|
أصل الحكاية
محمد أبو قمر
الحوار المتمدن-العدد: 6932 - 2021 / 6 / 18 - 20:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بمناسبة ما قاله يعقوب في شهادته بالمحكمةعن: 1- إن ما كان يلقيه علي الناس هو اجتهاده الشخصي. 2- إنه كان بيختار من بعض الكتب ما يريده هو . بالمناسبة دي فكل رجل دين يلقي علي الناس اجتهاده الشخصي ، كل فقيه وكل من نعتبره نحن أو يعتبر هو نفسه أنه عالم لا يلقي علينا سوي اجتهاده الشخصي ، أو سوي رؤيته هو أو رؤية مذهبه للنصوص الدينية ، مفيش واحد فيهم سواء من القدماء أو المعاصرين نبي أو يتلقي الوحي مباشرة من الله . ثم إن جميعهم كده زي محمد حسين يعقوب بيختارو من بعض الكتب إللي هما عايزينه ، بيختارو إللي يناسب فكرهم ، بيختارو إللي يعزز مكانتهم ويحقق لهم السيطرة علي أفئدة الناس وعلي ضمائرهم ويتبح فرصة الهيمنة علي أتباع ومريدين. السلفي له خطاب يختلف عن خطاب الإخواني ، ويختلف عن خطاب الأشعري ، وكل منهم علي خلاف عميق مع الخطاب المعتزلي. وللعلم فإن أصحاب كل خطاب يقولون عن خطابهم إنه بيمثل صحيح الدين ، وأنه هو الخطاب الوسطي المعتدل ، وكل منهم يري أن بقية الخطابات الأخري يشوبها بعض الانحراف عن مراد الله وشريعته بالرغم أنك في كثير من الأحوال تجد تداخلا كبيرا في آراء بعضهم المتعلقة ببعض القضايا كوجوب تنفيذ حد الردة علي سبيل المثال أو وحوب قتل تارك الصلاة أو جواز نكاح الصغيرة أو فيما يتعلق بالخلافة أو الجهاد أو بتكفير بعض المفكرين أو تكفير المخالفين في الدين. ففي شهادة الشيخ محمد الغزالي ( وهو أزهري ينتمي للأشعرية ) أمام المحكمة في قضية مقتل فرج فودة أقر بكفر فرج فوده ووجوب قتله ، بل ذهب إلي القول بأن قتله واجب علي جميع أفراد الأمة في حال تعطيل السلطات لحد الردة ، وشهادة الغزالي هذه تتفق تماما مع أكثر الآراء السلفية تطرفا وإرهابا. وفي لقاء تلفزيوني افتي الشيخ سالم عبد الجليل ( وهو أزهري أيضا وينتمي للأشعرية ) أفتي بتكفير المسيحيين وهذه الفتوي تتطابق تماما مع أفكار الاخواني سيد قطب الذي كفّر المجتمع كله في كتابه معالم في الطريق ، وتتطابق أيضا مع ما تقول به كافة الاتجاهات السلفية . وفي موضوع نكاح الصغيرة وهو الموض الأثير لدي السلفية بكل اتجاهاتها ستجد بعض الأزهريين الوسطيين الأشاعرة أمثال عبدالله رشدي وغيره يقولون لك إن نكاح الصغير شرعي بنص القرآن ، ويذهب أحدهم إلي القول بجواز ذلك حتي مع التي لم تبلغ الخامسة من عمرها بشرط أن تكون سمينة ومربربة تحتمل الوطء ، وقد كان ذلك في لقاء تلفزيوني شهير وأظن أنه مازال موجودا علي اليوتيوب. وربما تكون فتوي قتل تارك الصلاة لشيخنا الاشهر متولي الشعراوي أكثر اتفاقا ليس مع آراء السلفية الجهادية وحسب وإنما مع أكثر التظيمات الارهابية كداعش والنصرة وحيش الاسلام كذلك. الملاحظة الأكثر أهمية هي أن هذه المذاهب والآراء ( السلفية والأشعرية والماتريدية والاخوانية ) تختلف بل ينزعج أصحابها من ذكر أو من محاولة إحياء فكر المعتزلة بالرغم من أن هذا الفكر يمثل هو الآخر رؤية للتعامل مع النصوص كما تمثل هذه المذاهب رؤي خاصة بأصحابها للنظر أو للتعامل مع النصوص أو تفسيرها. فالمعتزلة فرقة كلامية هي الأخري عرفوا بتغليبهم للعقل علي النقل ، ورأوا ضرورة إعمال الفكر لا الركون إلي السمع ، ورفضوا كافة الأحاديث مهما كانت درجة صحتها إذا اختلفت مع العقل علي أية حال فإن تعدد المذاهب والفرق والآراء يعود إلي الرؤي الشخصية والذاتية للنصوص ، ويعود كذلك لعملية الانتقاء النقلي التي تناسب الهدف من مضمون كل خطاب ، فأنت تري مثلا فرقة يتأسس فكرها علي أن تفسير العقائد يكون بالاستدلال العقلي ، بينما تري فرقة أخري أن الاعتماد علي الغقل وحده يؤدي إلي الضلال ، فيما ترفض فرقة ثالثة استخدام العقل رفضا تاما للتعامل مع النصوص. وتري بعض الفرق ضرورة تأويل النصوص القرآنية إلي معاني مجازية ، بينما تنظر فرق أخري إلي حرفية النص ، فيما يري البعض وجوب النظر إلي ظرفية النص وتاريخيته. ويري البعض أن الله لا يفعل إلا الصلاح والخير ، بينما يري البعض أن الشر والخير يحدثان من عند الله. لا يقال لنا أبدا لماذا هذه الاختلافات ، وحين تسأل عن مصدرها يقال لك إن في الاختلاف رحمة ، وكأن في شيوع التطرف والارهاب ومصادرة بعض الدعاة للعقول والمتاجرة بالدين رحمة وإعلاء من شأن الدين. خلاصة القول هي أن مسألة الاجتهاد الشخص والانتقاء من كتب التراث التي اعترف بها محمد حسين يعقوب تعود أساسا إلي الصراع الذي يمتزج فيه السياسي بالديني بالفكري بالاجتماعي منذ مقتل عثمان بن عفان .
#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امتحان
-
ليس ممكنا
-
شيه دولة
-
شكل تاني
-
الخط الساخن
-
القانون والفتوي
-
أيوه أنا حبتها
-
أهم حدث في زنزبار السنة إللي فاتت
-
مجرد أسئلة
-
المناصفة
-
التفاحة
-
الوطن الجمر
-
مجرد رأي
-
السودان
-
غفوة عاشق
-
الفأر السمين
-
شرط ، أم قيد ، أم نكتة مملّة
-
الصنف الثالث
-
أوهام وكوابيس
-
ليلة سوداء في حياة امرأة
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|