أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة القهرية ، الجبرية ، الاستبدادية والطاغية















المزيد.....



الدولة القهرية ، الجبرية ، الاستبدادية والطاغية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6920 - 2021 / 6 / 6 - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان هذه الدراسة من بين الدراسات الاخريات ، التي دمرها المدير العام للبوليس السياسي Le -dir-ecteur Générale de la police politique ( DGST ) هذا الصباح .. الى جانب تدمير عشرة دراسات حول " الدولة البوليسية " و " الجهاز البوليسي " فغير العنوان عن الموضوع .. العنوان شيء ، والموضوع شيء آخر لا علاقة تجمع بينهما ...
فحين يحارب البوليس السياسي ، الكتاب ، والمثقفين ، والديمقراطيين ، وفاضحي الفساد ... لا لشيء سوى لإخفاء الحقيقية المعرية والفاضحة .. نكون حقا في دولة طاغية ، استبدادية لا علاقة تجمعها وتربطها بالديمقراطية ..
وشكرا للموقع العربي التقدمي " الحوار المتمدن " رئنتنا الوحيدة التي نتنفس بها حضر النظام المفروض علينا ..
تقدم المجتمعات النامية صورة جديدة للدولة ، تتسم في اغلب الأحيان بصفات خاصة مثل التقلبات الشديدة ، وطغيان الأجهزة البوليسية والسلطوية ، والتقسيم الميكانيكي للسلطة ، وسطحية العلاقات مع المجتمع ، وسيطرة العنف في العلاقات السياسية ، وغياب آلية تبدل السلطات وانتقالها ، وتحديد الصلاحيات ، وضبط الأصول وانتظامها ، حتى تبدو كما لو كانت مؤسسة غريبة عن البيئة التي تعيش فيها ، مستلبة أيضا في ذاتها ، وغير قادرة على تحقيق الوظائف التي تتعلق بها كدولة ، بسبب انها تحكمية ، مستبدة ، وطاغية ، وهذه الاوصاف طبعا من نتائج الحكم المطلق .
ويترافق القمع الاقتصادي المباشر على صعيد دائرة الإنتاج بالقمع السياسي على صعيد الدولة ، وتحل علاقة العسف داخلها ، وفي تعاملها مع المجتمع محل علاقة الشرعية . وينعكس ذلك على وظيفتها وعلى بنيتها في الوقت ذاته . وكل ذلك يجعلها عاجزة عن حيازة موقع مستقل لها ولنشاطها المتميز تجاه الطبقات او التشكيلات السياسية والقوى الاجتماعية الأخرى .
وعجز الدولة عن الاستقلال عن الفئة الاجتماعية التي تتحكم فيها ، او عن المصالح التي يعبر عنها نظام الحكم المطلق ، يجعلها في الوقت ذاته بعيدة عن المجتمع ككل ، وغريبة عنه . فهي لم تعد وسيلة بلورة لإجماع وطني او قومي ، بل اضحت أداة من أدوات بناء العصبية الحاكمة ، ومن ثم قاعدة لتفكك عقد القومية والوطنية . اما السلطة التي تنبع منها ، فإنها تنحل بفقدانها لعناصر تكوينها الاجتماعية القانونية والمناقبية ، الى قوة محضة تؤكد ذاتها بالغلبة والحگرة والتسلط ، وتمكّن فريق اجتماعي من فريق آخر ، ولا تنطوي على أي عنصر من العناصر المادية والمعنوية ، التي تبرر وجودها ، وتجاوزاتها كأداة توازن وتنسيق وتنظيم ، وكصلاحية إدارية ..
انها توظف ما تحظى به من الاجماع في الصراع الاجتماعي ، لتكوين المراتب والطبقات اكثر مما تهتم بحل المشاكل التقنية ، والسياسية ، والإدارية المتعلقة بسير المجتمع ككل ، وبالعمل والإنتاج . ومن هنا فان تقدم تكوين الطبقة ، يقابله بشكل دائم ضعف متزايد في التنظيم ، وانهيار الإنتاجية والتحكم بالتقنيات . وهكذا كلما تفاقم تماثل الدولة مع النخبة السائدة ، زادت فوضى الإنتاج ، وفقد المجتمع عنصر تنظيمه الأساسي ..
ولا بد في هذه الحالة من ان تتطابق الدولة كمؤسسة عامة ، وكسلسلة من الإجراءات ، والأصول ، والقواعد المنظمة ، مع الحكومة ، وما تمثله من اشخاص وسياسات ظرفية محددة .. وينتفي التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي ، فيختلط العام بالخاص ، وتختلط الغلبة بالإجماع ، والقوة بالانصياع ، وتدور الصراعات الاجتماعية متجردة من اية قواعد او مبادئ منظمة .
ومن هنا تفقد الدولة التحكمية شرعيتها كمصدر لسلطة نابعة من المجتمع ، أي خاضعة في النهاية له ،وقائمة فوقه ، أي مستقلة نسبيا عن كل فريق فيه ، ولا تأخذ شرعيتها المؤقتة والمحدودة ، الاّ من خلال شرعية الفريق الممسك بها ، او انغلاق سياساته الاجتماعية . ان الدولة التحكمية الشمولية ، لم تعد موجودة بشكل مستقل عن المافيا الحاكمة ، المفترسة ، مهربة الثروة والعملة الى الخارج ، والناهبة اللصة للشعب المفقر ، والمغبون ، والمعتدى عليه ..
ان هذه العلاقة الجديدة بين الدولة التحكمية والمجتمع ، وبين الدولة والجماعة المافيا الحاكمة ، تقدم شروطا ملائمة لنمو سياسة ارادية لا تأخذ بعين الاعتبار التوازنات الاجتماعية الفعلية ، بل تقوم على ضرب هذه التوازنات ، وتحطيم المعارضات المختلفة .
واستمرار هذه السياسة ، يدعو هو ذاته الى بروز سلطة شخصية او اصطناعها ، سلطة قادرة على تحمل مسؤولية القرار من جهة ، وضمان وحدة السلطة او الغلبة داخل الدولة القهرية من جهة ثانية .. ولا بد لتبرير خضوع المجتمع ككل للجماعة الحاكمة الطاغية أولا لهذ السلطة ، ثم خضوع المجتمع ككل للجماعة الحاكمة ثانيا ، من جعل السلطة الشخصية المسيطرة سلطة مقدسة ، ففي المغرب كان وزير الداخلية ادريس البصري شخصية مقدسة ، واصبح جلاد المملكة الحالي المدير العام للمخابرات المدنية المدعو عبد اللطيف الحموشي بدوره شخصية مقدسة ، فأي انتقاد له اكيد سيرمي بصاحبه الى غياهب السجون بمحضر بوليسي مزور ، فهو يتصرف وكأن المغرب حضيرته او ملكا لبّاهْ ( والده ) .. وهذا يتطلب تطوير أيديولوجية عبادة الشخصية من جهة ، وتحطيم كل الشخصيات ، او القوى ، او المنظمات التي يمكن ان تنافس في شرعيتها وفي علاقتها مع الجمهور او مع الجماعة الحاكمة ، المكانة المتميزة والمتفوقة للشخص الأول الأمير ، الامام ، الراعي ، الملك ، الرئيس .. وهذه العلاقة هي مصدر الحكم المطلق . فالحاكم المطلق ليس ثمرة إرادة شخصية مسيطرة ، بقدر ما هو وسيلة تصطنعها الجماعة الحاكمة لتأمين خضوع المجموع لها من جهة ، وكبديل عن ذوبان آليات ووظائف الدولة التحكمية من جهة ثانية ..
ان عملية تكوين هذه السلطة المافيوزية الطاغية ، تخضع هي ذاتها الى تطور انحلال التشكيلة الاجتماعية المحلية الذي ينجم عن دخول نمط انتاج جديد ( وهو هنا نمط الإنتاج الرأسمالي ) ، وما يجره من إعادة ترتيب لمواقع الطبقات والمراتب الاجتماعية ، ووظائف النخب المختلفة ، وما ينطوي عليه ذلك من تحول في توزيع الثروة وسريان المعارف ..
وانّ تمكن نمط انتاج جديد ، يفترض تكوين طبقات لم تكن موجودة من قبل ، او تقوية مواقعها اذا كانت موجودة ، تجاه طبقات أخرى ، كما يفترض تعديلا في مراكز النخبة ومهامها .. وكل ذلك لا يمكن ان يحصل دون إعادة توزيع الثروة والمعرفة . وحتى تتحقق هذه العملية لا بد من تعليق ( الدستور ) ، أي من طرف يسمح بتجاوز كل القواعد والأصول المتبعة من باسم الله وباسم القرآن ، أكان ذلك باسم مبادئ جديدة ، ام بدون ذلك .. هناك حقبة اذن من اللاّتحديد ، ومن ( الحرية ) المطلقة التي تشبه حرية حياة الغابة La jungle ، هي التي تتيح تغييرا أساسيا في المواقع والمراتب ..
والحكم المطلق هو الذي يخفي بمظهره السياسي التحكمي التمويهي ، ما يحدث على صعيد المجتمع ، صعيد انتقال الثروة والمعرفة ، من انفلات كامل من كل قانون ، ومن تنافس وتزاحم لا حد لهما .. والعناصر والقوى التي تستفيد من هذه الحقبة وتسيطر عليها ، هي تلك التي تسلك سلوك الحاكم المطلق على صعيد المجتمع ، وتتجرد من كل شريعة ، او قانون ، او أخلاقية .
اما القوى الأخرى التي بقيت متمسكة لاستفادتها من النظام السابق ، او لخوفها من نتائج السباق القائم ، بالقيم ، والعادات ، والأخلاق ، والمبادئ ، أي بقاعدة للفعل والسلوك ، فإنها تجد نفسها تفقد اكثر فاكثر مواقعها ، وتنهار مصالحها ..
ان الحكم المطلق لا يعبر عن تعاظم قوة وهيبة الدولة الطاغية المتحكمة وقانونها ، بل هو يعكس ضعف الدولة المتعاظم ، وزوال دورها وفعاليتها الاجتماعية ، وبالتالي بروز قانون واحد للممارسة الاجتماعية ، هو العنف المجرد من كل قانون .. وعندئذ كل تحليل ودراسة للسياسة على صعيد الدولة الجبرية المتسلطة ، لا معنى لها الا بقدر ما هي وسيلة لتحليل تقنين العنف وادارته ...
وآليات العنف تختلف حسب الميدان الذي يتحقق فيه انتقال المراكز ، والمناصب ، وصكوك الملكية ، والقوى الشرائية .... لخ ، فهو ليس القتل دائما والاغتيال دائما وبالضرورة . وهو لا يصل الى هذا السلوك الحدّي الاّ عندما تبدأ الفئات التي تتعرض له بالمقاومة وترفض الاستسلام له .
والعنف يمكن أيضا ان يكون فكريا ، كما يمكن ان يكون سياسيا او اقتصاديا .. انه حرمان فئة ، او طبقة ، او جماعة من التعبير بشكل او آخر عن نفسها ، ومصالحها ، وشخصيتها ، او فرض تعبير أيديولوجي اجباري عليها ، او اكراهها على التعبير عن نفسها من خلال شكل أيديولوجي لغوي او فكري معين ، وهو أيضا حرمانها من حق التعبير السياسي المنظم او المستقل ، واجبارها على الانخراط في التنظيم او العمل بدون تنظيم .. وهو كذلك نزع الملكية ، او فرض شروط جديدة على التمتع بها ، او التلاعب بالآليات المصرفية من قروض واعتمادات ، لدعم فئة ضد أخرى ، او فرض القوة او الضريبة التي تتيح لفئات أخرى لتحسين مواقعها على حساب غيرها ، او التحكم بسياسة الرواتب والأجور والمكافئات والمنح والمهمات ..
ومن ذلك يفهم ان وظيفة العنف الاجتماعي ، هي دائما تغيير المواقع ، والمراتب ، والادوار الاجتماعية لمختلف القوى المكونة للمجتمع . وقد يؤدي هذا التغيير الى تكوين فئات جديدة ، وقد يكون مجرد إعادة اقتسام للثروة والمعرفة .. فهو مبدأ الثورات العدالية ، كما هو مبدأ تكوين الطبقات الجديدة .
ولفهم حدود هذا العنف وغاياته ، لا بد من تحليل سيرورة التحول القائمة اليوم في الدولة التحكمية ، الاستبدادية ، والطاغية ، وهي في نظرنا سيرورة تاريخية مرتبطة بتوسع نمط الإنتاج الرأسمالي ، وبما يقتضيه هذا التوسع من تكوين طبقة اجتماعية ، تضمن نمو العلاقات الجديدة ، وتحملها في فعاليتها الاجتماعية كطبقة رأسمالية ، أي مرتبطة بعملية تراكم ، واستثمار ، ودورة راس المال .. لكن هذه الوظيفة لها خصائص متميزة هنا عمّا كان لها في بداية تكون النظام الراسمالي . اذ ليس من المطلوب ان تعيد الطبقة الرأسمالية في الدولة الجبرية و المتحكمة ، تراكم راس المال كما حدث في الدول الغربية ، بل تحقيق استهلاك هذا الرأسمال وتصريفه ، امّا على شكل استهلاك مباشر ( شراء منتجات تلبي الرغبات المادية ، او حاجات الابّهة والطاووسية ) ، او غير مباشر ( شراء آلات ، ومعدات ، ومصانع تلبي حاجة الرأسمال في المركز الى التراكم ، لا حاجة المجتمع الفعلية حيث تقام هذه المنشئات ) ..
وان تطور نمط هذا الاستهلاك ، يطور معه باستمرار آليات إعادة التوزيع الجديدة ، ويتطلب تركيزا متزايدا للثروة والمعرفة في ايدي الأقلية الاجتماعية اللصة ، والمفترسة المندمجة اكثر بدورة الرسمال العالمي ، بينما يخلق من الجهة الأخرى اغلبية اجتماعية مستبعدة تدريجيا وكليا عن دورة الثروة والمعرفة ..
ويمكن القول ان تفتت الدولة والقانون ، و استفحال العنف ، وسيطرته على كل مناحي الحياة الاجتماعية ، يرتبطان بالدرجة الأولى بأشكال تطور هذا الاستهلاك ، وانماط التوزيع غير المتكافئ المتزايد . والطبقة المسيطرة تتطابق وتتماثل مع الدولة المتحكمة ، بقدر انهيار القاعدة القانونية لهذه الدولة ، وبقدر سيادة آليات العنف . وهذا التطابق ينطوي هو نفسه على تحول الطبقة المسيطرة من طبقة متميزة متعددة الأطراف ومختلفة التكوينات ، أي منقسمة على نفسها ، الى طبقة / نخبة يقرب فيما بينها تطابق المصالح ، ويدعم وحدتها عداء المجتمع بأغلبيته لها ..
ففي المرحلة الأولى من توسع النمط الرأسمالي في التشكيلات الاجتماعية التقليدية ، يؤدي التناقض بين مصالح النخب القديمة والجديدة ، الى خلق ميزان قوى يعمل نسبيا لصالح الأغلبية الاجتماعية ، ويمنع اتحاد جميع اطراف النخبة ضد المجتمع . ويقتضي حل هذا التناقض الحفاظ على حد ادنى من الدولة ، أي من صعيد اجتماعي قانوني واخلاقي ، تخضع له كارهة او بإرادتها جميع الأطراف ..
وتتراكب في هذه المرحلة ، الاشكال القديمة للإجماع الأيديولوجي ، والاعتراف المتبادل السياسي ، والتسوية الاقتصادية مع الاشكال الحديثة ، وتفضي الى قيام تراتب مقلق للطبقات والسلطات الاجتماعية .. ان المرتبية الاجتماعية تفقد هنا ولا شك مصدر نموها ، وإعادة تكوينها ، لكنها تظل تفعل مع ذلك ، وتنظم تحويل الثروة والمعرفة بشكل تدريجي الى الطبقات الجديدة ..
لكن ما ان تضعف النخبة التقليدية ، وتفقد وزنها الحاسم في الساحة السياسية ، حتى يصبح من الممكن تحطيم القشرة القانونية التي بقيت تعيق حتى الآن الانتقال السريع والكامل للثروة والسلطة والمعرفة الى النخبة الجديدة .. هذه القشرة هي بالضبط الدولة القانونية التي تتخلى عن مكانها لصالح دولة هي أولا وأخيرا إدارة لوسائل العنف الشامل ..
ويمكن القول ان الدولة التابعة ، تتسم في مرحلتها الأولى بالهيمنة النسبية للفئات التقليدية ، وذلك على الصعيد السياسي ، في حين ان عملية خلق النخبة الجديدة ، تنزع عن سالفتها شيئا فشيئا كل المواقع الاقتصادية .. وفي هذه الحالة يتخذ العنف شكلا سياسيا أيديولوجيا بالدرجة الأولى . في حين ان تحول الثروة والسلطة يبقى محصورا ضمن ما يسمح به ميزان القوى ، ولا يأخذ الاغتصاب والنهب شكلا سافرا وعاما ..
ان الدولة تظل هنا ساحة لصراع مجموعات ضغط مختلفة ، لكنها لم تصبح بعد طبقة / دولة . ونمو البيروقراطية العسكرية فيها ، ينم عن صعوبة الوصول الى تسوية بين مجموعات الضغط هذه ، وبداية تفكك آليتها كمؤسسة عامة ..
و بقدر ما تصبح المكانة التي تحتلها طبقة او فئة اجتماعية معينة في الدولة ، هي التي تحدد وضعيتها الاجتماعية ، وغالبا أيضا ، وضعيتها الاقتصادية ، فان الصراع على السلطة يصبح العامل الذي يشترط ويتحكم بكل فعالية اجتماعية فكرية كانت ام مادية .. وتبدو عندئذ كمجرد رافعة للطبقات وللنخب المتجددة .. وهذا ما يفسر الهشاشة الكبيرة للحياة السياسية في الدولة الجبرية الطاغية والمستبدة من جهة ، وسيطرت هذه الحياة المفرطة على كل نواحي النشاط الفردي والاجتماعي .. وليست الأحزاب السياسية هنا الا طفرات سياسية تعيش على هامش الحزب الأساسي والرئيسي الحزب السري الذي هو الدولة ذاتها .. وليس لهذه الأحزاب خارج اطار تعايشها او تنافسها مع الدولة ، اية حياة ثقافية او اجتماعية مستقلة وخاصة .. ان الجدل الاجتماعي يظل هنا بالدرجة الأولى جدلا سياسيا ، مما يفقر المجتمع من الابداعات النظرية والعلمية والتقنية ، ويعطي لصراع الطبقات والبرامج الاجتماعية شكل الصراع بين الدولة والشعب ، وهذا طبعا يمنع الوصول الى أي تركيب او تسوية ..
ان الاستثمار السريع لميزان القوى ، وتوظيف اقل المكاسب في تحسين المواقع الاقتصادية لأفراد وفئات النخبة ، لا تعكس هذا الجدل الاجتماعي المسدود فقط ، ولكنها تبين أيضا المنطق الداخلي ككل : منطق الكسب والصعود السريع . وان وثيرة البحث عن التحقيق السريع والمردود الفوري هذه ، تجعل النظام يعيش بأكمله بمنطق ما قبل – تاريخ المجتمع La jungle ..
وينعكس ذوبان الدولة ، في تزايد انعدام الاجماع ، والعجز عن انجاب قيم مشتركة موجهة ، هي معيار كل نوع ومبدأ وُضع حدّ له في الوقت ذاته .
وينعكس كذلك في تحلل السلطة من ضوابطها القانونية والمعنوية ، وفي تحويلها الى قوة خالصة تترجم فورا ، الى منافع في الحياة اليومية او الى مكاسب معنوية . فالمسؤول لا يكتفي بالحصول على المسؤولية ، ولكنه مدفوع الى اذلال الاخرين ، والتنكيل بهم ، ليحقق سلطته في شكلها الأكثر فجاجة ، وصاحب الثروة لا يقبل الا بالتظاهر بها وتحويلها الى استهلاك مباشر . ان دولة العنف هي أيضا دولة التميز ، والمظهرية ، والاستعراض ..
اما حل الصراعات الاجتماعية ، فلا تخضع هنا لا لتسوية سياسية كحصول إرادة واحدة عملية ، ولا لإجماع شرعي ، ولكنه يتحقق بالتصفية البسيطة السياسية ، او حتى الجسدية للفئات والقوى والعناصر الأضعف . هذه التصفية في احسن حالاتها هي الصورة القانونية القديمة للاستبعاد الذي وسم في الماضي المجتمع العبودي . ان الشكل الأكثر قوة ونجاعة للاستبعاد ، هو حرمان الاخر من الحقوق ، الثقافية منها ، او السياسية ، او الاقتصادية . وهذا الحرمان يمكن ان يأخذ صورا مختلفة اليوم ، لا تنفي الأيديولوجية الإنسانية الشائعة حول المساواة ، ولا تجابهها مباشرة . وأول هذه الصور هي تثبيت الامتيازات الخاصة بقوانين او بقرارات ..
ان ظهور الدولة / الطبقة ، غالبا ما يرتبط بنوعية تمفصل النظام المراتبي الحديث ( الطبقات ) ، بالنظام المراتبي التقليدي او القديم الأيديولوجي او العشائري . ومن الممكن للطبقة الجديدة ان تلبس ثوب العشيرة دون ان تفقد منطق عملها كطبقة ، او ان تتخلى عن نمط عصبيتها وتضامنها كعشيرة .. ويساعد على ذلك تحرر الدولة ككل من كل القيم والمبادئ ذات الطابع الكوني او الإنساني . فتصبح الطبقة مجموعة مصالح مشخصة وملموسة ، امّا العشائرية ، فتتحول الى لحمة عصبية تمكن الطبقة من العمل كوحدة اكثر انسجاما وفاعلية ، في حربها ضد بقية المجتمع . ومن الصعب ان يجري هذا التطابق بين الطبقة والعشيرة خارج اطار السلطة ، وبدون وساطة الدولة ، اذ بهذا الوسيط وحده ، يمكن قسر المصالح ، وتقريب المواقع السياسية الأيديولوجية من الأوضاع الاقتصادية .. وعندئذ يستطيع الحاكم المطلق ان يكون في الوقت ذاته ملكا ، واماما ، واميرا ، او شيخ عشيرة ، رئيسا للدولة ، وزعيما لعصبية متطابقة مع عصبية الدولة .. وفي هذه الحالة تصبح الدولة مركز تلاقي وتطابق ثلاثة أنظمة مرتبية اجتماعية : نظام التراتب الجماعي ( بادية – مدينة – أقاليم فقيرة وغنية ) ، ونظام الطبقات ، ونظام الطوائف او المراتب الثابتة ، الذي نجد عليه مثالا حدّيا في الطوائف الهندية ..
ان هذا التلاقي بين إقليم وطبقة وطائفة في حجر الدولة ، يحل التناقض الجوهري بين الأنظمة الثلاثة ، وما ينجم عنه من تهديد لوحدة السلطة ، ولسيرورة توليد سلطة مستقلة سياسية . فاذا انعدم هذا الالتحام او التقمص الثنائي او الثلاثي ، في ظروف مجتمع يتميز بدورة استهلاكية ، ولا يؤمّن اذن إعادة الإنتاج المتساوي للعصب او الطوائف في شكل طبقات حديثة ، كانت للسلطة منابع مختلفة ومتعارضة تفضي بالضرورة الى استمرار الصراع ، وتمنع من تكوين طبقة سائدة ، ومن تحررها الكامل وسيطرتها على الدورة الاستهلاكية . والنظام الدولي يسعى بالعكس الى تنظيم هذه الدورة ، وتوحيد وكلاءه في الدول المتحكمة ، بحيث يصبح من السهل التعامل وتحقيق دورة راس المال .. ثم ان آلية العنف لا يمكن ان تكتمل بدون الغاء او إزالة المصادر المتعددة للسلطة . ان منطق النظام الاجتماعي يفرض هنا بالضرورة اندماج السلطة ، واختلاط مصادر تكوينها الأيديولوجية ، والسياسية ، والاقتصادية . وهكذا تصبح الدولة ، والحزب ، والعصبية الحاكمة ، شيئا واحدا ..
وتكاد الاختلافات في اشكال الدولة التي تحددها العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تختفي هنا تماما ... فليس لتطور هذه الدولة التابعة ، اية علاقة بتطور الدولة الرأسمالية من دولة مطلقة في مرحلتها الانتقالية الأولى ، الى دولة ليبرالية في عصر الرأسمالية الحرة ، ثم الى دولة تدخلية في عصر الرأسمالية الاحتكارية .. ان ما يبدو هنا باستمرار كخط عام ، هو انحطاط السلطة ذاتها بأشكالها المختلفة التنفيذية ، والتشريعية ، والقضائية ، وبطرق تـلف عناصرها ، الى قوة خالصة . وهذا الانحطاط الذي يعني أيضا ذوبان الدولة وتلاشيها ، يسير بشكل مواز في تقدمه ، لتقدم الانفجارات والتمردات الجماعية الشعبية . والمثل السائد اذن هنا ، هو تحول الدكتاتورية الكلاسيكية الى طغيان فردي باسم الله ، وباسم القران المفترى عليه في هذا النوع من الحكم الاستبدادي والطاغي ..
كل ذلك يفسر تدهور دور الأحزاب السياسية ومكانتها في البلاد ، وتحولها الى صدفيات تقتات من فتاة الحاكم الأوحد الوحيد ، ونشوء فصائل ومليشيات مختلفة من قبيل الشباب الملكي والبشمركة و الشبيحة ... وهي جيوش حقيقية موازية بكل معنى الكلمة من جهة ، وجماعات العنف والإرهاب الشعبية ، في مواجهتها من جهة أخرى . وكلما تطابقت الدولة مع الفئة التي تتحكم بها ، وتحولت الى أجهزة قمعية محضة ، انهار اطار الشرعية والعمل السياسي ، وظهر الصراع الاجتماعي صراعا شاملا ، لا وجهة محددة له ، الاّ بتدمير رموز المقاومة الشعبية ومرتكزاتها بالنسبة للدولة ، وتحطيم كل ما يرمز للسيطرة او للحكم من عناصر مدنية ، او سياسية ، او عسكرية بالنسبة للطرف الثاني .
ان التدمير المتبادل ، هو النتيجة الطبيعية والمنطقية ، لحرب ليس لدا أي فريق إمكانية حسمها ، او ابقاءها دون تحمل تضحيات جسيمة لا يمكنه قبولها .
ان الوصول الى هذا التصعيد المتزايد للعنف ، لا يصدر عن الغاء السياسة وحسب ، ولكنه يعيش أيضا على الاعتقاد الخاطئ ، بان سد قنوات العمل السياسي ، يمكن ان يزيل قاعدة نمو القوى المعارضة والمناقضة . والحال ان الغاء السياسة كنشاط اجتماعي ، هو الخطوة الأولى نحو فتح باب العنف والحرب السياسية ..
ان العنف غير القانوني لا يشكل خطرا على النظام لما يحمله من إمكانات تنمية المعارضة – بل ربما ساهم في ابعاد جزء كبير من الجمهور عنها – ولكنه يخيفه ، لأنه يهدد قاعدة شرعيته المستندة الى القوة والعنف ، كما لو ان تحدي قانون لا شرعي ، يصبح بحد ذاته مصدرا لشرعية القانون الجديد .. ان العنف التحتي يطمح على ما يبدو الى حرمان عنف الدولة من ان يتأصل كعنف شرعي ومقبول . وما لم يطرأ تغير ملحوظ على بنية المجتمع ذاته ، وعلى بنية الدولة في علاقتها بالجماعة التي تتحكم بها ، فليس من الممكن الخروج من حلقة العنف هذه ..
وقد أشار باحثون كثيرون متخصصون في علم الاجتماع السياسي ، وعلم السياسة ، والعلوم السياسية البحثة ، الى عدم الاستقرار الذي تعيشه الدول التحكمية التابعة ، وهشاشة مؤسساتها ، وذلك ليس نتيجة لعمق الصراع الطبقي / الاجتماعي فيها ، ولكن بالعكس ، لان النزاعات تأخذ فيها شكل نزاعات مباشرة على السلطة ، ومنافسة مستمرة على المناصب . وتبقى التغييرات لهذا السبب سطحية تمس الممسكين بالسلطة والحكم ، دون ان تمس البنيات الفعلية للدولة وللسياسة . وهذا ما يدعو " گلوكمان " الى القول : " ان الدولة الافريقية تحمل في ذاتها عناصر تمرد مستمر ، ولكن ليس عناصر ثورة " ... انتفاضة مارس 1965 / يونيو 1981 / يناير 1984 / فاس 1990 .... الخ . ومع ذلك ، فان شبه الاستقرار الذي تعيشه الدولة الجبرية المتحكمة منذ عقدين من الزمن 1999 / 2020 ، هو دليل ومؤشر على عمق التناقضات التي تعمل في هذه الدولة ، وتشقه شقا عموديا بين مجتمعيْن لا لقاء بينهما .. وهو استقرار لم يلغ التنافس على المناصب ، ولكنه عممه على جميع الأصعدة ، في الوقت الذي سمح فيه لكل صاحب منصب ان يجعل من نفسه مخلوقا على شاكلة السلطان وصورته ( مستشار وصديق الملك ) ..
ان تحول الدولة الى عشيرة ، يعمل هو ذاته على تحويل الصراع الاجتماعي ، الى صراع " عشائري " ، ويجعل من الثورة تمردا وانتفاضات دائمة ، لأنه يمنع الوصول السريع الى تسوية . فمبدأ الحرب العشائرية ، هو الغزو ، ومبدأ الصراع الاجتماعي ، هو تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ..
ولا شك ان هناك فرقا بين الدولة التابعة في المرحلة الأولى لتطور النظام الرأسمالي في بلدان المحيط المتحكمة والجبرية ، وبينها في المرحلة الثانية . ففي المرحلة الأولى الزراعية التجارية ، تبقى الدولة مرتبطة بوظيفتين أساسيتين ، لا تفترضان تغير كل النظام السياسي القديم ، وهما توريد الموارد الأولية للمركز ، وفتح السوق المحلية للبضائع والرساميل الأجنبية الباحثة عن منفد لها ، او عن معدلات ربح اكبر . وفي هذا التطور ، يمكن ان يحصل نوع من التركيب بين نظام المراتب التقليدي ، ونظام المراتب الحديث ، فتقوم الطبقة العقارية ذاتها من خلال الدولة بوظائف الرأسمالية ، وتتكفل بإدارة اعمالها كحليف خارجي . وفي هذه الحالة لا تلعب الدولة الحديثة الاّ دور التأليف بين العصبيات المختلفة ، والمتولدة عمليا خارجها ، مما يسمح بتطعيم الدولة ب " برلمان " يسمح لكل طرف من اطراف النخبة التقليدية المرتبطة بأقاليمها ، او طوائفها ، بالحفاظ على تميزه ، وصوته الخاص من جهة ، وبحل النزاعات داخل صفوفها كفئة حاكمة من جهة ثانية .
وفي الطور الثاني الذي يواكب الاستقلال الشكلي ، وينعش الامل بالتقدم الصناعي وبالتصنيع ، تجنح الدولة والبيروقراطية المتزايدة التأثير ، الى الاستقلال عن النخبة القديمة ، وخلق سلطة سياسية خاصة بها . وتبدو هذه السلطة في فترتها الأولى مستقلة وقائمة ، في استقلالها على معاداتها لتنافس العصب والعشائر والاقاليم والوجاهات ، أي طامحة الى ان تصبح سلطة واحدة وموحدة . ومن هذه السلطة يبدأ التركيز على الأيديولوجية الجديدة المستلهمة لأفكار الوطنية والوطن الشوفينية . ويرتبط ذلك بظهور نظام تعليم عام رسمي ، وجيش وطني مستند الى الخدمة العسكرية الإلزامية ، مما يؤكد السعي نحو الاندماج الوطني والقومي ضد النظام العصبوي ، وكمثال نشوء الدولة المخزنية ..
وهذه الدولة هي من كل الوجوه ، اكثر قوة ، وانتشارا ، وهيمنة من الدولة العصبية السابقة . وعندما تتحول من جديد الى أداة تخدم مصالح فئة اجتماعية محددة ، او تصبح هي ذاتها اطارا لتنظيم هذه المصالح وتوسيعها حسب منطق دورة راس المال الدولي ، فإنها تبدو بحق من اعظم ما انتجه التاريخ من الدول الجبرية ، التحكمية ، الطاغية ، الاستبدادية ، والتعسفية ، وبعد ان تغرق في بتريمونياليتها ، وكمرادوريتها ، وبتريركيتها ، وثيوقراطيتها ، واثوقراطيتها المزيفة ، وقروسطاويتها ... وتتخصص في جلب الأموال والضرائب ، وممارسة القهر والبطش ...فتجمع القهر الفكري الى القهر السياسي ، وتدمر السلطات الخاصة والمستقلة ، وتجعل من سلطتها الذاتية ومصالحها سلطة / وطنية / ومصالح / عامة . فيصبح على ( الشعب ) الرعايا العبيد انْ يخدم هذه المصالح ، ويدافع عنها ، ويخضع لها ، ويكرس نفسه وامكاناته لتطويرها . فبعد تدمير مصادر السلطات القديمة العصبية المشاعية القبائلية في المرحلة الأولى ، وحرمانها من التطور والتكيف مع النظام الحديث ، عجزت الدولة الثانية عن القيام بالتغييرات الضرورية ، التي يمكن ان تجعل من التراتب الاجتماعي الجديد ، بعيدا عن الانقسام الاقوامي والعصبوي ، وبقوة كافية ، المنبع الوحيد للنشاط السياسي الحديث ..
بدل ان تستبدل الدولة الحديثة اذن السلطات التقليدية الخاصة ، بسلطة واحدة وطنية ، أصبحت هي ذاتها مصدر تراتب اجتماعي جديد وسلطة خاصة . ومن هنا ، تتراكب الصراعات الطبقية مع الصراعات العصبوية ، وتفقد الدولة آلية تميزها واستقلالها عن النزاعات المحلية ، فيأخذ الصراع طابعا مزدوجا : طابع الصراع الطبقي ، وطابع الصراع العشائري . وانّ تكوين الدولة المركزية يفيد في دعم الفئة الاجتماعية ، او العشيرة التي تنجح في الهيمنة على الدولة ..
ان نضال النخبة الحديثة او قسم منها ، في سبيل دولة حديثة مركزية ، لا يتناقض مع بناء دولة عشائرية ، بل هو الأداة الرئيسية لتحويل العشيرة الى دولة حاكمة ، او لبناء عشيرة الدولة . وسبب ذلك هو ان المشاركة في السلطة ، هي التي تعطي فرصة السيطرة على الاقتصاد وليس العكس . ومن هذا المنظور تشبه الدولة الوطنية الناشئة من بعض وجوهها الدولة التقليدية ، اذ ان الموقع في جهاز الدولة هو الذي ما زال يحدد المكانة الاجتماعية ، وشكل العلاقة مع الاقتصاد والقدرة المادية ..
ومن الطبيعي ان تزداد هذه العملية قوة مع ازدياد مصادر التمويل الخارجي ، حيث تتحول الدولة الى أداة لتوزيع الريع او المعونات الخارجية . في حين ان الاعتماد المتزايد على مصادر الاستغلال الذاتية او الداخلية ، يجعل النخبة الحاكمة حساسة الى حفظ علاقات اكثر إيجابية مع الطبقات المنتجة ..
ان فئة قليلة من المجتمع النامي او التابع ، قادرة على الدخول في دورة راس المال الدولي ، وهي تتناقض بتزايد تركيز راس المال ، وتطور أنماط الاستهلاك العليا . وان استمرار سير هذه الدورة لصالح المركز العالمي ، يقتضي تامين مرور الأموال باقل ما يمكن من التكاليف ، ومن مخاطر التوزيع في البلاد التابعة . واضافة الى ذلك ، يجر تيار الدورة هذه ، الأذى والخراب على كل النظام الإنتاجي المحلي ، بما يحطم فيه من علاقات توازن بين الأرباح ، والأجور ، وتكاليف الإنتاج ، والاسعار وغير ذلك ... فهو في ذات الوقت يخلق نخبة تعيش في عصر الفوسفاط ، ومجتمعا يرتد في نمط حياته الى العصر الحجري . وليس من الممكن الحفاظ على العلاقة القائمة هذه بدون تحويل الدولة والسلطة ، الى جيش احتلال بمعنى الكلمة ، أي الاستعمار الجديد . ولهذا غالبا ما يأخذ النضال ضد الأوضاع هنا ، شكل النضال ضد الدولة الطاغية المتحكمة ذاتها ، وليس ضد الحكم القائم فقط ، أي يتحول النضال الى اسقاط الدولة التي تعرف تواتر عدة أنظمة تحكم داخل الدولة .. فسقوط الدولة يعني وضع حد ونهاية لحكم الأنظمة المتنوعة .. ففي الكثير من البلاد التابعة المتحكمة ، والجبرية ، والدكتاتورية ، يخيم دائما على المجتمع مناخ العصيان المدني الدائم والمستمر ، أي التطلع لحسم الشارع الذي انْ واصل التحدي ، وواصل المواجهة والمجابهة ، فأكيد ان العالم الحر سيكون الى جانبه .. وان الجيش لن يطلق رصاصة واحدة على الجماهير وهي تدعو الى استرداد حقوقها ... بل ان التجارب الأممية علمتنا ان الجيش عند تفجير اية ثورة ، واصرارها على المواصلة ، ومع تعاظم التضحيات .. سينحاز الى الشعب ، لأنه ابن الشعب ، ولا يمكن للابن ان يقتل اباه ... ..
ان ما نعيشه الآن ، هو سيرورة انهيار الدولة القائمة رغم ، او بسبب ما وصلت اليه من قوة ، وبطش ، وقهر ، وصلابة ، جعلها أداة لاستعباد المجتمع ، واذلاله ، وافقار ، وظلمه ، لا قاعدة لتنظيم حرياته ، ونشاطاته الاقتصادية والاجتماعية . وعلى طبيعة القوى الاجتماعية الفاعلة بأشكال مختلفة ، والصاعدة ، ونوعية صلاتها بالمجتمع ، وتحررها من دورة راس المال الدولي ، يتوقف نجاحها في إعادة الاعتبار لهذه المؤسسة العامة او زوال الدولة نهائيا ، والانتقال الى حقبة وسيطية جديدة ، واقطاعية حديثة ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجسيد الدولة النيوبتريمونيالية ، والنيوبتريركية ، والنيورعوي ...
- اللقاء الصحافي للرئيس الجزائري مع الملجة الفرنسية ( لوبْوانْ ...
- هل من قاسم مشترك بين اقليم كتالونية ، وبين الصحراء الغربية
- معركة قضائية بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو بمحك ...
- أحسن عنوان لما سمّوه ب ( النموذج التنموي الجديد ) هو - هل فه ...
- النظام السياسي .. تحليل وتفكيك بنية الدولة المخزنية
- سفيرة فرنسا في الرباط
- إسبانية تزيد في اهانتها وتحديها للنظام المغربي
- أين المعارضة ؟
- الدولة الديمقراطية
- الوضع القانوني للگويرة .
- الجواز الجزائري لا يعني الجنسية الجزائرية / قضية ابراهيم غال ...
- رسالة الى الامين العام للامم المتحدة 19 ابريل 2021 / - حركة ...
- المراهنة على الوهم وبيعه الى المغاربة
- تطور قضية ابراهيم غالي زعيم البوليساريو / اسبانيا والصحراء
- العقلية الامريكية المكيافيلية في التعامل مع اطراف نزاع الصحر ...
- ألاسباب الحقيقية وراء فرض حالة الطوارئ في المغرب .
- المحكمة العليا الاسبانية وقضية زعيم البوليساريو ابرااهيم غال ...
- رد واشنطن ورد مدريد لم ينتظر طويلا . النظام المغربي معزول .
- هل إسبانيا في ورطة ؟


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة القهرية ، الجبرية ، الاستبدادية والطاغية