أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )














المزيد.....

هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6930 - 2021 / 6 / 16 - 01:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول يسوع المسيح في الموعظة على الجبل، "أحبوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ " ثم يبرر تلك العظة بأنه لا فضل لإنسان إن أحب من أصدقاءه وبغض أعداءه، فهذا تفعله الأمم كافة والناس جميعاً.
ويقول أيضاً، لا تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.
ويقول كذلك "منْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ "

تلك المواعظ وغيرها لا بد أنك قد سمعتها كثيراً من بعض المسيحيين كتدليل على عظمة تعاليم يسوع، ولربما سعى البعض من المسحيين فعلاً للالتزام بتلك التعاليم رغم صعوبتها طوباويتها مع الحذر كذلك من السقوط في شباك الرياء وإثم وعظ الغير بما لا يلتزم به الشخص نفسه.
فيقول يسوع في من يفعلون ذلك " وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!.
فهنا يشدد يسوع على أنه لا يصح أن تأمر وتعظ الغير بما ليس فيك أنت أو بما لا تقدر على الالتزام به. ولكن هل ناقد يسوع نفسه ولم يلتزم بتلك الموعظة بأن فعل عكس ما كان يعظ !؟

((من سألك فأعطه، وحادثة المرأة الكنعانية ))

تحدثنا الأناجيل أنه بعد أن انتشرت أنباء معجزات الشفاء التي قام بها يسوع جاءته امرأة كنعانية تطلب منه شفاء ابنتها، فلم يجبها، وبعد أن سجدت له رد عليها قائلاً " لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب» أي أن معجزاته ونعمه خاصة فقط ببني إسرائيل ولا يصح أن تمنح للأمم الأخرى.
ثم لم يجيب المرأة في طلبها إلا حينما تذللت له قائلة " الْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!».
فكيف ليسوع أن يأمر بعدم رد السائل، وأن يأمر بمحبة الأعداء قبل الأصدقاء ومحبة الغريب قبل القريب ثم يرفض طلب المرأة التي سألته شفاء ابنتها لكونها أممية !؟
والتناقض الأكبر في تلك القصة أن الأناجيل ذكرت أيضاً قصة قائد مئة جاء وطلب من يسوع شفاء غلامه فشفاه مباشرة بالرغم من أن الرجل كان رومانياً ولم يكن من بني إسرائيل. بل وعرض عليه فوق ذلك أن يذهب معه بنفسه إلى بيته
فما دام قد رفض طلب المرأة الكنعانية قائلاً " «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» فلما لم يرفض طلب قائد المئة الروماني لذات السبب !؟ وهل يمكننا اعتبار ذلك تفريقاً بين الناس بناء على الوضع الاجتماعي والسياسي !؟

(( محبة الأعداء والعذاب الأبدي ))

لا شك أن مسألة العذاب الأبدي كجزاء لإثم مؤقت هي إشكالية كبيرة تتناقض بالكلية مع مفهوم المحبة الإلهية المسيحي. فيقول يسوع في متى " اذهبوا يا ملاعين للنار الأبدية " ويقول أيضاً " يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحون في أتون النار هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" فالتعارض هنا واضح ولا يحتاج إلى جدال، فلا تلاقي بين مفهوم الرحمة وبين توعد من لم يقبلون بمواعظ يسوع ومحبته بالنار الأبدية حيث البكاء وصرير الأسنان.

((أرسلت للخطاة، والحرمان من التوبة )
قال يسوع للفريسيين حينما وجدوه يجالس الخطاة، بأنه إنما لأجل توبة الخطاة أُرسل، ولكنه قال أيضاً "وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي " وفي هذا التقرير حرمان مُخيف من فرصة التوبة ومن أي أمل في النجاة. ويقول برترند راسل عن تلك الآية من الإنجيل أنها قد تسببت بقدراً كبيراً من البؤس في العالم المسيحي، فكثير من الناس الذين راودهم الشك في أنهم قد جدفوا ضد الروح القدس عاشوا حياتهم في خوف مستمر من أنهم قد فقدوا فرصة المغفرة إلى الأبد.

((انفعال يسوع على مخالفيه ))
لم يكن يسوع ذو حلم مع مخالفيه كما تبين الأناجيل بوضوح، فقد استخدم مع من رفضوا مواعظة تشبيهات مثل الكلاب والحيات والأفاعي والشياطين وغيرها من التشبيهات التي تنم عن التحقير. ولقد انفعل حتى على شجرة التين حين وجدها لا ثمر فيها فلعنها قائلاً " لا يكن منك ثمراً إلى الأبد " بالرغم من أنه وكما ذكر لوقة في إنجيله فإن الشجرة لم تكن أصلاً في وقت الإثمار، أي أنها لا عيب فيها لكونها لم تثمر، وهذا حتى يجعل حجة المثل الرمزي غير دقيقة إلى حد بعيد.

وفي النهاية فإني لا أدعي أن يسوع الذي تصوره الأناجيل هو إنسان شرير أو ليس ببار، ولكن لا شك أن الصورة التي تقدم له كمثال يحتذى به في المحبة التسامح هي صورة مبالغ فيها، وهي الصورة التي كانت لدي شخصياً قبل أن أطلع على الأناجيل. فقد يكون يسوع إنساناً متسامحاً وأخلاقياً خاصة إذا أخذنا بالحسبان طبيعة العصر الذي عاش فيه؛ ولكنه وكما قال راسل لم يكن أكثر تسامحاً من سقراط أو بوذا والكثير من الشخصيات الأخرى التي اتسمت بتسامح أكبر مع مخالفيهم ومضطهديهم.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثماني سنوات على مقتل حسن شحاته
- التنميط الثقافي ووسائل التواصل الاجتماعي.
- ازدواجية النسوية في العالم العربي
- معالجة التأثيرات الثقافية بين الميتافيزيقيا والعلم
- النظرة الطوباوية للفتوح الإسلامية ووقائع الصراعات الداخلية ! ...
- الملكية الرأسمالية المقدسة.
- الخلط بين الداء والدواء.
- ضد الجلادين
- ماركوس أوريليوس، مُعالجاً للمجتمعات العربية
- الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط
- الإباحية الحلال
- لتتحرر الأخلاق كما تحرر العلم
- انحطاط الأخلاق العربية
- انحطاط الفن
- هل يريد العرب التقدم للأمام ؟


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )