|
الخاص والعام و شمس الفيسبوك التي لا تغيبُ ولا تغفَل
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6939 - 2021 / 6 / 25 - 13:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ما هو المقصود بما يعتقد البعض أنّهُ ذلك الحيّز "الخاص" للتواصل عبر "الفيسبوك" ؟ ما معنى أن يكتب بعض "المُستخدِمين" عبارات من قبيل : "لا تكتب لي على الخاص" .. لا تراسلني على الخاص" .. "الخاص ممنوع" .. لا أستخدِم الخاص اطلاقاً" .. و " رجاءً لا تكتب لي على الخاص ، أنا مخطوبة" !!! هل "الخاص" هنا "حَرَمٌ مقدّس"، وكُلُّ من يدخل الى هذا "الخاص" ، سينتهكُ "الحُرُماتُ" الحصينة؟ لا شيء "خاص" هنا على "الفيسبوك". بمجرد أن تفتحَ "حساباً" هنا ، ستصبحُ "عامّاً" ..أنتَ ، وجميع تفاصيل حياتك الصغيرة والكبيرة. أنت هنا لتتواصلَ"اجتماعياً" و "شخصيّاً" مع آخرينَ "افتراضيين" لا تعرفهم ، ولم يسبق لك أن التقيتَ بأحدهم وجها لوجه(وقد لا تقابلهم إلى الأبد) .. وبالتالي فأنتَ هنا ، ليس فقط لإدامةِ تواصلكَ مع أصدقائك "الواقعيين" ، و مع الأهل ، وأفراد العائلة. إن تسبَب لك هؤلاء "الآخرون" ، أو البعض منهم ، بإزعاجٍ ما ، فلديك الكثير من الخيارات"التقنية" البسيطة، التي تسمحُ لكَ بكفٍّ هذا الإزعاج عنك ، بأقل جهدٍ مبذول ، وأدنى كلفةٍ ممكنة. هل المطلوبُ أن يقول لنا "الغرباء" عنّا ، كُلّ ما يريدون قولهُ لنا ، هنا على "العام" الذي لا يرحمُ أحداً. أيُّ "عامٍّ" وأيُّ "خاص" ، وأنت تُقرِّرُ أن تفتحَ"حساباً" في هذا "الفضاء" المفتوح على وسعه، والذي بمجرد أن تُعلِنَ عن نفسكَ من خلاله ، ستكونُ كمن يعرضُ كُلَّ "عوراتهِ" على رؤوس الأشهاد ، وفي الهواء الطَلِق ؟ بمجرد أن تفتح "حسابك" على "الفيسبوك" ستضعُ نفسكَ في مواجهةٍ مباشرة مع جميع "المخلوقات".. المُنقرِضة والمُهدّدة بالإنقراض، و"الساقطة" و الآيلة للسقوط ، ومع "عامّة" الناس و "نخبتهم" ، ومع قلّةٍ من "الأصحّاء"، وأجيالَ مديدةٍ من المُصابينَ بأمراضٍ "نفسيّةٍ" مزمنة يستحيلُ الشفاء منها، ومع "الطيّبون والطيّبات"، و"الخبيثون والخبيثات".. وعليكَ التحسّبَ لما يعنيه ذلك. لا شيء "خاص" .. هنا .. على "الفيسبوك". حتّى أُمّي(وهي على أعتاب التسعين) كان لديها حسابٌ هنا ، تمّ فتحهُ بمساعدةٍ سريّةٍ من بعض الأحفاد "المارقين" ، ولهدفٍ رئيس هو التجسّس"المعلوماتي" على "مؤامرات" الكنّات ، و "قشبتهنّ" ، و"أنشطتهنّ" " و"حركاتهنّ" المُريبة عبر الفيسبوك.. وأيضاً (كهدفٍ ثانويّ) ومُعلَن ، هو حاجتها لكي تقضي وقتها الذي لا معنى له ، والفائض عن الحاجة في هذا العُمر، بتصفّح أخبار هذا العالم "الطايح حظّه" كما تقول. حتّى أمّي هذه التي فتحَ لها الأحفادُ"الأنذالُ" في يومٍ ما "حساباً" شخصيّاً بإسم "الحجيّة الكرخيّة"، ووضعوا لهُ صورة"بروفايل" لطفلٍ من أبناء أحفادها.. كانت تتلقّى العشرات من رسائل الغزل و"الحِرشة" على "الخاص" ، بعضها "فاحشٌ" إلى درجةٍ تسمحُ لكَ على الفور بإرتكاب جريمة، وبعضها الآخر يجعلنا نستلقي (والحجيّةُ معنا) على قفانا من الضحك(هذا إذا ما تبقّى لنا قفا أصلاً). استبدَلْنا "الحجية الكرخية" بـ "حجيّات" أخريات ، عظماويّة ، وبغداديّة ، وفضلاويّة ، وشيخيّة ، ورصافيّة ، وسامرليّة .. ولا فائدة . كانت رسائل "الخاص" الملغومة لا تنقطع .. ولم يكن أمامنا سوى الإستمرار بالإستلقاء على قفانا "المُبارك" من شدّة الدهشة ، وأُمّنا تستلقي معنا طبعاً. هذا كان سيحدثُ حتماً ، لـ "الحجيّة" الطاعنة في السنّ ، ولغيرها من "الحجيّات" الصغيرات الحُلوات العذبات ، بمجردّ ظهورهن على "الفيسبوك". فـ "الحجيّات" على اختلاف أنواعهنّ ، لم يفتحنَ حساباً بين "الصَفا والمروة" .. بل هُنّ "يُهروِلْنَ" جميعا ..هنا.. في دروب "الفيسبوك" الفسيحة ، وعليهُنّ(وعلى أولئكَ الذين يفتحون "حسابات" لأمهاتهم ، كما فعلنا نحن) تحمُلّ كافة التبعات المترتبّة على ذلك. أنا "شخصيّاً" أكتبُ منذُ سنواتٍ عديدة رسائل طويلة ، وأرسلها على "الخاص" لسيّدةٍ "فتَحَتْ" لها "حساباً" بإسمٍ "مدلوع" ، و وضعتُ لهُ صورة "بروفايل" كافرة. "هي" .. قد تكونُ رجُلاً. ليس هذا مهمّاً. المُهمّ أنها لم تقُم بالردّ ، ولو على رسالةٍ واحدةٍ منها.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا الزمانُ الخسيس
-
مثل بصرةٍ سابقة
-
الكَرَم خارجياً و المَكْرَمات داخليّاً: تخلّف وبدائيّة أنماط
...
-
مآتم ورديّة على سطح الأيّام
-
العطش الذي نستحق
-
حياةُ العراقيّينَ مُهمَّة
-
أولئكَ الذينَ لم يَطْلَعوا بعد
-
هذا ما يحدثُ لك عندما تُضيِّعُ فرصتكَ لتصيرَ لُصّاً
-
القتال الحاليّ بين -حماس- و إسرائيل .. بعض التداعيات ، و بعض
...
-
أنا خائفٌ ، و خائفٌ جدّاً .. وأخاف
-
هذا الوقتُ يجعلُ الحُبّ صعباً .. من فرط النسيان
-
بعضُ الأُمم .. وأُممٌ أخرى
-
قبلاتٌ قديمة .. لعيدِ الأيّام
-
العيدُ .. عيد
-
صديقي الفيسبوكي العزيز
-
ليسَ في الأفقِ شيءٌ
-
ما بعدُ و بعد
-
جمهوريات الخراب العراقي العظيم
-
أنا دائماً أعودُ إلى البيت
-
على غصنِ الأيّام .. نملةُ روحي
المزيد.....
-
ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال
...
-
ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة
...
-
زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب
...
-
كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م
...
-
-جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً
...
-
بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج
...
-
جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت
...
-
محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
-
عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
-
أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول
...
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|