أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رحيم العراقي - السيد المسيح..جمهورياً















المزيد.....

السيد المسيح..جمهورياً


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1637 - 2006 / 8 / 9 - 10:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ساهم في تأليف كتاب: المسيح ليس جمهورياً العديد من المفكرين والسياسيين المعاصرين في الولايات المتحدة الأميركية، وأشرف عليه الباحثان كلينت ويليس وهاردكاسل المختصان بالحركات الدينية المتطرفة والأصولية البروتستانتية.
والكتاب يحتوي على اثني عشر فصلاً ودراسة. والكتاب كله ما هو إلا محاولة لفضح مزاعم اليمين المسيحي في أميركا. ومعلوم أنه شهد ازدهاراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة وأصبح يسيطر على الشارع. ويهدف الكتاب إلى القول بأن تصريحات ممثلي اليمين المسيحي وأعمالهم تتناقض مع يسوع المسيح والرسالة الجوهرية للإنجيل. فكل المصادر التاريخية الموثوقة تقول لنا بأن يسوع الناصري كان من أنصار الفقراء، والضعفاء، والمنبوذين في المجتمع، وليس من أنصار الأغنياء والمتسلطين والأقوياء.
كما تقول لنا بأن يسوع كان من أكبر الداعين إلى العدالة الاجتماعية والسلام بين البشر والتعاطف مع المستضعفين والمحرومين. وأما قادة اليمين المسيحي في أميركا فهم من أنصار التمييز العنصري ضد السود والأقليات. كما أنهم مرتبطون بالقوى الغنية والرأسمالية في المجتمع الأميركي. يضاف إلى ذلك أن الحزب الجمهوري الذي ينتسبون إليه أو يدعمونه كان دائماً يمثل الطبقات العليا المسيطرة في المجتمع وبالتالي فلا يحق لهؤلاء أن يتحدثوا باسم المسيح أو رسالة الإنجيل
فالواقع أنهم أبعد ما يكونون عنها وعن مبادئ الدين السامية. ويرى الباحثون الذين ساهموا في تأليف الكتاب أن العقلانية العلمانية محاصرة من قبل خرافات هؤلاء الأصوليين المتعصبين وقد ازدادت هذه المحاصرة بعد ضربة 11 سبتمبر وانتخاب بوش الابن للرئاسة وبالتالي فأميركا أصبحت ضحية عصاب جماعي يكاد يفتك بها فتكاً ذريعاً.
وللأسف فان الحزب الديمقراطي لا يفعل شيئاً يذكر لكبح جماح هذه الموجة التي طغت على البلاد منذ بضع سنوات أو قل انه يبدو عاجزاً عن مواجهة هذه الموجة أو عكس تيارها فالضربة الإرهابية الكبرى جعلت الشعب الأميركي يفقد صوابه تقريباً ويستسلم للدعاية الدينية المهووسة بكل ما هو مضاد للعلم والعقل، ولكن لا ينبغي أن نستنتج من ذلك أن كل سكان أميركا الذين يقارب عددهم الثلاثمئة مليون نسمة قد أصبحوا أصوليين متطرفين!
فالواقع أن معظمهم علماني يؤمن بالحقوق الفردية وفصل الكنيسة عن الدولة، كما يؤمن بدولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان، وبالتالي فلا خوف على المجتمع ككل من هذه الناحية. ولكن توجد أقلية كبيرة من الأصوليين وبخاصة في الولايات الجنوبية التي تشكل ما يدعونه «بالحزام الإنجيلي».
وهذه الولايات كانت دائماً محافظة وتقليدية ومتدينة جداً. وهي التي خاضت الحرب الأهلية ضد الولايات الشمالية المتحررة والمتطورة ومعلوم أنها كانت ضد تحرير العبيد السود ومساواتهم بالبيض. ولذلك جرت الحرب. وهذه الولايات الجنوبية التي تشكل الحزام الأصولي المسيحي هي التالية: كارولينا الشمالية، كارولينا الجنوبية، جورجيا، الاباما، ميسيسبي، فرجينيا، تكساس، فلوريدا، تينيسي، أركنساس، لويزيانا، كنتاكي.
ويبلغ عدد سكان هذه الولايات أكثر من ثمانين مليون نسمة من أصل مئتين وستة وثمانين مليون من عدد سكان أميركا الإجمالي، وبالتالي فهم يشكلون تقريباً ثلث سكان أميركا. ثم يردف الكاتب قائلاً: لا ريب في أنه من المبالغة القول إن معظمهم أصوليون متزمتون.
فأميركا بلاد متطورة جداً، ولم يعد الناس مرتبطين بعقائد آبائهم، وأجدادهم كما كان عليه الحال في السابق. ومعظم الناس متعلمون ومطلعون على الحياة الحديثة. وبالتالي فالأصوليون أقلية حتى في الولايات الجنوبية، ولكنهم أقلية كبيرة. وتقول الإحصائيات إن نسبة 44% من سكان هذه الولايات الجنوبية لا يزالون يمارسون الطقوس والشعائر الدينية حتى الآن. وبالتالي فمعظم قوى اليمين المسيحي موجودة في صفوفهم. وإذا كانت أميركا تعد سبعين مليوناً من الإنجيليين المتشددين عقائدياً فإن نصفهم موجود في الولايات الجنوبية.
ثم يردف الكتاب قائلاً: إن هذا الجنوب الأصولي ساهم مساهمة فعالة في نجاح بوش في الانتخابات الرئاسية. ولهذا السبب فإن بوش ابتدأ عهده بتصريحات تبشيرية متمدة من دعايات وأقوال هذا اليمين المسيحي. وهذا اليمين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش. وهو يكره الحزب الديمقراطي كثيراً أو يتهمه بالعلمانية والابتعاد عن الدين والتخلي عن القيم التقليدية لأميركا. كما يتهمه بالانحلال والفساد الأخلاقي والفسق والفجور الجنسي والابتعاد عن الله والقيم المسيحية والإنجيلية.
ولكن هذا اليمين المسيحي، ككل يمين ديني في العالم، ينسى أن الحزب الديمقراطي هو الأكثر دفاعاً عن الفقراء والفئات الهشَّة في المجتمع الأميركي كالسود والمغتربين عموماً. وبالتالي فمن هو الأقرب إلى روح الإنجيل ورسالة يسوع الناصري الفلسطيني؟ هل هم عتاة اليمين الأميركي أم القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية؟ كل المواقف الرجعية يدعمها اليمين المسيحي المرتبط بالجناح المتطرف في الحزب الجمهوري. وكلها تعتبر خيانة لمواقف يسوع المسيح والمبادئ التي نصَّ عليها الإنجيل.
نضرب على ذلك مثلاً الموقف من حماية البيئة والتوقيع على اتفاقيات «كيوتو» باليابان، وهي الاتفاقيات التي وافق عليها كل قادة الغرب الأوروبي والأميركي ما عدا جورج دبليو بوش. ونضرب على ذلك الموقف من حقوق السود والأقليات والمستضعفين داخل أميركا ذاتها. فاليمين المسيحي ضد المساواة بين البيض والسود، بل ويمارس التمييز العنصري والطائفي الذي نهى عنه السيد المسيح عليه السلام.
ومع ذلك فإن هذا اليمين المسيحي يقدم نفسه وكأنه المدافع الأول عن المسيح! بل ويدعو نفسه بالتيار الإنجيلي داخل الساحة الأميركية.. يضاف إلى ذلك أن هذا اليمين كان تاريخياً معادياً لليهود، أي للسامية، وكان يتهمهم بأنهم هم الذين قتلوا المسيح. وأما الآن فأصبح يتخذ موقفاً معاكساً تماماً. لقد أصبح صهيونياً أكثر من الصهاينة. بل وأخذ يدعو إلى طرد الفلسطينيين من ديارهم التي تبقت لهم! وهكذا تشكل تيار صهيوني مسيحي داخل اليمين الأميركي الذي ينسب نفسه إلى الإنجيل والمسيح.
ثم يردف الكتاب قائلاً: وليس ذلك حباً باليهود، وإنما من أجل أن تتحقق الأساطير الدينية التي تقول بأن المسيح لن يعود إلى الأرض إلا بعد عودة اليهود إلى أرض فلسطين، وبعدئذ سوف يقتلهم عن بكرة أبيهم، إلا من قبل التخلي عن دينه واعتناق المسيحية. وبالتالي فاليمين المسيحي يريد أن يعود اليهود لاحتلال فلسطيني ليس من أجلهم وإنما لأن عودتهم ضرورية وتعتبر الشرط المسبق لعودة المسيح نفسه لكي يطهر الأرض منهم بعد أن يكونوا قد تجمعوا في منطقة واحدة.
إن عودتهم ضرورية لكي يتحقق السيناريو الخيالي أو الخرافي الذي يؤمن به الأصوليون الظلاميون. وأما فيما يخص المشكلة العنصرية التي هيمنت على الحياة السياسية الأميركية فيمكن أن نقول ما يلي: لم يكن الرئيس روزفيلت حساساً لهذه المسألة ولم يكن يعيرها أي انتباه. أما الرئيس الديمقراطي ترومان الذي خلفه على سدة الحكم فكان ذا رأي مختلف. كان يعتقد أن أميركا لا يمكن أن تستمر على هذا النحو من التمييز العنصري ضد شريحة كبيرة من السكان.
وكان هذا التمييز سائداً بشكل خاص في الولايات الجنوبية: أي حيث تسود الأصولية الدينية والتعصب المسيحي. ولذلك أمر ترومان باتخاذ بعض التدابير للحد من هذا التمييز الذي يمارسه البيض على السود في المقاهي، والمطاعم، والباصات، والمدارس، الخ. فقد كان ممنوعاً على الأسود «الوسخ» أن يختلط بالأبيض «النظيف» و«الجميل» في هذه الأماكن العامة.
ولكن عندما عرف الجنوبيون بنوايا ترومان وقوانينه الجديدة قرروا مقاومتها ومنع تطبيقها في ولاياتهم، وشكلوا هيئات دينية وشعبية للمحافظة على التمييز العنصري كما كان سائداً في السابق. ثم ظهر بعدئذ شخص ملهم لكي يدافع عن السود وعن ضرورة نيلهم للحقوق المدنية. وكان هذا الشخص هو الزعيم الأسود والمشهور: مارتن لوثر كينغ. وكان قساً بروتستانتياً مثله في ذلك مثل أغلبية سكان أميركا.
وعرف هذا القائد الديني والوطني والإنساني كيف يفسر رسالة الإنجيل في الاتجاه الصحيح وكيف ينقذها من براثن اليمين المسيحي الأصولي الذي شوهها وحَّرفها وزورها. وعندئذ تبعه خلق كثير وأصبح يشكل تياراً واسعاً في الحياة السياسية الأميركية. وقد استقبله الرئيس الديمقراطي جون كندي في البيت الأبيض ووافق على معظم المطالب التي قدمها له. ولكن سرعان ما تحرك اليمين المتطرف الأميركي وقتل مارتن لوثر كينغ عام 1968. وكان قد قتل قبله الرئيس كندي لأسباب مختلفة ومتشابهة في ذات الوقت.
ثم يتحدث الكتاب عن قضايا أخرى عديدة كمقاومة اليمين المسيحي للنظريات العلمية والفلسفية الجديدة، ويضرب على ذلك مثلاً موقفهم من نظرية التطور لداروين وكيف أنهم يحاولون منع تدريسها في المدارس الجنوبية التي يسيطرون عليها.
وهم يدرسون مكانها نظرية خلق الكون كما وردت في سفر التكوين في التوراة ويعتبرونها النظرية الوحيدة الصحيحة. ويرى مؤلفو الكتاب أخيراً أن هذا التيار الأصولي شوه صورة أميركا في الخارج وأضر بها أكثر مما أضر بأعدائها.




#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية
- علماء وأنبياء..
- الفكر الإغريقي والثقافة العربية
- تاريخ الاشتراكية الفرنسية
- إبن رشد والإرث الأندلسي
- الكلدوآشوريين السريان والأطباق الطائرة
- المسلمون في إسبانيا، بين عامي 1500-1614
- المسيحية الحديثة والعلمانية
- غوغان
- هيجو .. حياته..أعمالة
- وحدة الفلسفة السياسية
- تجربة مع الشعوب السوفياتية
- . كتاب : التوحش
- رامبو في مهب الريح
- ديكارت
- شاتوبريان
- كونفوشيوس
- بيت في الوزيرية
- كيف تحولت الأرض الى كوكب...؟
- اليوتوبيا الملموسة لأرنست بلوخ


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رحيم العراقي - السيد المسيح..جمهورياً