|
إعمال العقل فيما يجري في فلسطين
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6934 - 2021 / 6 / 20 - 21:51
المحور:
القضية الفلسطينية
في خضم الانتفاضة التي تمت خلال مايو الماضي سادت مشاعر الحماسة الوطنية والعواطف الجياشة والتأييد العالمي غير المسبوق وتجلت صورة الشعب الفلسطيني في أبهى ما يكون وبان الأمر وكأن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة أو وُلِدت من جديد، آنذاك كتبنا أكثر من مقال نطالب بضرورة توظيف اللحظة النضالية قبل فوات الأوان وكان واحد منها يحمل عنوان: (حتى لا تعود الأمور إلى ما كانت عليه)، ولكن بعد أن هدأت المواجهات وصمتت المدافع يبدو أن السياسيين المنقسمين والمتصارعين مع بعضهم البعض غدروا بالانتفاضة وبالشعب وبددوا كل ما كان يُرَهن عليه، وعادت الأمور أسوء مما كانت قبل الانتفاض، وأصبحنا أمام وضع يتطلب تفكير عقلاني لاستخلاص الدروس والعبر مما جرى، مع أن ما جرى خلال الأحداث الأخيرة وخصوصا المواجهات بين فصائل المقاومة في غزة ودولة الاحتلال تكرر للمرة الرابعة وفي كل مرة نسمع خطابات النصر ثم تعود الأمور أسوء مما كانت. . بالرغم من أن الأحداث مفتوحة على كل الاحتمالات بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلا أن ما جرى في مايو أكد على حقائق، ويستدعي التوقف عند بعض التداعيات والحذر من أخرى، وفي هذا السياق نتوقف عند القضايا التالية : 1- أكدت الأحداث أن الشعب الفلسطيني موَّحد في كل أماكن تواجده بالرغم من كل الحدود والحواجز الجغرافية والسياسية والأيديولوجية والمشكلة تكمن في الانقسام والصراع داخل الطبقة السياسية. 2- التعاطف العالمي الواسع مع الشعب الفلسطيني يشكل اعترافا بأن الفلسطينيين يمارسون حق الدفاع عن النفس وأن المقاومة بكل أشكالها تتوافق مع القانون الدولي والشرعية الدولية، والمشكلة كيف يتم عقلنتها وتوجيهها في المسار الصحيح. 3- أهمية ما جرى ليس فقط صواريخ المقاومة وتأثيرها على دولة الكيان، بالرغم مما الحقته به من أضرار نفسية ومادية، فإسرائيل تستطيع في نهاية الأمر التعامل مع الصواريخ وغزة ليست دولة كبرى حتى تستمر بصناعة الصواريخ وتَحَمُل ضربات الجيش الإسرائيلي إلى ما لا نهاية، المهم فيما جرى هو إرادة الصمود والتحدي وشمول الحراك والثورة الشعبية لكل ربوع فلسطين وخصوصاً داخل الخط الأخضر وهو الأمر الذي أدى إلى انكشاف عنصرية وإرهاب دولة الكيان الصهيوني وتغيير نظرة العالم له. 4- بالرغم من أهمية الشرعية الدولية وقراراتها ومحكمة الجنايات الدولية وما يمكن أن تفعله، إلا أنها جميعاً وقفت عاجزة أمام الإرهاب والعدوان الصهيوني حتى إن مجلس الأمن فشل في إصدار قرار أو مجرد بيان إدانة لإسرائيل. 5- أثبتت الأحداث أنه يمكن اجبار إسرائيل على احترام الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه السياسية المشروعة. 6- أكدت الأحداث أن التنسيق الأمني في الضفة وتفاهمات واتفاقات الهدنة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة وكل مشاريع التسوية السابقة لم تكن مقنعة للشعب الفلسطيني ولم تؤسس لسلام أو استقرار، كما لا يمكنها منع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بالدفاع عن نفسه. 7- الفلسطينيين خاضوا حرب دون استراتيجية أو قيادة موحدة، ولضمان استمرار الحالة الثورية وعقلنتها مطلوب وجود قيادة ميدانية للمقاومة الشعبية. 8- بالرغم من أهمية القادة العسكريين- كتائب القسام وسرايا القدس وغيرهم- في المواجهة الجارية إلا أن (الحرب أخطر من أن تُترَك للعسكريين) وحدهم لأن هناك أبعاد سياسية واستراتيجية دولية وإقليمية قد لا يُدركها العسكريون، فالقيادة السياسية ضرورية خصوصاً بعد أن تصمت المدافع، لحصاد ما زرعته البندقية أو تصحيح اخطائها إن كان هناك اخطاء. 9- كشفت الأحداث عمق أزمة القيادة وهي ازمه مركبة: أزمة مؤسسة الرئاسة، أزمة منظمة التحرير، أزمة حركة فتح، أزمة الحكومة. 10- لا شك أن منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ولها انجازات كبيرة وكثيرة، إلا أن تطور الأحداث ميدانياً يحتاج لسرعة تفعيل وتجديد المنظمة ومؤسسة القيادة وإلا أصبحت صفتها التمثيلية بلا معنى، وتجديد المنظمة والقيادة منصوص عليه في كل اتفاقات المصالحة التي لم ثُنفذ. 11- قد يؤدي تطور الأحداث إلى تدخُل دولي وإرسال مراقبين أو قوات دولية إلى قطاع غزة، وهذا ما يجب الحذر منه حتى لا تؤول الأمور لفصل غزة نهائياً عن بقية فلسطين ويتم تكريس مشروع دولة غزة الذي يحقق مصلحة إسرائيل، وبالتالي تذهب كل معاناة الشعب وتضحياته لغير المصلحة الوطنية وتكون إسرائيل هي المنتصرة. 12- لأنه لا حرب من أجل الحرب ولا مقاومة وطنية حقيقية بدون هدف وبرنامج سياسي ولأن العمل العسكري أو المقاومة المسلحة ليست هدفاً بحد ذاته بل أداة لتحقيق هدف سياسي، فإن مرحلة ما بعد صمت المدافع تحتاج لاستراتيجية عمل وطنية ومشروع سلام فلسطيني متوافَق عليه من الكل الوطني. وحتى مع إدراكنا أن لا سلام أو تسوية عادلة في ظل الظروف الراهنة إلا أن مشروع السلام الفلسطيني أو الرؤية الفلسطينية للتسوية السياسية والسلام مطلوبة لتكون الإجابة التي سيقدمها الفلسطينيون للعالم إن سُئلوا: ماذا تريدون ولماذا تثورون وتقاتلون؟. 13- هناك تخوف سبق أن كتبنا عنه مرارا وهو أن يكون هدف كل (الحروب) على غزة وحصارها إضعاف منظمة التحرير والمشروع الوطني والسلطة الوطنية ونزع غزة عن سياقها الوطني وتكريس الانقسام، حيث لاحظنا أن كل الحروب السابقة بما فيها الأخيرة كرست وعززت حالة الانقسام وأثارت مسألة التمثيل الفلسطيني وكأن هذه الحروب من أجل انتزاع التمثيل الفلسطيني من منظمة التحرير لصالح حركة حماس ومشروعها السياسي. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الفلسطينية وأزعومة الأجندة الخارجية
-
نجح الشعب في الانتفاضة وفشل السياسيون في حصاد نتائجها
-
الحذر من تجزئة القضية وتعدد مسارات التفاوض
-
تعيير النظام السياسي مطلوب، ولكن كيف؟
-
الشعب الفلسطيني يقاوم من أجل السلام العادل
-
لماذا غزة؟ وما الذي يُخطط لها؟
-
الفلسطينيون الجُدد يصوبون مسار قضيتهم
-
مشروع سلام فلسطيني جديد ضرورة وطنية الآن
-
حتى لا تعود الأمور إلى ما كانت عليه
-
صواريخ غزة مقاومة مشروعة ولكنها ليست وحدها المقاومة
-
في الذكرى 73 للنكبة الفلسطينيون يصوبون المسار
-
أين القيادة الفلسطينية مما يجري؟
-
من حق الشعب الفلسطيني ايضاً الدفاع عن نفسه
-
ارهاصات ثورة فلسطينية معاصرة
-
المواجهات في حي الشيخ جراح مجرد حلقة من صراع ممتد منذ مائة ع
...
-
لماذا تحولت الانتخابات الفلسطينية إلى إشكال؟
-
جدال بين ثوري وسلطوي
-
وداعاً عز الدين المناصرة
-
لماذا (إسرائيل) الأكثر استقراراً وتطوراً في الشرق الأوسط؟
-
من وحي كتاب (الصراع في إسرائيل)
المزيد.....
-
الرئيس المصري يتلقى دعوة لحضور احتفالات الذكرى الثمانين للنص
...
-
روبيو: علينا أن نمارس مزيدا من الضغط على إيران
-
روبيو: وكالة USAID تقوض عمل الحكومة الأمريكية
-
طلاب من جامعة كولومبيا يقاضون الإدارة بعد إيقافهم بسبب مظاهر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
مصر.. تفاصيل حكم ببراءة نجل الداعية الشهير محمد حسان في قضية
...
-
خبير عسكري: القوات الأوكرانية تعاني من مشكلة على خط الجبهة و
...
-
روبيو: الولايات المتحدة تدرس فرض إجراءات إضافية ضد الصين
-
فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي سيرد على واشنطن بشكل صارم في
...
-
فيتالي نعومكين: أجد صعوبة في تصديق أن إسرائيل ستتخلى عن ممار
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|