|
منبعنا مشترك سواء في لبنان أو روما
أحمد الخمسي
الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 07:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا سؤال عام غريب. يقتضي إجابة على أسئلة فرعية، وهي عبارة عن تساؤلات حول قانون السير الذي نظم في غابر الأزمان قواعد المرور بين مناطق البحر الأبيض المتوسط.
هل أنكرت الأميرة أوربا أخيها قدموس الكنعاني؟
عندما كانت القوى الأوربية تتشكل على الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، اشتهرت العبارة القائلة "كل الطرق تؤدي إلى روما" وقد اتخذت منحى سلبيا يوازي المسار الانتهازي الذي يشرع كل الوسائل لبلوغ هدف معين. لكن الأصل كان في توليد محورية العبارة محورية جغرافية لروما في منتصف البحر الأبيض المتوسط، ما بين الشعوب التي تنافست في التحرر والعبودية، حسب الأوضاع للوصول إلى العاصمة الأمبراطورية الرومانية.
وقد نهض الغرب من سباته الحضاري قبل خمسة قرون، على بوصلة سلفية لا تختلف عن مكة حيث الكعبة الغربية (الفاتكان) أي روما، تبعد مسافة عن مدينتهم المنورة، حيث ازدهرت بذور النظام الأوربي بثقافته وأجهزته، أي اليونان أو المدن اليونانية، طيبة وأثينا واسبارطة.....
ومثلما أصبح لدينا من بعد الإمام مالك بن أنس وقبر الرسول (ص) عناوين للمدينة المنورة، بقي للغرب قبلنا رموز يشيرون بها للفلسفة ونظام الحكم وحكايات الأشعار وملاحمهم الأسطورية علامة على مدينتهم اليونانية. ثم ما لبث أن استقدم الغرب الأوربي، ليس فقط اسم القارة بكاملها من اسم أميرة فينيقية لبنانية فلسطينية أسمها أوربا رافقت أخيها الأمير الكنعاني قدموس إلى الديار اليونانية، والتي لم تجد اسما غير اسم أميرة كنعانية تتوشح به جغرافيتها، ليصبح اسم القارة أوربا اسما لبنانيا في الأصل.
انظر كم نبالغ عندما ينتصر مقاومو حزب الله على الترسانة التكنولوجية العسكرية الغربية. لا. لا نبالغ، إنما بعض اللحظات الثقافية تصاب بفقدان الذاكرة بتوجيه ايديولوجي لمنتصر قصير النظر. فيعمل على محو ذاكرة أهله ليمحو أثرنا الأبوي ولو بالمصاهرة حتى....، لينتصر لقبليته العرقية الدموية بطريقة دموية متوحشة لا علاقة لها بالقرابة البشرية التاريخية الثقافية الحضارية الإنسانية ، لترسيخ تطهير عرقي ثقافي متواتر متوارث.
لذلك نحتاج للأنتروبولوجيا الأمريكية أيضا وأيضا، لنحفر عن أركيولوجية جذورنا المشتركة على ضفاف المتوسط، فنتأكد أن لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى الحضارية، ما دام المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.
هل أنكر شكسبير وموليير وسيربانطيس أبجدية الفينيقيين التي طرزوا بها عبقرياتهم؟
بقصر نظر وفقدان للذاكرة، أو عن سبق إصرار نفعي طبقي إقطاعي أو برجوازي، أمعن الغرب في حفر الهوة الحضارية بين الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. والسبب في ذلك استقواء الأنجلوسكسون بجذورهم الشمالية لتقليص دور اللاتين المتوسطيين في الحضارة الغربية عموما. ثم انقلب الأمر نهائيا لما تطابقت القوة الاقتصادية مع هيمنة اللغة الانجليزية ضمن هوية أمريكا الشمالية متبوعة بالسيطرة الشاملة على الغرب خلال القرن 20.
مع العلم أن استكمال مقومات الهوية الوطنية تحت راية الدولة الأمة المطابقة لوحدة المذهب بين الأمير والشعب، لم يكن ممكنا سوى بعد استكمال الاصلاح الديني وتعميم استعمال الخط الأبجدي. وكلا العنصرين من الشرق على الضفة الشرقية والجنوبية للمتوسط. إذ أخذ اليونان والرومان خطوطهم للكتابة من الأبجدية الفينيقية الأصلية. والتميز الوحيد الذي انتشر لغويا هو اتجاه الكتابة من الشمال نحو اليمين، أما اشكال الحروف فلا فرق سوى ما فعله الزمن والجغرافيا من ذوق في النظر إلى الحرف في حد ذاته.
إن الغربة والغرابة قد تظهر للعربي المسلم عند مشاهدة الخط الصيني وتفرعاته. أما جمال التعريقة التي تزين الخط الهندي شرقا وبساطة الخطوط القصيرة المنكسرة عبر زوايا حسابية في الحروف والأرقام العربية فمشتركة مع أوربا في أدق التفاصيل. ولذلك، لم يكن لعقلانية الغرب أن تسمح بكل هذا الاقتتال بين عناصر الامتداد الاقليمي الواحد. والحال أن من الناس هنا وهناك من يشمئز من الهوة المفتعلة تاريخيا بين "أبناء العم" الساميين.
أدمجنا سارة وطردنا الغرب من عائلة سام؟
لن تجد بيتا أو دربا أو شارعا أو حومة لا توجد بها هاجر وسارة على لسان سواء. في دفاتر الحالة المدنية. في صفوف التلميذات. في تسمية محلات الموضة وأسماء العمارات.......
والناس يعلمون القصة التي تضع هاجر ضمن بيت سارة ضمن أسرة ابراهيم عليه السلام. وفي نفس الحكاية الجامعة بين الدين والأسطورة يفخر الناس أنهم أبناء عمومة، عندما يتعلق أمر العلاقة بين العرب والعبرانيين، ثم لا نسأم من تكرار هذا الامتداد الكنعاني لم تختفي العلاقة بين الجذر والامتداد في الهوية بالتسمية سوى على مستوى مخارج الحروف. إذ نضع الأصبع على الحنجرة ثم نخرج الحروف بنفس التفعيلة كما يقول العروضيون= العروبة أو أوربا......ما الفرق؟ إذا لم يكن فقط في مخارج الحروف!!!!!!
هل يصطبغ حزب الله بصبائغ اللاهوت؟
أنا المتحدث، بصيغة المتكلم، أشهد على نفسي أنني يساري علماني، فرح بجذوري السنية المالكية، مطمئن إليها. لأنها لم تورطني في تعصب جاهلي عرقي مذهبي أو ديني. على العكس من ذلك، نشأت في وئام مع الأشقاء العبرانيين اليهود، في مدينة دينية مثل دار الضمانة (وزان)، نعتبر أسجن ومقبرة ربي عمران، مكانا مقدسا لليهود العبرانيين المغاربة، ونشترك معهم في احتفالنا المشترك، هيلولة السنوية. إلى نزلت صاعقة السياسة المنهزمة علينا جميعا بالكراهية المفجرة للعلاقات الأخوية في الحي والحانوت وهيلولة.
اليوم عندما أسمع حسن نصر الله يتحدث، لا يخلط بين شأن الشيعة في الحوزة والحسينية، وبين الشأن العام للبنانيين جميعا. تكاد لا ترى لباسه وعمامته من فرط اقتصاده في اللغة الدينية المسيسة المعهودة عند السنة المسيسة للدين أو عند الشيعة في غير لبنان.
وهو يعرف أن المسيحيين معه وان السنة معه وأن الليبراليين معه واليساريين معه. معه كل النزهاء. لأنه يعرف كيف يستل شعرة الشأن العام الوطني والقومي والإسلامي والتحرري من عجين جبته الشيعية.
لذلك، تجد الأغنية القومية في عهد جمال عبد الناصر تنسجم معه، بالقدر الذي تنسجم مع كلامه كلمات أغنيات جليا بطرس المسيحية أو ماجدة الرومي
ربما سيساهم حسن نصر الله وحزبه في استعادة الثقة إلى الهويات الصغرى والاحترام المتبادل إلى خرائط الانشطار السياسي. ليعيد الصلة بين الأمة التي لا تجحد مقتضيات الانخراط في العصر، بما في ذلك جدلية الفصل والوصل، على قاعدة الاحترام المتبادل. هل هذا ما تخافه أمريكا والانظمة العربية؟؟؟؟؟؟؟؟
#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتقال من الوطنية الى المواطنة
-
ثلاثة ملايين مهاجر مغربي كتلة لإنتاج قيم الديمقراطية والتقدم
-
تركيا: حجر الزاوية في حوار المتوسط
-
من يستفيد من حرية الصحافة الأنظمة أم الشعوب؟
-
الجدل الصاخب بين شبق الهوية وعبق الحرية
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|