أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - طبيعة الطرح الموضوعي في القرآن الكريم















المزيد.....


طبيعة الطرح الموضوعي في القرآن الكريم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6920 - 2021 / 6 / 6 - 00:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طبيعة الطرح القرآني
القرآن الكريم الذي نزل في 114 سورة وعلى أمتداد عقدين من الزمن تناول في ما تناول الكثير من القضايا منها ما يتعلق بأساسات العقيدة ومنها ما هو متعلق بحياة الإنسان من شأن خاص، ومنها ما خرج من طبيعة الكتب الدينية السابقة فتناول قضايا نظرية وعملية تتعدى الإطارين السابقين ليفتح للإنسان مجالا جديدا في عملية البناء الفكري والعقلي، في الوقت الذي تناولت فيه الكتب القديمة للديانات الأخرى كالتوراة التي تمثل جوهرها بقضيتين أساسيتين هما الوصايا العشرة، وهي قضايا تعبدية أخلاقية تعيد بناء المنظومة العقدية للمؤمن بها وتهيء أساسا فكريا محددا فيما وصف لاحقا بشريعة موسى، أما الجانب الأخر ومعظمه كان سردا تأريخيا لوجود الإنسان عبر التركيز على الشخصيات الدينية وأمتدادها لحين وصول الأمر إلى نسب بني إسرائيل، هذه السلسلة التاريخية حتى تكتمل كان لا بد أيضا التركيز على أهمية قصة الخلق والخليقة من خلال سفر التكوين مثلا، ليشكل الجزء التاريخي الإخباري في الكتاب، أما الأنجيل المتعارف عليه والذي بين أيدينا لم يكن أكثر من قصة وجود عيسى وولادته ووصاياه ثم محاكمته وصلبه من خلال الأستمرار في الألتزام بما في الكتاب الذي يسبقه (التوراة) وبنى عليه بذات المنهج.
لو عدنا للقرآن وطريقة الطرح الموضوعي فيه نجده ينقسم إلى سبع طرائق تختلف في هدفها وغائيتها وطريقة العرض، لكن ما يجمعها هو أنها تشترك جميعا في طرح أجزاء من فكرة كاملة لا يمكن عرضها بطريقة واحدة أو أسلوب واحد، فلكل موضوع طريقة تخصه تتلائم مع طبيعة الموضوع وتتكيف مع إمكانية عقل القارئ والغرض من طرحها، فمثلا القصص القرأنية لا تستهدف فقط الإخبار عن شيء أو التأكيد عليه لترسيخ مضمون القصة في عقل القاري كما في قصص التوراة والإنجيل التي رسخت وبنت تصورات خاصة تعتمد على محتوى القصة فقط، أما القصة القرآنية تجاوزت دور الحكواتي بقدر ما تريد أن تطرح قضية فكرية من خلال العبرة التي يدركها ويفهما القارئ لتساهم مع بقية الأساليب نحو ترسيخ أساسيات الدين التي هي ما يريد أن يخبرنا ؟ وما المطلوب منا؟ وكيف نتعامل مع الوجود من خلال الأسين السابقين.
في نموذج أخر من الطرح يضع القرآن تساؤلات منها ما يتم الإجابة عنها بالمباشر أو تجد الجواب في تص أخر يتفق مع مضمون وماهية التساؤل، الهدف من هذا الطرح أيضا يتسق مع منهجية النسق القرآني مثلا (يسألونك عن الروح) الجواب يأتي مباشرة مع نص التساؤل (قل الروح من أمر ربي)، هذا السؤال والجواب وضح قضية كلية بإيجاز شديد يثبت قيمة معنوية من ضمن رؤية كاملة تتعلق بتساؤل بشري لكنه لا يغلق الباب أمام البحث ولم يحرمه ولكنه أحاله إلى قضية أكبر وهي قضية أمره أي امر ربي، في البحث بين النصوص نجد الكثير من الأمثلة التي تشرح هذا الأمر منها مثلا (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)، وبالربط بين التساؤل وتعدد الإجابات يتضح مثلا أن الروح ترتبط بالإرادة الكبرى والكلية لله، (فنفح فيه من روحه) إذا الروح هنا من أمر الرب لا تمنح بطريقة عشوائية أول الأمر بل تخضع لقانون وقاعدة وهي قاعدة النفخ التي تتكرر أكثر من مرة بالنصوص القرآنية، هذا يقودنا إلى أن مع تشتت الإجابات لكنها تتفق في النتيجة الواحدة وتشكل وحدة معنوية واحدة كنوع من أنواع الطرح الموضوعي.
الشكل الثالث من أشكال الطرح هو الحث على النظر والتدبر والتعقل في الوجود (ألم ينظروا إلى الإبل كيف خلقت) أو (ألم ينظر الإنسان مم خلق* خلق من ماء دافق* يخرج من بين الصلب والترائب)، هذا العرض يبني عملية تعقليه إدراكية تساعد الإنسان في الكشف عما يعرف بالنظر التحليلي بشقيه الأستقرائي والاستنباطي الذي يدفع الإنسان للبحث مع الكم الهائل من الإشارات المعنوية التي تغطي نفس الموضوع (وخلق الإنسان من سلالة من طين) و (خلق الإنسان من ماء مهين)، هذه المجموعة من النصوص تشكل في مجموعها نظرية خلق الإنسان ككائن يفهم ويتعلم ويدرك وينتج معرفة، بينما يمكنه أيضا تطبيق الجزء الأعظم من هذه المنظومة على المشترك الحيواني بينه وبين مجموعة أكبر من الموجودات التي تشترك في جوهر عملية الخلق، إذا هنا الطرح تعليمي قابل لتطوير الفهم وصولا إلى الألية الكبرى المتعلقة في خلق الوجود.
الطرح الرابع هو طرح السيرة التأريخية أو ما يعرف بسنة الله وهي مجموعة القوانين الحتمية التي بمقتضاها ينضبط الوجود (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا)، فهي تطرح قوانين ثابتة حتمية غير قابلة للنقض ولا تقبل التغيير تحت أي مبرر، فإيراد السنن الكونية هنا لا يراد منها التذكير فقط بل يراد منها أن نعلم أن الوجود المنضبط بالسنن قديما هو ذاته الذي يجب أن تراعى فيه تلك السنن حاضرا أو مستقبلا (فهل ينظرون إلا سُنَّةَّ الأولين فلن تجد لسنَّةِ الله تبديلا ولن تجد لسنَّةِ الله تحويلا)، فالطرح هنا طرح توكيد حقائق لا ظنون ولا حكايات يراد منها إخبارنا عنا جرى على الأولين دون أن نجعل من قانون السنن قانون ضابط لحياتنا ووجودنا الكلي.
الطرح الخامس وهو طرح الألتزامات ما هو مطلوب ومتاح وواجب ومؤكد وما هو المحرم والممنوع والذي لا يجب أن يكون حتى تمضي إرادة الله في الخير والإصلاح في المجتمع الإنساني، في هذا القسم من الطرح ما تجسده الشريعة بأعتبارها القاعدة المثلى أفضل وجود كلى متى ما تم الإلتزام بها والحفاظ على النموذج المقدم، المشكلة الإنسانية مع الدين تتعلق فقط في هذا الجزء من الطرح، كونه في بعض أجزاءه يحد من طبيعة البشر الأولى، تلك الطبيعة المتمردة على الحدود ومتمردة على التكاليف لأنها تفقده جزء مما يعتقد أنه حق شخصي من خلال رغبته الذاتية المدفوعة بالأنا ليظهر وجوده الشخصي حتى لو أدى ذلك إلى المساس بالوجود الكلي، فالتزاحم بين الأنا الفردية والأنا الجمعية هو مصدر هذا الإشكال ومحور ما يسميه النص القرآني بالظلم شخصيا كان أو تجاه الأخر (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)، فالظلم ينبع من عدم مراعاة الشريعة وخطوطها العامة ويبدأ ازلا من ظلم النفس (وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ).
الشكل السادس من أنماط الطرح القرآني ما يعرف بالغيب أو المغيب سواء أكان غيب تام أو غيب منفتح على العلم، فالغيب القرآني منه ما يراد منه أن يبقى تحت ستار من اللا علم وليس من الجهل به لأنه يتعلق بسيرورات وصيرورات مؤجلة لا تنكشف إلا في حينها حتى لا تفقد الإنسان قدرته على الأمل والعمل ومثل ذلك النص (وما تعلم نفس بأي أرض تموت)، هنا النص يتكلم عن غيب مؤقت ومعلوم بوجوده وحدوده ولكنه غير معلوم بتوقيته وحدوثه، وهناك غيب مطلق يرد على أمور تنكشف في مرحلة لاحقة أو تالية لوجوده لأنها مفاتيح كبرى لعالم أكبر من إدراكنا أو أعظم مما نستوعبه بشكل سليم (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)، فالاحتكار هنا للمفاتيح لا يعني أن الإنسان يجب أن لا يعلم الغيب بل عليه السعي لها من خلال إستيعاب فكرة الغيب نفسها.
الطرح السابع والأخير هو طرح بعض الأفكار العلمية التي تفسر الوجود أو جزءا منه ولكنها لا تشكل نظرية علمية (ورفع السماء بغير عمد ترونها) لاحظ كلمة ترونها، فالسماء مرفوعة بأعمدة لكن هذه الأعمدة معنوية لا ترة لكنها موجودة من خلال قوانين الوجود ذاته، هذه الدعوة وأمثالها وخاصة في ما ورد في سورة الدخان كمثال لا بد أنها تعطي الإنسان بدايات أنطلاق نحو الفهم ونحو العمل على الفهم العلمي المنطقي من خلال فهم معيار اللغة والموضوع والمناسبة، من طبيعة النص القرآني التنوع والتكامل والتشارك والمواصلة كلها تخضع في النهاية لوحدة معرفية تشكل إطارا لما هو واجب معرفته أو على الأقل واجب الإحاطة به، لكون المعرفة والإحاطة هنا ضرورية لتنبيه العقل الإنساني ليكون مشاركا وليس متعامل بسلبية أو تقبل قهري لما فيه، النص القرآني يأتي بالإنسان لعقله لا يغيب الحقائق ولا يجعل الإنسان في حيرة من تساؤلات كبرى، هو يقود العقل الإنساني الفاعل ولكنه لا يقود العقل المتكاسل العقل المتلقي بسلبية كاملة أو جزئية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معادلة الوجود والعدم كما يفهمها النص القرآني.
- وهم القوة
- محنة
- فرات
- ماذا افعل؟....
- الخطة الأقتصادية... أداة نهوض وبناء حقيقي
- صوفيات 2
- لماذا التنمية الأقتصادية؟.
- الصيام شهر أم أيام معدودة
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح3
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح2
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح1
- ناري الحائرة
- الأصلاح الديني طريق إعادة العقيدة المسيحية لمضمون رسالة السي ...
- الأصلاح الديني طريق إعادة العقيدة المسيحية لمضمون رسالة السي ...
- المسيح والناموس القديم
- خربشات قلم
- المسيح من الولادة للرسالة
- رسالة عاجلة من الرب
- الطائفة والدين


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - طبيعة الطرح الموضوعي في القرآن الكريم