|
م 3 / ف 14 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 836 .( حرامية مصر .!)
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6930 - 2021 / 6 / 16 - 19:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى / المقريزى شاهدا على العصر قال المقريزى في التأريخ لسنة 836 شهر رجب أوله الأحد: قدوم الاستادار الظالم لسيده السلطان بما حمل ( في ثالثه: قدم الوزير أستادار من الوجه البحري، وقد احتاج ( أي افتقر ) أهله بأخذ خيولهم وأغنامهم وأموالهم، هو وأتباعه . فما عفُّوا ولا كفُّوا. ) . لاحظ تعبير المقريزى الموجز الموجع : ( فما عفُّوا ولا كفُّوا. ).! تعليق : ونعطى مثالا لأحد لصوص الكبار في العصر المملوكى ، وهو أيضا شهر استادار في عصر المماليك البرجية ، إنه الأمير جمال الدين الاستادار. نستخلص تاريخ حياته مما كتبه عنه المقريزى . 1 ـ قلنا إن الاستادار هو الذي كان يتولى الإشراف على نفقة القصور السلطانية في العصر المملوكي . وصاحبنا جمال الدين بدأ حياته العملية في السرقة حين كان يتولى " مشد " باب رشيد بمدينة الإسكندرية ، والمشد هو الموظف الذي يتولى تنفيذ أوامر السلطة المملوكية ، وينفذها بالضرب والعسف ، وعن طريق ذلك يجمع الأموال . وجمال الدين جمع ثروته الأولى عن هذا الطريق ، خصوصا وقد تصادف أن هجم الفريخة على الإسكندرية سنة 767 في ذلك الوقت ، فأتاح ذلك له فرصة للثراء واستغلال النفوذ ، يقول المقريزي " فيقال أن ماله الذي وُجد له حصّله يومئذ ، ثم انه سار للقاهرة . " . 2 ـ جاء صاحبنا للقاهرة ومعه أموال يريد أن يستغلها ويستثمرها بأفضل طريق ، أي في شراء المناصب ، وبأمواله يستطيع أحدهم أن يشتري الوظيفة ، ثم يربح في الوظيفة أضعاف ما دفع فيها . وبهذا الطريق تقلب صاحبنا في المناصب وتضاعفت ثروته ، ففي أيام الظاهر برقوق عمل استدارا عند الأمير سودون باق ، ثم عمل شاد الدواوين إلى أن تولى الاستادارية للسلطان برقوق في يوم الثلاثاء الثالث من جمادى الآخرة سنة 790 ، ثم أصبح مشير الدولة ، وجمع بين الوزارة والاستادارية والإشراف على ( ديوان الخاص ) أو أملاك السلطان . أي أصبح أكبر شخصية مدنية بعد السلطان ، وانفتحت أمامه أبواب سرقة مصر على مصراعيها . 3 ـ ثم قامت ثورة على الظاهر برقوق ، فاضطر برقوق للاختفاء ، واختفي أيضا جمال الدين الاستادار . ولكن جمال الدين رأى فرصة للعودة فأظهر نفسه لقائد الثورة، وهو الأمير يلبغا الناصري خصم برقوق المنتصر عليه . ظن جمال الدين أنه يستطيع شراء يلبغا بأمواله ، ولكن يلبغا أخذ منه الأموال واعتقله في القلعة وعزله عن الاستادارية. ثم قامت ثورة أخرى بزعامة منطاش رفيق يلبغا ، والذى أطاح بالأمير يلبغا . وكان ذلك في صالح جمال الدين الاستادار ، إذ أطلقه منطاش من الاعتقال يوم الاثنين 8 رمضان سنة 791 وأكرمه . وكان هدف منطاش أن يستولى على أموال جمال الدين الاستادار ، وفعلا أرغمه على تقديم هدية ضخمة من الذهب ، ثم بعدها اعتقله في القلعة ، وهي نفس الطريقة التي عامله بها يلبغا الناصري ، ويقول المقريزي أن جمال الدين دفع للأميرين يلبغا ومنطاش 58 قنطارا من الذهب ( نكرر بالحروف : ثمانية وخمسين قنطارا من الذهب ) منها ثمانية عشر قنطارا ذهبا في ليلة واحدة ..!! ولم ينقذه ذلك من الاعتقال في المرتين . والمال الحرام لا ينفع .. آه .. لو يعقلون .!! 4 ـ وعاد برقوق سلطانا بعد فشل تلك الثورات في 14 صفر 792 ، فعاد جمال الدين استادار للسلطان. بل عيّن السلطان برقوق ابن جمال الدين نائبا للسلطان في الإسكندرية . واتسع نفوذ جمال الدين . وأراد برقوق إبتزازه فاثار المماليك السلطانية ( الجلبان ) ، بالحجة المعروفة ، وهى التأخر في صرف كسوتهم . تجرأوا عليه، فضربوه وكادوا يقتلونه . وكان ذلك بداية التراجع في نفوذه ، إذا أن السلطان برقوق سرعان ما عزله عن الاستادارية ، ثم أعاده إليها ، وفي كل مرة يأخذ منه الأموال على حسب العادة . ثم ساءت علاقة السلطان به سنة 797 وعزم السلطان على الإيقاع به واستخلاص أمواله ، فأرسل إليه الأمير ابن الطبلاوي يطلب منه نصف مليون دينار وإلا يضربه بالمقارع ، وتم الاتفاق على أن يدفع جمال الدين مائة وخمسين ألف دينار ، وبعدها صعد للقلعة ليقابل السلطان ، ولكن السلطان ترك المماليك السلطانية يضربونه ، ثم ضربه السلطان يوم الاثنين 30 ربيع الأخر 797 بسبب تأخره في دفع ما عليه من نفقة للمماليك السلطانية. ثم عزله السلطان عن ديوان الخاص ، ومن الإشراف على سكّ النقود . وحاسبه ابن الطبلاوي ــ الذي خلفه في سكّ النقود ــ وأثبت أنه اختلس ستة ألاف درهم فضة ، فعاقب السلطان صاحبنا جمال الدين بغرامة قدرها مائة وخمسين ألف دينار . 4 ـ ثم مرض جمال الدين فأعتقل السلطان زوجتيه وكاتبه وابنه ، وصادر أمواله الظاهرة في بيته ، وبلغت الأموال النقدية السائلة خمسين ألف دينار ، غير الأمتعة والفراش ، وعزلة السلطان عن الاستادارية . واستمال السلطان إليه كاتب جمال الدين ، واسمه ابن غراب، فجعله ناظر الديوان المفرد ، كي يفشي أسرار جمال الدين وأماكن أمواله المخبأة . هذا بينما إعتقل ابن الطبلاوي ابن جمال الدين كي يحصل منه على مائة ألف دينار . وعن طريق ابن غراب – كاتب جمال الدين السابق – عثروا على أموال مخبأة في خرابة خلف مدرسة جمال الدين ( خانقاة جمال الدين الاستادار التي كانت الأشهر في وقتها ، وقد بناها من المال الحرام ، كما هو شائع في شريعتهم السُنية ) ، وكانت جملة تلك الأموال مليون درهم فضة . مع ستة ألاف دينار وأربعة ألاف وخمسمائة درهم ، في أماكن متفرقة . 5 ـ وأمر السلطان برقوق بمصادرة كل أموال جمال الدين ، واعتقاله في داره واعتقل مماليكه وأتباعه ، وبدأت تظهر أمواله المخبأة شيئا فشيئا ، ثم تسلمه الأمير فرج شاد الدواوين ، فأخذ يعذبه ليعترف بما لديه من أموال ( وكانت تلك الوظيفة لجمال الدين من قبل ) . ومع شدة التعذيب فلم يعترف جمال الدين بشيء ، فقام بتعذيبه عدوه ابن الطبلاوي فلم يعترف أيضا بشيء !! بل كان يسب ابن الطبلاوي وهو تحت العذاب. ثم استدعاه السلطان برقوق ، وحقق معه بحضور كاتبه السابق ابن غراب ، الذي أفشى أسراره أمام السلطان ، فزاد من حقد السلطان عليه ، فأمر بتشديد التعذيب عليه ، حتى مات تحت التعذيب ، وهذا في ليلة الأحد تاسع رجب عام 799 في الستين من عمره ، ودفنوه في مدرسته . 6 ـ وكان جمال الدين الاستادار غاية في التديّن ، يدين بالمعلوم من الدين السنى ، يظلم ويسرق ويقدم الصدقات وينشئ المدارس مما يسرقه من المال الحرام ، لذا نجد المقريزي يصف جمال الدين بصفات متناقضة ، يقول إنه كان كثير الصلاة والعبادة وقيام الليل " إلا أنه كان شرها في الأموال " وأفسد سك النقود بمصر ، وهو أيضا الذي أنشأ مدرسته الشهيرة المدرسة المحمودية " نسبة اليه محمود جمال الدين . وكان بها خزانة كتب عظيمة ، يقول عنها المقريزي " لا يعرف اليوم بديار مصر ولا الشام مثلها " ويقول عن المدرسة أو الخانقاة التي بناها " وهذه المدرسة من أحسن مدارس مصر " . وبسبب شهرة تلك المدرسة أو الخانقاة ووجودها حتى اليوم ، فهناك رسالة دكتوراة في مصر عن مدرسة أو خانقاه جمال الدين الاستادار ، تبحث وثائق وقفها ، وتنفيذ شروط الوقف . 7 ـ وجمع جمال الدين الاستادار من سرقاته من خير مصر ما لا يصدقه عقل ، ويكفي أن السلطان برقوق صادر من أمواله بعد نكبته الأخيرة مائة وأربعين قنطارا من الذهب ، ومليون درهم فضة ، بالإضافة إلى بضائع قيمتها مليون درهم ، فإذا أضفنا إلى ذلك ما كان يدفعه إلى السلطان برقوق عن رضي وما دفعه إلى منطاش ويلبغا ( 58 قنطارا من الذهب ) لعرفنا إلى أي حد كانت ثروته الظاهرة ، أما المدفون منها فالله تعالى هو الأعلم به . 8 ـ نعلم بعض ما سرقه جمال الدين الاستادار ، ولكن لا نعرف ما سرقه سيده السلطان الظاهر برقوق ، وقد كان مشهور بعبادة المال . أخيرا نقول : 1 ـ الأهرامات المصرية من عجائب الدنيا السبع . لكن أعجب العجب أنهم يسرقون مصر من عشرات القرون ، ولا تزال مصر تعيش حتى الآن .!! 2 ـ مصر أغنى دولة في العالم . هذه حقيقة يعرفها اللصوص جيدا ، ينهبونها من عشرات القرون ولا يزال فيها رمق . 3 ـ سرقها كثيرون من الأمراء والولاة والسلاطين ، منهم عمرو بن العاص الذى سرق منها 120 إردبا من الذهب أي ما يعادل 210 قنطارا من الذهب ، ويتفوق عليه حسنى مبارك . الجارديان الانجليزيه قالت إن تركة الرئيس السابق مبارك تريليون ومائة وخمسون مليار جنيه .! .. 4 ـ أما ضابط المخابرات الذى يحكم مصر الآن ( السيسى ) فقد تفوّق على الجميع . السيسى حرامى عجيب الشأن . يستحق أن يأخذ جائزة ( نوفل ) في السرقة . ويستحق أن يدخل موسوعة جينيز العالمية كأكبر سارق في تاريخ مصر بل والبشر أجمعين . السيسى يسرق ( ماضى ) المصريين : يسرق الآثار المصرية ويهربها لحسابه . السيسى يسرق ( حاضر) المصريين ، يبيع جزيرتين مصريتين ، ويبيع النيل ، ويسرق الثروة المصرية بالنهب والضرائب والرسوم ، ويشترى أسلحة بلا مبرر ليحصل على عمولات بالبلايين . السيسى يسرق ( مستقبل ) المصريين ، يقترض بفوائد مركبة ، ويقترض ليسدد فوائد الديون وليس أصل الديون ، وسيقع على الأجيال القادمة أن تسدد هذه الديون ، أي يسرق السيسى الأجيال المصرية القادمة . يسرق الماضى والحاضر والمستقبل . وفى النهاية سيموت ، فلا فرار ولا هرب من الموت . وسيحمل معه أوزاره يوم الحساب ، وما أغنى عنه ماله ، وما كسب . 5 ـ هناك فارق بين الحرامية في العسكر المملوكى والحرامية في العسكر المصرى الراهن الخائب الخائن . لصوص مصر في العصر المملوكى كانوا يستثمرون أموالهم داخل مصر ، ويتركونها داخل مصر. أي يموتون وتظل سرقاتهم في مصر أموالا يتناقلها حرامية آخرون ، أو يقيمون بها عمائر ينفقون عليها أموالا ينتفع بها كثيرون في البناء ، وينتفع بها كثيرون ، يتعلمون فيها ، ويتكسبون منها ، ثم تظل من بعدهم آثارا تحكى المجد القديم ؛ ماتوا جميعا ولا تزال آثار سرقاتهم عمائر مملوكية تزدان بها مصر . أما لصوص العسكر المصرى الراهن الخائن الخائب فهو يسرق الأجيال القادمة مع الجيل الحاضر ، ويقوم بتهريبها للخارج ، ولن يحصل على جميع ما سرق ، وسيضيع كل ما سرق بعيدا عن مصر. ( مصر المحروسة دائما بالحرامية ).!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
م 2 / ف 14 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 836
-
م 1 / ف 14 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 836
-
م 3 / ف 13 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 835
-
م 2 / ف 13 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 835
-
م 1 / ف 13 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 835
-
م 2 / ف 12 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 834
-
م 1 / ف 12 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 834
-
م 8 ف 11 : تطبيق الشريعة السُّنّية في حروب شاه رخ بن تيمورلن
...
-
م 7 / ف11 : تطبيق الشريعة السُّنّية في فظائع تيمورلنك في دمش
...
-
م 6 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية : فظائع تيمورلن
...
-
م 5 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833
-
م 5 / 4 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833 : ا
...
-
م 5 / 3 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833 : ن
...
-
م 5 / 2 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833 ( ا
...
-
م 5 / 1 / ف 11 ( آه يا نهر النيل .! ).
-
م 4 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833
-
م 3 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833
-
م 2 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833
-
م 1 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833
-
م 5 / ف 10 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 832
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|