أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - تعال اقترح عنواناً لهذا المقال يا عمّار














المزيد.....

تعال اقترح عنواناً لهذا المقال يا عمّار


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6935 - 2021 / 6 / 21 - 01:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أقول وخيرُ القول ما انعقد بالصواب، وخيرُ الصواب ما تضمَّنَ الصدق، وخير الصدق ما جلب النفع. حقيقة، يغمرني الفرح كلّما صدر أحد الكتب الجديدة لمؤلف من مدينة إدلب في الشمال السوري، هي مدينتي التي ولدتُ فيها ومن حقي الفرح للحظات في هذا الحزن المقيم، أعرف أهل إدلب جيداً، وأحببتُ الحياة فيها، ويكفيني، حتى أُحبها أكثر، أن الأديب الكبير حسيب كيالي ولد فيها، وكان من أهلها، وضمّن من شخصياتها الكثير من المواضع في مؤلفاته الروائية والقصصية والمسرحية، وحتى في قصائده الشعرية، المنشور منها وغير المنشور، وكان يحمل "هموم" أهلها في حلّه وترحاله.

واليوم أحتفى بمجوعة قصصية صدرت حديثاً عن دار موزاييك للدراسات والنشر في استنبول للقاص السوري عمّار الأمير تحت عنوان "أبو صخر" جاءت المجموعة في 188 صفحة من القطع المتوسط، 38 قصَّة ومقدمة. عمّار الأمير من إدلب، وهو ابن أحد أشهر رجالاتها في النصف الثاني من القرن العشرين، يحمل لقباً مشهوراً "مواس" وكنّا لا نعرف له اسماً آخر، جاء "مواس" فعلى الأطفال الهروب والاختباء قبل أن يكمش أرجلهم و"يقطش" لهم "تبعهم" أو "البتاع" على حد تعبير "أبو النجوم" أحمد فؤاد نجم. ومع ذلك أكثرنا مرَّ بين يديه كُرهاً، عندما كنّا أطفالاً، نعم، كان "مُطهرنا" رحمه الله، آلاف مؤلفة من أطفال مدينة إدلب وريفها "قطش" لهم ذلك الشيء الذي تمنع الرقابة في عصرنا الأغبر هذا من ذكر اسمه الصريح، مع أن الاسم ذُكر كثيراً في كتب تراثنا، وكان يُذكر من قبل كبار كتابنا، كالجاحظ والتوحيدي والراغب الأصفهاني. كلا، لن أذكر اسمه هنا حتى لا تمنع الرقابة مقالي هذا، والقارئ الفطن عرف اسم "البتاع" الذي نتحدث عنه بكل تأكيد.

في العموم، لنتخيل صياداً في غابة، وليس معه إلا طلقة واحدة، وفجأة يتراءى لهذا الصياد نمر مندفع نحوه، فهل سيصيب هذا الصياد النمر بطلقته والوحيدة، أم أن على صاحبنا أن يسلم أمره لغريمه، فيصطاد النمر الصياد، إذا ما أخطأت الرصاصة هدفها؟ وبالمقابل، لنتخيل حالة أخرى، أو صياداً آخر ومعه طلقات كثيرة-نحن في حالة حرب- يتراءى لهذا الصياد، على امتداد سهل فسيح، ومن خلف مكمنه شبه الآمن، سرب طرائد متنوعة، يختار منها الصياد ما يشاء، فإذا لم تصب الطلقة الأولى، فقد تصيب الطلقة الثانية، أو الثالثة، هذه الطريدة، أو تلك. مع ملاحظة التقدم الهائل في أسلحة الصيد. قد تكون الحالة الأولى، حالة الصياد ذي الطلقة الوحيدة، هي حالة كاتب القصة القصيرة. وقد تكون الحالة الثانية حالة الصياد متعدد الطلقات والطرائد، هي حالة الروائي، ففي القصة القصيرة، إما أن تُصيب هدفك مباشرة، وفي الصميم، فتنجو بنفسك، أي تنجح في كتابة قصة جيدة، وإما أن تخطئ الهدف فتكتب قصة رديئة، أما "الثالث" فمرفوع كما يقول المناطقة.

فهل أصاب صيادنا عمّار الأمير طريدته في طلقة واحدة، وكتب قصة جيدة على حدّ تعبير الأديب الكبير يحيى حقي-وعلى فكرة ما أوسع الشبه بين حسيب كيالي ويحيى حقي- والذي اقتبستُ منه حكاية الصياد والطريدة والقصة القصيرة من إحدى مقدمات مجموعاته القصصية التي لا أتذكَّر الآن عنوانها في بلاد الغربة التي نحن فيها حيث بقيت مؤلفات يحيى حقي في مكتبتي في إدلب.

أنهيتُ قراءة قصص مجموعة "أبو صخر" في ساعات قليلة وفاجأتني لغة القصّ، لأنني لم أعهدها من عمّار الأمير، اللغة المستعملة جميلة، سلسلة، سلسبيل، كأنها ماء فرات. الكلمات وتركيب الجملة تتدفق بعفوية ظاهرة لا تخفى على كل لبيب. وهذه اللغة تختلف اختلافاً بيّناً عن عهدي بها في مجموعتيه السابقتين "جاسوسة الملائكة" و "شتيمة موصوفة" كيف ذلك يا عمّار؟ أقول: في مجموعة "أبو صخر" اللغة عالية على حد تعبير صديقنا اللغوي الكبير "عارف حجاوي" فيها هذه الحميمية في السرد الذي يرافق القصص الناجحة، وبكل تأكيد قصص المجموعة ناجحة، ويكفيك أن تقرأ قصة "التربية بالخرطوم" لتُدرك ذلك، ومن أسباب نجاحها هذه "اللغة العالية" حتى لغة الحوار يمكننا القول بأنها كانت بديعة. لا تظن بأنني أمدحك هنا يا عمّار، كلا ليس الأمر كذلك، مع أن المجموعة تستحق المديح، ولكن ليس هذا ما قصدته. قصدي بأنك انتقلت من سوية إلى سوية أخرى في اللغة تحديداً، وحسب ظني فإن مجموعة قصص "أبو صخر" مكتوبة في الفترة الأخيرة. هل يحتاج كلامي إلى إيضاح؟ يا سيدي في المجموعتين السابقتين لا يمكننا مديح اللغة بهذا القدر لأنها كانت مدرسيّة، -إن صح التعبير- لا ترفع من شأن الأدب القصصي هذا ما قصدته، وهذه الطريقة في الكتابة لا تنجح لأنها متكلّفة جداً وتُفقد العمل الأدبي حميميته. مرة أخرى أقول اللغة في مجموعة "أبو بصخر" تختلف، وقد أدهشتني فعلاً، فهي عالية، فيها هذا الجمال اللغوي السهل الممتنع، تشبه لغة أديب إدلب الكبير حسيب كيالي -زيتنا في دقيقنا- والتي تُغريك بمتابعة القراءة، ما السر؟ يقول عمّار الأمير في الجواب: السر أنني أتغيّر، أتطوّر، أنمو، مع كل كتاب جديد أُطالعه، ومع كل كتاب جديد أعمل على تأليفه، السر أن شخصية "أبو صخر" واقعية، من لحم ودم، عشت معها عقداً من الزمان فجاء القص "مجبولاً" بهذه اللغة الحيّة الموحية التي تغرف من الحياة قدر ما تشاء.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحباً، بكم الدولار اليوم؟
- اللَّحْظَّةُ الماركسيَّة
- الشيوعية بديلاً عن الرأسمالية
- عن رفيقي فؤاد النمري وفرضيَّة فائض القيمة
- أناشيد سائق القطار في الأول من أيار
- فرضيّات حول فائض القيمة
- الثورة السودانية في كتاب البروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك
- الجاحظ في مرآة تشارلز داروين
- نوال السعداوي امرأة متوحشة وخطيرة لأن الحقيقة متوحشة وخطيرة
- على الحصير وكوز الماء يرفده
- ستالين في ذكرى رحيله... تعرجات حياة صاغتها القسوة والغموض
- غورباتشوف في التسعين
- أنا أرييل شارون
- هات بصلة
- عن الفجل والشيوعيَّة
- أحمد فاخوري: في مديح طبيب لندن العراقي
- رسالة في الشيوغيَّة
- عمّار الأمير يكمش السوري متلبساً
- إنجلز شيوعياً
- رفيقتي الأمريكية التي أحببتها من صورة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرزاق دحنون - تعال اقترح عنواناً لهذا المقال يا عمّار