|
بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين سيرورة تاريخية متواصلة تفرض وحدة الماركسيين/ات و انغراسهم وسط العمال والكادحين.
جمال براجع
الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي - المغرب
الحوار المتمدن-العدد: 6932 - 2021 / 6 / 18 - 01:06
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
عندما قرر النهج الديمقراطي في مؤتمره الوطني الرابع المنعقد في سنة 2016 الإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين في مؤتمره الوطني الخامس فليس من باب الإرادوية أو الطوباوية̜ كما قد يعتقد البعض̜ بل إدراكا منه للضرورة التاريخية والسياسية لهذا الإعلان والتي تفرضها التحديات و الشروط الملموسة للصراع الطبقي بالمغرب بين الكتلة الطبقية السائدة من جهة والطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة من جهة أخرى والتي من المفروض أن تمتلك أدواتها المنظمة لخوض هذا الصراع وفي مقدمتها أداتها السياسية المستقلة. في ضرورة الإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين. إن قرار الإعلان عن حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين ليس نتيجة رغبة ذاتية نابعة من تأمل نظري مثالي مفارق للواقع لنخبة مثقفة منفصلة عن الصراع الطبقي.بل هو نتيجة وعي النهج الديمقراطي بالضرورة الموضوعية الآنية لهذا الإعلان بناء على التحليل الملموس لواقع هذا الصراع وتطوراته وتراكماته ولمتطلبات الإجابة عن تحدياته من موقع المصالح الفعلية للطبقة العاملة والجماهير الشعبية في التغيير.بمعنى آخر تمليه الشروط الموضوعية لهذا الصراع وما يفرضه حل تناقضاته من توفير الأداة الثورية للطبقة العاملة وحلفاءها. إن تفاقم الأزمة العميقة لنظام الرأسمالية التبعية ببلادنا في ارتباط بالأزمة العامة للرأسمالية يقود شيئا فشيئا نحو توفير شروط الأزمة الثورية.فهذا النظام وصل إلى مستوى غير مسبوق من الركود الاقتصادي وانسدت أمامه آفاق التراكم الداخلي بسبب الضعف الكبير للرأسمال المنتج وسيادة الرأسمال الريعي الاحتكاري والمضارباتي̜ واحتكارالمافيا المخزنية لسلطة القرار الاقتصادي وتوظيفها في خدمة هذا الرأسمال الطفيلي والرأسمال الأجنبي. الشيء الذي ترتبت عنه نتائج وخيمة على الفئات غير الاحتكارية من البرجوازية نفسها̜ بالإضافة إلى الشرائح الواسعة من الطبقات والفئات الوسطى.ولعل من ابرز مظاهر تلك النتائج هو إفلاس أكثر من 20 ألف مقاولة متوسطة وصغيرة منذ سنة 2014̜̜̜ وانحدار الكثير من أصحابها إلى القاع الاجتماعي إلى جانب الجماهير الكادحة̜ وخاصة منذ انتشار جائحة كورونا التي عمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. إن انعكاسات هذه الأزمة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة كانت كارثية بكل المقاييس من توسع لدائرة البطالة والهشاشة والفقر حيث فقد ملايين العمال والكادحين موارد رزقهم̜ والقي بهم في مستنقع الفقر والبؤس (أكثر من 22 مليون مغربي يعانون من الفقر) وتركتهم الدولة لوحدهم في مواجهة مصيرهم المجهول̜ مما زاد من منسوب استياءهم و سخطهم على النظام القائم ورموزه وانخراط جزء هام من العمال والكادحين في النضال من اجل مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية ومنها الحق في الشغل والعدالة الاجتماعية. فالعمال والكادحون وحتى الفئات المتوسطة فقدوا ثقتهم في الدولة المخزنية بسبب انحيازها الكلي إلى جانب البرجوازية الطفيلية واستمرارها في تطبيق سياسة التقشف وضرب الاستقرار في الشغل وتفكيك الوظيفة العمومية والتخلص من الخدمات الاجتماعية العمومية.واخذوا يعبرون عن ذلك عبر الاحتجاجات والنضالات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ...وفي خضم ذلك بدأ سؤال البديل يطرح نفسه بإلحاح للخروج من هذه الأوضاع المتأزمة̜ وخصوصا مع فقدان الثقة في المؤسسات والأحزاب المخزنية والممخزنة والبروقراطيات النقابية̜ وفشل المشاريع التنموية المخزنية̜ ومع تطور وعي الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في خضم تطور وتوسع النضالات العمالية والحركات الشعبية المختلفة منذ انطلاق حركة 20 فبراير. وفي المقابل ليس لدى الدولة المخزنية ما تعطيه للطبقة العاملة والشعب بسبب العجز البنيوي للمالية العمومية وضعف الاستثمار وإغراق البلاد في المديونية التي تجاوزت قيمتها الناتج الداخلي الإجمالي̜ والتي لا سبيل لتسديدها سوى المزيد من المديونية̜ مما سيزيد من رهن بلادنا للدوائر المالية الامبريالية.ولن تستطيع أكذوبة" النموذج التنموي الجديد" إقناع الجماهير بإمكانية إخراجها من الأزمة وتحسين أوضاعها لأنها أصبحت تدرك بخبرتها زيف من مثل هذه الأكاذيب والشعارات المضللة. وبالتالي لم يعد لهذه الدولة من سبيل لمواجهة هذا الواقع سوى المزيد من تشديد المقاربة القمعية ضد النضالات والاحتجاجات العمالية والشعبية .هذه المقاربة التي تعمقت أكثر مع تركز سلطة القرار السياسي في الدائرة الأمنية المخابراتية وما نتج عن ذلك من بولسة الدولة والتحكم في تفاصيل الحياة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية... إن هذه الصورة العامة لواقع الأزمة العميقة والشاملة لنظام الرأسمالية التبعية ببلادنا والعجز البنيوى للدولة المخزنية عن إيجاد حلول لها وتنامي السخط الشعبي والنضالات العمالية والشعبية تؤكد وبالملموس الحاجة الضرورية والملحة لتوفير الشرط الذاتي المتمثل في بناء حزب الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة لتنظيمها وقيادتها في الصراع ضد الكتلة الطبقية السائدة ونظامها المخزني. بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين سيرورة متواصلة إن عملية بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين في المغرب هي سيرورة تاريخية تمتد جذورها إلى أواخر الستينيات وبداية السبعينيات مع ظهور الحركة الماركسية اللينينية واستمرت من نشأة النهج الديمقراطي الذي حقق تراكمات وانجازات فكرية وسياسية وتنظيمية ونضالية غنية وملموسة على طريق تحقيق هذا الهدف مكنته من أن يصبح قوة سياسية وازنة وسط اليسار لها حضور متميز على المستوى الحقوقي والنقابي وعلى مستوى المبادرات السياسية الوحدوية مما مكنها من تحقيق إشعاع سياسي وفكري لا باس به.كما تمكن في إطار هذه السيرورة من اقتحام الطبقة العاملة واستقطاب طلائع عمالية شكلت أساس بناء وهيكلة قطاعه العمالي وتوسيعه رغم الإكراهات الموضوعية الكثيرة والصعبة.وجعل من مهمة الإعلان عن تأسيس الحزب موضوعا معروضا للتداول والنقاش في الساحة السياسية والفكرية اليسارية̜ ساعده على ذلك استثمار الوسائل الرقمية والوسائط الاجتماعية. أكيد أن سيرورة البناء ستبقى مستمرة بعد الإعلان عن تأسيس حزب الطبقية العاملة وعموم الكادحين.بل أنها ستكون أصعب وأكثر تعقيدا بالنظر للطبيعة القمعية للنظام المخزني الذي يدرك جيدا خطورة تملك الطبقة العاملة والجماهير الشعبية لأداتها السياسية المستقلة على استمرار السيطرة الطبقية للكتلة الطبقية السائدة̜ وبالنظر أيضا للطبيعة الطفيلية المتوحشة لهذه الكتلة الطبقية وهجومها على التنظيم النقابي للعمال/ات مستغلة في ذلك الفائض الهائل لقوة العمل المعطلة في ظل تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية̜ وتواطؤ واصطفاف الدولة الدولة المخزنية إلى جانبه̜ وتواطؤ البروقراطيات النقابية معها ضدا على مصلحة العمال/ات في إطار نهج سياسة التعاون الطبقي للاستفادة من الامتيازات الخاصة.بالإضافة إلى انتشار أفكار ليبرالية لدى بعض أوساط اليسار لا تؤمن بالدور التاريخي للطبقة العاملة كقائدة للتغيير̜ وتطرح ما يسمى بالمجتمع المدني والحركات الاجتماعية كبديل.هذا من جهة̜ ومن جهة أخرى انتشارفكر فوضوي يسراوي يقدس العفوية وينبذ التنظيم. ورغم هذه الظروف الصعبة والمعقدة فإنها تحبل بمؤشرات ايجابية تشكل قاعدة هامة لمشروع بناء الحزب إذا ما تم حسن استثمارها منها: -التطور الملحوظ والمتواصل للوعي العمالي والشعبي الناتج عن التجارب النضالية الميدانية وانتشار استعمال وسائل التواصل الاجتماعي̜ والتحولات العميقة في بنية الطبقة العاملة ومنها على الخصوص انخراط أجيال جديدة في سوق الشغل ذات مستوى تعليمي ومعرفي وتقني مرتفع. -انخراط فئات واسعة من الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في النضالات الميدانية̜ ولجوءها إلى تنظيم صفوفها للدفاع عن مكتسباتها والمطالبة بحقوقها̜ وفرز قيادات ميدانية معظمها من الشباب تتميز بالجرأة والحركية وتحضى بالثقة الشعبية وذات مستوى تعليمي مهم.العديد منها له توجهات يسارية و ديمقراطية ( الريف- جرادة- بني تجيت...). -وجود نواة سياسية وفكرية وتنظيمية ماركسية تحمل مشروع بناء الحزب وتقود بكل جد وحرص عملية البناء هذه استنادا إلى تصور وخطة مدروسة وهادفة̜ تمكنت عبرها من انجاز تراكمات هامة في الإعداد للإعلان عن الحزب ̜ ونقصد بها النهج الديمقراطي. -وجود محيط واسع من الماركسيين/ات معظمهم/هن̜ يتواجدون في مختلف واجهات ومجالات الصراع الطبقي̜ إلا أن معظمهم/هن غيرمنظم سياسيا̜ مما يجعل حصيلة تضحياتهم/ن ضعيفة في تطور الصراع الطبقي من موقع الطبقة العاملة والجماهير الشعبية. -وجود يساري مهم ومؤثر في الإطارات الجماهيرية النقابية والحقوقية والجمعوية وضمنه النهج الديمقراطي. فما العمل إذن للاستثمار الأفضل لهذه المعطيات الايجابية بما يخدم مشروع حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين. -المزيد من التحام وتجذر الماركسيين/ات و في مقدمتهم النهج الديمقراطي وسط الطبقة العاملة والجماهير الكادحة من خلال التواصل معها ميدانيا في مواقع تواجدها ( مواقع الانتاج والأحياء الشعبية)̜ وعبر تنظيماتها المختلفة وخصوصا النقابية̜ وعبر وسائل التواصل الاجتماعي̜ والمساهمة في تأطيرها وبناء تنظيماتها النضالية المستقلة̜ ونشر الفكر الاشتراكي وسطها̜ والمشاركة في نضالاتها ودعمها والتعريف بها̜ وفضح كل أشكال القمع والحصار والتشويه التي تتعرض لها. ومن شان هذا أن يعيد لها الثقة في العمل النقابي والسياسي وبالتالي الثقة في نفسها وقدرتها على النضال من اجل تحقيق مطالبها و تحرير نفسها.وفي هذا الإطار يجب إعطاء الأهمية الضرورية لتأطير النساء والشباب الذين أبانوا عن ريادتهم/ن وقدراتهم/ن وانخراطهم/ن الكبير في النضالات العمالية والحراكات الشعبية. -تكثيف حملات التعريف بمشروع حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين وسط الطبقة العاملة والجماهير الشعبية إما مباشرة عبر التواصل الميداني أو عبر النقابات والتنظيمات الجماهيرية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي والندوات الرقمية لإقناعها بتبنيه و بالانخراط فيه وخصوصا عناصرها الطلائعية. -العمل الدؤوب والمتواصل من اجل توحيد الماركسيين/ات المغاربة حول مشروع بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين̜ من خلال الاستمرار في النقاش الفكري والسياسي معهم/هن حول قضايا التغيير الثوري ببلادنا لإقناعهم بالانخراط في المشروع على قاعدة الوضوح الفكري والسياسي. -النضال من اجل دمقرطة العمل النقابي وجعله رافعة أساسية لبناء الحزب المنشود.وهذا يتطلب من المناضلين/ات الماركسيين/ات النقابيين/ات الارتباط اليومي بالعمال/ات ونشر الوعي النقابي الديمقراطي التقدمي وسطهم ودعمهم في نضالاتهم في الدفاع عم مكتسباتهم وحقوقهم وتشجيعهم على تحمل المسؤولية النقابية. - نشر الفكر العلمي العقلاني التنويري وسط المجتمع ومواجهة الفكر البرجوازي الرجعي بمختلف أوجهه وفضح مظاهره وخلفياته وانعكاساته الخطيرة في تكريس الأوضاع السائدة وإعادة إنتاجها بما يخدم تكريس سيطرة الكتلة الطبقية السائدة ونظام الرأسمالية التبعية السائدة ببلادنا. خلاصة إن بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين هي سيرورة تاريخية يتمفصل فيها ما هو ذاتي بما هو موضوعي في معمعان الصراع الطبقي.وبالتالي فهي سيرورة متواصلة تتطلب النضال الدؤوب والصبور تنصهر فيه إرادات وقوى وتضحيات جميع الماركسيين/ات المقتنعين/ات بضرورة وراهنية انجاز هذا المشروع العظيم لقيادة التغيير الثوري ببلادنا وانجاز الثورة الوطنية الديمقراطية في أفق الاشتراكية.
#جمال_براجع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بصدد الروح الثورية للماركسية
-
مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني جزء من الصراع ضد التحالف ا
...
-
النظام المخزني والقضية الفلسطينية: علاقة توظيف وتواطؤ
-
الشعب المغربي وتقرير المصير
-
الامبريالية الأمريكية رأس حربة الامبريالية العالمية والعدو ا
...
-
حول الدولة الاجتماعية
-
سياسة الاقتراض: أرقام مرعبة ونفق مظلم
-
جدلية التحرر الوطني والبناء الديمقراطي
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|