أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - القبائل الإلهية














المزيد.....

القبائل الإلهية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6918 - 2021 / 6 / 4 - 13:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٤٥ - القبائل الإلهية


العلاقات المتبادلة والمعقدة بين الإنسان والله والطبيعة تتمحور وتتجسد في الخيال، سواء في صور شعرية، ميثولوجية أو دينية. ونلاحظ في هذا المربع أن الإنسان هو المركز والمصدر، اللغة هي أداته المعرفية والخيال هو مادته الأولية أو الصلصال الذي كون به صور الآلهة والقوى اللامرئية المحيطة به. هذا البناء المعرفي البدائي والذي يمكن تسميته بالدين، تحول تدريجيا إلى فكر عقلي منظم يسمى الفلسفة، وإن كانت الفلسفة اليونانية لم تتخلص نهائيا من الآثار الدينية البدائية إلا نادرا. ويبدو من الصعب تحديد دور كل من هذه العوامل منفصلا عن بقية المربع كلية، فالإنسان لا يمكن إعتباره منفصلا أو معزولا عن محيطه الجغرافي والبيئي، كذلك الدين واللغة ليست كائنات سماوية تأتي بها الملائكة، إنها نتاج التفاعل المضني والمستمر لآلاف السنين بين الإنسان والطبيعة بكل مكوناتها. ونظرا لتعقد العلاقات وتشابكها، وإستحالة دراسة وتحديد دور كل من هذه المكونات منفصلة بعضها عن بعض، فمن الأحرى خوض تجربة فكرية ترتكز على فكرة " التسكع - déambulation" أو التجول العشوائي الذي مارسه السرياليون surréalistes ثم السيتواسيونيون situationistes، وزيارة كل هذه العناصر والتركيز ـ ووضع خط أحمر ـ تحت كل إشارة أو علامة يمكن أن تدل على علاقة أو تشابه أو إحالة لعنصر من هذه العناصر المكونة لهذا المربع الفكري-الخيالي-اللغوي.
الأراضي الشديدة الخصوبة لبلاد ما بين النهرين، وفرة المياه والفياضانات، والغابات البعيدة، كانت وسيلة للعيش لسكان هذه المنطقة، يعتمدون عليها إعتمادا مباشرا للأكل والشرب والري والبناء والتنقل، وفي نفس الوقت، فكريا، كونت هذه العناصر عالما خياليا مليئا بالرموز والأساطير والمفاهيم الدينية والشعرية، وهكذا تختلط الطبيعة بالأسطورة، والشعر بالدين والإنسان بالله .. كل ذلك في وعاء لغوي مثبت على الألواح الطينية أو على الحجر بتقنية جديدة أبتدعتها هذه المجتمعات البعيدة وهي الكتابة. اللغة كانت وسيلة التواصل بين البشر، ومع تطور المجتمعات فكريا، أصبحت وسيلة لتسجيل القوانين والطقوس والأعمال العظيمة للملوك والطغاة من كل نوع، ووسيلة أيضا لبناء السدود وتشييد الأسوار العالية وبناء المدن. ومع التطور الإقتصادي كان من الضروري حساب المحاصيل والمنتجات الزراعية ومحتويات الخزينة العامة، حيث أن اللغة مهدت لظهور الحساب والهندسة والرياضيات عموما، حيث قاموا برصد النجوم وتتبع حركتها في السماء في الليالي الصيفية الصافية، والتي كانت تمتليء ليس فقط بالنجوم والكواكب، ولكن أيضا بعدد كبير من العائلات والقبائل الإلهية التي كانت تتجول من منطقة لأخرى ..
سماء ما يعرف اليوم ببلاد الرافدين كانت تعج بالآلهة من كل نوع ومن جميع الأنواع والطبقات والمراتب والتخصصات. فيكاد يكون لكل شيء ولكل ظاهرة إلها يديرها ويحرص عليها. فكان هناك، على سبيل المثال، إله الفأس وإله المسمار وإله المطرقة وإله قالب الآجر .. وهناك آلهة ترتبط بالظواهر الطبيعية كالمطر والريح والشمس والقمر والزهرة، وآلهة سيكولوجية ترتبط بالحياة الداخلية للإنسان كالحلم والحب والنسيان .. إلخ. وكانت هذه الآلهة متحركة وغير ثابتة، تتكاثر وتهاجر وتغير هوياتها وأسمائها ووظائفها حسب الأزمان والتواريخ والجغرافيا. فكانت تختفي فترة من الزمن ثم تظهر في مكان آخر تحت إسم آخر ووظيفة جديدة. ولا شك أن هذه التعددية المفرطة، وهذا التشتت الذي يمنع الآلهة من التوحد وخلق نظام مترابط يرجع إلى المجتمع السومري ذاته الذي كان في هذه المرحلة من تاريخه مشتتا في وحدات سياسية وإجتماعية صغيرة مستقلة الواحدة عن الأخرى دون رابط حقيقي يجمع بينها. فالنظام الإلهي السومري كان بطبيعة الحال يعكس النظام الإجتماعي الذي ابتدعه وصوره على صورته.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله ظل الإنسان
- الموت بالتقسيط
- طفولة الآلهة
- تتحطم غزة ولا تنهزم
- الإيغريغور أو ميلاد الروح
- إعتراف مهاجر سيء الحظ
- كينونة الحجر
- سفينة السيد نوح
- الدين داء أم دواء ؟
- الثورة .. هي الحل
- الله والفيلسوف
- القاتل والمقتول
- عشتار وموت الله
- الإسلام والإغتيال السياسي
- التضحية بتموز
- عشتار تحت الأرض
- عن البداوة والحضارة
- القديسة العاهرة
- المهرج والساعة
- رأس فارغة للبيع


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - القبائل الإلهية