السيف ، فأنهم ظلوا في الكثير من جوانب حياتهم : بدواً ، ولم يتمكنوا حتى سبيهم الاول من قبل نبوخذنصر البابلي عام 597 - من بناء حضارة ذات فائض غذائي ، وذات إشعاع فني وفكري وديني ، كما فعل السومريون وقدماء المصريين ، الذين انتجت حضارتاهما فائضاً غذائياً يزيد عن حاجة المزارعين ، ويكفي لتغذية الآلاف من أفراد الجيوش والكهنة والحرفيين والعاملين في الصناعات التحويلية ، وادارة الدولة والكتاب والتجار . ووفقاً لما ورد في التوراة : كان الجهد الاعظم الذي يبذله اليهود في فلسطين يدور حول أمور الحرب المستمرة التي اعلنوها على شعوب المنطقة ، تطبيقاً لأوامر الاله " يهوه " بتصفية هذه الشعوب عرقياً . ومن خلال حروب التصفية العرقية هذه كانوا يقومون بمصادرة ممتلكات هذه الشعوب المدينية والقروية ويسدون حاجاتهم الغذائية والحياتية منها . لم تذكر التوراة شيئاً عن لهفة اليهود الى تطوير مستوى متقدم للحياة في المنطقة ، وظلت حياتهم حتى سبيهم الثاني من قبل الآشوريين تشكل امتداداً لنمط الحياة السائد في بلاد الشام ، بل ان بعض آيات التوراة تشير الى محاكاة اليهود لشعوب المنطقة دينياً وثقافياً ، واستعارتهم لطقوس عبادة بعض آلهة المنطقة ...
لنسلك اعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير . سفر التكوين : 18 : 15 - 21
تشير الكثير من حوارات الأله " يهوه " مع شعبه المختار داخل نصوص التوراة الى انه غير محب لشعوب منطقة الهلال الخصيب ، وكان مبغضاً لها وحاقداً عليها بشدة ، رغم كونها وسط حضاري متقدم وذات إنتاجية زراعية عالية . وقد تحاشى اللاهوتيون التطرق لهذه الصفة في دراساتهم لصفاته ، ولم يشيروا اليها ، مع انها الصفة التي كانت تتحكم بقراراته وافعاله ، والتي لا يمكن تطبيق الوعد بمنح شعبه المختار ارض اللبن والعسل من دونها : فازدراء وكره الآخرين هو الذي يشحن النفوس ويدفعها للذهاب الى الحروب وليس الحب . ان شحنة حقد ( مقدسة ) ضرورية لتنفيذ : الوعد الذي قطعه " يهوة " لابراهيم ثم لأولاده وأحفاده . لم تتم دراسة صفة البغض الشديد الذي يكنه " يهوه " لشعوب الشرق الأوسط التي تركت التنقل والغزو وامتهنت الزراعة وتدجين الحيوانات . وحين نقارن هذه الصفة الدموية بصفة الحب ، ونتتبع مناحي تصريفه لها : يصدمنا ان نكتشف : بأن " يهوه " واقع في حب القبائل البدوية ، ومغرم بافعالها وهي تمارس الغزو للحصول على احتياجاتها الاساسية . فأله اليهود يشترك مع آلهة البدو السابقين واللاحقين في تمجيد الشرر المتطاير من حوافر الخيول الغازية ، ومباركة الرزق الذي تجلبه رماح الفرسان وسيوفهم . وهو كغيره من آلهة البدو يحتقر العمل اليدوي ، ويفضل عليه الغزو في تحصيل ضروريات الحياة . فكيف ينسجم هذا التفضيل مع وصايا الاله الشهيرة : لا تسرق ، لا تقتل ، لا تشتهي بيت غيرك ... الخ ، ومن يدقق في قراءة التوراة وفي سواها من كتب ديانات الشرق الأوسط ، يكتشف ان عمليات الغزو كانت تشيع البهجة والسرور في قلوب الآلهة البدوية ، فيرسلون الى أنبيائهم نصوصاً تمجد القتلى وتسميهم بالشهداء الذين تنتظرهم مكافئة الخلود في الجنة ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الثاني من مقال : موقفي ككوزموبوليتي من حرب الليكود وحم
...
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب : الليكود وحماس ( 1 )
-
6 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
5 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
مع من سأعيد ، مع السنة أم مع الشيعة
-
السياسة والحب : 3 و 4 من 7
-
السياسة والحب 1 و 2 من 7
-
شهيد أم قتيل
-
بعد ان تجاوزت الإصابات الملايين
-
الأمن والتفجيرات
-
لماذا تفضلون العيش في عالم التخلف ؟
-
السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة
...
-
رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
-
كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف
...
-
الوحوش
-
اطردوا اشباح الماضي
-
دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
-
عن استراتيجية بث الذعر والخوف
-
( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
-
الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|