أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - .. وقيل إنه تراجع عن أفكاره في نهاية حياته !














المزيد.....

.. وقيل إنه تراجع عن أفكاره في نهاية حياته !


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6925 - 2021 / 6 / 11 - 20:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا ندري من اصطنع العبارة أعلاه قبل قرون طويلة، لكن ما نعرفه هو أنها استُعملت بدهاء ضدّ كثير من الفلاسفة والأدباء في الماضي، وكذا المفكرين التنويريين والمناضلين الحداثيين في عصرنا بعد وفاتهم، وذلك لمحو أفكارهم من أذهان العامة والناس من ذوي الثقافة المحدودة، أو الذين لا يقرؤون على وجه الخصوص.
مناسبة هذا الكلام ما نطق به أحد غلاة السلفية المغاربة، حول رحيل الإعلامي والمناضل خالد الجامعي، حيث زعم أنه كان شخصا "ملحدا" لكنه تراجع عن "إلحاده" في نهاية حياته، ولسنا ندري إن كان المقصود بـ"نهاية حياته" الدقيقة الأخيرة من عمر الفقيد، أم شهورا وسنوات قبل ذلك، كما لا ندري إن كان السلفي المذكور جالسا بجانب سرير الراحل عند احتضاره، وسمع منه على انفراد ما يفيد أنه تراجع عما نسبه إليه معسكرُ التطرف الوهابي الذي يعتبر الكذب "جهادا" لإعلاء كلمة الله.
لا يتعلق الأمر هنا بخطأ نابع من تهوّر شخصي، بل هي عادة مُتبعة لدى أهل التقليد منذ قرون، حيث ينسبون لخصومهم العقلانيين أقوالا ومواقف بعد موتهم لم يسبق أن قالوا بها، وذلك لطمأنة أتباعهم.
نتذكر في هذا الباب أيضا ما زعمه قيادي من "الإخوان" المغاربة ، والذي عُرف عنه كثرة الكلام، وصنعة اختراع الأكاذيب الملفقة، عندما تحدث عن روائي مغربي (ما زال حيا هذه المرة) بأنه كان سكيرا عربيدا وملحدا لكن في إحدى رواياته اهتدى إلى الحق وعاد إلى الصواب (كذا !)، ما جعل أتباع "الإخوان" يقبلون بغريزة القطيع على الرواية المذكورة باحثين فيها عن دلائل التوبة والإيمان والندم الشديد، وعما يمنحهم بعض الثقة في قناعتهم التي أصبحت تهتز في عصرنا لأسباب كثيرة.
تحليل هذه السيكولوجيا المضطربة يبين عن ثلاثة أمور:
ـ إن الميل إلى جعل شخص ما يقول عكس ما دعا إليه طوال حياته هو تعبير عن هزيمة التيار الديني في مواجهة الأفكار والإقناع بعكسها. ويمثل غياب الشخص عن مسرح الحياة فرصة لهذا التيار لكي يحُل محلّ الشخص المعني ويتحدث باسمه، ويُروج لدى العامة من أتباعه ما يتماشى مع قناعات الإسلام السياسي.
ـ أن هذا السلوك الجبان وغير الأخلاقي يُظهر قوة الأفكار التي عبّر عنها الشخص المستهدف بالدعاية، كما يُظهر قيمته الاعتبارية ومصداقيته في أعين الناس، فمع استحالة تحطيمه والنيل منه في حياته، يُصبح بالإمكان كسبُه "حليفا زائفا" بعد وفاته، أو أحيانا حتى خلال حياته نفسها.
ـ يخفي هذا النزوع نحو التزوير جهلا تاما ببنية النسق الفكري ومرتكزاته ومنطقه الداخلي وغاياته أيضا، ما يجعل العقل السلفي ـ إن جاز أن يُسمى عقلا ـ يحاول محو ذلك النسق بالمرة وإعادة تشكيله من جديد حسب المزاج ومن أجل التوظيف الإيديولوجي.
إن قيمة خالد الجامعي ليست في إيمانه الديني أو عدمه، بل في مواقفه النبيلة وأفكاره النقدية البناءة التي تمسك بها إلى آخر لحظة من حياته، حيث دعا إلى بناء دولة القانون وفصل السلطات، والمساواة التامة بين الرجال والنساء، وعدم احتكار الثروة والنفوذ، وربط المسؤولية بالمحاسبة الفعلية، وإنصاف كل المكونات الثقافية واللغوية للبلاد، واحترام الحريات الفردية والجماعية ووضع حدّ لغلو السلطة في قهر الآراء الحّرة والتضييق عليها. هذا هو خالد الجامعي كما عرفناه لعقود طويلة، فما يبقى من المرء بعد رحيله عن هذا العالم هو عمله الصالح وأفكاره المنتجة لصالح بلده ولصالح الإنسانية، أما معتقده وطقوسه التعبدية فهي شأن شخصي لا دخل لأحد فيه، كما لا يزيد ولا ينقص من قيمته شيئا على الإطلاق.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العوامل المعيقة لتفعيل النماذج التنموية
- عن الضحك والبكاء في رمضان
- أصوات من قبر نوال السعداوي
- خريطة أخطائنا التي لا تنتهي
- أنجيلا ميركل الدرس الذي لم نستفد منه
- لماذا فشل العقل العربي في حلّ القضية الفلسطينية
- مساجد الجزائر أماكن عبادة أم تصفية حسابات ؟
- عن التطبيع وتهديد الاستقرار
- المغاربة بين الصحراء وفلسطين
- من قال إن المسلمين ليسوا في أزمة ؟
- محنة عباقرة العالم مع المسلمين
- أسئلة حول -مبادرة النقد والتقييم- داخل حزب العدالة والتنمية
- الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه
- حزب النهج الديمقراطي بين الاجماع والحق في الاختلاف
- حجاب الطفلات وصاية قهرية وليس اختيارا حرا
- هل تعمل أوروبا على تغيير قوانينها بسبب الإسلام الراديكالي ؟
- رسالتان من صديقين جزائريين
- عناصر لفهم معضلة المسلمين في السياق الغربي
- -آلية التبرير- في النقاش العمومي
- ما أغفله النقاش حول -آيا صوفيا-


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - .. وقيل إنه تراجع عن أفكاره في نهاية حياته !