|
التحول الديقراطي في العراق: المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية
عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 07:08
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
هذا الكتاب محاولة لتحليل إشكالية التحول الديمقراطي في العراق، متضمنة المتطلبات والمستلزمات والشروط اللازمة لهذا التحول. وهي تتفق مع الهدف المرسوم للبحث: محاولة تحليل ظروف البيئة الاجتماعية العراقية في ضوء المتطلبات التي تفرضها قضية التحول الديمقراطي وبالعلاقة مع مجموعة عوامل بنيوية، تجد اتفاقاً عاماً على كونها تلازم مسيرة التحول وعملية البناء والتحضر الاجتماعي بمفهومه الشامل. من هنا حاول البحث تنظيم خطته وفق تسعة فصول. نوقشت المواريث التاريخية في الفصلين الأولين (ف1- ف2)، تابع أولهما المواريث التاريخية لحضارة وادي الرافدين، خاصة بالتركيز على المعتقدات الدينية وجوانب من الحياة الاجتماعية وأفكارها الفلسفية، وما خلَّفتها هذه الحضارة من أفكار ومعتقدات وفلسفات وقيم وعادات وتقاليد وممارسات عائلية- اجتماعية، لا زالت تعيش معنا، بهذا القدر أو ذاك. وناقش الفصل الثاني الحضارة الإسلامية بما تضمنتها من أساليب إعادة تنظيم كافة مناحي الحياة الاجتماعية، وما تركتها من قيم إنسانية وعادات اجتماعية أقرب إلى الحياة الديمقراطية والتي تراجعت مع سقوط الدولة العربية الإسلامية. وكانت مهمة الفصول الثلاثة التالية (ف3- ف5)، بالإضافة إلى مناقشة الجوانب الفكرية للديمقراطية، بحث المتطلبات المؤسسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمسيرة التحول الديمقراطي في العراق. بينما ركز الفصل السادس على المحددات الخارجية. وكانت مهمة الفصل السابع مناقشة الجوانب الفكرية للمجتمع المدني، وتطبيقاته العربية، إضافة إلى تجربة المجتمع المدني في العراق. ولخص الفصل الثامن نتائج المسح الميداني الشامل للعراق الذي تولاه مركز البحوث الدولية- اكسفورد خلال الفترة آذار/ مارس 2003 لغاية حزيران/ يونيو 2004. وشمل الفصل التاسع والأخير تحليل آراء نخبة من المفكرين/ المثقفين العراقيين في مجموعة هموم وقضايا عراقية كانت في العديد منها محل البحث. وأخيراً، تُقدم الخاتمة، عدا الملاحق والمصادر، خلاصة مكثفة لأِفكار واستنتاجات هذه المحاولة المتواضعة التي تدخل ضمن المساهمة في بناء وعي عام- المواطنة الفعالة- قادر على التعامل مع هذا الهدف المعاصر وفق أفكار وممارسات حضارية تقوم على القناعة بالتعامل السلمي والعلنية والتعددية ونسبية الحياة الدنيوية. يمتد حاضر العراق إلى ببيئة اجتماعية تعود لخمسة آلاف عام مع نشوء أول حضارة بشرية متكاملة استمدت نظامها السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي من الحاضنة الدينية، بما تضمنتها من القوة/ القدرة الخالقة/ الإله، وسلطة الملك المطلقة باعتباره نائب/ ممثل الإله، والأرواح الطيبة/ الملائكة والشريرة/ الشياطين. هذه الديانة التي التي غلَّفتها الكثير من الخرافات والخوف والقلق، وذلك في ظروف رضوخ إنسان هذه الحضارة في فكره وممارساته إلى ثلاث قوى لا فكاك منها: الإله، الملك، الشياطين. احتضن العصر الإسلامي القيم الحضارية القديمة ذات الأصول الدينية السومرية وأغناها بمفاهيم جديدة أقرب إلى القيم الديمقراطية، خاصة ما تعلق بمبادئ الشورى والاختيار (اختيار الحاكم)، إضافة إلى العدل وفق قواعد الشريعة. ومع ذلك بقيت الديمقراطية غائبة في هذا العصر لوجود ثغرة واسعة بين النظرية وبين تطبيقها. وهذا ما ساعد الحاكم/ الخليفة عدم التمسك بهذه المفاهيم بحيث بقيت أفكاراً بحتة دون جذور لها في تربة الواقع. قاد هذا الفراغ إلى بقاء هذه المفاهيم قوة لفظية دون قوتها الفعلية وخضوعها لتفسيرات مزدوجة زائفة ومنحرفة لصالح مركزية سلطة الحكم الفردي. الديمقراطية عملية حضارية تتطلب وجود دولة الوحدة الوطنية أمراً واقعاً وشرطاً مسبقاً. وبتعبير عالم الاجتماع العراقي المرحوم الدكتور علي الوردي: في غياب سلطة الدولة تختفي الشرط المسبق للحضارة. والديمقراطية لفظة أغريقية بمعنى "حكم الشعب". وتعبرعن مفهوم تاريخي اتخذ صوراً وتطبيقات متعددة في سياق تطور المجتمعات والثقافات. وتقترن فكرتها الأساسية بممارسة الرقابة على الحكومة. أي أن الديمقراطية هي مهمة أهل البلد أنفسهم في سياق عملية تاريخية نمطية ممتدة، وفي ظروف حرية صنع القرار الوطني. ويتمثل جوهر الديمقراطية في توفير وسيلة منهجية لإدارة المجتمع السياسي بغية تطوير فرص الحياة، بما توفره من نظام سلمي للعلاقات الاجتماعية في ظل بنية مؤسسية حضارية تتسم باستمرار تصاعد النمو والكفاءة. وتحمل في مضمونها مبدأ المساواة الذي يتجاوز مفهومه الليبرالي السياسي إلى الاقتراب من التكافؤ الاقتصادي. وتقوم على بناء إرادة المواطنة الفعالة- إرادة المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والديمقراطية وفق هذا المفهوم عملية حضارية واعية تقترن بالتنمية البشرية والمادية الشاملة المتصاعدة، تتأسس حول الإنسان بدءاً بتنمية القاعدة الأقل دخلاً. عانت الفترة الليبرالية من عوامل قصور عديدة في سياستها الداخلية، علاوة على سياستها الخارجية، وساهمت في خلق قطبية سياسية واقتصادية لصالح الأقلية، ومحاربة العملية الحزبية، وتزايد الاعتماد على الحليف البريطاني. عليه جاءت بنية الدولة الفتية بعيدة عن الليبرالية السوية في ظروف بيئية مليئة بالدسائس والمؤامرات والعنف والانقلابات لتنتهي بالحركة العسكرية التي قادت إلى ثورة 14 تموز 1958. جاء النظام الجديد ثورياً في لغته وممارساته. بادر فوراً إلى إحداث تغيير جذري في سياسة البلاد الخارجية، بينما استهدفت سياسته الاقتصادية تحقيق غايتين ثوريتين هما الاستقلال الاقتصادي وإعادة توزيع الثروة والدخل لصالح عامة الناس. وشهد العراق الجمهوري بأنظمته المتعددة ثلاثة أحداث ثورية كبرى ذات آثار اقتصادية واجتماعية واسعة وبعيدة الأمد، تمثلت في: قانون الإصلاح الزراعي.. قوانين التأميم "الاشتراكية".. تأميم النفط. استمر النشاط الاقتصادي العراقي في صعوده، وبذلك تسّلق الاقتصاد العراقي قمة السلّم بين دول العالم الثالث من حيث متوسط دخل الفرد، علاوة على بلوغه مستوى عالياً من التعليم والمهارات وامتلاكه الخبرة والتكنولوجيا المتقدمة ووفرة احتياطيه من العملة الأجنبية. إلا أن هذا البناء- الذي تحقق بجهود متواصلة لا تقل عن نصف قرن من الزمن- بدأ بالانحدار السريع مع الدخول في حرب الثماني سنوات (1980- 1988) ضد إيران. وبلغ حافة الانهيار مع غزو الكويت وحرب الخليج (1990- 1991). وأخيراً، قادت الحرب الأمريكية- البريطانية على البلاد (2003)، ليس إلى إلغاء النظام السياسي حسب، بل وإلى تدمير الدولة العراقية. لماذا ؟ رغم صعوبة إغفال دور العوامل الخارجية في هذه الحصيلة المريرة، إلا أن موضوعية الإجابة تكمن بدرجة عالية من الثقة داخل العراق وفي عمق النظام العراقي بمفهومه السياسي الاجتماعي الشامل. ذلك أن نظام الحكم يجسد بطبيعته الرأس والعقل المدبر للدولة في رسم أهدافها وسياساتها وتحديد ممارساتها في الحاضر والمستقبل. إذن السؤال الآخر المطلوب بحثه هو: أين كمنت مشكلة نظام الحكم الجمهوري في العراق؟ ولماذا انتهى إلى هذا الدمار والخراب؟ إن المرحلة التي أعقبت ثورة تموز بما أفرزتها من أحداث العنف والعنف المضاد في سياق سلسلة الانقلابات والمؤامرات والدسائس التي طبعتها كطريق وحيد لكسر جمود انتقال السلطة واحتكارها، شكلت تراجعا حضاريا خطيراً وانحداراً عميقا لمحتوى الوعي السياسي ولتنتهي في فتراتها التالية إلى الحروب والكوارث والمقاطعة، وأخيراً الاحتلال والخراب. وفي ضوء هذه الأحداث التي ولّدت الكثير من الآلام والأحقاد، ليس غريباً أن تتحول محاولات إزالة النظام العراقي في ضوء عجز معارضيه، وبالذات أصحاب الدكاكين السياسية، تحقيق هذا الهدف على الطريقة القبلية بحيث انضمت إلى "القبائل الأمريكية" التي عصفت، ليس بالنظام، حسب، بل وبالدولة العراقية بكل مرتكزاتها، ولتتحول دعواتها للحرية إلى الثأر والتصفيات القبلية "تحت شعارات ممجوجة قلبت الاحتلال إلى تحرير والفوضى إلى حرية"!! مع نجاح الولايات المتحدة احتلال البلاد يكون التاريخ العراقي الحديث قد كرر نفسه ولكن على نحو أسوأ مقارنة بفترة الحرب العالمية الأولى والاحتلال البريطاني للعراق. ويرتبط هذا الاحتلال تحقيق جملة أهداف تتقدمها: السيطرة على النفط العراقي، وذلك في محاولاتها استكمال السيطرة على النفط الخليجي ومنابع النفط الدولية، والتحكم بالاقتصاد العالمي، ومنع بروز قوة دولية منافسة.. إخراج العراق من دائرة الصراع ضد إسرائيل، وتصفية أحد طرفين لا يتحقق "السلام الشرق أوسطي" بدونهما (العراق وسوريا).. بناء قواعد عسكرية في العراق والعمل عن قرب لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة حسب المقاييس الأمريكية. إن مواجهة الاحتلال على طريق التحرير والاستقلال لا تتحقق بالخنوع وتوزيع الامتيازات بما ولَّدتها من الفساد والإفساد.. ولا بتحويل وزارات ومؤسسات الدولة إلى ملكيات وقفية أصبحت الوظائف فيها تُشترى بصكوك حزبية.. بل وفق الشرعية الوطنية والقوانين الدولية: المقاومة الشاملة المتكاملة من سلمية ومسلَّحة.. وهذه مسؤولية الأحزاب والقوى الوطنية، حتى تتجنب البلاد تكرار مستنقع الصراعات المَلَكية، وما أعقبتها من مآسي التصفيات منذ الثورة التموزية. لعلَّ أكثر تداعيات الاحتلال وأسرعها والتي هزَّت، ولا زالت، كيان المحتل في البلاد هي المقاومة الوطنية الموجهة ضد قوات الاحتلال والمناصرين لها. وإذا كانت مقاومة المحتل حقاً وطنياً وواجباً مشروعاً تنطلق من دوافع الكرامة الوطنية والشرعية الدولية لتحرير وطن مغتصب وإرادة شعب مغتصبة، فكيف استطاعت أن تنمو وتتطور في مواجهة أكبر قوة غازية في تاريخ البشرية؟ ما هي وسائلها وأساليبها وقدراتها في توجيه الضربات الموجعة والقاتلة لقوات المحتل؟ جاء الجواب مع تفاصيل عديدة بخصوص نشوء وتعاظم دور ونشاط المقاومة الوطنية العراقية المسلَّحة في دراسة الخبير الأمريكي الدكتور انتوني كوردسمان الملخصة هنا. تُعبِّر السياسات الاقتصادية للاحتلال عن مشروع اقتصادي جذري ينطلق من مصالح ستراتيجية ومن الايديولوجية اليمينية للمحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية التي تعمل باتجاه الهيمنة على السياسة الاقتصادية الدولية. وفي إطار هذا المشروع جرى تحديد طاقمه الإداري (المستشارين) ممن يحملون الايديولوجية الاقتصادية والاجتماعية للمحتل، وتم اختيارهم بحكم ارتباط الإدارات الأمريكية بالمؤسسات الرأسمالية الكبرى، مما سيضع مستقبل الاقتصاد العراقي، ليس عرضة للهيمنة الرأسمالية بشكل عام، حسب، بل ولصراعات النفوذ والتنافس السياسي أيضاً. وهؤلاء المستشارون حالياً في موقع سلطة "مطلقة" خالية من أي ضوابط مؤسسية عراقية، أو محددات اجتماعية، أو التزامات معينة تجاه الشعب العراقي، في حين يمارسون سلطتهم تجاه العراقيين بحرية وفي غياب المحاسبة. يمتلك العراق أكبر احتياطي من النفط الخام بعد السعودية وبواقع 11% من الاحتياطي النفطي المؤكد وجوده في العالم (112 بليون برميل). ويقدر بعض خبراء النفط أن العراق يمتلك مكامن نفطية بحدود 300- 450 بليون برميل. بمعنى أن فترة نفاد النفط العراقي على افتراض إنتاج ستة ملايين برميل يومياً- وعلى أساس هذه التخمينات- تتراوح بين 139- 208 سنوات. وفي هذا السياق تمت مناقشة الجوانب المختلفة للثروة النفطية وما شهدتها من تدهور حاد بسبب الحروب والمقاطعة والاحتلال، إلا أن خصائص الصناعة النفطية العراقية (ضخامة الاحتياطي، قرب النفط من سطح الأرض، انخفاض إنتاج تكلفة البرميل، غياب مخاطرة الاكتشافات النفطية: وجود حقول نفطية جاهزة تتطلب التطوير، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط)، كلها عوامل لجذب الشركات النفطية للإنفاق على تطوير الصناعة النفطية العراقية في حالة وجود إدارة عراقية وطنية مؤهلة وتقوم بتوزيع الآبار النفطية على أكبر عدد ممكن من الشركات العالمية باتجاه تقليص فترة إعادة بناء هذه الصناعة في فترة زمنية قياسية مع مضاعفة الإنتاج إلى 6- 10 مليون برميل يومياً. ترتبط آثار العولمة بجانبيها الإيجابي والسلبي بمرحلة التطور الحضاري للدول التي تدخل في نطاقها. ويمكن القول بصفة عامة أن هذه الإيجابيات تزداد مع مرحلة التقدم الحضاري، وتقل لتتحول إلى سلبيات في تلك الدول الأقل تطوراً، وذلك لتدني قدراتها على المنافسة. أي أن المعادلة في عالم العولمة هي: كلما كانت للدولة قدرات إنتاجية أكبر وأكثر تنوعاً حققت وفورات أكثر، وكلما كانت قدراتها الإنتاجية أكثر ضعفا وأقل تنوعاً تحملت خسارة أكبر. لكن العولمة باعتبارها ظاهرة عالمية شاملة تتطلب التعامل الواعي معها بديلاً عن موقف الرفض الكلي أو القبول الكلي. نوقشت مسألة البنية الاجتماعية والتغير الاجتماعي من الناحية الفكرية لتفرز هذه المناقشة ضرورة البحث عن الخصائص الاجتماعية وطبيعة تطور الوعي السياسي في المجتمع العراقي منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة وبالعلاقة مع مواريثه التاريخية التي تمتد لآِلاف السنين، ولتنتهي هذه المناقشة إلى مقترحات في سياق ثلاثة محاور تتطلب المزيد من الدراسة: المحور الأول: إصلاح الأحزاب السياسية.. المحور الثاني: اشاعة مبدأ التنوير.. المحور الثالث: تشجيع التحول من الطائفية- العشائرية إلى الوحدات/ التجمعات الاقتصادية/ الكوميونات. ناقش الفصل السادس المحددات الخارجية للتحول الديمقراطي من دولية وإقليمية وعربية: الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية)، والأطراف الإقليمية (إيران/ تركيا) وأخيرا في إطار العلاقات العراقية العربية والنظام الإقليمي العربي، علاوة على مناقشة السياسة الخارجية المنشودة. يرتبط نمو وازدهار المجتمع المدني مباشرة بنمو قيم وممارسات الحضارة الحديثة بما في ذلك مبدأ الفردية، أي التعامل مع الفرد كما هو في شخصه بغض النظر عن انتماءاته. علاوة على درجة الحراك الاجتماعي من الأواصر والعلاقات المعنوية المجردة القبلية إلى العلاقات والأواصر النفعية- المادية التي تنتجها المدينة الحديثة، ومن العلاقات الشخصية (العائلية- الأبوية) إلى العلاقات الوظيفية. وهذا يعني التخلي عن التقاليد والعادات والأوهام القبلية مثل التفوق والتفاخر والنقاء والتحدي والقوة والانتصار والهزيمة، ورفض الجمود والتقوقع لصالح التغيير والتطوير المستمر للحياة الاجتماعية. والتحول من القيم الأبوية للحاكم السيد أو الراعي- الرعية إلى سيادة الشعب، وبناء نظام متكامل للحياة تتأسس فيه علاقات إنتاج تتجاوز النمط البدائي الذي يخرج من الريف. وبعد تحليل وتلخيص نتائج المسح الميداني للعراق التي جاءت بمبادرة مركز اكسفورد للبحوث الدولية Oxford Research International (ف8)، فقد تضمن الفصل التاسع والأخير محاولة فردية من الباحث لاستقصاء آراء نخبة من المفكرين والمثقفين العراقيين لدراسة هموم البلاد من وجهة نظرهم والوقوف عند قناعاتهم ومواقفهم بشأن 132 مقولة تضمنت مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وشارك فيها فعلاً 239 من عراقيي الداخل والخارج (أسماء المشتركين مثبتة بملحق مستقل). وكشفت واحدة من محصلاتها البارزة انقسام المجموعتين إلى جبهتين متنافرتين في قطاعين رئيسين: مرونة في قناعات ومواقف مجموعة الخارج تجاه القضايا الاجتماعية، وصلابة مجموعة الداخل تجاه القضايا السياسية و/أو قوة التزام بما أصطلح عليه بـ ""الثوابت الوطنية". وأخيراً، ورغم الأعباء الكثيرة التي تواجه الشعب العراقي لإعادة بناء دولته واستقراره في سياق نظام سياسي واقتصادي واجتماعي مقبول من الأكثرية وقادر على تحريك عملية التحول الحضاري- الديمقراطية والتنمية- تبقى مهمة تنظيف بيئة البلاد من آثار اليورانيوم الناضب والسموم الأخرى- حيث كانت محل مناقشة مركزة في البحث، والتي يتحمل عبئها المحتل- مشكلة ذات أولوية قصوى لا تقل أهمية عن تحرير البلاد من الاحتلال. وفي الختام، يؤكد البحث على أن الديمقراطية عملية حضارية تتطلب وجود الدولة شرطاً مسبقاً، ويشكل الإجماع العام على العيش المشترك شرطاً لازماً. كما أن عملية التحول الديمقراطي لها شروطها وأسسها وأشكالها بالعلاقة مع البيئة الاجتماعية، وتتطلب التعامل معها في إطار حزمة متكاملة باتجاه الإصلاحات الجذرية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية/ الدينية وفق أسس ثورية مستمرة بعيدة الأمد، تقوم على معالجة الغيبية/ السرية لصالح العلنية، ورفض المطلق مقابل القبول بنسبية الحياة الدنيوية المادية، وتجاوز الوحدانية نحو التعددية، ونبذ العنف في إطار التعامل السلمي.. ولكن يبقى الشرط الأول والأساس وهو إنهاء الاحتلال لصالح تأكيد استقلال القرار الوطني- الهدف الأول والأثمن. ممممممممممممممممممممـ الملحق- المصدر: الموقع الألكتروني لمركز دراسات الوحدة العربية الموضوع: سياسة صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية يوم الثلاثاء 25 تموز/يوليو 2006 كتاب "التحول الديمقراطي في العراق: المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية" للدكتور عبد الوهاب حميد رشيد
في هذا البحث محاولة لتحليل إشكالية التحول الديمقراطي في العراق. ولا تقتصر لفظة «إشكالية» هنا على المشكلات فحسب، بل تعني أيضاً المتطلبات والمستلزمات والشروط اللازمة للتحول الديمقراطي. وإذا كانت هذه الإشكالية في ظروفها الحالية تشكل خطراً وتهديداً لأية مسيرة دستورية في البلاد، علاوة على كونها مرتبطة بحلول بعيدة الأمد تتطلب جهوداً مجتمعية واعية ومتواصلة، وتسير نمطياً مع مسيرة التحول المنشودة، فإن هذا البحث كذلك يفترض أن عملية البناء الدستوري والبدء بالتحول الديمقراطي يتطلبان بروز جبهة وطنية تاريخية فعّالة تقود مهمة إنهاء الاحتلال وبناء الاستقلال وقادرة على تعبئة أكثرية الناس بمختلف أطيافهم ومجموعاتهم في إطار قبولهم وتبنيهم برنامج حد أدنى، واقعياً يتسم بالوضوح الفكري والمفاهيمي، مرناً ووافياً ومتناسباً مع قدرات ومتطلبات المجتمع، وفي سياق إعادة بناء إرادة الإنسان العراقي...
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنهوا -الصمت الجبان- تجاه الممارسات الإسرائيلية الشنيعة 1
-
بغداد، مدينة -الأشباح-
-
شرق أوسط جديد !؟ 1
-
الولايات المتحدة الأمريكية تُدمَِّر الكنوز العراقية *
-
كيف يرى العراقيون العلم الأمريكي؟ *
-
الحرب المنسية في غزة *
-
إسرائيل تستخدم القنابل العنقودية، والأسلحة الكيمياوية في لبن
...
-
ماذا وراء خطة بوش- مالكي 1
-
لا مزيد من تعزيز -الديمقراطية- في العراق ! 1
-
العراق: الضحايا المدنيون يتحدون الخيال الأمريكي المتفائل 1
-
الولايات المتحدة تتآمر لإحداث تغيير واسع في الشرق الأوسط 1
-
مَنْ وراء القتل اليومي في العراق؟ 1
-
اغتصاب بريئة 1
-
العراقيون يتحولون نحو استخدام البطاقات الشخصية المزيفة هرباً
...
-
تجارة الدم مقابل النفط 1
-
إرهابي في البيت الأبيض !؟ 1
-
ماذا هناك ليموتوا من أجله: النفط، القواعد والدمى (الجزء الثا
...
-
1ماذا هناك ليموتوا من أجله: النفط، القواعد والدمى
-
حقوق المرأة العراقية في ظل الاحتلال البربري *
-
العراقيون يكافحون حرب التجويع والفقر
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|