|
الإنتخابات في زمن الحرب
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 6915 - 2021 / 6 / 1 - 19:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منطقي أن تحتل القضية السورية موقعا مركزيا في الفكر العربي في جميع أبعاده الثقافية كونها قضية و جودية على الصعيد الفردي و الجمعي . بتعبير أدق إن الأزمات التي تعتمل في لبنان و فلسطين و غيرها من الأقطار في المدى المعروف بالشرق الأوسط هي في لبها سورية الأصل أو مرتبطة بشكل ما بالأوضاع في سورية . لا نبالغ في القول أن سورية تعرضت في السنوات العشر الماضية لحرب غايتها إلغاء الدولة فيها و إقتسام البلاد بين تركيا و إسرائيل إلى جانب خلق كيانات هزيلة على أسس عرقية ومذهبية تابعة لهذين القطبين الدائرين في الفلك الأميركي ، انطلاقا من مفهوم استشراقي تروِّجه الحركة الصهيونية في دوائر صناعة القرار في الولايات المتحدة الأميركية متزعمة " العالم الحر " ، لا يعترف بشرعية الدولة الوطنية أو يدعو إلى إعاقة تبلورها كدولة وطنية شرعية ، تبريرا لافتراسها استجابة لضرورات جيو استراتيجية . ولكن هذا الإلغاء لم يتحقق حتى الآن ، بالرغم من احتلال قوات الدولة الصهيونية لهضبة الجولان والولايات المتحدة للجزيرة السورية ، بالإضافة إلى احتلال تركيا لمحافظة أدلب . بكلام آخر فقدت السورية ما يزيد عن 30 % من مساحة البلاد التي قامت عليها أصلا . لا بد هنا من الملاحظة أن دولا كثيرة عربية و غربية شاركت في الحرب على سورية تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا و فرنسا ، و بالتالي كان واضحا أن الدول المهاجمة أعدت في سورية خطة لا تختلف جوهريا عن تلك التي طبقت في العراق و في ليبيا . كان بديهيا أيضا أن وقف العدوان على سورية يتطلب تعديل ميزان القوى بتدخل روسيا مباشرة و الصين في مجلس الأمن الدولي مقابل القوى العظمي المهاجمة . مجمل القول أن الدولة السورية مضطرة لأسباب لسنا هنا في معرض التفكر فيها ، لإظهار دورها و شرعيتها في ظروف معقدة جدا نتيجة تواجد الدول الكبرى ، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي ، على أرضها ، بشكل أو بآخر ،حيث أن كل منها تمسك باسنانها أو بأسنان كلابها طرفا من أطراف البلاد السورية . الرأي عندي في هذا السياق ، ان الدولة السورية حققت بواسطة الإنتخابات الرئاسية الأخيرة أنجازا كبيرا في مسارها نحو استرداد شرعيتها المعنوية و الحقوفية . تجسد ذلك على أكثر من صعيد : ـ 1 ـ لبى السوريون بأكثرية ساحقة (14 مليون من أصل 18 مليون تقريبا ) دعوة الدولة إلى الإقتراع في انتخابات الرئاسة . ما يعني أن "كلمة الدولة " صارت ذات صدى واسع بالرغم من الحرب المستمرة منذ عشر سنوات ، علما أنها حرب دموية تدميرية ماديا و إعلاميا ، ليس مستبعدا أن يكون هذا انعكاسا لعودة بعض السوريين إلى سورية و إلى دولتها .و لعل في منع و اعتراض السوريين النازحين لكي لا يشاركوا في الإنتخابات دليل على انزعاج يخامر الذين أرادوا إلغاء هذه الدولة . ـ 2 ـ هل تعني هذه الحماسة للدولة السورية إعطاء السلطة براءة ذمة أو صكا على بياض ؟ لا أظن ذلك . جل ما في الأمر هو أن القيادة الحالية نجحت في إنقاذ الدولة و في تحرير 70 % من التراب الوطني في حرب كان منتظرا منها محو الدولة و تجزئة البلاد في اسابيع قليلة . و بالتالي من المنطقي مواصلة معركة التحرير و التواصل مع هذه القيادة لأن طريق الآلام ما تزال طويلة ، فعلى الأرجح أن سير العمليات يتطلب في المرحلة القادمة خططا دقيقة و تعديلات كثيرة في السياسات واصلاحات كبيرة في البنية . انطلاقا من أن الحرب العدوانية بالرغم من أنها كانت مقررة منذ نشوء الدولة في سورية ، إلا أن موعد اشتعالها و اختيار أساليبها ووسائلها و حجم الخسائر الناجمة عنها ، تأثروا إلى درجة عالية بعوامل مساعدة أهمها الوضع المهترئ و الفساد الإداري وذهنية الاستهتار وغياب التخطيط . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فلا يجوز أن ينسى الناس في سورية و جوارها أنهم مدينون بوجودهم للذين بذلوا دفاعا عن سورية في ظروف غير مواتية ، حيواتهم على حساب عوائلهم و أطفالهم ، فكانوا آخر الجنود الاحتياطيين أو الورقة الأخيةر ، التي أنقذ السوريون أنفسهم بفضلها ، و هذه لا يمكن تجديدها إلا بإصلاح الأوضاع التي كانت سائدة قبل الحرب و تغيير النهج .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفكرة فلسطينية
-
الفيروس و السياسة (222)
-
الفيروس و السياسة (22)
-
الفيروس و السياسة (2)
-
المهاجر و البلاد الاصلية ( 3 )
-
المهاجر و البلاد الأصلية (2)
-
المهاجر و البلاد الأصلية 1
-
الصاروخ من المعتدى عليهم إلى المعتدين عليهم
-
13 نيسان و مناسبات أخرى في لبنان
-
الساميون و غير الساميين في السياسات العرقية
-
لا تعود في الشرق عقارب الساعة إلى الوراء (5)
-
لا تعود في الشرق عقارب الساعة إلى الوراء (4 )
-
لا تعود في الشرق عقارب الساعة إلى الوراء (3)
-
لا تعود عقارب الساعة في الشرق إلى الوراء (2 )
-
لا تعود في الشرق عقارب الساعة إلى الوراء (1)
-
لبنان : نهاية الإمارة (7)
-
لبنان : نهاية الإمارة (6)
-
لبنان : نهاية الإمارة (5)
-
لبنان : نهاية الإمارة (4)
-
لبنان : نهاية الإمارة (3 )
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|