|
الصافع والمصفوع والقاتل والمقتول / تاريخ من الصفعات والرصاصات ..
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6926 - 2021 / 6 / 12 - 14:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ إن السلطة في واقع أمرها تخلق في أغلب الأحيان أشخاص انشطاريين بدرجة جسيمة ، فالسلطة في حد ذاتها تُصنع من تلاحم الرغبات ببعضها ولا تستورد من الخارج ، بل يبقى الخطر الدائم الذي يهدد المجتمع الواحد ، تفرد الفرد بالسلطة والذي عادةً يدفع المجتمع الحي إلى رسم 🎨 خطوط عادلة بين مراكز الحكم المختلفة ، غير أن لا يمكن للمراقب تمرير صفعة الفتى الفرنسي ( اليميني الاتجاه) التى وجهها لرئيس منتخب ديمقراطياً بأغلبية شعبية ، هو الرئيس الفرنسي ماكرون 🇫🇷 ، وهنا يتساءل المرء بقلق ، وقبل إذ ، بالطبع ليس ابداً غاية هذه السطور مراجعة كتاب ادوارد سعيد 🙂 ( السلطة والسياسة والثقافة ) الذي يستحق وقفه طويلة ، وبالرغم أنه طافحاً بالعناصر الإنسانية ، إلا أنني ، سأقدم السؤال على طريقة نعوم تشومسكي ، هل السلطة الفرنسية متساوية من حيث القيمة مع العناصر الأخرى للحياة ، وطالما السياسي جزء وليس الكل من العدالة ، فإن التوزيع العادل سيكون أمره حاسم ومحروس من السلطات الأخرى ، لكن عندما يتفوق الحاكم على بلده ، بالطبع تصبح الدولة مهددة بالانهيار من الداخل ، ستدهور صحة الاقتصاد أو إذا كانت ذات نفوذ كبيرة ، ستخلق حروب لكي تُرحل أزماتها للخارج ، وبالتالي الصفعة في مضمونها الأعمق ، لم تكن للرئيس الفرنسي ماكرون تماماً ، بل هي اولاً للدولة برمتها ، وثانياً من اليمين المتشدد إلى اليسار المتقدم ، وهذا التصادم الذي خلقه الشاب إمانويل ماكرون بعد وصوله إلى الرئاسة ، بخلفيات مشبعة من إرث نابليون ، لم تكن طموحاته مقتصر ومحصورة فقط بين منافسيه في فرنسا 🇫🇷 ، بل كانت غير مقبولة على الإطلاق في خارجها ، لقد تعرض ماكرون إلى سلسلة إهانات من اليمين العالمي ، الرئيس الأمريكي ترمب🇺🇸 والرئيس البرازيلي🇧🇷 بولسونارو والرئيس التركي🇹🇷 وأردوغان .
إنما على الصور التى يستعيدها المراقب من سيرورة التنميطات الراسخة في الذهن الغربي ، تُعتبر الصفعة في الدول الديمقراطية تشبه في جوهرها تماماً طلقة الرصاص في الدول الديكتاتورية ، والصفعة في الدول الديكتاتورية تُعتبر دائماً من نصيب الفقراء والمضطهدين ، لكنها في الآونة الاخيرة كانت السبب في التغير الشامل ، فصفعة بنت 👧 نظام الدكتاتور المخلوع فايدة حمدي للشاب التونسي 🇹🇳 ، الذي سيعرف عالمياً لاحقاً باسم بوعزيزي والتى جعلته أن يقدم بإشعال نفسه بالنار 🔥 ، كان بوعزيزي دون أن يدرك أو ربما كان على يقين بذلك ، أنه أشعل النار🔥 في العالم العربي واسقطت شعلته ديكتاتوريات كبيرة ، لم يكن المرء مجرد أن يتخيل سقوطها ، بل غيرت سلوك الباقيين ومازالت فاعلة ولا أحد يعرف متى ستنطفئ ، وبالتالي ما لم تدركه بنت النظام المخلوع ورأس نظامها ، أن الصفعة لم تكن موجهة لمحمد بوعزيزي بقدر أنها عندما صفعته ، كانت قد صفعت أمةً بالكامل ، أي أن بوعزيزي لم يتعامل مع الواقعة من باب الشخصنة الذاتية ، لهذا عندما أشعل النار 🔥بنفسه ، فأنه أشعل النار بالأمة العربية والعالم .
كثير من المؤرخين كانوا يبتسمون كالنجوم عندما يستمعون للنقاشات الممزوجة من الحكمة والكآبة وتنطلق من عيونهم شيء من رفة الطفولة والخبث الاثنين معاً ، لقد خاضوا سابقاً سجالاً ونقاشاً واسعاً وعريضاً حول سؤال ⁉ ، إذ كان الفتى الصربي الذي أغتال ولي عهد المملكة النمساوية🇦🇹 المجرية 🇭🇺 وإمرأته ، هو السبب في إشعال الحرب العالمية والتى حصدت ملايين الأرواح وهدمت الاقتصاديات وبددت تاريخ طويل من البنية التحتية والثقافة ، أما مماليك ذلك الزمان كانوا يترقبون الفرصة لكي ينقضوا على بعضهم البعض ، من المؤكد ، وهذا بات واضح وجلي للمرء ، أن اللغة الدبلوماسية في السنوات الأخيرة تراجعت إلى حد كبير ، لم تعد تمتلك حدود الآدب كما عهدتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية ، تحديداً بعد مجيئ الرئيس ترمب أسقط الرجل قوانين المخاطبة بين الرؤوساء المعروفة ، ومع ظهور القوة التركية المنافسة لأوروبا ، باتت البدوية التى تتوارى في الغرف المغلقة ، ظاهرة بالعلن وأمام الفضائيات العالمية ، وبالتالي العالم سجل إنتقال لغوي من حدود الدبلوماسية والحوار إلى مرحلة التصادم ، وهذا يفسر للقارئ لماذا كل هذا التحامل على الرئيس ماكرون ، داخلياً وخارجياً ، فالرجل وبالرغم من صغر عمره ، يتعامل منذ اليوم الأول مع نفسه كزعيم منافس في القارة الأفريقية والشرق الوسط ويقود الاتحاد الأوروبي 🇪🇺🇪🇺 مع ألمانيا 🇩🇪 ، بإلإضافة أنه بات زعيماً لمحور التقدميين في فرنسا 🇫🇷 وأوروبا ولكثير في لبنان 🇱🇧 أو في بعض الدول الأفريقية التى لها تاريخ استعماري مع فرنسا وتتشارك معها بالفرانكفونية ، وبالتالي التصادم مع اليمين المتشدد في فرنسا 🇫🇷 عميق 🧐 والتحدي اليوم بات خطير ☣ ، وقد تكون الصفعة رسالة من اليمين ، على أنها قد تكون في المرة القادمة ربما رصاصة ، تماماً كما فعلوا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المغتال اسحاق رابين أو المخلوع في اليمن 🇾🇪 على عبدالله صالح ، وهؤلاء الذين يشعرون أنهم متفوقون على دولهم ، على حد سواء ، من المحافظين أو التقدميين لا ينصتون سوى لأفكارهم ، لهذا عندما وصف الرئيس التركي ماكرون على أنه ميت 💀دماغياً 🧠 ، كان يقصد القارة الأوروبية 🇪🇺 وآلتها العسكرية والتى وقفت مذهولة أمام معركة المسيرات التركية ودبابات للنظام الأسد ، وطالما السائد هذه الأيام ، هو التمدد وتدخل الدول في شؤون الدول الأخرى ، تماماً كما صنعت إيران 🇮🇷 ويقلدها من في الإقليم وايضاً أحيت عند الغرب تاريخ طويل من التدخلات المباشرة ، فإن الرئيس ماكرون وجد في فرنسا 🇫🇷 الحق والأحقية ممارسة تدخلات مع دول تتشارك مع بلاده في كثير من المسائل ، على سبيل المثال ، اللبنانيون 🇱🇧 يعتبرون فرنسا 🇫🇷 مبتكر لبلادهم ، وأيضاً اعداد حملة الجنسية الفرنسية ، وثيقة السفر 🧳 📃 من اللبنانيين كبيرة وفي مقدمتها الرئيس الحالي وأعضاء حزبه ، بل عدد الناطقين باللغة الفرنسية بشكل كامل في لبنان 🇱🇧 يصل الى 40% والجزئي 15% ، و70 % من المدارس تدرس الفرنسية ، أي أن الثقافة الأولى لحد كبير منهم هي الثقافة الفرنسية ، وهذا ما يسهل لمثل ايمانويل ماكرون عمله .
لا عزاء لكلام خافة أو عالي متفرق في بلد يسود فيه الديمقراطية ، لكن في نهاية المطاف ، لا الصافع ولا المصفوع في دولة مثل فرنسا 🇫🇷 سيضطران إلى أخذ حقوقهما بأيديهم ، مهما على كعب 👠 المسؤول ، الجميع يحتكم إلى القانون والقضاء ، وعلى سبيل المثال ، لو صنع مواطن سوري صنيعّ الفتى الفرنسي بحق علي دوما رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية والشهير بحمله السيغار باليد اليمنة والكأس الشيفاز ( الوسكي ) باليسرى، ولكي لا نقول مع معلمه ، ماذا كان سيحصل لعائلته وقريته والمدينة التى تتّبع لها ، بالتأكيد 🙄 قبل القتل سيكون أعوان دوما قد اخفوا الصافع وراء الشمس 🌞 وافقدوا الذباب 🪰 الأزرق إمتيازه بمعرفة مكانه ، وسينزعون جلده عن عظمه بعد جلسات من الكهرباء ، لكن في بلد مثل فرنسا 🇫🇷 وبالرغم من تاريخها الاستعماري ، تبقى بين مواطنيها مرهونة للقانون ، فالإدعاء العام حتى الآن لم يوجه تهمة بحق الصافع على أنها سبق واصرار مُتعمد ، بل فريق المحاماة عندما قدموا عريضتهم للمدعي العام ، وجهوا تهمة للرئيس الفرنسي ، بمخالفته الاجراءات التباعدية ، وطالبوا معاقبته بدفع غرامة مالية كأي إنسان فرنسي يخالف التعليمات الخاصة بفيروس كوفيد 19.
هناك👈 قبلئذ وبعدئذ وفي الخاتمة ، على كل حال ، ما فعله الشاب الفرنسي ( اليميني ) يشابه تماماً في الجوهر ما فعلته بنت 👧 نظام الدكتاتور التونسي ( المخلوع ) ، هو عمل همجي / مرفوض على جميع الأصعدة والمستويات ، لكن الفارق بين بوعزيزي التونسي 🇹🇳 وماكرون الفرنسي 🇫🇷 ، لا يحتاج الأخير إلى إحراق نفسه لكي يشعل الحماس بالتقدميين في فرنسا 🇫🇷 لينتفضوا بوجه من حاول تلويث الهواء بعد فشلهم في محاولات اعتصاره ، لأن القانون كفيل بأخذ حق المظلوم وثانياً ، صندوق الانتخابات لا يعترف سوى بالمنطق ، وهو الوحيد الضامن بتصفية الحسابات في داخله .
أيضًا ، لم يرغب الاستفادة من التاريخ ، في سجله هناك حقبة واحدة ☝خالدة ، سجلت باسم عبدالرحمن الداخل ( صقر قريش ) ، لقد صنفه ابن اثير في تدويناته بأنه يتمتع بذكاء فذ وفريد ، جمع دهاء آل أمية وحكمة بني هاشم ، لأن نسبه يعود إلى مناف الذي يجمع الطريفين بالنسب ، لقد أستطاع التعامل مع أكثر القبائل تطرفاً وعناداً في منطقة المغرب 🇲🇦 العربي والأندلس 🇪🇸 ، لقد صنع من القبائل بالسياسة والتأليف حضارة أبهرت الإنسانية بالكامل حتى يومنا هذا ، بل قد أطلق عليه ابو جعفر المنصور ، عدوه وابن عمه ، لقب صقر قريش ، لراجحته وفساحته العلمية وقدرته على التحمل والصبر والصمود والعزم والاستمرار حتى تحقيق الحلم ، كان ثاقب الفهم سريع النهوض ، حركته لا تنقطع ولا يتكىء على أحد ، مهم على مكانته لديه ، أمره بيده لا يعطيه لأي أحد من أعوانه ، شديد الحذر قليل الاطمئنان ، كريماً ، طليق اللسان ، إلى الآن البشرية تتعلم بناء الدول منه ، من سيرته ودهائه في ترويض القبائل وصهرها في مدينة جمعت جزء كبير من الغربين في منطقة بدوية قاسية الطبيعة . والسلام ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولتان في دولة / الاشتراكية واليهودية ...
-
تفكيك المصري للاثنيات الأفريقية يساهم في فتح مناخات إقتصادية
...
-
الأميرة المتمردة والامير المستسلم ...
-
أمير برتبة عاطل عن العمل والأميرة المتمردة ...
-
دائماً الرابح في سوريا الشبيحة والخاسرون هم السوريين ...
-
مع مراكمة الوعي وبالأفكار الجديدة يتم بناء الجدران الفولاذية
...
-
كيف تحول عياش من قنبلةً💣 إلى صاروخاً🚀...
-
حصار مقابل حصار ...
-
كيف يمكن لمساعد وزير خارجية الأمريكي هادي عمرو تحريك القواعد
...
-
عابرون في كلام عابر لم يعيها سوى ضيف ...
-
التميز العنصري والقمع ، تستعجلان في خريف الدولة ...
-
حي الشيخ حراج لنا ، ولقد ورثنا إياه ، طبيب 👨⚕
...
-
حي الشيخ حراج لنا ، ولقد ورثنا إياه ، طبيب 👨---b
...
-
تفشي 😷 الفيروس المزدوج / يسبب ذعراً عالمياً..
-
إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن 🇺🇸 🇺
...
-
الصراع على إرث إبراهيم، وثنائية سقراط وإبراهيم ...
-
إلى رئيس وزراء العراق 🇮🇶 مصطفى الكاظمي ...
-
نظام ابو ماسورة ينتقل إلى عهد التوك توك ...
-
إعادة كتابة القواعد من غرف النوم ...
-
وينك يا عم ابو محمود الصباح ، تبهدلنا بعدك ...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|