|
العلمانية والدولة .....؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 07:11
المحور:
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
ان عدالة العلمانية التي تكاد تصل إلى حد الكمال ، قد تتعرّض عند التطبيق إلى النوال من تلك العدالة الإنسانية المرجوّة لسعادة البشرية في حياة آمنة ضمن مناخ من المساواة ، واعتبار عدالة الإنسان والإنسانية هدف من الأهداف السياسية والاقتصادية في الدولة ...؟ السؤال ، كيفية ضمان تطبيق عدالة الدولة العلمانية فيما تصبو إليه .. الجواب سيكون في ترسيخ مجموعة قوانين تضمن تحقيق تلك العدالة ، وعلى رأس تلك التشريعات ، القانون الأم ( الدستور ) .. أيضا يُثار سؤال : أي دستور .. وهل كل الدساتير ضامنة للعدالة الاجتماعية على نحو مبدأ العلمانية ... بالتأكيد ليست كل الدساتير متساوية النتائج من حيث الأهداف والتطبيق .. مثال ، دستور يعطي الحرية الكاملة لانتخابات برلمانية ، ولكن أي قرار أوقانون يقره مندوبوا الشعب وممثليه لاينفذ إلا إذا وافق عليه شخص واحد ( ولاية الفقيه مثلاً) أو أن يصدق من رئيس الجمهورية ( في العديد من الأنظمة الرئاسية المطلقة ) إذا ماهو شكل الدستور الضامن لتطبيق العلمانية ومن هي الجهة التي تدون الدستور وتصدره ، هل هي هيئة خاصة غير منتخبة أو منتخبة ، أو باستفتاء شعبي ، وفي الحالة الأخيرة من هي اللجنة التي تصوغ مسودة الدستور، أيضا يثار سؤال : هل هي لجنة خاصة منتخبة باستفتاء شعبي ، أم مفوضة من حزب أو من عدة أحزاب ، أو بتدخل من الجيش .. أو بمباركة ملك أو رئيس جمهوريه ، كما هي الحال عليه في معظم دول العالم العربي وحتى الإسلامي .. ولما تقدم فإن الدستور الحضاري ، يصنعه ويصيغه شعب حضاري ، شعب وصل إلى مرحلة ثقافية اجتماعية متحررة من هيمنة الأديان والقبيلة والقومية والعرقية ، هكذا شعب يمكنه أن يصوغ دستوراً حضارياً يحقق العلمانية بعكس الشعوب الأخرى التي لاتمتلك هوية ثقافية مستقلة والدائرة مابين الهيمنة الدينية أو القومية أو العرقية والتي يستحيل عليها تحقيق دستور علماني ، حتى لو سُميَت أو أقرت تلك الدول أنها علمانية ، ولكن حقيقتها خلاف ذلك .. إذاً لا دولة علمانية حقيقية بدون دستور يضمن ترسيخ العدالة العلمانية بإبعاد الدين عن السياسة واعتبار معيار الوطنية والمواطنة هو الوطن وليس القومية أو اللون أو الدين والمواطنون كلهم سواسية أمام القانون .. المشاكل أو الثغرات التي يجب تفاديها عند صياغة دستور الدولة العلمانية لما كان المجلس التشريعي أو مجلس النواب في الدولة العلمانية يمكنه أن يغير ويحور ويبدل القوانين وفق هوى أكثرية ذلك المجلس ، مثلاً لو توصل حزب يميني أو يساري إلى إشغال أكثرية مقاعد المجلس النيابي ، فإنه وبتلك الأكثرية يمكنه أن يبدل أو يصوغ قوانين لصالح حزب الأكثرية ، ويتضرر من ذلك حزب الأقلية وعلى حساب فئات من الشعب وبذلك ينشرخ النظام العلماني وهيمنة فئة على أخرى ، وهذا يمكن أن يحدث وبسهولة وقد حدث في فلسطين فالإسلاميين الذي احتلوا أغلبية المجلس التشريعي يمكنهم مستقبلاً أن يحوروا أو يلغوا الكثير من القوانين العلمانية لصالح الايديولوجية الدينية ، مع أن الصفة الغالبة كانت في الحكومات السالفة هي العلمانية ..؟ أين العلة وكيفية صيانة دستور الدولة العلمانية ، الحقيقة انه سؤال صعب وواقعي .. الذي أراه أن ينص دستور أية دولة علمانية نصوصاً قاطعة بثوابت علمانية لايمكن تجاوزها أو النيل منها إلا بواسطة استفتاء شعبي ، مثل الحرية الشخصية والرأي والصحافة والإعلام ومنظمات المجتمع المدني ، وعدم إقحام الدين في السياسة ، أو سيطرة قومية أو مذهبية أو عرقية على التشكيل الأساس للمواطنة وارتباطها بالوطن لاغير ، كما أنه يمكن للدستور العلماني أن يتجنب وصول أكثرية حزب سياسي أو نقابي ، أو مستقل وذلك بتوزيع مقاعد المجلس التشريعي بين فئات الشعب بحيث لا يمكن ّتحقيق أغلبية برلمانية لأية فئة ، كأ ن توزع مقاعد المجلس التشريعي بالتساوي بين فعاليات الشعب السياسية والنقابية والنسائية والمستقلين وبواقع ربع المقاعد للأحزاب السياسية مهما بلغت تعدادها وربع المقاعد للنقابات العمالية وربع المقاعد للنساء والربع الأخير للمسقلين ..وبالنتيجة إذا كانت الدولة تمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً والشعب يطمح إلى العلمانية حقيقة وليس أمنية ، فإن دستور الدولة الذي سيصيغه ممثلي الشعب بعد الأخذ بعين الاعتبار ماسلف وبينّاه ، ويصادق عليه باستفتاء عام من قبل الشعب ، فمثل هذا الدستور سيكون ضامناً للفكر العلماني ولقيام دولة علمانية ..
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعائر فرح شرقي ...!؟
-
عذراً .. انه حوار متمدن ...؟
-
العلمانية والمجتمعوالكمبيوتر .. ومنبر الحوار المتمدن ..؟
-
ألعلمانية.. وأين مجتمعنا منها ...؟
-
البرجوازية والعلمانية...؟
-
...مِثِل نطحة زيدان ...!؟
-
مونديال الربح والخسارة مابين سوريا ومصر ...؟
-
الشارع العربي الذكوري في الكويت يفخر بانتصاره على النساء ..؟
-
الشارع العربي وآلهة الشر ..؟
-
صراع البقاء في يم العلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والمجتمع
...
-
ممارسة الحب على المسرح ...؟
-
جحافل العولمة تغزو وأشاوس الواوا وطبطب لهم بالمرصاد ...؟
-
الحمائم والصقور مابين البنادق والفنادق ...؟
-
عواء الرجل الميت ، مجموعة قصصية لطلال شاهين
-
البلالفة والمناتفة
-
الارهابيون يحاولون النيل من المفكر عبد الكريم سليمان .؟
-
ضرورة تنظيم الأسرة في حياتنا المعاصرة ...؟
-
طَبَقِيَة الطبقة العاملة والواقع العملي لتغييرات مجدية
-
تنامي الظاهرة الطظية في مصر بعد طظ المرشد العام....؟
-
حقوق المرأة مابين الترابي والقرضاوي والتلويح بالبطاقة الحمرا
...
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
ما بعد الإيمان
/ المنصور جعفر
-
العلمانية والدولة والدين والمجتمع
/ محمد النعماني
المزيد.....
|