أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد هيكل - جمود الحركة الإسلامية نذير بزوالها














المزيد.....

جمود الحركة الإسلامية نذير بزوالها


أحمد هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6934 - 2021 / 6 / 20 - 19:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمثل وقوف أبناء التيار الإسلامى، من مفكريه ومنظريه، عند نفس جملة المفاهيم والمعتقدات الدينية التي تربَّوا عليها، حالة من التمترس خلف المعتقد السياسى الدينىّ والتماهى به والذوبان فيه، بحيث أصبح يستحيل مع هذه الحالة طرح فكر مغاير أو تقديم تصورات ورؤى جديدة مختلفة، وصار الانكفاء على نفس الأفكار القديمة هو سيِّد الموقف، مما أنشأ اتجاها فكريا دوغمائيا صلبا، لا تجدى معه أى محاولة للإصلاح أو مقاربة للتوفيق؛ فقد استحالت الفكرة إلى معتقد، والتصور إلى دين .
فعلى مدار أكثر من قرن، لم تراوح الحركة الإسلامية، على مستوى أدبياتها السياسية والدينية، موقعها الفكرى والأيديولوجى، وظلت على نفس ولائها التقليدىّ لفكر المؤسِّسين الأوائل، إذ تنافح عنهم بشراسة، وتذود عن تراثهم وإنتاجهم الفكرى بكل ما أوتيت من قوة. فلا نكاد نرى خروجا على المألوف إلا فيما ندر، إذ تم اجترار مفاهيم نفس المنظومة الفكرية طوال عقود كاملة، ولم نر ثمة اجتهادا حقيقيا يمس الثوابت والأسس الفكرية التى قام عليها فكر مدرسة الإحياء والتجديد، التى غرس بذرتها الشيخ جمال الدين الأفغانى ومن بعده الإمام محمد عبده، والتى تعدُّ بحق المَعين والرَّافد الرئيسىّ الذى نهل منه الإسلاميون على مدى قرن وأكثر، وكانت بمثابة المَدَد المعرفىّ ومصدر الإلهام الفكرى لكثير من رُوَّاد المشروع الإسلامى فى عصرنا الحديث، والتى قدَّمت التأصيل المنهجىّ والأيديولوجى للفكر الإسلامىّ السياسىّ، حيث تطرح هذه المدرسة الإسلام كمشروع حضارى وسياسىّ فى المقام الأول، ويمثل عندها رؤية متكاملة للنهضة بل منطلقا معرفيا وإنسانيا فيه الغَناء عن كل مصادر المعرفة الإنسانية، فالإسلام وَفق هذه الرؤية الحضارية هو منهج شامل للحياة، فهو دين ودولة، وثقافة ومجتمع، وقانون وحضارة، واقتصاد وسياسة.. وهو الفكر الذى قام عليه مشروع الإمام محمد عبده ومن بعده تلميذ الإمام، الشيخ / محمد رشيد رضا، والشيخ/ حسن البنا، فاكتمل لدينا مشروع واضح المعالم، وتجلَّى بشكل أكثر قوة مع إسهامات اللاحقين من أبناء الحركة الإسلامية.
والمشكلة الجوهرية فى مشروع الحركة الإسلامية بكل أطيافها ومدارسها، السلفى منها والصوفىّ، الأشعرىّ والأكثر ميلا إلى العقلانية والاعتزال(الدكتور محمد عمارة مثالا)، كامنة فى الاعتراف بسلطة النص الدينىّ، وأسبقيَّة الوحى للعقل، وصلاحية التشريع الدينىّ وتجاوزه لإطار الزمان والمكان، وهو ما ألقى بظلال كثيفة على تعاملات المسلمين ومشكلاتهم اليومية، وعلى واقع الممارسات التطبيقية الذى تظهر من خلاله الفجوة الكبيرة بين التشريع ومتغيرات الحياة.
ورفع هذا الحرج إنَّما يكون بوضع النص الدينى موضِعَ التساؤل والنقد والتحليل، وقراءته وفق السياق التاريخى الذى جاء فيه، وليس بترقيع الموروث وتلفيق الإجابات وردِّ الشبهات! فلن يستطيع المسلمون مواجهة العصر وأسئلته وأعناقهم مشرئبة نحو الماضى يستلهمون منه النهج والسبيل. فإذا كان النص قد نشأ من رحم الواقع والثقافة والبيئة المحيطة به، وتشكَّل عبْرَ جدلية وحوار لم ينتهِ طوال مدة الوحى، فإنه من الظلم أن تظل علاقة المسلمين بالنص هى ذات العلاقة التقليدية التى تمنع إعادة النظر وطرح الاجتهادات. فتجديد الخطاب الدينىّ، وإعادة تأويل النصوص، هو فى حق الإسلام أوكد، لأنه خطاب مبنى على التفاعل مع الواقع، وجاءت أحكامه وتشريعاته وفق النوازل وما كان يستجد من الأمور. فعشرون عاماً هى عمر الرسالة المحمدية قد استلزمت نسخ أحكام ونصوص بأحكام ونصوص أخرى، فما بالنا والحياة طويلة، وبها من الأطوار المعبِّرة عن جوهر معناها وأخص ميزاتها ما بها؟ مما يعدُّ دلالة قوية على تاريخية المعرفة الدينية وأنها وليدة زمانها وبنت عصرها. بل إن هناك عدة شواهد أخرى تثبت بذلك بوضوح، منها: نزول القرآن مُنجَّمًا، أى مُفرَّقًا بحسب الوقائع ومستجدات الأمور، أى أن النص كان يأتى إجابة على أسئلة الواقع، وهذا يدل على عدم تعالى النص وفوقيته، بل يؤكد جدليته وحركيته، وأنه لم يكن نصا دوغمائيا جامدا معزولا عن حركة الحياة. ومن تلك الشواهد التى تحل دليلا قويا على صحة ما ذكرناه: تعدد الشرائع الدينية بتعدد الأزمان والأجيال : ( ولكل جعلنا شرعة ومنهاجا )، فشريعة موسى غير شريعة عيسى غير شريعة محمد، وهذا يدل على أن كل زمن له منظومته القانونية والأخلاقية، وأن تغير الزمان يقتضى تغير أنواع المعاملات والممارسات التشريعية، فما صلح من ألف أو ألفى عام لا يصلح بالضرورة اليوم. وأخيرا : ختم الرسالات السماوية برسالة محمد بن عبد الله، هو أكبر الأدلة على عدم حاجة البشرية إلى شرائعَ سماويةٍ جديدة، ولما كانت الشريعة فى ذاتها إجابة عن أسئلة واقعية وبيئية، كان هذا إيذانا بزوال سلطة النص وتأكيد سلطة العقل، وأن العقل هو الموكول إليه والمنوط به سلطة الفهم والتشريع.
وبناء على ذلك، ينبغى أن نعتبر الفرق الكبير البيِّن الواضح بين ما جاء الإسلام به من مبادئَ تمثل جوهره ومعناه، فتبقى خالدة بخلوده، كعقيدة التوحيد، ومكارم الأخلاق، وإقامة العدل والمساواة بين الناس، وبين ما كان عرَضًا ظاهرًا منه لا يمثل جزءا أصيلا من نظامه فهو قابل للتبديل والتغيير كأى شىء يمر بمراحلَ وأطوارٍ مختلفة متباينة.
ومشكلة الفكر الإسلامى المعاصر هو الربط الكامل بين الغايات والوسائل، بين المنهج وأدواته، بين الغرَض والعرَض، حيث اعتبرت وسائل المنهج جزءًا لا يتجزأ عن المنهج ذاته، وهو ما ساهم فى انغلاق الرؤية وإقامة حواجز حضارية بيننا وبين الحضارة المعاصرة، حيث لا توجد ثمة قنوات للاتصال أو اللقاء الحضارىّ. فالفهم الشائع هو أن الشريعة نظام مصمت مغلق محكم، ومن ثمَّ فلا مجال لقبول التعدد والتنوع والاختلاف وقبول الآخر والانفتاح على الثقافات.



#أحمد_هيكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرىّ الجسد.. بين النظرة الجمالية والشهوانية
- هل الأسرة التقليدية هي أفضل أشكال الروابط الاجتماعية ؟
- عن الأسرة والتحولات الاجتماعية مرة أخري
- كيف نشأت العائلة ؟
- الحرية بين الإسلام والثقافة الغربية
- الصراع بين الدين والعلم من جديد
- ماذا بعد الكورونا ؟
- العالم بعد كورونا


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد هيكل - جمود الحركة الإسلامية نذير بزوالها